مولده صلى الله عليه وسلم -
16
سلام
الحجر والشجر
عليه صلى الله
عليه وسلم
قال ابن
إسحاق: وحدثني
عبدالملك بن
عبيد الله بن
أبي سفيان بن
العلاء بن
جارية
الثقفي، وكان
واعياً، عن
بعض أهل العلم:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراده
الله بكرامته، وابتدأه بالنبوة، كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي
إلى شعاب مكة وبطون أوديتها، فلا يمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر ولا شجر
إلا قال: السلام عليك يا رسول الله.
قال: فيلتفت
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم حوله وعن
يمينه وشماله
وخلفه، فلا
يرى إلا الشجر
والحجارة. فمكث
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم كذلك يرى
ويسمع، ما شاء
الله أن يمكث،
ثم جاءه جبريل
عليه السلام
بما جاءه من
كرامة الله،
وهو بحراء في
شهر رمضان
نزول
جبريل عليه
صلى الله عليه
وسلم
قال ابن إسحاق: وحدثني وهب بن كيسان، مولى آل
الزبير، قال: سمعت عبدالله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي:
حدثنا يا عبيد، كيف كان بدء ما ابتدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم
من النبوة، حين جاءه جبريل عليه السلام؟ قال: فقال: عبيد - وأنا حاضر يحدث عبدالله
بن الزبير ومن عنده من الناس -: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من
كل سنة شهـرا، وكان ذلك مما تحنَّث به قريش فـي الجاهلية.
قال ابن إسحاق: وحدثني وهب بن كيسان قال: قال
عبيد: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك يجاور الشهر من كل سنة، يطعم من جاءه
من المساكين، فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره من شهره ذلك، كان أول ما
يبدأ به، إذا انصرف من جواره، الكعبة، قبل أن يدخل بيته، فيطوف بها سبعا أو ما شاء
الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته، حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله تعالى به فيه ما
أراد من كرامته، من السنة التي بعثه الله تعالى فيها، وذلك الشهر شهر رمضان، خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حراء، كما كان يخرج لجواره ومعه أهله، حتى إذا
كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، ورحم العباد بها، جاءه جبريل عليه
السلام بأمر الله تعالى.
قال
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم: فجاءني
جبريل فقال: اقرأ،
قال: قلت: ما
أقرأ؟ قال: فغتَّني
به حتى ظننت
أنه الموت، ثم
أرسلني، فقال:
اقرأ قال: قلت: ما
أقرأ؟ قال: فغتني
به حتى ظننت
أنه الموت، ثم
أرسلني، فقال:
اقرأ، قال: قلت:
ماذا أقرأ؟
قال: فغتني به
حتى ظننت أنه
الموت، ثم
أرسلني، فقال:
اقرأ، قال: فقلت:
ماذا أقرأ؟ ما
أقول ذلك إلا
افتداء منه أن
يعود لي بمثل
ما صنع بي،
فقال:
﴿اقرأ
باسم ربك الذي
خلقv
خلق الإنسان
من علقv اقرأ
وربك الأكرمv
الذي علم
بالقلمv
علم الإنسان ما لم يعلم﴾. قال:
فقرأتها ثم
انتهى فانصرف
عني وهببت من
نومي، فكأنما
كتبت في قلبي
كتاب. قال: فخرجت
حتى إذا كنت
في وسط من
الجبل سمعت
صوتا من
السماء يقول: يا
محمد، أنت
رسول الله
وأنا جبريل،
قال: فرفعت
رأسي إلى
السماء أنظر،
فإذا جبريل في
صورة رجل صافّ
قدميه في أفق
السماء يقول: يا� محمد، أنت رسول الله وأنا جبريل، قال: فوقفت
أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء، قال: فلا
أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي وما
أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، فبلغوا أعلى مكة ورجعوا إليها وأنا
واقف فـي مكاني ذلك.
وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست
إلى فخذها مضيفا إليها: فقالت: يا أبا القاسم، أين كنت؟ فوالله لقد بعثت رسلي في
طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا لي، ثم حدثتها بالذي رأيت، فقالت: أبشر يا ابن عم واثبت،
فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.
تثبت
خديجة رضي
الله عنها من
الوحي
قال ابن إسحاق: وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم
مولى آل الزبير: أنه حُدث عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله
عليه وسلم: أي ابن عم، أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال:
نعم، قالت: فإذا جاءك فأخبرني به.
فجاءه
جبريل عليه
السلام كما
كان يصنع،
فقال رسول
الله صلى الله
عليه وسلم
لخديجة: يا
خديجة، هذا
جبريل قد
جاءني، قالت: قم
يا ابن عم
فاجلس على
فخذي اليسرى،
قال: فقام
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم فجلس
عليها، قالت: هل
تراه؟ قال: نعم،
قالت: فتحولْ
فاجلس على
فخذي اليمنى،
قال: فتحول
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم فجلس على
فخذها
اليمنى،
فقالت: هل
تراه؟ قال: نعم.
قالت: فتحول فاجلس في حجري، قالت: فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس في
حجرها، قالت: هل تراه؟ قال: نعم، قال: فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله صلى الله
عليه وسلم جالس في حجرها، ثم قالت له: هل تراه؟ قال: لا، قالت: يا ابن عم، اُثبت
وأبشر، فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان.
قال ابن إسحاق: وقد حدثت عبدالله بن حسن هذا
الحديث، فقال: قد سمعت أمي فاطمة بنت حسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة، إلا أني
سمعتها تقول: أدخلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها وبين درعها، فذهب عند ذلك
جبريل، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا لملك وما هو بشيطان.
|