واحة الثقافة والأدب

قصص

نفحات وعبر

أمثال وحكم

عذب الحديث

قصص

ذات يوم كان الإمام الحسن جالس.. فأتاه رجل وسأله أن يعطيه شيئا من الصدقة، ولم يكن عنده ما يسد به رمقه، فاستحيا أن يرده، فقال رضى الله تبارك وتعالى عنه: ألا أدلك على شئ يحصل لك منه البر؟ فقال الرجل: ماذا تدلنى عليه؟ فقال الإمام: اذهب إلى الخليفة فإن ابنته توفيت وانقطع عليها وما سمع من أحد تعزية، فعزه بهذه التعزية يحصل لك بها الخير، فقال الرجل: حفظنى إياه.

قال: قل له الحمد لله الذى سترها بجلوسك على قبرها ولا هتكها بجلوسها على قبرك. فذهب إلى الخليفة وعزاه بهذه التعزية فسمعها فذهب عنه الحزن، فأمر له بجائزة وقال: بالله عليك أكلامك هذا؟ قال: لا بل كلام الإمام الحسن سبط رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه.

فقال الخليفة: صدقت فإنه معدن الكلام الفصيح وأمر له بجائزة أخرى.

*********

بعد يوم حافل بالأعمال الإلهية وضع الحبيب المصطفى نعليه عند رجليه ثم وضع رداءه حتى بسط إزاره على فراشه وكان ذلك فـي منزل السيدة عائشة وبعد لحظات تسلل رويدا رويدا حتى لا يزعج الحبيبة ظنا منه أنها رقدت فانتعل نعله وتناول ازاره والتحف بردائه وخرج خفية رويدا رويد.. فتقنعت السيدة عائشة وانطلقت فـي أثر الحبيب.. ترى أين يذهب فـي هذه الساعة؟ هل إلى منزل آخر غير منزلها أم هناك شئ جم.. وتتابعت لهفة خطى الزوجة على الزوج بل على الحبيب بل على الرسول أين سيذهب؟ وظلت فـي أثره حتى أتى بقيع الغرقد وهناك فـي مثل هذه الساعة من الليل رفع الحبيب يده ثلاث مرات بل أطال القيام وبعد برهة انحرف الحبيب وبالشوق انحرفت خلفه الحبيبة ثم أسرع فأسرعت بالتبعية ثم هرول فهرولت ثم أحضر فأحضرت فلما انتهى من زيارته قفا راجعا فسبقته الزوجة الشغوفة ودخلت بيتها وعانقت مخدعها، فلما دخل الرفيق سمع دقات تصدر من بين الضلوع فاستفسر مستعجبا: مالك ياعائشة حشيا رابية؟ فقلت لاشىء، وهنا يتجلى الحبيب ليعلن عن مدى قربه بحبيبه ويبادرها القول: أتخبريننى أو ليخبرنى اللطيف الخبير؟ فقالت: يارسول الله فداك أبى وأمى.. واظهرت مدى قلقها عليه وشوقها لمعرفة ما يدور حوله.. ومرة أخرى يظهر الحبيب لها احساسه بها فيقول لها: أنت السواد الذى رأيته أمامى؟ أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله، فقالت: مهما يكتم الناس فقد علم الله.. ثم بدأ الحبيب بسرد أحداث تلك الليلة بقوله: لقد آتانى جبريل حين رأيتينى ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك فنادانى وتوارى منك فأجبته وأخفيته منك وقد ظننت أنك قد رقدت وكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشى.. فأمرنى أن آتى أهل البقيع لأستغفر لهم وأترحم عليهم.. فيا حظهم من استغفاره ورحمته وهم أهل له.. شملنا الله تحت سماء عرشه ورحمته واستغفاره.

*********

عن إبراهيم بن ميسرة قال ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب احدا فـي خلافته غير رجل واحد تناول من معاوية بالسب فضربه ثلاثة أسواط وعن أدهم مولى عمر بن عبد العزيزقال كنا نقول لعمر بن عبد العزيز فـي العيدين تقبل الله منا ومنك يا أمير المؤمنين فيرد علينا ولا ينكر ذلك علينا وقال رأيت عمر بن عبد العزيزبخناصرة يخطب الناس وقميصه مرقوع.

 

نفحات وعبر

اغتسل الإمام الحسن رضى الله تبارك وتعالى عنه وخرج من داره فـي بعض الأيام وعليه حلة فاخرة ووفرة ظاهرة ومحاسن سافرة، فعرض له فـي طريقه شخص من صغراء اليهود وعليه مسح من جلود، قد أنهكته العلة وركبته القلة والذلة، وشمس الظهيرة قد شوت شواه، وهو حامل جرة ماء على ظهره، فاستوقف الإمام الحسن رضى الله تبارك وتعالى عنه وقال: يا ابن رسول الله سؤال، فقال الإمام: ماهو؟ فقال اليهودى: جدك يقول؟الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وأنت مؤمن، وأنا كافر، فما أرى الدنيا إلا جنة لك تتنعم بها وما أراها إلا سجنا علىّ قد أهلكنى ضرها وأجهدنى فقرها، فلما سمع الإمام الحسن كلامه قال له: يا هذا لو نظرت إلى ما أعد الله لى فـي الآخرة لعلمت أنى فـي هذه الحالة بالنسبة إلى تلك فـي سجن.. ولو نظرت إلى ما أعد الله لك فـي الآخرة من العذاب الأليم.. لرأيت أنك الآن فـي جنة واسعة.

*********

لما بعث سليمان بن عبد الملك أسامة بن زيد الكلبي على مصر دخل أسامة على عمر بن عبد العزيز فقال يا أبا حفص إنه والله ما على ظهر الأرض من رجل بعد أمير المؤمنين أحب إلي رضا منك ولا أعز علي سخطا منك وإن أمير المؤمنين قد وجهني إلى مصر فأوصني ما شئت واكتب إلي فيما شئت فإنك لن تأمر بأمر إلا نفذ إن شاء الله قال ويحك يا أسامة إنك تأتي قوما قد ألح عليهم البلاء منذ دهر طويل فإن قدرت على أن تنعشهم فانعشهم قال يا أبا حفص إنك قد علمت نهمة أمير المؤمنين فـي المال وإنه لا يرضيه إلا المال قال إنك إن تطلب رضا أمير المؤمنين بسخط الله يكن الله قادرا على أن يسخط أمير المؤمنين عليك قال إني سأودع أمير المؤمنين وأنت حاضر إن شاء الله فتسمع وصاته فلما كان فـي اليوم الذي أراد أن يسير فيه غدا على سليمان متقلدا بسيف متوشحا عمامته يتحين دخول عمر فلما عرف أن عمر قد استقر فقعد مقعده عند سليمان استأذن ودخل وسلم ثم مثل قائما فقال يا أمير المؤمنين هذا وجهي وأردت أن أحدث عهدا يا أمير المؤمنين وأن يعهد إلي أمير المؤمنين قال احلب حتى ينفيك الدم فإذا أنفاك فاحلب حتى ينفيك القيح لا تنفيهما لأحد بعدي قال فخرج فلم يزل واقفا حتى خرج عمر من عند سليمان فسار معه قبل منزل عمر فقال يا أبا حفص قد سمعت وصاة أمير المؤمنين قال وأنت قد سمعت وصاتي قلت أوصني فـي خاصتك قال ما أنا بموصيك مني فـي خاصتي إلا أوصيك به فـي العامة فسار إلى مصر فعمل فيها عملا والله ما عمله فيها فرعون فقد قص عليكم ما عمل فرعون فقلت له فما صنعتم به حين وليتم قال عزلناه ووقفناه بمصر فـي العسكر فوالله ما جاء أحد من الناس يطلب قبله دينارا ولا درهما إلا وجدناه مثبتا فـي بيت المال كان أمينا فـي الأرض.

 

أمثال وحكم

عن إسماعيل بن أبي حكيم قال بعثني عمر بن عبد العزيزحين ولي فـي الفداء فبينما أنا أجول في القسطنطينية إذ سمعت صوتا يتغنى فيه:

أرقت وغاب عنـي من يلوم               ولكن لم أنم أنا والهمـــوم

كأني من تذكر ما الأقـــي              إذا ما أظلم الليل البهيـــم

سليم مل منه أقربـــــوه           وودعه المداوي والحميــم

وكم من حرة بين المنقــى                �إلى أحد إلى ما حاز ريــم

إلى الجماء من خد أسيــل           نقي اللون ليس له كــلوم

يضيء دجى الظلام إذا تبدى            كضوء الفجر منظره وسيم

فلما أن دنا منا ارتحـــال                 وقرب ناجيات السير كـوم

أتين مودعات والمطايــا           على أكوارها خوص هجوم

فقائلة ومثنية علينــــا            تقول وما لها فينا حميــم

وأخرى لبها معنا ولكــن                   تستر وهي واجمة كظـوم

تعد لنا الليالي تحتصيهــا                �متى هو حائن مــنا قدوم

متى تر غفلة الواشين عنـا            تجد بدموعها العين السجوم

قال أبو عبد الله والشعر لبقيلة الأشجعي وسمعت العتبى صحف في اسمه فقال نفيلة قال إسماعيل بن أبي حكيم فسألته حين دخلت عليه فقلت من أنت قال أنا الوابصي الذي أخذت فعذبت ففزعت فدخلت فـي دينهم فقلت إن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز بعثني في الفداء وأنت والله أحب من افتديته إن لم تكن بطنت فـي الكفر قال والله قد بطنت فـي الكفر قال فقلت له أنشدك الله أسلم فقال أسلم وهذان ابناي وقد تزوجت امرأة منهم وهذان ابناها وإذا دخلت المدينة فقال أحدهم يا نصراني وقيل لولدي وأمهم كذلك لا والله لا أفعل فقلت له قد كنت قارئا للقرآن فقال إي والله قد كنت من أقرأ القراء للقرآن فقلت فما بقي معك من القرآن قال لا شيء إلا هذه الآية ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.

*********

وعن إسحاق بن قيس مولى الحواري بن زياد العتكي قال كنت أبيع الفلوس فـي مدينة واسط فوجدوا عندي فلسا نبهرجا فضربوني وأغرموني ألفا وألقوني فـي السجن حتى هلك الحجاج فلما قام عمر بن عبد العزيز علمني مولاي الحواري بن زياد خطبة فأتيت عمر بن عبد العزيز فقلت أصلحك الله يا أمير المؤمنين إنه لم يبق بيت من بيوتات العرب شعر ولا مدر ولا وبر إلا وقد فتح الله عليهم بأمير المؤمنين بابا من العدل وأغلق عنهم بابا من الجور وإني صاحب الفلس فقال ويحك وما صاحب الفلس فقصصت عليه القصة فأمر لي كل يوم برغيفين وبضعة من لحم ولعن الحجاج يومئذ ثم بعث إلي فأعطاني ألفا وأعطاني خمسين درهما أيضا وقال هذه نفقة الطــريق وقال هل لك من ولد قلت بنية قال قد ألحقناها فـي الـمائة.