|
من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني -
33 |
(ومنهم
رضي الله عنهم:
الأوتاد)
وهم
الأربعة ف كل
زمان لا زيدون
ولا ينقصون. رأينا
شخصاً منهم
بمدينة فاس
يقال له ابن
جعدون كان
ينخل الحناء
بالأجرة. الواحد منهم يحفظ الله به
المشرق وولايته فيه، والآخر المغرب، والآخر الجنوب والآخر الشمال والتقسيم من
الكعبة، وقد يكون منهم النساء، وكذلك غيرهم، وألقابهم عبدالحي، وعبدالعليم،
وعبدالقادر، وعبدالمريد.
(ومنهم
رضي الله عنهم:
الأبدال)
وهم
سبعة، لا
يزدون ولا
ينقصون، يحفظ
الله بهم
الأقاليم
السبعة، لكل
بدل منهم
اقليم فيه ولاية،
الواحد منهم
على قدم
الخليل وله
الاقليم الأول،
والثاني على
قدم الكليم،
والثالث على
قدم هارون،
والرابع على
قدم ادريس،
والخامس على
قدم يوسف،
والسادس على
قدم عيسى،
والسابع على
قدم آدم على
الكل الصلاة
والسلام. وسموا
أبدالاً
لكونهم إذا
فارقوا
موضعاً ويريدون
أن يخلفوا به
بدلاً منهم في
ذلك الموضع
لأمر يرون فيه
مصلحة وقربة
يتركون به
شخصاً على
صورتهم، لا
يشك أحداً ممن
أدرك رؤية ذلك
الشخص أنه عين
ذلك الرجل،
وليس هو بل هو
خص روحاني
يتركه بدله
بالقصد على
علم منه، فكل
من له هذه
القوة فهو
البدل، ومن
يقيم الله عنه
بدلا في موضع
ما ولا علم له
بذلك فليس من
الأبدال المذكورين.
وقد يتفق ذلك
كثيراً
عايناه
ورأيناه،
ورأينا هؤلاء
السبعة
الأبدال
بمكة،
لقيناهم خلف حطيم
الحنابلة،
وهنالك
اجتمعنا بهم
فما رأيت أحداً
أحسن سمتاً
منهم، وكنا قد
رأينا منهم موسى
البيدراني
بأشبيلية سنة
586.
وصل إلينا بالقصد واجتمع بنا، ورأينا منهم شيخ الجبال محمد بن أشرف الرندية ولقي
منهم صاحبنا عبدالمجيد بن سلمة شخصاً اسمه معاذ بن أشرص كان من كبارهم، وبلغني
سلامه علينا، سأله عبدالمجيد هذا عن الأبدال بماذا كانت لهم هذه المنزلة؟ فقال
الأربعة التي ذكرها أبوطالب المكي، يعني: الجوع والسهر والصمت والعزلة.
(ومنهم
رضي الله عنهم:
النقباء)
وهم
اثنا عشر
نقيباً في كل
مكان وزمان لا
يزيدون ولا
يقصون على عدد
بروج الفلك
الاثني عشر برجاً،
كل نقيب عالم
بخاصية برج. واعلم
أن الله تعالى
قد جعل بأيدي
هؤلاء النقباء
علوم الشرائع
المنزلة ولهم
استخراج
خبايا النفوس
وغوائلها
ومعرفة مكرها
وخداعه. وأما
ابليس فمكشوف
عندهم يعرفون
منه ما لا يعرفه
من نفسه. وهم
من العلم بحيث
إذا رأى أحدهم
أثر وطأة شخص
في الأرض علم
أنها وطأة
سعيد أو شقي. مثل
العلماء
بالآثار
والقيافة،
والديار المصرية
منهم كثير
يخرجون الأثر
في الصخور
وإذا رأوا
شخصاً يقولون
هذا الشخص هو
صاحب ذلك
الأثر ويكون
كذلك. وليسوا بأولياء لله تعالى فما ظنك بما يعطيه الله
لهؤلاء النقباء من علوم الآثار.
(ومنهم
رضي الله عنه: النجباء)
وهم ثمانية في كل زمان، لا يزيدون ولا ينقصون
وهم الذين تبدو منهم وعليهم أعلاهم القبول من أحوالهم وإن لم يكن لهم في ذلك اختيار
لكن الحال يغلب عليهم ولا يعرف ذلك منهم إلا من هو فوقهم لا من هو دونهم.
(ومنهم
رضي الله عنهم:
الحواريون)
وهو واحد في كل زمان فيه اثنان (فإذا مات ذلك
الواحد أقيم غيره) وكان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الزبير بن العوام هو
كان صاحب هذا المقام، مع كثرة أنصار الدين بالسيف والحواري من جمع في نصرة الدين
بين السيف والحجة، فأعطي العلم والعبادة والحجة وأعطي السيف والشجاعة والإقدام،
ومقامه التحري في إقامة الحجة على صحة الدين المشروع.
(ومنهم
رضي الله عنهم:
الرجبيون)
وهم
أربعة نفساً
في كل زمان لا
يزيدون ولا
ينقصون، وهم
رجال حالهم
القيام بعظمة
الله وهم من
الأفراد
وسموا رجبيين
لأن حال هذا
المقام لا
يكون لهم إلا
في شهر رجب من
أول استهلال
هلاله إلى يوم
انفصاله، ثم
يفقدون ذلك
الحال من أنفسهم
فلا يجدونه
إلى دخول رجب
من السنة
الآتية،
وقليل من
يعرفهم من أهل
هذا الطريق،
وهم متفرقون
في البلاد،
ويعرف بعضهم
بعضاً، منهم
من يكون
باليمن
والشام وبديار
بكر. قال سيدي
محيي الدين: لقيت
واحداً منهم
بدنسير من
ديار بكر ما
رأيت منهم
غيره، وكنت
بالأشواق إلى
رؤيتهم. ومنهم
من يبقى عليه
في سائر السنة
أمرٌ ما مِما
كان يكاشف به في
حاله في رجب. ومنهم من لا
يبقى عليه شيء من ذلك.
ولهؤلاء الرجبيون أول يوم يكون في رجب يجدون
كأنما أُطبقت عليهم السماء فيجدون من الثقل بحيث لا يقدون على أن يطرفوا ولا تتحرك
فيهم جارحة، ويضطجعون فلا يقدرون على حركة أصلاً، ولا قيام ولا قعود ولا حركة يد
ولا رجل ولا جفن عين، يبقى ذلك عليهم أول يوم، ثم يخف في ثاني يوم قليلاً، وفي ثالث
يوم أقل وتقع لهم الكشوفات والتجليات والاطلاع على المغيبات، ولا يزال مضطجعاً مسجى
ثم يتكلم بعد الثلاث أو اليومين، فيتكلم معه ويقول ويقال له إلى أن يكمل الشهر،
فإذا فرغ الشهر ودخل شعبان قام كأنما نشط من عقال، فإذا كان صاحب صناعة أو تجارة
اشتغل بشغله وسلب عنه جميع حاله كله إلا من يشاء الله أن يبقى عليه من ذلك شيئاً -
هذا حالهم وهو حال غريب، مجهول السبب والذي اجتمعت به منهم كان في شهر رجب وكان في
هذه الحال.
(ومنهم
رضي الله عنهم:
الختم)
وهو واحد لا في كل زمان بل هو واحد في العالم
يختم الله به الولاية المحمدية فلا يكون في الأولياء المحمديين أكبر منه.
وثم ختم آخر يختم الله به الولاية العامة من
آدم إلى آخر ولي وهو عيسى عليه السلام هو ختم الأولياء، كما كان ختم دورة الفلك فله
يوم القيامة حشران يحشر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويحشر رسولاً مع الرسول
عليهم السلام.
(ومنهم
رضي الله عنهم:
ثلاثمائة نفس
على قلب آدم
عليه السلام)
في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون، واعلم أن
معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حق هؤلاء: الثلاثمائة (أنهم على قلب آدم)
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في غير هؤلاء، ممن هو على قلب شخص من أكابر البشر أو
الملائكة، إنما معناه أنهم يتقلبون في المعارف الإلهية تقلب ذلك الشخص إذا كانت
واردات العلوم الإلهــية إنما تَرِدُ على القلوب، فكل علم يَردُ على قلب ذلك الكبير
من ملك أو رسول فإنه يرد على هذه القلوب التي هي على قلبه، وربما يقول بعضهم فلان
على قدم فلان، وهو بهذا المعنى نفسه، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
هؤلاء الثلاثمائة أنهم على قلب آدم.
وقال سيدي محيي الدين: وما ذكر رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنهم ثلاثمائة في أمته فقط، أو هم في كل زمان وما علمنا أنهم في كل
زمان إلا من طريق الكشف، وأن الزمان لا يخلو عن هذا العدد ولكل واحد من هؤلاء
الثلاثمائة من الأخلاق الإلهية ثلاثمائة خلق إلهي، من تخلق بواحد منها حصلت له
السعادة وهؤلاء هم المجتبون المصطفون ويستحبون من الدعاء ما ذكره الحق سبحانه في
كتابه
﴿ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا
لنكونن من الخاسرين﴾.
(ومنهم
رضي الله عنهم:
أربعون شخصاً
على قلب نوح
عليه السلام)
في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون، هكذا ورد
الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الطبقة، أن في أمته أربعين على قلب
نوح عليه السلام وهو أول الرسل والرجال الذين هم على قلبه صفتهم القبض ودعاؤهم دعاء
نوح:
﴿رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً
وللمؤمنين والمؤمنات، ولا تزد الظالمين إلا تبارا﴾ ومقام هؤلاء الرجال مقام الغيرة الدينية وهو
مقام صعب المرتقى، وكل ما تفرق في هؤلاء الأربعين اجتمع في نوح، كما أنه كل ما تفرق
في الثلاثمائة اجتمع في آدم وعلى معارج هؤلاء الأربعين عملت الطائقة الأربعينيات في
خلواتهم لم يزيدوا على ذلك شيئاً وهي خلوات الفتح عندهم، ويحتجون على ذلك بالخبر
المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أخلص لله أربعين يوماً ظهرت ينابيع
الحكمة من قلبه على لسانه).
(ومنهم
رضي الله عنهم:
سبعة على قلب
الخليل عليه
السلام)
لا
يزيدون ولا
ينقصون في كل
زمان، ورد به
الخبر المروي
عن رسول الله
صلى الله عليه
وسلم ودعاؤهم
دعاء الخليل:
﴿رب
هب لي حكماً
وألحقني
بالصالحين﴾ ومقامهم
مقام السلامة
من جميع الريب
والشكوك، وقد
نزع الله عنهم
الغل من
صدورهم في هذه
الدنيا وسلم
الناس من سوء
ظنهم، إذ ليس
لهم سوء الظن،
بل ما لهم ظن،
فإنهم أهل علم
صحيح فإنما
الظن يقع ممن
لا علم له
فيما لا علم له
به بضرب من
الترجيح، فلا
يعلمون من
الناس إلا ما
هم عليه الناس
من الخير، وقد
أسبل الله بينهم
وبين الشرور
التي هم عليها
-الناس- حجب. قال سيدي محيي
الدين: وقد لقيتهم يوماً وما رأيت أحسن سمتاً منهم علماً وحلماً:(إخوان صدق على سرر
متقابلين) وقد عجلت لهم جناتهم المعنوية الروحانية في قلوبهم.
السابق
التالي
|