الذاكرون هم أهل الفتوى في دين الله تعالى

كلمة العدد

الدواء الناجح من حديث رسول الله

 

 الذاكرون هم أهل الفتوى في دين الله تعالى

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلا رجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} النحل 34 قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: قال الضحاك عن ابن عباس لما بعث الله محمدا  رسولا أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم وقالوا الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا فأنزل الله {أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس} الآية وقال {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} يعني أهل الكتب الماضية أبشرا كانت الرسل إليهم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة أنكرتم وإن كانوا بشرا فلا تنكروا أن يكون محمد  رسولا. قال تعالى وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ليسوا من أهل السماء كما قلتم وكذا روي عن مجاهد عن ابن عباس أنَّ المراد بأهل الذكر أهل الكتاب وقاله مجاهد والأعمش وعبدالرحمن بن زيد: الذكرهو القرآن واستشهد بقوله {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وهذا صحيح لكن ليس هو المراد ههنا لأن المخالف لا يرجع في إثباته بعد إنكاره إليه وكذا قول أبي جعفر الباقر نحن أهل الذكر ومراده أن هذه الأمة أهل الذكر صحيح فإن هذه الأمة أعلم من جميع الأمم السابقة. وعلماء أهل بيت رسول الله عليهم السلام والرحمة من خير العلماء إذا كانوا على السنة المستقيمة كعلي وابن عباس وابني علي الحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية وعلي بن الحسين زين العابدين وعلي بن عبدالله بن عباس وأبي جعفر الباقر وهو محمد بن علي بن الحسين وجعفر ابنه وأمثالهم وأضرابهم وأشكالهم ممن هو متمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم وعرف لكل ذي حق حقه ونزل كلٌّ المنزل الذي أعطاه الله ورسوله واجتمعت عليه قلوب عباده المؤمنين...

الذاكرون هم السابقون بكل خير

عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله  يسير في طريق مكة. فمر على جبل يقال له جمدان. فقال "سيروا. هذا جمدان. سبق المفردون قالوا: وما المفردون؟ يا رسول الله! قال الذاكرون الله كثيرا، والذاكرات"  مسلم

لايشقى بهم جليس

أخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله  (إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء، فإذا تفرقوا عرجوا إلى السماء، فيسألهم ربهم - وهو يعلم - من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك، لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدا، وأشد لك تسبيحا. فيقول: فما يسألون؟ فيقولون: يسألونك الجنة. فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا. فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشدَّ طلبا وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يتعوذون؟: يتعوَّذون من النار. فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا. فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشدَّ منها فرارا وأشدَّ لها مخافة. فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم. فيقول ملك من الملائكة: فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة. قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم).

أحمد عبد المالك

 

كلمة العدد

هؤلاء هم الركب الذين دعتهم نحو مكَّة نيَّةٌ فما وجدت إلا مطيعاً وسامعا، جاءوا استجابة لأذان الحج، يركبون ثبج البحر، ويسبحون عبر طيَّات الأثير ويقطعون أجوازالفلاة فإذا دخلوا مكَّة لقيتهم ملائكة الله بالتحيَّة والسلام، وكم من آيةٍ في تآلف أرهاطهم على اختلاف أجناسهم والتفاف بعضهم على بعض يهتفون بلسانٍ واحد، قد تجرَّدوا عن المخيط واستلموا حجر الهدى وحازوا القرب في عرفات ورموا أحشاءهم عن الجمرات،، ونحروا ذبيحة النفس فقطعوا عرق فسادها فتمت مناسكهم وبلغوا مقاصدهم، بهم يباهي الله في ملكوته أهل السموات العلا ويفاخر.ثمَّ ولوا وجوههم شطر طيبة، يقصدون الحجرة الشريفة العطرة فيقفون تجاهها ويلثمون ثراها ويقضون الوطر من زيارته صلى الله عيه وسلم.

أسرة التحرير

 

الدواء الناجح من حديث رسول الله

إن العودة إلى سيرة الصحابة مع النبي وأهل بيته تكاد تكون فرضا على كلِّ مسلم ومسلمة لولا خوف التجرؤ على الفتوى، ولكنها على كل حال لاتخفى على كل ذى عقل راجح، والحديث الصحيح المروى في البخاري، ومسلم، وهو حديث طالما أثار الجدل فاٌدَّعَتْ كل طائفة أنها صاحبة الحق في تأويله لمصلحتها وهـو: (افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنين وسبعين فرقة، وستـفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة؛ كلها في النـار إلاَّ واحــدة. قــالوا: ماهي يارسول الله؟. قال: ما أنا عليه وأصحـابي الآن) وفي الحديث مسائل وإشـارات لابد من الوقوف عندها، واستيعابها، ورسوخها، لأنه أصل من أصول العقيدة الإسلامية، وإن خفي ذلك على الكثير. وهــاك بعضها:- قال  (وستفترق أمتـي) وأضاف الأمة إليه، وهذا شرف، وأي شرف، والمُشكل أنـه أتْبع ذلك بقوله  (كلها في النار إلاَّ واحدة) فكيف الجمع بين هذين؟ والجواب بعون الله يسير، فهم محسوبون من أمته  لقولهم لا إله إلاَّ الله محمد رسول اللـه ونطقهم بكلمة التوحيد وإن خرج على ذلك بعض ضلال الشيعة برفضهم إثبات الرسالة له  ولكن هؤلاء جميعا شذوا ومن شذَّ فهو في النار ، ولذلك فقد أشار النبي  إلى ذلك في حديث البخاري في كتاب الفتن حين سأله حذيفة بن اليمان: (إنا كنا في جاهلية، وشر؛ فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟. قــال: نعـم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟. قــال: نعـم وفيه دَخَن قلت: وما دَخَنُه؟. قـال: قوم يهدون بغير هُدَىً تعرف منهم وتنكر . قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟. قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه. قلت: يارسول الله صفْهم لنا. قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا  قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟. قال: فاعتزل تلك الفرق كلَّها ولو أن تَعَضَّ بأصل شجرة حتى يدركَك الموت وأنت على ذلك) رواه البخاري صدق رسول الله  والصحابة الأطهار الذين رزقوا النور وتشرّفوا بحضرته  فشاركوه التشريع لأمته ففضلوا على الأمة كلها فجزاهم الله عنا خير الجزاء.أنظر يا أخي وتأمل صفات أهل الشر والفتن في كل زمان، إنهم هم منذ زمن المصطفى مع اختلاف في الشكل، ولذلك يقول  هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، ولذلك فهم محسوبـون من أمته على سبيل المجاز والشكل لا على سبيل الحقيقة والمضمون .- قوله  ما أنا عليه وأصحابي الآن.يسمون مثل هذه الصيغة في علم البلاغة الكنـاية ، وللكناية أغراضٌ لاسيما إذا كانت من عند من لا ينطق عن الهوى وهو رحمة للعالمين. يقول سيدي فخرالدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني:

أقول كَنُّوا فلا تبخس غرائبهــا    لتأمنوا شر إخوان الشياطيــن

ففي الكناية ترغيمٌ لذى سفــه    وقد تغشيتها سترا يوارينـــي

- لم الكناية إذن ياسيدي يارسول الله؟. ولم هذا الموضع بعينه؟.إن كلمة منك في هذا المقام تَفُضُّ الخلافَ وتجعلُ الأُمَّةَ أمةً واحدة.لم هذا الإبهام الذي فَرَضتْهُ والسِّـتَر الذي أسْبَلْتهُ على الحديث كلِّه بآخر جملة فيه؟.وكَأنىِّ به  يقول:يابني لو قلتها لوجبت.. يابني وكان أمر الله قدرا مقدورا.. يابني ليميز الخبيث من الطيب .. يابنيَّ ليقضى الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حيي عن بينة وأن الله لسميع عليم.

- ياسيدي يارسول الله إنك الرحمة المُهداة.. إنك المبعوث رحمة للعالمين من جنٍّ وإنس وملك وطير ووحش وهوام فكيف؟. وكأني به يقول:أو ليس قلت: تركتُ فيكم مـا إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي. أو ليس قلت تركت فيكم الثـقلين كتاب الله حبل ممدودٌ من السماء إلى الأرض، وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي؟- صدقت ياسيدي يارسول الله وحكمت فعدلت وبلغت الأمانة ونصحت الأمة وكشفت الغمة وورَّثت نورك لأهل بيتك، فتحملوا أعباء الدين من بعدك، وكأن منهم من قال:

فلـم تنـجُ إلا فرقةٌ لـوقوفهـا        بأعتاب آل البيت أهل الحماية

فـللّه الحمد والفضل والمنة ومنه القبول.

فـي قول بعض الجهال ان الفرق الضـالة المذكورة في الحديث هي الطرق الصوفية

عمُّ البلية هجر من لا يفقهـــوا     لكتـاب رب عــالم عــلام

والاحتكام لغير أرباب الهـــدى     كعبـادة الأوثـان والأصنــام

وعلى الرغم من إن قول بعضهم إن الطرق الصوفية هي الفرق الضالة التي أخبرنا عنها النبي المعصوم؟ في الحديث المذكور - على الرغم من أن هذا القول ينمُّ عن جهل ولا أَمَلَ أن تـشمَّ في صاحبهِ رائحةُ علمٍ إلاَّ أننا سنردُّ بتأييد من الله بفصل الخطاب في هذا صونًا لمن يمكن أن يَنْخَدِعَ من أمة النبي  سامعاً لكلامهم وتَشدُقهم بنصوص القرآن والسنة.

والرد ببساطة يتلخص في الرجوع إلى واحد من أهل التفسير المشهورين بين الأمة بالعدل والإنصاف، والعلم والرعاية، وهو الإمام القرطبي في تفسير الجامع لإحكام القرآن في معرض تفسيره للآية: {وأعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا... } سورة آل عمران

حيث أوضح أن الخوارج انقسموا إلى ست فرق تشعَّبت كل واحدة منها إلى اثنى عشرة فرقة فيصبح المجموع اثنين وسبعين فرقة، ذكرها جميعا كل واحدة باسمها ووصفهــا (أى ما شذت فيه فأخرجها ذلك من ربقة الدين).وهناك من المؤلفات المصنفة في ذلك الكثير والكثير مثل المِلَلُ والنِّحل للشهرستاني، والغنية لسيدي عبدالقادر الجيلاني.

د.إبراهيم دسوقي