الحـــــج الأكـــبر
بهذا العدد من رايات العز يتم للمولود العملاق عام من العمر الذي نسأل
الله تبارك وتعالى بجاه نبيه الكريم الرؤف الرحيم وبجاه بيته الحرام
الذي جعله مثابة للناس وأمنا أن يمد في عمر جريدتنا لخدمة الدين
وإحقاق الحق وإبطال الباطل اللهم آمين بحق الخطى التي تسعى إليك في
هذه الأيام المباركات، ونحن نستغل هذه الفرصة لنقول للقراء الأعزاء
أن الإستطلاع الأخير حول الجريدة وصفحاتها، أن صفحتي الوسط قد لاقت
قبولا شديدا وخصوصا تحقيق العدد الأول (عجائب الحق في غرائب الخلق)
وها نحن نلتقي بالأستاذ محمد صفوت جعفر مسؤل التدريس والتأليف
والترجمة بالطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية أبناء الشيخ محمد
عثمان عبده البرهاني لننهل من علوم سيدي فخر الدين حول الحج وزيارة
بيت الله الحرام وروض حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم .....
ونبدأ بالسؤال عن معنى الحج؟
بعد الحمد لله فلابد أن نميز القول عن الحج كما عودنا سيدي فخر الدين
رضي الله عنه فكلمة حج عندها معنى لغوي وآخر شرعي غير المعاني
الإصطلاحية، فكلمة حج تعني (قصد عظيم) إذاً من حقي لغة إذا قصدت
زيارة عظيم أن أستخدم لفظة حج وكذلك نجد أن بعض كبار الأولياء استخدم
نفس اللفظة من نفس الباب فقال (حجوا إلي) وهذا ليس معناه أن تؤدي
فريضة الحج عنده ولكن لعظمة مكانته عند الله الذي صار في سمعه وبصره
ويده ورجله قال مقالته، كما هو نفس القول في الصلاة فالصلاة بمعنى
الدعاء ولذلك نجد الصحابي الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه يقول
يارسول الله إني أكثرمن الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ والذي
يخلط مابين المعاني اللغوية والمعاني الشرعية يصعب عليه فهم الكثير
من مبادئ ديننا الحنيف، أما المعنى الشرعي للحج فهو كما ورد في الكتب
لأصحاب المذاهب الأربعة المشتهرة والسبعة المندرسة التي تبدأ بالنية
والإحرام وتختم بالتحلل من الإحرام.
يقول بعض الناس (الحج عرفه) مامعنى هذا الحديث الشريف؟
نعود إلى نفس الكلام وهو عدم تمييز القول ووضعه في غير مواضعه وقدحذر
النبي الكريم الأمة الإسلامية بقوله عليه من الله أتم الصلاة وأزكى
السلام (أخوف ما أخاف على أمتي رجل متأول للقرآن يضعه في غير مواضعه)
والحديث الشريف كالقرآن الكريم في الأمر والنهي بمعنى أن الحج عرفه
فهل يقبل الله الحج بغير طواف أو سعي أو أضحية أواستلام للأركان
بالطبع لا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصلاة عماد الدين
من أقامها أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين) هل معنى ذلك أن نصلي
فقط ولانصوم ولا نزكي ولانحج ولكن بعض الناس يتخذون من هذا الحديث
(الحج عرفه) دعوة باطلة لعدم زيارة الروضة الشريفة والمدينة المنورة
بصاحبها صلى الله عليه وسلم وهي كلمة حق أريد بها باطل فكيف تكون في
بلاد الحجاز ولا تزور حبيب الله وتدعي أنك تحب وحب النبي صلى الله
عليه وسلم فرض في القرآن والسنة وقال الحبيب (من حج ولم يزرني فقد
جافاني) وهو حديث وضعه الإمام مالك رضي الله عنه في باب الحج في
موطأه الذى قال عنه الأمام الشافعي رضي الله عنه (موطأ مالك أصح كتاب
على وجه الأرض بعد كتاب الله) وليس صحيح ما انتشر على الألسن أن هذا
القول ورد في القول عن صحيح البخارى لأن الشافعي لقي ربه قبل ظهور
صحيح البخاري الذي عرضه محمد بن إسماعيل الشهير بالبخاري على الإمام
أحمد بن حنبل رضي الله عنهما فقال الإمام أحمد هذا من أصح الكتب
المصنفة، ويقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
إني براء من الدعوى وقد كثرت
بـلا
حيـاء
وأن الله منـجيـني
ماهي مراتب الحج ومن هو المكلف ولماذا مكة المكرمة؟
نبدأ بالجزء الأخير من السؤال لماذا مكة، تعتبر مكة المكرمة الرَّحِمْ
الذي ولدت منه الأرض وذلك من حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
(مكه أم الأرض ومنها دحيت والفردوس أم الجنات ومنها دحيت وجهنم أم
النار ومنها دحيت) ولذلك إذا اهتدى كل الخلق إنسهم وجنهم حيهم وميتهم
وأرادوا الحج جميعا لوسعتهم مكة المكرمة لأن الرَّحِم يسع جنينا
واحدا كما يسع عشرة أجنة، أما عن التكليف فهو للإنس والجن وهناك أيضا
الملائكة السيارة يذهبون للطواف والزيارة بالكعبة موطن الأفعال
الإلهية ويعرفون باسم آخر (الروحانيون) ونجد أن الحبيب لما أراد
الهجرة قال (اللهم قد أخرجتني من أحب البلاد إليَّ إلى أحب البلاد
إليك) ومعنى ذلك عندما تذهب إلى مكة فقد زرت أحب البلاد إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وعندما تزور المدينة تزور أحب البلاد إلى الله
فكيف يحج الناس ولا يزورون أحب البلاد إلى الله سبحانه وتعالى،وقد
كان التشريع بداية وختما من مكة قال الحبيب المصطفى:
خطبته يوم فتح مكة
وقف على باب الكعبة ثم قال لا إله الا الله وحده لاشريك له صدق وعده
ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة أو دم أومالٍ يُدعى فهو
تحت قدمىَّ هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وقتل الخطأ مثل
العمد بالصوت والعصا فيهما الدية مغلظه منها أربعون خلفت في بطونها
أولادها، يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظُّمها
بالآباء، الناس من آدم وآدم خلق من تراب ثم تلا {ياأيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عد
الله اتقاكم} الآية يامعشر قريش أو يا أهل مكة ماترون أنى فاعل بكم؟
قالوا: خير أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
خطبتة في حجة الوداع
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من
شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلَّ له و من يضلل
فلا هادى له وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثُّكم على طاعته
واستفتح بالذى هو خير. أما بعد أيُّها الناس اسمعوا منى أبيِّن لكم،
فانى لا ادرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا في موقفى هذا أيها الناس
إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربَّكم كحرمة يومكم هذا
في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد. فمن كانت عنده
امانة فليؤدِّها الى من ائتمنه عليه وإن ربا الجاهلية موضوع وإن أول
ربا أبدأ به ربا عمى العباس بن عبدالمطلب وإن دماء الجاهلية موضوعة
وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن عبد المطلب وان مآثرالجاهلية
موضوعة غير السدانة والسقاية والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا
والحجروفيه مائة بعير فمن زاد فهو من أهل الجاهلية.
أما بالنسبة للملائكة الفلكيين مثل سيدنا جبريل وميكائيل فإ ن
طوافهم يكون حول البيت المعمور وهو موطن الأسماء الإلهية أما
الملائكة العالين فهم الحافين حول العرش وهو موطن الصفات الإلهية
وبعد ذلك يأتي الحج الأكبر وهو حج السبع المثاني والأنبياء والصالحين
وهو موطن القاب والقوس وأعلى من ذلك الموطن الذي اختص به المختار صلى
الله عليه وسلم وهو (أو أدنى) الذي يعرف بالمقام المحمود الذي
لاينبغي لأحد سواه،أما عن الحج الأكبر فقد قال تعالى: {الحج أشهر
معلومات} والشئ المعروف لدينا أن الحج يوم أوبضعة أيام فكيف يكون
أشهرا؟ نجد أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شرحها في شكل بسيط
للغاية في الحديث الذى يقول فيه (رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان
شهر أمتي) ولكلِّ شهر من هذه الشهور ليلة قدر خاصة به ففى شهر رجب
نجد ليلة القدر فيه هى ليلة الإسراء والمعراج رجب الفذ والترجيب في
اللغة من التعظيم والترجيب أو الرج بمعنى الحركة العنيفة أي يعطى
الله فرصة للعبد النايم الغافل يرجه مرة كل سنة حتى يعرف أنه في شهر
الله ويهيئه لشهر النبي (شعبان) حتى يعرف حقيقة أنه في شهر رسول الله
ويهيئه للدخول في شهر رمضان شهرأمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وكانت حادثة الإسراء في رجب حيث احتفل الله فيها بالنبى صلى
الله عليه وسلم في ملإه الأعلى وهو الحج الأكبر وقال سيدى فخر الدين
رضي الله عنه
في كل حين لنا في المصطفى امل
حتى اذا حانت الاسراء يسرينـا
وهذه دلالة واضحة على انه لم يكن وحده بل كان معه السبع المثانى ولكنه
كان جسدا وروحا كما جاء في سورة الإسراء إذ يقول الحق سبحانه وتعالى
{سبحان الذي أسرى بعبده} ولم يقل بروح عبده كما يدعي البعض أن
الإسراء كان بالروح فقط أما السبع المثاني فقد كان بالروح فقط
والشاهد على ذلك قوله (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)وعادة
(نا) اذا لم تكن للجمع تكون من باب التفخيم والتعظيم ولا يمكن لسيدنا
رسول أن يقول في الحضرة الأقدسية السلام علينا وهو وحده وهذا كان في
موطن قاب قوسين هذا لا ينفى بانه ترقى لموطن او ادنى وكان فيه وحده.
فاسمعه بالأنس صوت عتيقه
توقف فإن رب
العرش سبحانه صلى
و ليلة الإسراء إشارة للسير إلى الله لأن الإسلام له مسلكين المسلك
الأول هو ميزان الحسنات و السيئات بمعنى جنه أو نار قال تعالى {كتابا
يلقاه منشورا} أما المسلك الثاني أو الطريق الأقوم هو طريق(من تقرب
إلى شبرا تقربت إليه ذراعا،...باعا،هرولة) فطريق المسافات أو هذا
السير ساره سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة من
الأرض إلى السماء وهى إشارة واضحة إلى وجوب السير إلى الله فلابد
للمؤمن أن يسير إلى الله فسيدنا الرسول سارإلى الله جسدا وروحا ونحن
لا يسعنا أن نسير مثله ولكن لا بد لنا أن نسير إلى الله بأرواحنا
وتحديدا بروح الايمان لأن في الأصل أن الانسان له ثلاثة ارواح:
(1)الروح البهيمية: وهى التى تنام وتستيقظ بها وتاكل وتشرب بها وتدبر
أعضاء الجسد اللاإرادية مثل القلب والمعدة والكليتان وإذا خرجت من
البدن كان الموت وهي من الريح لقوله سبحانه {نفخنا فيه من روحنا}
وقال (لاتسبوا الريح فإنها من روح الله).
(2) روح التكريم: وهى التي قال فيها المولى تبارك وتعالى {ولقد كرمنا
بني آدم} وهو التمييز عن باقي المخلوقات بالعقل والعقل ليس في الرأس
إذ يقول تبارك وتعالى {وقلوبا يعقلون بها} والتعقل أو ما يعنى به
العقل هو الرباط البرزخي الذي يصل الروح بالجسد لأن الأعرابي الذي
سأل عن التوكل قال (أأعقلها وأتوكل) أي يضع العقال لبعيره ويتوكل على
الله أم يتركها بغير عقال ويتوكل وروح التكريم قد وضع فيها الخالق
سبحانه صفاته الربانية ككونه سميعا بصيرا متكلما قادرا حيا مريدا
عليما، وهذه الصفات تظهر واضحة جلية في العبد إذا وصل إلى مرتبة
الإحسان كما جاء في الحديث القدسي (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع
به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها) وهي تقوم في العبد مقام
مستقبل الإرسال (الدش أو الرسيفر)
(3) روح الايمان: وهى من نور الحبيب صلى الله عليه وسلم القائل (أنا
من نور الله والمؤمنون من رشحات نوري) ولم لا وقد وصفه الله بالنور
في قوله جل شأنه {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} وقال عز من قائل
{وسراجا منيرا} وروح الإيمان مثل سفينة الفضاء تنطلق بك إلى حضرة
سيدنا الرسول وتأخذ منه الإذن وحينها يسألونك عن شيخك إذا كان شيخك
معتمد يأخذ لك الإذن من النبى صلى الله عليه وسلم لأن المشايخ
معروفين ومعتمدين منذ الأزل وفي هذا قال الشيخ محمد عثمان عبده
البرهاني رضي الله عنه:
وليـس فينا امام غيرمعتمد امامنا المصطفى والصفح
شيمتنا
ثم بعد أخذ الإذن تسير الروح في رحلة السير إلى الله حتى تصل إلى
التجلى الإلهى هذه الرحلة تحدث في شهر رجب وعندما يفيق العبد منها
يجد نفسه في شهر شعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمة شعبان
معناها طريقان او فريقان ومفردها شِعب بمعنى الطريق أو المسلك وشعبان
طريقان شِعب سيدنا رسول الله وهو شعب واحد لا ثانى له لا يصلح أن
تقول أنا مسلم ولكننى ليس مع الرسول في هذه اللحظة تكون قد اخترت
الِشعب الثانى (الخسران المبين) حتى ولو قلت أشهد أن لا إله إلا الله
محمد رسول الله لا تنفعك إذا لم يكن لديك طريق مع النبى {وهديناه
النجدين}إما شاكرا وإما كفورا لا توجد منطقة وسطى بينهما لذا كانت
ليلة قدر شهر شعبان في وسطه ليست كشهر رجب أو شهر رمضان في
آخره(ليلة27) فكانت ليلة قدر شهر شعبان لأن فيها يفرق كل أمر حكيم
وكان فيها تغيير القبلة لأن سيدنا رسول الله كان يريد له قبلة
مخصوصة التي صلى إليها سيدنا إبراهيم عليه السلام واستجاب له في ليلة
النصف من شهر شعبان {لنولينك قبلة ترضاها} والقبلة هى رمز او اشارة
لاختيارك لقبلة سيدنا الرسول او اختيارك لغيرها في هذا الموطن قال
الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه:
فهذي قبلة قلبت قلوبا على اعقابها يوم اصطفاها
ثم بعد ذلك يكون الدخول لشهر رمضان شهر الأمة المحمدية ورمضان من
الرمضاء وهى التراب المجاور للنار وهو أشد حرارة من النار وعندما تضع
فيه الشيء ينفى الخبث الذى يحيط بها وعندما ياتى رمضان يدخل الانسان
بذنوبه ومعاصيه فنار رمضان تنزل أو تنظفه من صدأ الذنوب مثل الحديد
تماما وتلين فيسهل تشكيل البنى آدم لأن بعد إدخاله لرمضاء رمضان يظهر
المعدن الأصلى له من أجل هذا كان رمضان شهر الأمة المحمدية ولم يكن
شهر النبى لأنه ليس في حاجة لدخول الرمضاء أو النار وكذلك لم يكن شهر
الله لانه ليس سالكا بل غاية كل سالك إنما كان رمضان شهر الامة لانه
لا بد لها وان تستوى حتى تتشكل مثلما يريد الله ورسوله ذلك،وفي كل
الشهور ياكل الانسان ويشرب ما يحلو له في حدود ما أحل الله ولكن في
رمضان يحرم عليك الحلال من مأكل ومشرب ونكاح وتزيد في النوافل من
الذكر وتلاوة القرآن والصلاة والصدقات ولذا يقل دخل الجسد ويزيد دخل
الروح التي تعود تدريجيا للسيطرة على هذا الجسد كما كان في حالة
الفطرة وهذا العود يسمى العود الصغير أو العيد الصغير كما يسميه عامة
المسلمون، ثم يأتي القعود والمرابطة بالأذكار والأوراد في ذي القعدة
حتى تمتلأ روح الإيمان لترتقي وتطير إلي حضرة المحبوب ثم حضرة علام
الغيوب حيث تعود إلى مصدر النور التي كانت منه وهذا هو العود الأكبر
أو العيد الكبير أو الحج الأكبر الذي دعيت إليه الأرواح يوم إقرارها
في يوم ألست {ألست بربكم قالوا بلى} وفي هذا يقول سيدي فخر الدين:
ياأيها الناس حـج البيت للساري وميت القلب
لاتشجيه أوتاري
الحج لله في مجـلاه مكـرمـة وبيته بيته من غير إظـهاري
بعد هذا الوصف الروحاني ماذا عن الآذان بالحج؟
أول آذان بالحج {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين
من كل فج عميق} كما جاء في الذكر الحكيم، سيدنا إبراهيم نادى بالحج
فلبت له أرواح الأماجد ويقول سيدي فخر الدين رضي الله عنه:
ولا كل من لبى وهرول محرما كما أن أرواح الأماجد لبت
وعلامة الروح التي لبت لنداء الخليل عليه السلام أن يعود صاحبها من
الحج كما ولدته أمه ويزداد تقوى وإحسان يوما بعد يوم ويموت على حسن
الخاتمة وهذا هو الحج المبرور.
ورفع سيدنا جبريل الآذان بالحج في الأرواح ياأيها الناس حجوا إلى بيت
الله الحرام ومن سمع نداء جبريل مات في طريقه إلى الحج قبل أن يصل
ويقيد الله عنه ملكا يحج عنه كل عام إلى أن تقوم الساعة وذلك هو
الحال في قصة انتقال سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه، ولكن
إبليس لم يترك الأمر بالضلال ووضع خطمه ونادى بالحج ومن لبى نداءه
ذهب إلى البيت الحرام ليحوز إسما وسمعة رئاء الناس أو يذهب بنية
السرقة أو التجارة فقط، وعلامته أن يعود أسوأ حالا مما ذهب ويموت وهو
مصر على المعاصي والعياذ بالله.
نأتي أخيرا إلى المناسك ومشروعيتها؟
يظن البعض أننا نؤدي المناسك من إحرام وسعي وطواف وإلقاء الجمرات
والوقوف بعرفة وغيرها لأن السيده هاجر هرولت سبعة أشواط أو أن سيدنا
آدم إلتقى بأمنا حواء على عرفات وبالطبع لاننكر هذا ولاذاك ولكن
المناسك أخذت بحذافيرها عن رسول الله القائل (خذوا عني مناسككم)
ولكل منسك معنى في الجسديات وآخر في الروحانيات إذ يقول سيدي فخر
الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه:
وما استطاعة حج البيت عن سعة من المتاع ولاظـعن وأسـفار
ولم يكن بيتـه طيـنا ولالبــنا وليس مقصود قومي لثم أحجار
وذلك البيت فـي معناه تذكـرة لوحدة القصد أو توحيد أنظار
وقال في قصيدته التائية أيضا عن مناسك الحج:
فما كل من يسعى إلى الله واصـل إلى وجه من أهوى صفاي ومروتي
ولا كل من يرمي الجمار على منى بقاتل
نفـس أو مبـلغ بـغيتـي
وختاما نشكر السادة القراء على تجاوبهم معنا في استطلاعاتنا ونتقدم
بالشكر أيضا للأسـتاذ محمد صفوت جعفر،ونترككم على أمل اللقاء بكم على
صفحات جريدتكم على كل خير وهداية إن شاء الله تبارك وتعالى.
أجرى اللقاء
هاديه الشلال |