اتكاءةٌ أدبية
صورة من مسجد درويش باشا - دمشق
1571م
تزوَّج سـيِّدنا عبد اللـه بن أبي بكـر الصديق رضـي الله عنهما عاتكة
بنت زيـد بن عمرو بن نفيـل وكـان يُحبُّها حبَّاً شـديداً، فجـلس يوم
جمعـة يحـادثها حـتى فاتته صـلاة الجمعـة، فمرَّ عليـه أبوه الصديق
رضي الله عنه فرآه فسأله:هل صليت الجمعة؟ قـال له: أوَ جمَّع الناسُ
؟ قال الصديق: أشغلتك عن الصلاة؟ لا والله لا تبرح حتى
تطلِّقها،فطلَّقها، ثم تعب من طلاقها فمرَّ عليه أبوه يوماً وهو
ينشد:
فلم أرَ مثلي طلَّق اليوم مثلها
ولا مثلها في غير جرمٍ تُطلَّق
فـرقَّ لـه الصـديق رضي الله عنه وقال له: راجع عاتكة، فقال لأبيه: قف
مكانك ثمَّ قال لغلامٍ له أنت حرٌّ لوجه الله اذهب فأخبر عاتكة أني
راجعتها.فلما مات أنشدت:
فآليت
لا تنفكُّ عيني حزينةً
عليك ولا ينفكُّ جلدي أغبرا
فحــلفت ألا تكـفَّ عن البكاء عليه وألا يمسَّ جسـدهـا دهــن ولا طيب.
ثمَّ خطبها الخليفة عمر بن الخطَّاب فلما أعرس بها قال له الإمام علي
كرَّم الله وجهه: أتأذن لي أن أكلِّم عاتكة ؟ قال عمر : لا غيرةَ
عليك كلِّمها. فقال لها الإمام علي كرَّم الله وجهه: ألست القائلة:
فآليت لا تنفكُّ عيني حزينةً
عليك ولا ينفكُّ جلدي أغبرا؟
قالت: لم أقـل هذا وبكت وعادت إلى حزنها قـال له عمر: يا أبا الحسن ما
أردت إلا إفسادها عليَّ. فلما قتل الخليفة عمر رثته بأبيات منها:
من لنفسٍ عادها أحـزانـها
ولعـينٍ شفَّها طـول السهد
جــسدٌ لفِّـفَ في أكـفانِه
رحمةُ الله على ذاك الجسـد
ثمَّ خطبها الإمام علي كرَّم الله وجهه فقالت له: لم يبق للإسلام غيرك
وأنا أخاف عليك القتل. فكلُّ من تزوَّجها قتل ومن ثمَّ قيل: من أراد
الشهادة فعليه بعاتكة رضي الله تعالى عنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام علي كرم الله وجهه (من نصب نفسه للناس إماماً فعليه أن يبدأ
بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه
بلسانه).
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي أنه قال: (ألا أخبركم بأجود
الأجواد؟)، قالوا بلى يا رسول الله، قال: الله أجود الأجواد، وأنا
أجود ولد آدم، وأجود من بعدي رجل عَلِمَ علماً فنشره، يبعث يوم
القيامة أمة واحدة ورجل جاد
بنفسه في سبيل الله حتى قتل
|