التصوُّف بين الدين والدولة (2)

العلم غث اوسمين .. للقلوب يخضب

خـطـبـة الـمـولــد

 

التصوُّف بين الدين والدولة (2)

هل يجوز الخروج على الإمام ؟

الصوفية هم أحرص الناس على أن يسود النظام في المجتمع ولا يسود النظام في المجتمع إلا بالطاعة التي هي قوامُ كلِّ مجتمع، صغيرا كان أو كبيراً فالأسرة لا تقوم إلا بطاعة الأب، والمؤسسة لا تقوم إلا بطاعة المدير، والدولة لا تقوم إلا بطاعة الوالي وقد ذهب الإمام الغزالي رضي الله عنه إلى أنه لا يجوز الخروج على الحاكم إلا إذا منع الناس من إقامة شعائر دينهم. وقد لخَّص سيِّدي أحمد زروق رضي الله عنه مذهب الصوفية قائلا: حفظ النظام واجب، ومراعاة المصلحة العامة لازم، لذلك أجمعوا على تحريم الخروج على الإمام بقول أو فعل، حتى انجرَّ إجماعهم على الصلاة خلف كلِّ برٍّ أو فاجر من الولاة وغيرهم، ما لم يكن فسقه في عين الصلاة، وكذلك يرون الجهاد مع كلِّ أمير من المسلمين وإن كان فاجرا، وزعم مجاهد إجماع المسلمين، وأنكره ابن حزم، وفيه كلام لهما، والقول عليه المنع بكلِّ حال، فلقد قال : ما سبَّ قومٌ أميرهم إلا حُرِموا خيره،وقال : المؤمن لا يُذلُّ نفسه.فسَّره ابن عباس رضي الله عنهما قال: يتعرَّض للسلطان وليس له من النصف ويعني أن الإنسان يتعرَّض للسلطان فيعاقبه السلطان فلا يجد أحداً ينصفه منه فيكون قد ضرَّ نفسه ولم يبلغ مراده ... وقال : لا تسبوا السلطان فسَّره ابن عباس رضي الله عنهما قال: لو لم تسبُّوا السلطان لأنزل عليه الله ناراً من السماء فأحرقته ويجمعه قوله (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه والقوم أبعد الناس عما لا يعنيهم.) ولا يخفى ما في الخروج على السلطان من إثارة الفتنة وتعطيل المصالح ووقوع العقوبة على الجاني وغير الجاني، وشُغل السلطان بتتبع المارقين بدلا من رعاية مصالح الشعب، ولنا عبرة في كلِّ الجهات التي تدَّعي الانتماء إلى الإسلام، ولا همَّ لها إلا الثورة على أولي الأمر، وتكفيرهم والاعتراض عليهم وأبصارهم طامحةٌ إلا كرسيِّ الحكم، فنحن نسأل هل بلغت مرادها، وهل حققت شيئاً سوى إشاعة الفتنة، وإثارة المشاعر وتعطيل مصالح الناس؟ كلا بل كان مصير القائمين بالفتنة القتل والتشريد والسجن. وليتهم سخَّروا إمكاناتهم الضخمة هذه في سبيل الدعوة إلى الله ؛ ببناء المساجد وإنشاء المدارس الإسلامية في أوروبا وأمريكا ومجاهل أفريقيا كما يفعل عقلاء المسلمين وهذا هو الجهاد الحق، والبناء أجدى من الهدم وقد قيل:

أرى ألف بانٍ لا يقومُ بهادمٍ      فكيف ببانٍ خلفَه ألف هادم

محمد صفوت جعفر

 

العلم غث اوسمين .. للقلوب يخضب

فى غضون الايام الماضيه احتفلت الطريقة البرهانية بحولية سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى وقد حضرها كم هائل من المشارق والمغارب ـ ولو اردنا التحدث عن مناقب صاحب الفرح لما استطعنا لأن كل واحد من هذا العدد الكبير له قصه.

فلنفرد هذه المساحة لهذا الشاب الذى اخذ الطريقـه بسبب اطلاعه على رايات العز  ويسمى على بن سلمان وهو يمنى الجنسيه، وقد سردها فى ليلة الاحتفال قائلا: قصتى طويلة ساكون صريحا معكم حتى النهاية وستستعجبون كل العجب حينما تعرفون حقيقتى، لقد كنت وهابيا قبل خمسة عشر يوما فقط. و الأن انضوى تحت لواء الطريقة البرهانية واذود عن حماها وادافع عن آرائها وبشدة، كنت اسبح عكس التيار، اعتقادا وفكرا يخالف كل الاصول والثوابت التى بنى عليها الاسلام.


علي وهو يحكي روايته في الحولية

حفظت القرآن الكريم وانا فى التاسعه، جودته وقرأته بكل الروايات، حفظت الموطأ من الغلاف الى الغلاف، درست التوحيد على ذات المذهب بأعرق الجامعات الوهابيه، حفظت كل احاديث الفتنه والشقاق، طفت العالم شرقا وغربا، ساحل العاج، سراليون، جزر القمر، السعوديه، قطر، مصر، تونس والجزائر والمغرب وأخيرآً موريتانيا، كل هذا وانا ارزح تحت وطأة ذلك الفكر المظهري الفاسد كنت اعلم جيدا ان ما أعيشه خواء وان هنالك ما افتقده حتى كان الثامن عشر من مارس لهذا العام، ذهبت الى احد اصدقائى فى زياره وكان في الطريقة السمانية ووجدت عنده رايات العز هذه الصحيفه التى ولدت عملاقه نقلت كل حقائق التصوف فى شفافيه ومصداقيه تحسد عليها صادقه فى طرحها هادفه وبناءه تناولت بموضوعيه وواقعيه مايعيشه العالم اليوم والنقلة الكبيرة التى أوصلت للناس معانى المحبه والاخاء ورسمت فى اذهانهم العقيده الصحيحة وأجابت رآيات العز على كل التساؤلات. صدقونى انا اشعر بالذنب العميق لحياتى السابقه التى ضاعت دفاعا عن معتقداتهم الوضيعه التى تحط من قدرالمؤمن السوى.

 ايها الاحباب اتيت الى هنا حيث مقام الشيخ. وكلى رغبه فى التغيير لصياغه ما أحمله من فكر فوجدت كل مافقدته من الاخوه، والتجرد ونكران الذات وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام. فتحقق عندى معنى الاتباع وهدانى الله من بعد الضلال وعمى البصيره. الى الهدى والطريق المستقيم.

دعونى اقولها علنا وقفتكم معى اعادت لى ثقتى بنفسى وانى احبكم واحب من يحبكم فى الله ولاانسى تقديم شكري لسيدى وابى الشيخ ابراهيم رضى الله عنه واسرته عنهم الشيخ دسوقى واخرين. ولقد كان الشيخ ومازال يتابع اخباري واحوالى باهتمام شديد ويشملنى بالعنايه والرعايه مما يجعلنى اشعر بالعجز التام عن  شكره لان ماقدمه اكبر من كلمات الشكر والامتنان. انتهت قصة أخونا علي التى سردها بنفسه والتى تحكى مناقب الشيخ والذى يقول فى ديوانه شراب الوصل.

 يهدى الله الهداة بعلمنا   لا بالعواء وقطعت اسباب

صديــــق أبوهريرة

 

خـطـبـة الـمـولــد

الحمد لله جعل سيَّدنا محمداً  مجلاهُ الأعزَّ الأكرم الأفخم، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك له، جعل حبيبه المصطفى صَلى الله عليه وسلم خزانة الكرم والجود، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا محمدا عبده ورسوله، الرحمة المهدا ة، والنعمة المسداة، والمخاطب بقول ربِّه{ماارسلنا ك إلا رحمةً للعالمين} . اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيِّدنا محمد وعلى آله البررة الأطهار، دوحة الشرف، وصحابته عباد الرحمن الأتقياء الأصفياء وأؤلئك هم أولو الالباب.

أما بعد:

أحباب الحـبيب المصطفى صلى الله عليه وسـلم. قريبـا يُهلُّ علينا شـهرُ ربيع الأول، شهر ميلاد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وظهوره بجسده الشـريف، وقد اعتاد المسلمون فى مشـارق الأرض ومغاربها أن يحتفلوا بذكرى مولده الشريف، وإن ذكراه صلى الله عليه وسلم فى قلبِ كل مؤمنٍ مُحبٍّ لرسول صلى الله عليه وسلم فى كل لحظات حياته، وفى ذلك كمال الإيمان. كما قال عليه الصلاة والسلام {لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس اجمعين}.

ولذلك كلَّما هلَّ هلال شهر ربيع الأول هاجت خواطرهم، فباحوا بحبِّه 

امتثالا لأمر الله تبارك وتعالى القائل:{قل بفضل الله ورحمتِه فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} فمانـراه فى بلادنا شىءٌ جـميل يبعث على الحبِّ والودِّ حيث يجتمع المسلمون فى ساحات المولد ليجدو إخوانهم فى الطرق الصوفية وقد أعدُّوا الصيوانات وجـهزوها لاستقبال إخوانهم المسلمين فى حضرة الحبيب المصطفى ، ويتلقونهم بالبشر والترحاب لسنة الحبيب المصطفى  بإفشاء السرور بينهم. وقد قال الحبيب المصطفى : والذى نفسى بيده لاتدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابُّوا. ألا أدلُّكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم كما هو مشاهد فى ساحات المولد.

والحمد لله أيُّها الأحباب فما أجدرنا ونحن نحتفل بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم أن تُكثروا من الصلاة عليه سيرا على نهجه القويم والصراط المستقيم والمحجة البيضاء والحنيفية السمحة بقدر المستطاع. {قل اعملو فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون}،  قال : تركت فيكم الثقلين وكتاب الله وعترتى آل بيتى نبأني العليم الخبير انهما اجتمعا ولن يفترقا حتى يردا عليَّى الحوض يوم القيامه.

الحمد لله الذى أنزل كتابا ينصُّ فيه قائلا مخاطبا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم {وإنك لعلى خلقٍ عظيم} وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن سيِّدنا محمداً عبده ورسوله وصفيُّه من خلقه. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله البررة الأطهار دوحة الشرف وأصحابه عباد الرحمن الاخيار أولئك اصحاب الفلاح. أما بعد فيا أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم ونحن نحتفل ونفرح بذكري مولد الحبيب المصطفى ، وما أحوجنا بالاقتدا بسنته والتأدُّب بآدابه قدر المستطاع، إذ هو الإنسان الكامل، والعبد الخالص والمثل الأعلى فى الخلق الحسن، وما أحسن المُتمِّم لمكارم الاخلاق. سُئلت السيدةُ عائشة رضي الله عنها عن خُلقِ رسول الله  فقالت: كان خُلُقُه القرآن، وما أحسنَ ما قاله الشيخ عبد الغني النابلسي رضي الله عنه في هذا المعنى بمناسـبـة مولده  وتخلُّقه حيث قاـــــل: فكان به  فاتحة الوجود وبقرة آل عمران شرِبتْ من ورِده المورود، وبردةالنساء امتدت به مائدة الشهود،وطافت به أنعام الأعراف ذو الأنفال، ونجا بالتوبة يونس وهود ويوسف من رعد شدائدهم الثقال، وسعِد به إبراهيم في بناء الحجر، وحصل به وحي النحل وإسراء الكمال ليلا في كهف غرة بلا حجر، وحمِلت مريمُ لأنه طهَ الأنبياءِ وحجُّ المؤمنون والنور والفرقان بالشعراء الكاملين، والنحل أمَّن بالقصص لديه، وعشعش العنكبوت في الغار عليه، وأذعنت له الروم بأنه لقمان الحكمة وسجدة الأحزاب، وسبا بمحبَّته القلوب، فهو فاطر الألباب ياسين الصافات من الملائكة،وصاد الزمر من الطائفة المباركة، وسرُّ غافر الذنب الغفور الذي فُصِلت بــه الأمور، وشــورى بين الأشراف، وزُخرُف دخانِ النفس الجاثية عنده بالأحقاف، محمد صاحب الفتح والحجرات من التجليات القرآنية، وقاف الذاريات من طور النفوس الإنسانية، نجم الأفلاك وقمر الأملاك، المُستمدُّ من نور الرحمن، الذي به واقعة الحديد ومعاريج نوح في المجادلة وحشر الممتحنة في الصف بالجمعة، مع المنافقين في تغابن المقاتلة، ومنه طلاق التحريم في الملك، ونون الحاقة الإنسانية، ومعارج نوح والجن السالفين في المقامات الإيمانية، المزمِّل والمدَّثر زين القيامة، وفخر الإنسان، وذو الأخلاق المرسلات لأهل النبأ والفرقان والنازعات من الأوصاف الكبار، بمن عبس بالتكوير والانفطار، القاطع للمطففين بانشقاق البروج والطارق، حضرة الأعلى لغاشية الفجر في المولوج ضياء الشمس ونور الليل والضحى المنزَّل عليه ألم نشرح حيث شرح الله صدره شرحاً افتخر التين والعلق بقدره بل كل البرية، وزُلزلت العاديات بقارعة التكاثر في عصر همزة النفس الأبيَّة، وولد عام الفيل فابتهجت قريش بالماعون من كوثر السلسبيل، وارتفع على الكافرين بالنصر على أبي لهب، وكمُل له الإخلاص والفلق الواضح، فهدى الناس حتى كلٌّ من ربه اقترب، صلوا وسلِّموا عليه تسليما هكذا تشرَّبت أرواح الصالحين بحبِّه نتيجة عملهم بسنَّته فنالوا قربه وزكت نفوسهم

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلهم     إن التشبُّه بالرجال فلاح

قال :أنا من نور الله والمؤمنون من رشحات نوري. اللهم زدنا في رسول الله حبا على حب وقربا على قرب اللهم امين

علي صبري