شـيء للـه يا عـم الشــيخ

بـالـحـقـائـق نـاطـقـيـن

 

شـيء للـه يا عـم الشــيخ

السادة البرهانية عمق الشريعة والحقيقـة

إذا كنت ترغب حقاً في الصفاء والنقاء الروحي فانشد كل هذا في التصوف.. وسوف تجده عند السادة البرهانية بالخرطوم.. في دارهم التي صارت قبلة لمن ينشد محبة سيدي رسول الله .. فهو الذي كما قال الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني:

وهو الذي مـن نـوره         تطفي الشموس إذا بدا

وهو الذي فـي حانـه         احيـا دوامـا سرمـدا

وهو الذي ـلولاه مـا         راح المتـيـم أو غـدا

وهو الذي في روضـه        أضحى الفـؤاد مغـردا

المصطفى المعصوم من        هو قدوة للاقـتــداء

وهو أيضاً القائل:

إمامنا المصطفى والصفح شيمتنا

عالم مدهش فريد.. متميز.. عالم لا ينام.. هو في حال صحو دائم يرشف من مدام الحبيب عليه أفضل الصلاة والتسليم.. صحو الحب المحمدي، هذا الحب الذي تعلمه مريدو الشيخ وأحبابه.. شيء لله يا عم الشيخ، هي ترنيمة ترددها شفاه السادة البرهانية الذين سينتظمون في سلك الطريقة في مشارق الأرض ومغاربها، سلام وهدى ومحبة.

سلام على قوم بنا قد تواصـلوا      فحبلي موصول وجدي قدوتي

هنيئاً لمن أمّ الحمى وبي إحتمى      هنيئاً لمن يسقى براح طريقتي

هنيئاً لمن أضحى صريعاً بحـينا      فدائي طب وقتلي اغاثـتـي

وأرضعت أبنائي هـو آل أحمد       فأورثهم طه الصفاء ورحمتي

هل الكتابة عن الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية وعن امامها فخر الدين وشيخها ووسيلتهم إلى الله تعالى الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني أمراً ميسوراً وسهلاً؟؟ فأنت حينما تكتب عنهم كأنك تحاول الدخول إلي عالم القلوب، إلى عوالم الحب التي تصير الكتابة عنها كأنها كتابة عن عاشق متيم ولهان، لذا كنت دائماً أضع القلم جانباً متأملاً ذلك الجمع الكبير الذي يحضر سنوياً من كل بقاع الأرض للاحتفال بالذكرى السنوية لمولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني، ولكني أعاود الكرة، انظر لذلك المزيج من الهيبة والجمال والجلال وأحاول سكب الإحساس العميق بالحب على الورق.

من زاوية صغيرة في الخرطوم ثلاثة انتشرت الطريقة البرهانية وعم نورها كل بقاع الأرض وصارت زوايا الطريقة في كل دول العالم ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، بلجيكا، سويسرا، الأمريكتين، وكل الدول العربية بلا استثناء، لذا لا تجد الأمر غريباً وأنت داخل إلى مقام مولانا فخر الدين إذا وجدت كل أجناس الأرض ذلك الخليط الرائع من البشرية، كل يمسك بمسبحته يقرأ في أوراده وعندما يحين موعد الحضرة ينتظم الجميع في الذكر يذكرون الله.. كل الجنسيات تقف في صفوف الحضرة.. قال لي أحد الأصدقاء إذا وقفت بالقرب من أحد الخواجات وهو في الذكر تشعر كأن الاسم >الله< خارج من أعماقه وهو في حالة انتشاء واضحة فقلت له >هو كده< كما يقول أحبابنا أبناء الطريقة البرهانية.

حكى أحد الأجانب الذين دخلوا الطريقة مبكراً وهو هندي الجنسية عن الكيفية التي دخل بها الإسلام والطريقة فقال: كنت أبحث عن الحقيقة ودائماً ما أرى الشيخ محمد عثمان عبده في رؤيا وذلك دون أن ألتقي به في صحوي أبداً، حاولت ايذاء نفسي أكثر من مرة ولكنه كان يصدني عن فعل ذلك الأمر حتى كان يوماً كنت جالساً بالقرب من أحد البرهانية فوقع من جيبه كتاب به صورة الشيخ فسألته عمن يكون هذا الرجل فأجابني ووجهني، ورحلت قاصداً الخرطوم التي استقبلني فيها الشيخ مبتسماً.. وهنالك حكاوى وقصص وكرامات تروي عن سيدي الشيخ محمد عثمان وانت تستمتع.. وأحياناً يأخذك حال أو يشيلك حال كما يقول أهل التصوف.

كما قلت أولاً أن الطريقة بدأت من مقر صغير في الخرطوم ثلاثة ولكنها كبرت وصار لها محبون ومريدون وسالكون درب الطريقة.

وكل فتى لبس المخيط على يدي        مرقعتي فيض ولست بحـائك

إلا إنما يسري المريد على يـدي       وكل فتى ينأى فـليس بسـالك

ومن قبس النور المبين بقبضتي        يضاء سبيل السير من كل حالك

تواعد أرباب الغرام على الجوى        فمن يلق في ناري فليس بهالك

وازدادت الطريقة انتشاراً في عهد مولانا الشيخ إبراهيم، وصارت تقيم احتفالات ومؤتمرات في ألمانيا وغيرها من الدول الأوربية.. وألمانيا تعد من أكبر الدول التي بها اتباع للطريقة البرهانية، ولا عجب عندما تقترب الذكرى السنوية لمولانا الشيخ محمد عثمان أن يتوافد اتباع الطريقة لحضور هذه الاحتفالات التي مقرر لها هذا العام، الثالث من ابريل 3002م، هذه الاحتفالية عبارة عن مؤتمر جامع يلتقي فيها الكل، وهي بالتأكيد مناسبة طيبة للقاء الأخوان بعد غيبة عام كامل للذين خارج الخرطوم أو خارج السودان.

وجه سؤال ذات مرة لمولانا الشيخ إبراهيم عن الكيفية التي دخلت بها الطريقة ألمانيا فأجاب عن طريق الطلاب وهذه الرواية سمعتها من شيخ أحمد الماحي البرهاني الطريقة.

والطريقة البرهانية تعلم حب المصطفى  وتعلم حب آل البيت الذين ينتسب إليهم مولانا الشيخ إبراهيم شيخ الطريقة الحالي وكذلك سيدي فخر الدين الذي على يديه وعلى علمه الغزير انتشرت الطريقة وتوطدت دعائمها على يد خليفته الشيخ إبراهيم وما زالت تنتشر.

إن الحديث عن الطريقة البرهانية يقود بشكل تلقائي للحديث عن التصوف، هذا التصوف الذي يرتكز على نص الآية الكريمة {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وعلى محبة سيدي رسول الله صلوات الله عليه ومحبة آل بيته كبيرهم وصغيرهم.

وسلاماً يا أبا الزهراء أمانا       طرقنا باب خير الشافعات

للشيخ محمد عثمان عبده البرهاني المكنى بفخر الدين العديد من المؤلفات التي طبعت بعد انتقاله في العام 1983م.

لديه رضوان الله عليه كتاب >انتصار أولياء الرحمن على أولياء الشيطان<.. وكتاب >تبرئة الذمة في نصح الأمة< وهو كتاب يجيب على كل الأسئلة المتعلقة بالتصوف ومعرفة هذا الجانب المهم من جوانب الإيمان، وقد كانت لديه حلقات درس مشهورة في زاوية الخرطوم ثلاثة يؤمها كل محبوه ومريدوه والراغبون في المعرفة الدينية والفقهية والإيمانية، وكان باب بيته مفتوحاً على مدار الساعة، لا يرد زائراً ولا محتاجاً ولا مريداً.. كان باسماً بشوشاً، في محياه مزيجاً من الهيبة والجمال والجلال، كان بشكله المميز مرتدياً العراقي والسروال الطويل والطاقية علي رأسه الزكية، هاشاً باشاً، أو كما قال رضي الله عنه:

عبيد والملوك عبيدهم

وكذا الحال مع مولانا الشيخ إبراهيم، ألم يقل عنه الشيخ محمد عثمان

لكـن إبراهيم حـقاً وارثاً        أوليس هذا سيد من أسود

وفي كتاب قصائده الموسوم بشراب الوصل الذي كان يسمى فيما قبل بطائن الأسرار، توجد العديد من القصائد الرائعة والجميلة المليئة بالعشق المحمدي وبالتوحيد وبالاسرار وبتوجيه أبنائه.

ألم يقل >إن ميت القلب لا تشجيه أوتاري<.

وعندما تدخل ساحة المقام تنسى الدنيا وما فيها من هموم تتجه بكل حواسك وقلبك للذكر، عالم من الترف الروحي لا يبلغه إلا من أتى الله بقلب سليم ونية صادقة وعقيدة صحيحة وهمة عالية.. شيء لله يا عم الشيخ.

أتراني مسكون بحبهم؟ أجل، لقد حاولت قدر المستطاع تقديم صورة قلمية عن عالم كبير لم ولن استطيع الاحاطة بكل جوانب علمه وقدره.. وإن أقدم رسم مصغر للطريقة البرهانية وهي ترفل في ثوب عزها استعداداً لمؤتمرها الكبير الذي سيعقد في مطلع أبريل القادم تتقدمهم تلك الزفة الكبرى السنوية.. ولنا عودة إن شاء الله.

حلمي بدوي
صحيفة الصحافة (العدد
3541)
الخميس 6/مارس
2003

 

بـالـحـقـائـق نـاطـقـيـن

مولد النور والسرور تجلى

فى هذه الايام يعيش كل محبي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفحات الحب والشوق اليه فرحين بالمولد النبوى الشريف فى ظلِّ هذه الايام المباركات نُبحر فى مبحث التبرك حتى نسدَّ تلكم الثغرات التى خلفتها المفاهيم المغلوطة التى يستند إليها بعض الناس فى انكارهم التبرك بالنبى وآل بيته والاحتفال بمولدِه الشريف وفى هذه السانحة سنحاول لفت الانتباه لبعض الأحاديث وتبيان بعض المواقف ذات الدلالة الواضحة لجواز التبرك بذاته الشريفة حبَّا له.

نجد أن الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى قد بيَّن لنا فى كتابه الجليل (الانتصار)  بأنَّ كل ما حدث فى ليلة الإسراء والمعراج كان كبير الدلالةعلى جواز التبرُّك بآثار الصالحين قال تعالى {سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجدالحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} فيكفى شهادة المولى جلَّ وعلا بالبركة التى حلَّت بالمسجد الأقصى بإسراء سيدنا رسول الله  إليه. هذا فى الفهم البسيط للآية، لذا نجد أنَّ مجريات الأحداث فى ليلة الاسراء من نزول سيِّدالمرسلين على طور سيناء الذى كلَّم الله تعالى عليه سيدنا موسى عليه السلام، ونزوله صلى الله عليه وسلم  فى المكان الذى ولد فيه سيدنا عيسى عليه السلام، وما حصل فى المعراج من انتظار المرسلين لحضرته صلى الله عليه وسلم، وما دار بينهم من كلام.وهنا نستشهد بحديث ورد فى كتاب الانتصار من عدة أحاديث ذات دلالة واضحة وقيمة عالية كان النبى  يقول: (زاهرٌ باديتنا ونحن حاضرته) وكان صلى الله عليه وسلم يُحبُّه فمشى صلى الله عليه وسلم يوما الى السوق فوجده قائما فجاء من قبل ظهره وضمه بيده الى صدره فأحس زاهر بأنه رسول الله  . قال: فجعلت امسح ظهرى فى صدره رجاء بركته وفى رواية الترمذى فى الشمائل (فاحتضنه من خلفه ولا يبصره) فاذا كان التبرك بذاته الشريفة غيرجائز فلماذا لم يمنعه سيدنا رسول الله من ذلك وهو من احب الناس اليه كما ورد ذلك فى الحديث ؟! ونجد الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين كانوا يتبركون بشعره وماء وضوئه بل ودمه ولم يكتفوا بهذا وتبركوا بقبره وبآل بيته فاذا كان هذا هو حال الصحابة الاخيار فمن الاجدى لنا ان نغتدى بهم فى حبهم وتبركهم بسيدنا الرسول وهو الذى قال عنهم (اصحابى كالنجوم بايهم اغتديتم اهتديتم) والتبرك امر سائد عند الصحابة بالفطرة اسوة بسيدنا رسول الله من تقبيله الحجر الاسعد لانه ينسب الى جهة المعبودوقس على ذلك قبره الشريف صلى الله عليه وسلم وهذه قصة سيدنا بلال خير دلالة على مانقول(اخرج الامام العسقلانى فى مناقب سيدنا بلال انه سافر سيدنا بلال الى الشام اتاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرؤية وقال له اوحشتنا يا بلال فقام الى دابته وحاول سيدنا معاوية ان ولم يستطع حتى وصل الى المدينه ونزل الى القبر الشريف يقبله ويمرر خديه بترابه ويقول اوحشتنى يا رسول الله  فهذا الموقف يمثل صورة من صور التبرك التى تعكس ا لمعنى الحقيقى للحب والشوق لسيدنا رسول الله تماما مثلما قال الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى:

الى رسول الله شدو رحالنا                نهفو اليه وفى الصدور حنين

فهيا اخوتى فلننعم معا بالذكرى السنوية للمولد النبوى الشريف والتى نحيا بها على الدوام رافعين قول الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى:

مولد النور والسرور تجلى             كاشف الغم نتخذه وكيلا

 شعار حب وشوق لسيدنا رسول الله تبركا به.

هادية محمد الشلالي