شـراب الـوصـل
يموت شهيدا من أحب محمدا
وآلاً وأصحاباً فيا سعد ميِّت
يشير الشيخ رضي الله تعالى عنه إلى الحديث الشريف الوارد في حقِّ محب
رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وآل بيته: من مات على حبِّ آلِ
محمد مات شهيدا، ومن مات على حبِّ آلِ محمد جعل الله زوَّارَ قبره
الملائكة والرحمة، ومن مات على بغض آلِ محمد جاء يوم القيامة
مكتوبا بين عينيه أيس اليوم من رحمة الله، ومن مات على بغض آل
محمد لم يَرَحْ رائحة الجنة، ومن مات على بغض آل بيتي فلا نصيب له
في شفاعتي قال الإمام القرطبي رضي الله عنه في الأحكام بعد أن روى
الحديث وقد ذكره الزمخشري في تفسيره بأطول من هذا فقال: من مات على
حبِّ آلِ محمد مات شهيدا، ألا ومن مات على حبِّ آلِ محمد مات
مؤمناً مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حبّ آلِ محمد بشَّره ملك
الموت بالجنَّة، ثمَّ منكر ونكير، ألا ومن مات على حبِّ آلِ محمد
فتح له في قبره بابان إلى الجنَّة، ألا ومن مات في حبِّ آل محمد
مات على السنَّة والجماعة..الكشَّاف للزمخشري. وجاء في تفسير قوله
تعالى { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودَّة في القربى} الشورى32
قال ابن عباس رضي الله عنه إلا أن تودُّوا قرابتي
وقال الفرزدق رحمه الله يمدح سيدنا علي زين العابدين رضي الله عنه:
من معشرٍ حـبُّهم ديـن وبغضهمُ
كفــرٌ وقربـهمُ منجـى ومعتـصم
إن عـدَّ أهـل التقى كانوا أئمتهم
أو قيل: من خير أهل الأرض ؟ قيل همُ
قال العارف بالله سيدي الجيوشي رضي عنه:
متى يا كرام الحيِّ عيني تراكم
وأسمــع من تلك الديار نداكم
متى تجمعُ الدنيا التي فرَّقت بنا
ويَحْظى بكم قلبي وعيني تراكمُ
وإن حكمَ الرحمنُ بيني وبينكُم
أمـوتُ شهـيداً والسَّلامُ عليكُمُ
ثمَّ قال رضي الله عنه وأصحابا حتى لا يعتقد أنه على مذهب الغلاة من
الشيعة الذين يجاهرون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلَّم بالعداء
بسبب مسألة الإمامة. ومذهب الشيخ رضي الله عنه هو المذهب الأوسط
بين مذهب أدعياء السلفية الذين يجاهرون ببغض آل البيت ويطعنون في
كلِّ الأحاديث التي تدعو إلى محبَّتهم، وبين مذهب الغلاة من
الشيعة، وهذا هو أصحُّ المذاهب
ثمَّ قال رضي الله عنه: فيا سعد ميِّت يشير إلى ما ذكره المولى عزَّ
وجلَّ من حال الشهداء وما هم فيه من الإكرام.فقد وصفهم المولى عزَّ
وجلَّ بأنهم أحياء واختلف في معنى حياتهم فقيل: تردُّ إليهم
الأرواح في قبورهم فينعَّمون. وقيل: أرواحهم في جوف طير خضر وأنهم
يرزقون في الجنَّة ويأكلون ويتنعَّمون.وقيل: أرواحهم تركع وتسجد
تحت العرش إلى يوم القيامة. وقال الإمام السبكي رضي الله عنه حياة
الأنبياء والشهداء كحياتهم في الدنيا وقيل: أكلُهم وشربُهم في
البرزخ لا عن احتياجٍ ولكن لمجرَّد الإكرام.
د. عبدالله محمد احمد
|