الشيخ الزاكي الفكي أحمد البشير (رضي الله عنه)
 شيخ الطريقة الكباشية القادرية بالحصايا - الدامر

مدينة الرسولصلى الله عليه وسلم

اتخاذ الأسباب لا ينافى التفويض لله تعالى

 

الشيخ الزاكي الفكي أحمد البشير (رضي الله عنه)    
 شيخ الطريقة الكباشية القادرية بالحصايا - الدامر
   

مما لا شك فيه أن لكل شيخ من المشايخ بركات ونفحات وكرامات وهم أولياء الله لله درهم اختصهم الله بأشياء لم يختص بها غيرهم ومن عليهم لأنهم أخلصوا التوجه لله تعالى مقتفين فى توجههم أثر الحبيب المصطفى أشرف الخلق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

و نحن إذ نسوق فى هذا الحوار عن شيخٍ جليل أفنى عمره فى خدمة الدين وهو الشيخ العارف بالله الشيخ الزاكى الفكى أحمد البشير (رضى الله عنه).

ميلاده رضى الله عنه

 ولد بمنطقة الحصاحيصا وسط مقر (أخواله) الذى يسمى بحى الببناتره فى عام 9291 م وعند وضوعه ظهرت إشارات ولاحت بشائر تدل على صلاحه وفلاحه. وقد كان والده الفكى أحمد البشير يريد أن يسميه إسماً غير إسمه الحالى ولكن ظهر شخص لم يعرف من أين أتى قال لهم أن هذا المولود أسمه (الزاكى) أسوةً بالعارف بالله الشيخ الزاكى أبو شمله ساكن (النِجفه) بكسر النون منطقة أبو دليق.

تحركاته رضى الله عنه

 كان يذهب من حين لآخر الى مسجد الفكى أحمد ود قرشى ليتلقى بعض العلوم الشرعيه وكان ديدنه حب العلو وأهله وحب أهل الصلاح، وعندما جاء العارف بالله الشيخ الرفاعى أبن الشيخ عبد المحمود شيخ الطريقه الكاباشيه القادريه زائراً هذه المنطقه (الحصايا) تعلق به الشيخ وسلك منه طريق السير لله وجد فيه وأجتهد وصبر صبراً شديداً وعمل بأوراد الطريقه ليل نهار وبعدها ذهب مع خاله الأمين صالح عبد الله بانتر الى منطقة الحضريه شرق مدينة الزيداب.

عمله بالزراعة رضى الله عنه

 قد أخبرنى بعض الذين كانوا يعملون معه بالزراعه إنه كانت تبدو منه أشياء تدل على صلاحه وقد كان أهل المنطقه التى يعمل بها يثنون عليه خيرا ويقصدونه فى قضاء حوائجهم، بعدها عاد رضى الله عنه لمسيد والده بالحصايا جنوب وإلتف حوله المريدون وزوى العاهات وقد أقام الصلوات وأوقد نار القرآن وبدأ يدرس الفقه ويرشد المريدين الى أن جاءه خطاب من الخليفه الأول الشيخ عبد المحمود إبن الشيخ الزاكى أبو شمله وهو أبو كفه رضى الله عنه بأن يحضر اليه بمنطقة الزاكياب ومعه جمعاً من المريدين والأحباب من بينهم الشيخ الجيلى بخيت رحمه الله، والمقدم بلال أحمد المك وذهب الشيخ ومن معه الى الخليفه وقد أخبره الخليفه بأنه يريد منه الذهاب معه الى مسيد العارف بالله إبراهيم الكباشى (الخرطوم بحرى) وذهبوا ومعهم الشيخ الرفعاى الشيخ عبد المحمود والخليفه محمد الأمين وجمع غفير من المريدين وقابلوا الخليفه الرابع الشيخ إبراهيم الكباشى وأخبره الخليفه بأنه سوف يتم تشييخه وتقديم المقدم بلال وذلك فى عام 1953م.

إحتفالات الشيخ رضى الله عنه

 كان يحتفل بليلة الإسراء والمعراج وكذلك يحتفل بميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان لديه خيمتان بكل من مدينتى عطبره والدامر فى ساحتى المولد وكان يحتفل بذكرى العارف بالله الشيخ عبد المحمود الشيخ الزاكى أبو شمله وظل على هذا اليدن الى أن جاءه شيخه العارف بألله الشيخ الرفعاى وأمره بالإنتقال الى مكان مسجده الحالى حيث بدأ فى التأسيس من جديد وقام ببناء المسجد والزاويه وخلاوى القرآن فى عام 1970م وقد حج وإعتمر عدة مرات.

سماته رضى الله عنه

كان متواضعاً، بشوشاً، حليماً، كريماً، يجلس على الأرض مع الصغير والكبير يكرم كل أحد يأتى اليه فى كل وقت وفى كل حين يزور المرضى، شهماً وصفوحاً.

من كراماته رضى الله عنه

فى يوم من الأيام جاء اليه محمد الأمين الشيخ الحاج عبد الغنى (من مريديه) لزيارته وهو داخل خلوته فطرقوا الباب فأذا بالشيخ من داخل الخلوه يقول تفضل يا محمد الأمين والحاج.

أحد مريديه كان يسكن فى منطقة أبو سليم وكان يعمل مزارعاً وعندما أراد العوده الى منزله بعد مغيب الشمس إعترض طريقه شيطان فتكرر هذا الحادث عدة مرات. وفى ذات مره استغاث المريد بالشيخ فسمع صوت الشيخ ينهر الشيطان ويقول دعه يمر والشيخ مقيم بمسيده فى الحصايا.

إنتقاله رضى الله عنه

 أنتقل الشيخ الزاكى رضى الله عنه فى يوم الجمعه 20 ربيع الأول 1423 هجريه. وقبل إنتقاله بخمس سنوات تقريباً مر ومعه نفر من الأحباب بالمنطقه التى قبر بها وأشار اليها وأبتسم فى الحال عندما جاءوا آيبيين دق على هذه المنطقه التى قبر عليها (وتد) وابتسم. وقد أخبرنا إبنه الشيخ عبد القادر بأنه قد جاءت الإشاره من كبار الأولياء بأن يدفن الشيخ فى هذا المكان الذى أشار اليه وحدده بنفسه وهذه فى حد ذاتها كرامه من كرامات الشيخ التى لا حصر لها وأنه على حد قولهم وجود الشيخ داخل المسيد فيه ربط روحى للمريدين والأحباب وكان والده الشيخ عبد المحمود يقول أن لكل ولى من أولياء الله مرشد من الصحابه وأنا قد أرشدتنى السيده عائشه رضى الله عنها.وأخيراً قال الشيخ عبد القادر الذى أفادنا بكل هذه المعلومات الثره عن والده الجليل: قال: أشكر الأخوليد عوض الخضر وأخص بالشكر صحيفة رايات العز المعطاءه وهى ذخر للطرق الصوفية قاطبة وللعامة من الناس والشكر أجزله لقائد ركب الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية الشيخ محمد الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني.

وليد عوض الخضر - الدامر

 

مدينة الرسولصلى الله عليه وسلم

كانت البشائر بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تترى وكان اليهـود بيثرب يقولون لأهلها من العرب إن نبياً مبعوثا قد أطلَّ زمانـه فسنقتلكم معه قتل عادٍ وإرم وقال واسبشـرت الأوس والخزرج بهذا وقالت الخزرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قد تركنا قومنا ولا قوم، بيننا من العداوة والشرِّ ما بينهم فعسى الله أن يجمعهم بك وأن يجمعهم عليك فلا رجلٌ أعزّ منك.

وكانت يثرب دار مهاجرِه وبيتَ نصـرته وكـان رسولُ الله يقول(إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن) فَسَّر الشيخ الأكبر الشيخ محي الدين بن العربي قدَّس الله سرَّه كلامه فقال: كان يرى أن النُّصرة تأتيه من جهة قبائل اليمن وهم الأنصار من الأوس والخزرج فهم قبائل يمنية.

وبشِّر صلى الله عليه وسلَّ بالهجرة للمدينة ورُفعت المدينة المنوَّرة لرسول الله(ص) قبل الهجرة فظنَّ أول الأمر أنها (هجر) لكثرة النخيل بها.

والمدينة المنوَّرة على ساكنهـا أفضـل الصلاة والسلام بلدة طيبةٌ مباركة كثيرة الخيرات عذبة المياه وافرة النخيل والثمار أهلها وسكانها يؤون الغرباء ويحبون من هاجر إليهم.قال سيِّدي لسان الدين بن الخطيب رضي الله عنه:

الله أكــــبر حبّــَـذا إكبـارُه       لاح الهـدى وبـدت لـنا أنـوارُه

لاحت معـالمُ يثـربٍ وربوعـُـها       مثـوى الرسـولِ وداره وقــرارُه

هــذا النخيــلُ وطيـبةٌ ومحمدٌ        خيرُ الـورى طــرَّاً وها أنا جارُه

هـذا المُصـلَّى والبقيـعُ وهاهـنا        ربــعُ الحبـيب وهــذه آثــارُه

هـذي منـازلـُه المقـدَّسـةُ التي       جبريــلُ رُدِّدَ بينـها تكــــرارُه

هذي مواطيء خير من وطءَ الثرى        وعلا على السـبع العلا استـقرارُه

هذي مواضعُ مهبطِ الوحــيِ الذي        تشفي القلوبَ من العمى أســرارُه

وقال سيدي الشيخ فخر الدين:

إني رأيتُ وقلتُ يا قومي أرى        وليَ الفخارُ ومكَّـتي أم القرى

ومدينـتي أمُّ المـدائنِ كلــِّها       ومليكـــها جدي أمانٌ للورى

وبقيعُ أصحابِ الهدايةِ مسكـني       وليَ الجوارُ وأنَّ قدريَ لا يُرى

أحمد البدوي

شواهد المشاهد
اتخاذ الأسباب لا ينافى التفويض لله تعالى

على المرء أن يسعى إلى جهده وليس عليه أن تتم المطالب

التفويض لله والرضا بالمقدور واتخاذ الأسباب المشروعة مع التفويض لله فى النتائج.

أما عن التفويض لله فهو من علامات تقوى المؤمن وإذا بلغ المؤمن مقام اليقين بالله أيقن أن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه، وقد علمنا القرآن الكريم فيما علمنا وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون .

لذلك وجب التفويض للعليم الخبير الذى يضع الأمور مواضعها لعلمه بما كان وما يكون، والغائب عنا بالحجاب ظاهر له سبحانه وتعالى، إذ لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء. وقد يجيبنا الله إلى ما نسعى له، وقد يفوّته علينا ويأتينا بغيره، ويجب على المؤمن الرضا فى الحالتين مع الصبر على ما فات فى الحالة الثانية.أما الرضا بالمقدور فهو عند الصوفية من مقامات اليقين، حتى أنهم قالوا:

إذا خيّرك الله فى شئ فإياك أن تختار، وفِر من اختيارك إلى اختياره فإنك جاهل بالعواقب، والصبر على ما فات من علامات الرضا بالمقدور، كما قالوا: الرضا بالمقدور نعم الوسيلة إلى درجات المعرفة. ويروى أن السادة الصوفية فى هذا المجال أن سيدنا داود عليه السلام نصح ابنه سيدنا سليمان عليه السلام فقال له: يا بنى إنما يستدل على تقوى الرجل بثلاث: حسن التوكل فيما لم ينل، وحسن الرضا فيما قد نال، وحسن الصبر فيما قد فات .

أما الأسباب عند السادة الصوفية فيرون اتخاذها ولا يرونها متنافية مع التفويض، ومن أقوالهم فى التكسب والتوكل: الكسب سنة الرسول صلى الله عليه وسلَّم وهو عبادة، والتوكل حال الرسول صلى الله عليه وسلَّم وهو عبودية، فهما يتلازمان ولا يتنافيان وقد قال؟ للأعرابى: حين سأله أيعقل ناقته أو يتركها ويتوكل على الله؟ (اعقلها وتوكل) . وغاية الأمر عندهم أنهم يوجِّهون المؤمن إلى الاعتماد على الله تعالى فى الرزق، فلا يرون الأسباب إلا وسيلة من وسائل عطائه سبحانه، وليس هى الرازقة، والسلاح يُعدُّ لقتال الأعداء بأمر الله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ولا يتنافى ذلك مع اعتقاد أن النصر من عند الله.وقد وقع فى ذلك المقام حوار طريف بين الإمام الجنيد وتلاميذه حين قالوا له:أين نطلب الرزق؟ فقال: إن علمتم موضعه فاطلبوه، قالوا: نسأل الله فيعطينا، قال: إن علمتم أنه ينساكم فذكّروه. قالوا: ندخل البيت ونتوكل على الله، قال: التجربة مع الله شك خطر، قالوا: ما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة.وهو لا يقصد بترك الحيلة ترك الأسباب إنما يقصد به ترك آلام التفكير الطويل الذى ينتاب أكثر الناس قلقاً على أرزاقهم كما قالوا:كن كما كنت فى بطن أمك مُدَبَراً غير مُدَبِر، مرزوقاً من حيث لا تحتسب، أى أنه كيف لا يتكرر خاطرك من هَمْ الرزق، وقد رزقك وأنت جنين فى بطن أمك دون عناء فى تفكير أو تدبير، فكيف يتخلى عنك ولا رزاق سواه وقد ضمن الرزق لعباده لئلا يشغلهم الرزق عن الرازق.وينهى السادة الصوفية عن العجز والبطالة، لأنهم يتمسكون بآداب الشرع الشريف، وقد قال سيدنا رسول الله ص: (اليد العليا خير من اليد السفلى) ، وابدأ بمن تعول تحقيقاً لقول الحق تعالى فى كتابه العزيز: {علم أن سيكون منكم مرضى، وآخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون فى سبيل الله}، فاقرءوا ما تيسر منه والقول الفصل فى موقف السادة الصوفية من الأسباب والتوكل ما يقولـه بـن عطاء اللـه: أنـه لابـد لـك من الأسبـاب وجوداً ولابد لك من الغيبة عنها شهودا، فأثبتها من حيث أثبتها بحكمته ولا تستند إليها لعملك بأحديته.

ويقول أحد العارفين:

كفـل الله للـبـريـد رزقـا        وتـولاهـم ثـم أسبـغ سترا

حينما الدود أسكن الصخر بيتا        أنبت الله فى الصخور الزهرا

تصبح الطير فى الهواء جياعا        يشبـع الله بعـد ذاك الطـيرا

عصام مقبول