قصص
يروى أن
الحارث بن عوف
المرِّي قال
يوماً لخارجة
بن سنان: أتراني
أخطب إلى أحدٍ
فيردُّني؟
قال: نعم، قال: ومن
ذاك؟ قال: أوس
بن حارثة بن
لأم الطائي،
قال الحارث
لغلامه: ارحل
بنا، ففعل،
فركبا حتى
أتيا أوساً
وكان في نادي
قومه، فلما
رأى الحارث
قال: مرحباً
يا حارث، ما
جاء بك؟ قال: جئتك
خاطبا. قال: لستَ
هناك، (أي
لستَ كفؤاً) فغضب
الحارث
وانصرف ولم
يكلِّمه،
ودخل أوس على
امرأته
مغضباً ـ
وكانت من بني
عبس ـ فقالت
له: من الرجل
الذي وقف عليك
ولم يُطِل ولم
تكلِّمه، قال:
ذاك سيِّد
العرب الحارث
بن عوف
المرِّي، قالت:
فمالك لم
تُكرمه؟ قال: إنَّه
استحمق، قالت:
وكيف؟ قال: جاءني
خاطبا. قال: ألا تريد أن تزوِّج بناتك؟ قال: بلى،
قال: فإنْ لم تزوِّج سيِّد العرب، فمن؟ قال: قد كان ذلك، قالت: فتدارك ما كان منك،
قال: وكيف؟ قالت: تلحقه فتردُّه، قال: فكيف يكون ذلك وقد فرط مني ما فرط إليه؟ قالت
له: قل له إنك ابتدرتني بأمرٍ لم تُقدِّم فيه، فلم يكن عندي من الجواب إلا ما سمعت،
فارجع معي وستلقى ما تُحِب، فإنه سيقبل فإن الشريف يقبل العذر،، قال خارجة بن سنان
صاحب الحارث: فحانت مني التفاتةٌ فرأيته، فقلت للحارث وكان شديد الغم: هذا أوس بن
حارثة في أثرنا، قال: وما نصنعُ به؟ امض، فلما رآنا لا نقف صاح: يا حارثُ أربعْ
عليَّ ساعة، فوقفنا عليه فكلَّمنا بذلك الكلام، فرجع الحارث معه مسرورا، فلما وصلوا
الحي أكرمه ثُمَّ دخلَ على امرأته فقال لها: ادعي لي فلانة ـ كبرى بناته ـ فأتته
فقال لها: هذا الحارثُ بن عوفٍ سيِّدٌ من سادات العرب، وقد أردتُ أن أزوِّجك منه
فما تقولين؟.
قالت: لا تفعل،
قال: ولمه؟
قالت: إنَّ في
وجهي ردة (قبحٌ
مع جمال) وفي
خُلُقي بعض
العُهدة (الضعف)
ولستُ بابنة
عمِّه فيرعى
رحمي وليس
بجارك في البلاد
فيستحيي منك.،
ولا آمن أن
يرى مني ما
يكره
فيطلِّقني
فيلحقني
العار، قال: قومي،
بارك الله
فيك،وادعي لي
فلانة ـ ابنته
الوسطى ـ فقال
لها مثل مقالة
أختها، فقالت
له: إني خرقاء (لا
أُحسِنُ
صنعةً) ولستُ
بابنة عمِّه
فيرعى رحمي،
وليس بجارك في
البلد فيستحي
منك،ولا آمن
أن يرى مني ما
يكره
فيطلِّقني
فيلحقني
العار، فقال: قومي،
بارك الله
فيك، ادعي لي
بُهيسة ـ
ابنته الصغرى،
فأتت فقال لها
مثل مقالة
أختيها،
فقالت له:� ولكني والله أنا الجميلة وجها، الصنَّاع يدا،
الحسنة خلقا، الحسيبة أبا، فإن طلَّقني فلا أخلف الله عليه بخير.
فدعا لها
وخرج وقال: قد
زوَّجتك يا
حارث بُهيسة
بنت أوس، قال: قبلت.ثمَّ
أمرَ أمَّها أن تُهيِّئها وتصلح من شأنها.
ثمَّ ضُربت
لهما قبةٌ في
وسط الحي،
ثمَّ دخل
عليها ولبث
قليلا وخرج،
فسأله صاحبُه
خارجة بن سنان:
أبنيتَ
بأهلك؟ لا
والله فإني
لما دنوتُ
منها قالت: أعندَ
أبي وإخوتي؟
هذا والله لا
يكون، ثم ارتحل
بها الحارث
فلما نصفوا
الطريق ضرب
قبَّته ودخل
عليها، فما
لبِثَ أن خرج،
فسأله صاحبه:� أبنيتَ بأهلك قال له: واللــه إني لما
دنوتُ منها قالت: أكما يُفعلُ بالأمة الجليبة والسبيَة الأخيذة لا والله حتى تصل
الحي وتنحر الجزور وتولِــم الولائم وتدعو العرب وتعمل ما يليـق بمثلي، قلتُ له:
والله إني لأرى همَّةً وعقلا، وأرجو أن تكون امرأةً منجبةً إن شاء الله.
قال خارجة بن سنان: فرحلنا حتى قدِمنا الحيَّ وذبح، وأولم ودعا العرب
ثم دخل عليها فما لبث أن خرج، فقلـتُ له: أبنيتَ بأهلك؟ قال: لا، فإني دخلتُ عليها
فقالت: لقد ذكرتَ لي من الشرف ما لا أراهُ فيك، فقلت: وكيف؟ قالت: أتفرغ للنساء
والعربُ يقتل بعضها بعضا ـ تعني حربَ عبسٍ وذبيان قلت: فما تريدين؟ قالت: اخرج
فأصلح بين هؤلاء القوم ثمَّ ارجع إلى أهلك فلن يفوتك شيء، قال خارجة: والله إني
لأرى رأياً وهمَّةً وعقلا.
قال: فخرجنا فاحتملنا ألف ناقةٍ حمراء ومشينا بين القوم بالصلح وحملنا
الديَّات حتى اصطلحوا ورجعنا بأجمل الذكر.
ولو كان
النساءُ
كمثلِ هذي
لفضِّلت
النساء على
الرجال
نفحات وعبر
القضاء
العادل
فقد أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب- كرم الله وجهه- درعاً له.
وأثناء سيره تعرف عليها مع يهودى فتخاصما، فاحتكما إلى شريح بن الحارث
الكندى القاضى.
قال القاضى
للإمام علىّ- كرم
الله وجهه-: ما
تقول؟
قال الإمام: هذا
الدرع درعى. لم أبع، ولم
أهب.
فقال
القاضى
لليهودى: ما
تقول؟
قال اليهودى: هذه درعى وفى يدى.
قال القاضى: يا
أمير
المؤمنين: هل
من بيّنة على
ما تدّعيه؟
قال: نعم. ابنى الحسن وقُنبر
يشهدان أن الدرع درعى (الشهادة الصحيحة في الإسلام: شهادة رجلين راشدين عاقلين أو
رجل وامرأتين).
قال القاضى: يا أمير المؤمنين: شهادة الابن لا تجوز للأب.
قال أمير
المؤمنين: سبحان
الله- رجل من
أهل الجنة لا
تجوز شهادته؟
لقد سمعت
رسول الله
يقول:
(الحسن
والحسين سيدا شباب أهل الجنة).
فحكم شريح بالدرع لليهودى بعد أن أصر على رأيه في شهادة الحسن.
فقال
اليهودى: أمير
المؤمنين
يقدمنى إلى
قاضيه،
وقاضيه يقضى
لى عليه؟! أشهد
أن هذا الدين
حق
وأشهد أن لا
إله إلا الله
وأن محمد عبده
ورسوله. وأشهد
أن الدرع درعك
يا أمير
المؤمنين
سقطت من متاعك
ليلاً أثناء
سيرك. وحسن إسلام اليهودى وقاتل مع الإمام علىّ يوم
النهروان، واستُشهد في المعركة.
ذكاء
الخليل بن
أحمد
روى المبرد في الكامل ورواه غيره عن الخليل بن أحمد أنه كان في
سفـر ومر بالبادية وقد أظلم الليل فرأى صومعة لراهب فدق عليه وطلب استضافته
فقال له الراهب: ومن أنت؟ قال الخليل بن أحمد.
فعرفه وقال له: أأنت الذي يقولون عنك إنك واحد زمانك في علمك بالعربية؟
قال: كذلك يقولون ولست كذلك.
قال الراهب: إن أجبتني عن ثلاثة أسئلة إجابات شافية فتحت لك
وأكرمتك.
قال: سل ما
بدا لك. قال: أليس
يحكم على
الغائب، بالشاهد
الحاضر؟ قال: بلى.
قال: فإنك
تزعم أن الله
تعالى ليس
جسما محيزا
ولا شيء مثله. فبأي
شيء أثبته؟
و تزعم أن
أهل الجنة
يأكلون
ويشربون ومع
ذلك فليس
للأكل فضلات،
وأنت ترى أن
كل آكل شارب
له فضلات؟
و تقول إن
نعيم الجنة
يبتدئ ولا
ينتهي، وأنت ترى
أن كل ما له أول
لابد أن يكون
له نهاية؟
قال الخليل: أمّا
عن الله
تعالى
فقد استدل
عليه بالشاهد
الحاضر من
أعماله
ومخلوقاته،� وفي الشاهد مثل ذلك فالروح يحس بها الإنسان تحت
كل شعرة له ولا ندري ما هو جوهر الروح ولا أين هي، فإذا خرجت عن الإنسان ومات لم
يحس بشيء !.
وأما عن الأكل فـالجنين في بطن أمه يتغذى وليس له فضلات ! وأما
الجنة فكالحساب يبدأ بواحد وليس له نهاية ! ففتح له واستقبله وأكرمه.
أمثال
وحكم
قال رجلٌ
حكيمٌ لولده:
ومتى ما
جمعك الزمان
بقومٍ
يذمُّون ما
تُحسنه من
العلم حسداً
لك ويمدحون
علما غيره فلا
تركن إلى
العلم الذي
يمدحونه
وتترك علمك
فتكون مثل
الغراب الذي
رأى مشي
الحَجلة
فأعجبته فأراد
أن يقلِّدها
فلم يُحسن
مِشيتها
وأراد أن يرجع
إلى مشيته
القديمة فلم
يستطع فصار من
أقبح الطير
مشياً فقيل
فيه:
إنَّ
الغُرابَ
وكان يمشي
مِشية
فيما مضى من
سالفِ
الأجيالِ
حسدَ
القَطا
وأرادَ
يَمشي
مَشْيها����� فأصابـَه
ضَربٌ
من العُقـَّالِ
فأضلَّ
مِشيته
وأخطأَ
مَشيهـا
فلــذاكَ
سـَمَّوه
أبا
مِرقـالِ
*********
من أمثال
العرب
تقولُ العربُ (لقيتُ منه ما لقيت ذاتُ الصفا من حليفها) وأصل المثل
أنَّ أخوين سكنا بجانب جبلٍ وكان فيه حية فتعرّض لها أحدهما
فلدغته
فمات،
فجاء أخوه
يأخذ بثأره،
فقالت له
الحية: عاهدني
على أن
تُسالِمَنـي
وأدفع إليك
كلَّ يومٍ
دينارين،
فرضـي
فحالفها
وبرَّت
بوعدها
وصارت تدفـع
إلـيه كلَّ
يومٍ
دينـارين
حتى كثر ماله،
فلما
استغنـى
ذكر أخـاه
فنكـث
العهد
وأحدَّ
فاسـاً وكمن
للحـية
فضربها على
رأسها ولم
يقـتلها
ونجت منه،
ثمَّ ندم
علـى ما
كان منه وطلب
منها مراجعة
العهـد
فقالت: كيف
تصالحني وهذا
قبرُ أخيك
وكيف أصالحُك
وهذا أثرُ
فأسك !؟
*********
رأى ابنُ أبي رَمثةَ الطبيب خاتم النبوَّة بين كتفي رسولِ الله صلى
الله عليه وسلم فظنَّه ألماً فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دعني أعالجه فإني
رفيق الصنعة، قال صلى الله عليه وسلم: أنتَ طبيب والرفيق الله.
*********
قال قتيبة
بن مسلم: لا
تطلب حاجتك
إلى الكذَّاب
فإنه
يقرِّبها وهي
بعيـدة
ويبعـِّدها
وهـي قـريبة،
ولا تطلبها
إلى الأحمـق
فإنه يريـد
أن ينفعك
فيضرَّك. ولا تطلبها مـن رجـلٍ له
عنـد قومٍ حاجة فإنَّه يجعلُ حاجته وقايةٍ لحاجتك.
*********
قيل لابن عبــَّاسٍ رضي الله عنهـما: ما منـع عليَّاً كرَّم
الله وجهه أن يُرسـلك في الحكـومة بدلا من أبي موسـى الأشعري؟ قال:
والله لو أرسلني لاعترضتُ على أنفاسِ معاوية مُبرماً ما نقض، ناقضاً ما
أبرم، ولكن مضى قدرٌ وبقي أسـَفٌ والآخرة خيرٌ لأمير المؤمنين.
*********
�أرسل قيصر ملكُ الروم إلى كسرى ملك الفرس عُقاباً
كاسرة ليصيد بها، فبينما هي تحلِّق في القصر ذات يومٍ انقضَّت على ولد صغير لكسرى
فذهبت به.
فقال كسرى: صادنا قيصرُ فـي دارنا، وكتم الأمـر ومكث
زمـاناً ثم بَعثَ إلى قيصـر بنمرٍ لِيصيدَ به فبينما كان النمر في بعضِ
ساحاتِ القصر خلا بولد صغير لقيصر فانقضَّ عليه فأكله فقال قيصر: صادنا كسرى في
دارنا فإن كنا قد صدناه فلا بأس واحدة بواحدة.
عذب الحديث
نسب المحبة أقرب الأنســاب
خالٍ عن الأغراض والأسبـابِ
ومتى تدنست المحبة بالسِّـوى
حجبتك عنك كسائر الحُجــابِ
يا أيها العدم الذي هو ظاهــر
بوجود غيب غائب فـي الغابِ
خلص محبتك
التي هي فيك
من
دعوى الوجود تفز بفتح البـابِ
لاتدَّعي
ما لم يكن لك
تفتضـح
يوم اللقا في حضرة الأحبـابِ
هيهات أين محبـة القـوم الألى
شربوا
الكؤوس وخمرة
الأكوابِ
وتعلقوا بالغيب لا بـتـقـلـق
منهم به فلهـم أعـز جـنـابِ
إن المحبة إن صَفَت فحقيـقـة
مكنونة فـيـهـا ألـذ شـرابِ
وبها
النفوس هي
القلوب
تقلَّبت
من صحوها للمحـو كالدولابِ
سلمان من آل النبي بها كـمـا
>سلمان
منَّا< قالها بـصـوابِ
فتحققوا بشرابها صـرفـاً بـلا
مزجٍ يعيد شرابها كســـرابِ
ديوان
النابلسي
|