الشعـر والمديــح

أهلاً بشهر الصوم

شـراب الوصل

مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني
 والقرآن الكريم

 

ذكر الحبيب

الشعـر والمديــح

عن سيدنا أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من الشعر حكمة) أخرجه البخاري، وابن ماجه، والدارمي، وأبو داود، والبخاري في الأدب المفرد، والطيالسي، والبيهقي، وعبد الرزاق، و ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، وابنه في زوائد المسند، والشافعي، وعن سيدنا أنس رضي الله عنه قال: قالت الأنصار يوم الخندق:

نحن الذين بايعوا محمــدا         على الجهاد ما بقينا أبــداً

فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم:

لا عيش إلا عيش الآخـرة        فانصر الأنصار والمهاجرة

أخرجه البخاري، في أماكن كثيرة، ومسلم، والترمذي، والإمام أحمد، والبيهقي

وعن سيدنا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (خرجنا معالنبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلاً فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلاً شاعراً، فنزل يحدو بالقوم يقول:

اللهم لولا أنت ما اهتدينـا          ولا تصدقنا ولا صليــنا

فاغفر فداء لك ما اقتضينا           وثبت الأقدام إن لاقينــا

وألقين سكينة علينـــا          إنا إذا صيح بنا أتينــا

وبالصياح عولوا علينـا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من هذا السائق) قالوا: عامر بن الأكوع قال: (يرحمه الله) الحديث. أخرجه البخاري مطولاً، ومختصر. ومسلم مطولا، وابن ماجه بنحو مختصراً، والإمام أحمد، مختصراً ومطولاً، وابن حبان، والبيهقي، والبغوي، والطبراني في الكبير، وعن سعيد بن المسيب قال: مر عمر في المسجد وحسان ينشد فلحظه عمر (أي نظر إليه نظرة إنكار) ثم التفت أي حسان إلى أبي هريرة فقال: (أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أجب عني، اللهم أيده بروح القدس) قال: نعم.) أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داودمختصراً، والنسائي، والإمام أحمد.

وعن سيدتنا عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبراً في المسجد يقوم عليه قائماً يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)أخرجه الترمذي، وأحمد، وفي رواية إن روح القدس مع حسان أخرجه أبو داود.وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشعر فقال: (هو الكلام حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام) أخرجه أبو يعلي بإسناد حسن، وذكره الهيثمي، والبيهقي ي اسنن الكبرى، وقال: وصله جماعة والصحيح عنه عن النبيصلى الله عليه وسلم مرسلاً، والدارقطني، وذكره في المطالب العلية، وقال محققه سكت عليه البوصيري، ويشهد حديث عبد الله بن عمر وفي الأوسط، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الشعر بمنزلة الكلام، فحسنه كحسن للكلام وقبيحه كقبيح الكلام) وإسناده حسن كما في مجمع الزوائد، وأخرجه أيضا الدار قطني

فنخلص من هذا الباب أنه لا تحريم ولا كراهة في قول أو في إنشاد المدائح النبوية والأشعار التي تذكر الذاكر وتقربه من ربه وذلك أثناء الذكر.. وقد يستلزم الذكر لكثرة عدد الذاكرين إيقاعاً ينظمه (تصفيق أو دف) وفي الباب القادم نعرض أدلة استخدام الإيقاع في حلق الذكر.

أحمد عبد المالك
دمنهور- مصر

 

أهلاً بشهر الصوم

يدور العام وتتوالى الأيام ويطلع على الناس رمضان كما طلع عليهم منذ أربعة عشر قرنا، حبيباً إلى النفوس قريباً من القلوب، باسطاً جناحيه بالنور والرحمة على المسلمين.

العبادات في الإسلام غير مقصودة لذاتها ولكنها وسيلة لغاية هي تقوى الله، والتقوى هي الوقاية، وقاية النفس من كل ما يسؤها من غضب الله وتزكيتها بصالح العمل وكريم الخُلق.

الواقع إن الصيام الصحيح هو رياضة يقوى بها الجسم وذلك بالتخلص من رواسب الأكل والشرب وما يتبعها من آثار مؤذية، وهو حصار قوي للشهوة وسد لمنافذ الفتنة وتضييق لمجاري الشيطان. فالصيام هو العبادة الوحيدة التي يتحقق فيها الإخلاص لأنه أمانة بين المخلوق وخالقه، وسر خفي مرده إلى ضمير الصائم فقد يتظاهر المرء أمام الناس بالصيام وهو مفطر، من أجل هذا هو عبادة جوهرها الإخلاص والصدق ويشير الحديث القدسي إلى هذا: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وانا أجزي به). فالصيام باحكام هو انتصار لإرادة الروح على إرادة الجسم ولمَّا كان الجسم مادياً والنفس والروح من امر الله تعالى فمطاوعة واحد من الإثنين يؤثر على الآخر فالذين يزاولون الرياضة النفسية بالصوم المستمر ويمتنعون حتى عن مطالب الجسم الضرورية للحياة إنما يضعفون جسومهم فيبالغون العناية بها وبمطالبها ويضعفون نفوسهم وأرواحهم، لذلك كان الإسلام في تشريعه يرى الحد الأوسط فهو لا يرضى من المسلم أن يصوم دهره ويقوم ليله. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى)، فيشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المغالي في الدين بالذي أجهد دابته في السير حتى أضاعها وقتلها ولم يصل إلى المكان الذي يريده والإسلام كذلك لا يرضى من مسلم أن يتوغل في الرياضة النفسية كل التوغل.

والشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه يقول:

والله قد كتب الصيام بفضلـه        كي لا تضيق الروح بالأبدان

 

 

مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني
 والقرآن الكريم

يعتقد بعض الناس أن الصوفية لا يهتمون بتلاوة القرآن في حين أنهم يهتمون بالأوراد الخاصة لكل طريقة صوفية. والرد على هؤلاء أن معظم الأوراد مركبة من آيات القرآن الكريم مثل {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم}. أما الكلمات والألفاظ التي يرونها غريبة في معجم اللغة العربية فهي سريانية مثل (أحما حميثاً أطما طميثاً) لها دلالات ومعاني عند العارفين، كما أن الألفاظ الواردة في القرآن مثل (الم و حم و كهيعص) من معجزات القرآن كما فسر ذلك الدكتور والعالم الكيميائي المصري رشاد خليفة عندما حاول تفسير معاني هذه الكلمات بالعقل الإلكتروني وكان ذلك في أمريكا، ومولانا الشيخ يقول في ديوانه:

فلا جدلٌ بين الصحيح وضده        فإني صرحٌ والقرآني يشيدني

وفي موضع آخر يقول مولانا فخر الدين:

ومنهجي القرآن والله وجهتي

وكان هناك مجذوب (درويش) في عطبره يقول للناس هناك (إنتو هنا قاعدين ساكت والبربري يُفَلْفِلْ في القرآن) ! والبربري يقصد به مولانا الشيخ وهو معذور في هذا التعبير.

قال لنا مولانا الشيخ مرة أنه عندما كان صغيراً كان يذهب للخلوة وفي طريق العودة وجدوا امرأة درويشة تكرر (اللهم تب علينا لنتوب) ولما استغرب شيخ الخلوة والذي كان واقفاً من التعبير قال له مولانا الشيخ وكان صغيراً آنذاك هناك آية في سورة التوبة بنفس المعنى (ثم تاب عليهم ليتوبوا) فخجل شيخ الخلوة وذهب.

في إحدى الدروس التي حضرناها مع مولانا الشيخ في زاوية الخرطوم ثلاثة قال مرة بأنه سوف يأتي بدليل من التوسل من القرآن الكريم، وذلك عندما سأل سيدنا سليمان عليه السلام أن يأتوا له بعرش بلقيس {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وقال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}. وعندما بحثنا في التفسير وجدنا أن الذي عنده علمٌ من الكتاب رجلٌ صالحٌ من بني إسرائيل اسمه (أصفيا بن برخيا).

أما عن تلاوة القرآن الكريم فمولانا الشيخ كان له ورد يومي من القرآن الكريم يقرأه حتى ولو كان هناك زوار لديه في منزله لحرصه الشديد لذلك.

وفي إحدى المرات زاره أحد المشائخ وكان قد درس في الأزهر الشريف وقال الشيخ الأزهري لمولانا الشيخ أنه ليس هناك تفسير ظاهر وباطن في القرآن يعني أن هناك تفسير ظاهر فقط وكان الشيخ الأزهري ضريراً ومكفوفا، فيقول له مولانا الشيخ: التفسير الباطن موجود في القرآن. فيعارض الشيخ الأزهري ويغضب، فيضحك مولانا الشيخ كعادته ويقول له مازحا: معك بالذات الباطن أفضل، فقال: كيف؟ قال مولانا: الآية رقم 27 في سورة الإسراء {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا} فما ذنب الذي يكون أعمى في الدنيا وأعمى في الآخرة والمعنى عمى البصيرة. فخجل الشيخ الأزهري وذهب لحاله.

إبراهيم محمد حسين

 

شـراب الـوصـل

يا أهل بدر ياصحابة أحمد���� من للقلوب شرابها والزاد

رضي الله تبارك وتعالى عن أهل بدر الذين وصفهم سيدي فخر الدين رضي الله عنه بأنهم صحابة أحمد صلى الله عليه وسلم ووصف صحبتهم بالحبيب بقوله صحبة الروح والصبابةوقد كان عدد أهل بدر 313 صحابي وهو نفس عدد الرسل من جملة الأنبياء فعن سيدنا أبو ذر الغفارى أنه قال (قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال مائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفا، قلت يا رسول الله كم الرسل منهم؟ قال ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير) وصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة الروح قبل الجسد فالأرواح جنود مجندة كصحبة سيدنا عيسى عليه السلام للحبيب وتبشيره به ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) وما نقصده في هذه القصيدة هو البيت القائل :

إلا المودة ما سألنا حبنا      إن المودة رفعة ورشاد

وقد يتسائل البعض ماعلاقة غزوة بدر بالمودة؟ ولكن الإجابة تكمن في القصة التي حدثت بعد انتهاء المعركة وكان الصحابي الجليل أبو حذيفة رضي الله عنه ممن قاتل ضد أبية وعمه وأخيه وقتلوا في بداية المعركة ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في الأسرى عمه العباس رضي الله عنه وكان في جيش المشركين ولم يكن أشهر إسلامه بعد أن من وجده لايسئ إليه فقال أبو حذيفة نقتل آباءنا ونترك العباس والله لو رأيته لألحمنه السيف فغضب رسول الله وحكى ما جرى لسيدنا عمرفقال الفاروق رضي الله عنه لقد نافق أبوحذيفة، وعاد سيدنا أبو حذيفة إلى صوابه واستغفروأناب وقبل منه الحبيب وقال أبو حذيفة يارسول الله إني أخاف قولة عمر فادعو لي أن أموت شهيدا فدعا له المصطفى صلى الله عليه وسلم ومات أبو حذيفة شهيدا في غزوة اليمامة

نزل الصحابة عند حكم مليكهم         غنموا وكان الرفد والإرفــاد

والمراد من ربطنا غزوة بدر بمودة أهل بيت الحبيب هو أن سيدنا العباس عم النبي قد خرج في نفس الجيش الذي خرج فيه أهل أبوحذيفة ولكن لايساوي بين أهل لابيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأي مخلوق آخر وكان الحكم في ذلك هو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو باب مدينة الحق والذي تعلم قدر اهل بيت رسول الله من موقف آخر حينما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع الزكاة فمنع العباس أي لم يعطي الزكاة فأتى سيدنا عمر ليخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ياعمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، ياعمر ما على العباس فهو علي ومثلها معها، وخلاصة القول أن مودة أهل البيت ليست بالشئ الذي يقاس عليه ولكن هو تفضيل من الله منحه لهم ويجب على الناس ألا ينسوا الفضل بينهم ومودة أهل البيت تأتي من الناس كأجر واجب الدفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

من بات في حيف ويزعم حبنا         غر وفيه تجمعت أضـــداد

والمودة هي المحبة زائد جلب المنفعة فإن قال البعض نحن نحب أهل البيت ولكن لايزوروهم بل ويحرّمون زيارتهم فكيف يكون هذا حبا وإذا كان هذا هو الحب فكيف يكون البغض والعياذ بالله

من بات يرجو البرء وهو مقارف         لاريب ذاك تكبر وعنـــاد

إن هذا البيت في هذه القصيدة دعوة واضحة لكل من يحتفل بغزوة بدر في كل رمضان أن يتذكر وجوب مودة أهل البيت الكرام سواء من كان منهم على قيد الحياة أومن كان منهم في ضريحهالأنور لأن الحب ليس كلاما يقال ولكنه هبة الله لمن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم

محمد صفوت جعفر