مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني
والقرآن الكريم
يعتقد بعض الناس أن الصوفية لا يهتمون بتلاوة القرآن في حين أنهم
يهتمون بالأوراد الخاصة لكل طريقة صوفية. والرد على هؤلاء أن معظم الأوراد مركبة
من آيات القرآن الكريم مثل {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم}. أما الكلمات
والألفاظ التي يرونها غريبة في معجم اللغة العربية فهي سريانية مثل (أحما حميثاً
أطما طميثاً) لها دلالات ومعاني عند العارفين، كما أن الألفاظ الواردة في القرآن
مثل (الم و حم و كهيعص) من معجزات القرآن كما فسر ذلك الدكتور والعالم الكيميائي
المصري رشاد خليفة عندما حاول تفسير معاني هذه الكلمات بالعقل الإلكتروني وكان ذلك
في أمريكا، ومولانا الشيخ يقول في ديوانه:
فلا جدلٌ بين الصحيح وضده
فإني صرحٌ والقرآني يشيدني
وفي موضع آخر يقول مولانا فخر الدين:
ومنهجي القرآن والله وجهتي
وكان هناك مجذوب (درويش) في عطبره يقول للناس هناك (إنتو هنا قاعدين
ساكت والبربري يُفَلْفِلْ في القرآن) ! والبربري يقصد به مولانا الشيخ وهو معذور في
هذا التعبير.
قال لنا مولانا الشيخ مرة أنه عندما كان صغيراً كان يذهب للخلوة وفي
طريق العودة وجدوا امرأة درويشة تكرر (اللهم تب علينا لنتوب) ولما استغرب شيخ
الخلوة والذي كان واقفاً من التعبير قال له مولانا الشيخ وكان صغيراً آنذاك هناك
آية في سورة التوبة بنفس المعنى (ثم تاب عليهم ليتوبوا) فخجل شيخ الخلوة وذهب.
في إحدى الدروس التي حضرناها مع مولانا الشيخ في زاوية الخرطوم ثلاثة
قال مرة بأنه سوف يأتي بدليل من التوسل من القرآن الكريم، وذلك عندما سأل سيدنا
سليمان عليه السلام أن يأتوا له بعرش بلقيس {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن
تقوم من مقامك وقال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}.
وعندما بحثنا في التفسير وجدنا أن الذي عنده علمٌ من الكتاب رجلٌ صالحٌ من بني
إسرائيل اسمه (أصفيا بن برخيا).
أما عن تلاوة القرآن الكريم فمولانا الشيخ كان له ورد يومي من القرآن
الكريم يقرأه حتى ولو كان هناك زوار لديه في منزله لحرصه الشديد لذلك.
وفي إحدى المرات زاره أحد المشائخ وكان قد درس في الأزهر الشريف وقال
الشيخ الأزهري لمولانا الشيخ أنه ليس هناك تفسير ظاهر وباطن في القرآن يعني أن
هناك تفسير ظاهر فقط وكان الشيخ الأزهري ضريراً ومكفوفا، فيقول له مولانا الشيخ: التفسير
الباطن موجود في القرآن. فيعارض الشيخ الأزهري ويغضب، فيضحك مولانا الشيخ كعادته
ويقول له مازحا: معك بالذات الباطن أفضل، فقال: كيف؟ قال مولانا: الآية رقم 27 في
سورة الإسراء {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا} فما ذنب الذي
يكون أعمى في الدنيا وأعمى في الآخرة والمعنى عمى البصيرة. فخجل الشيخ الأزهري وذهب
لحاله.
إبراهيم محمد حسين
شـراب
الـوصـل
يا أهل بدر ياصحابة أحمد����
من للقلوب شرابها والزاد
رضي الله تبارك وتعالى عن أهل بدر الذين وصفهم سيدي فخر الدين رضي
الله عنه بأنهم صحابة أحمد صلى الله عليه وسلم ووصف صحبتهم بالحبيب بقوله صحبة
الروح والصبابة� وقد كان عدد أهل بدر 313
صحابي وهو نفس عدد الرسل من جملة الأنبياء فعن سيدنا أبو ذر الغفارى أنه قال (قلت
يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال مائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفا، قلت يا رسول الله كم
الرسل منهم؟ قال ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير) وصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه
وسلم صحبة الروح قبل الجسد فالأرواح جنود مجندة كصحبة سيدنا عيسى عليه السلام
للحبيب وتبشيره به ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) وما نقصده في هذه القصيدة
هو البيت القائل :
إلا المودة ما سألنا حبنا
إن المودة رفعة ورشاد
وقد يتسائل البعض ماعلاقة غزوة بدر بالمودة؟ ولكن الإجابة تكمن في
القصة التي حدثت بعد انتهاء المعركة وكان الصحابي الجليل أبو حذيفة رضي الله عنه
ممن قاتل ضد أبية وعمه وأخيه وقتلوا في بداية المعركة ثم نادى رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن في الأسرى عمه العباس رضي الله عنه وكان في جيش المشركين ولم يكن
أشهر إسلامه بعد أن من وجده لايسئ إليه فقال أبو حذيفة نقتل آباءنا ونترك العباس والله
لو رأيته لألحمنه السيف فغضب رسول الله وحكى ما جرى لسيدنا عمرفقال الفاروق رضي
الله عنه لقد نافق أبوحذيفة، وعاد سيدنا أبو حذيفة إلى صوابه واستغفروأناب وقبل
منه الحبيب وقال أبو حذيفة يارسول الله إني أخاف قولة عمر فادعو لي أن أموت شهيدا
فدعا له المصطفى صلى الله عليه وسلم ومات أبو حذيفة شهيدا في غزوة اليمامة
نزل الصحابة عند حكم مليكهم
غنموا وكان الرفد والإرفــاد
�والمراد من ربطنا غزوة بدر بمودة أهل بيت الحبيب
هو أن سيدنا العباس عم النبي قد خرج في نفس الجيش الذي خرج فيه أهل أبوحذيفة ولكن
لايساوي بين أهل لابيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأي مخلوق آخر وكان الحكم في
ذلك هو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو باب مدينة الحق والذي تعلم قدر اهل
بيت رسول الله من موقف آخر حينما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع الزكاة
فمنع العباس أي لم يعطي الزكاة فأتى سيدنا عمر ليخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال له ياعمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، ياعمر ما على العباس فهو علي ومثلها
معها، وخلاصة القول أن مودة أهل البيت ليست بالشئ الذي يقاس عليه ولكن هو تفضيل من
الله منحه لهم ويجب على الناس ألا ينسوا الفضل بينهم ومودة أهل البيت تأتي من الناس
كأجر واجب الدفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
من بات في حيف ويزعم حبنا
غر وفيه تجمعت أضـــداد
والمودة هي المحبة زائد جلب المنفعة فإن قال البعض نحن نحب أهل البيت
ولكن لايزوروهم بل ويحرّمون زيارتهم فكيف يكون هذا حبا وإذا كان هذا هو الحب فكيف
يكون البغض والعياذ بالله
من بات يرجو البرء وهو مقارف
لاريب ذاك تكبر وعنـــاد
�إن هذا البيت في هذه القصيدة دعوة واضحة لكل من
يحتفل بغزوة بدر في كل رمضان أن يتذكر وجوب مودة أهل البيت الكرام سواء من كان
منهم على قيد الحياة أومن كان منهم في ضريحه�
الأنور لأن الحب ليس كلاما يقال ولكنه هبة الله لمن أحب رسول الله صلى الله
عليه وسلم
محمد صفوت جعفر
|