قصـة برصيـصا العابـد

الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال - 2

في طلـب العلـم

 

قصـة برصيـصا العابـد

قوله تعالى: {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر} هذا ضرب مثل للمنافقين واليهود في تخاذلهم وعدم الوفاء في نصرتهم. وحذف حرف العطف، ولم يقل: وكمثل الشيطان؛ لأن حذف حرف العطف كثير كما تقول: أنت عاقل أنت كريم أنت عالم. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الإنسان الذي قال له الشيطان اكفر، راهب تركت عنده امرأة أصابها لمم ليدعو لها، فزين له الشيطان فوطئها فحملت، ثم قتلها خوفا أن يفتضح، فدل الشيطان قومها على موضعها، فجاؤوا فاستنزلوا الراهب ليقتلوه، فجاء الشيطان فوعده أنه إن سجد له أنجاه منهم، فسجد له فتبرأ منه فأسلمه. ذكره القاضي إسماعيل وعلي بن المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة الزرقي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر خبره مطولا ابن عباس ووهب بن منبه. ولفظهما مختلف. قال ابن عباس في قوله تعالى: {كمثل الشيطان}.

كان راهب في الفترة يقال له: برصيصا؛ قد تعبد في صومعته سبعين سنة، لم يعص الله فيها طرفة عين، حتى أعيا إبليس، فجمع إبليس مردة الشياطين فقال: ألا أجد منكم من يكفيني أمر برصيصا؟ فقال الأبيض، وهو صاحب الأنبياء، وهو الذي قصد النبي صلى الله عليه وسلم في صورة جبريل ليوسوس إليه على وجه الوحي، فجاء جبريل فدخل بينهما، ثم دفعه بيده حتى وقع بأقصى الهند فذلك قوله تعالى: {ذي قوة عند ذي العرش مكين }التكوير20فقال: أنا أكفيكه؛ فانطلق فتزيا بزي الرهبان، وحلق وسط رأسه حتى أتى صومعة برصيصا فناداه فلم يجبه؛ وكان لا ينفتل من صلاته إلا في كل عشرة أيام يوما، ولا يفطر إلا في كل عشره أيام؛ وكان يواصل العشرة الأيام والعشرين والأكثر؛ فلما رأى الأبيض أنه لا يجيبه أقبل على العبادة في أصل صومعته؛ فلما انفتل برصيصا من صلاته، رأى الأبيض قائما يصلي في هيئة حسنة من هيئة الرهبان؛ فندم حين لم يجبه، فقال: ما حاجتك؟ فقال: أن أكون معك، فأتأدب بأدبك، وأقتبس من عملك، ونجتمع على العبادة؛ فقال: إني في شغل عنك؛ ثم أقبل على صلاته؛ وأقبل الأبيض أيضا على الصلاة؛ فلما رأى برصيصا شدة اجتهاده وعبادته قال له: ما حاجتك؟ فقال: أن تأذن لي فارتفع إليك. فأذن له فأقام الأبيض معه حولا لا يفطر إلا في كل أربعن يوما يوما واحدا، ولا ينفتل من صلاته إلا في كل أربعين يوما، وربما مد إلى الثمانين؛ فلما رأى برصيصا اجتهاده تقاصرت إليه نفسه. ثم قال الأبيض: عندي دعوات يشفي الله بها السقيم والمبتلي والمجنون؛ فعلمه إياه. ثم جاء إلى إبليس فقال: قد والله أهلكت الرجل. ثم تعرض لرجل فخنقه، ثم قال لأهله - وقد تصور في صورة الآدميين -: إن بصاحبكم جنونا أفأطبه؟ قالوا نعم. فقال: لا أقوى على جنيته، ولكن اذهبوا به إلى برصيصا، فإن عنده اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى،واذا دعي به أجاب؛ فجاؤوه فدعا بتلك الدعوات، فذهب عنه الشيطان. ثم جعل الأبيض يفعل بالناس ذلك ويرشدهم إلى برصيصا فيعافون. فانطلق إلى جارية من بنات الملوك بين ثلاثة إخوة، وكان أبوهم ملكا فمات واستخلف أخاه، وكان عمها ملكا في بني إسرائيل فعذبها وخنقه. ثم جاء إليهم في صورة رجل متطبب ليعالجها فقال: إن شيطانها مارد لا يطاق، ولكن اذهبوا بها إلى برصيصا فدعوها عنده، فإذا جاء شيطانها دعا لها فبرئت؛ فقالوا: لا يجيبنا إلى هذا؛ قال: فابنوا صومعة في جانب صومعته ثم ضعوها فيها، وقولوا: هي أمانة عندك فاحتسب فيه. فسألوه ذلك فأبى فبنوا صومعة ووضعوا فيها الجارية؛ فلما انفتل من صلاته عاين الجارية وما بها من الجمال فأسقط في يده، فجاءها الشيطان فخنقها فانفتل من صلاته ودعا لها فذهب عنها الشيطان، ثم أقبل على صلاته فجاءها الشيطان فخنقه. وكان يكشف عنها ويتعرض بها لبرصيصا، ثم جاءه الشيطان فقال: ويحك! واقعها، فما تجد مثلها ثم تتوب بعد ذلك. فلم يزل به حتى واقعها فحملت وظهر حمله. فقال له الشيطان: ويحك! قد افتضحت. فهل لك أن تقتلها ثم تتوب فلا تفتضح، فإن جاؤوك وسألوك فقل جاءها شيطانها فذهب به. فقتلها برصيصا ودفنها ليلا؛ فأخذ الشيطان طرف ثوبها حتى بقي خارجا من التراب؛ ورجع برصيصا إلى صلاته. ثم جاء الشيطان إلى إخوتها في المنام فقال: إن برصيصا فعل بأختكم كذا وكذا، وقتلها ودفنها في جبل كذا وكذا؛ فاستعظموا ذلك وقالوا لبرصيصا: ما فعلت أختنا؟ فقال: ذهب بها شيطانها؛ فصدقوه وانصرفوا.

ثم جاءهم الشيطان في المنام وقال: إنها مدفونة في موضع كذا وكذا، وإن طرف ردائها خارج من التراب؛ فانطلقوا فوجدوها، فهدموا صومعته وأنزلوه وخنقوه، وحملوه إلى الملك فأقر على نفسه فأمر بقتله. فلما صلب قال الشيطان: أتعرفني؟ قال لا والله قال: أنا صاحبك الذي علمتك الدعوات، أما اتقيت الله أما استحيت وأنت أعبد بني إسرائيل ثم لم يكفك صنيعك حتى فضحت نفسك، وأقررت عليها وفضحت أشباهك من الناس فان مت على هذه الحالة لم يفلح أحد من نظرائك بعدك. فقال: كيف أصنع؟ قال: تطيعني في خصلة واحدة وأنجيك منهم وآخذ بأعينهم. قال: وما ذاك؟ قال تسجد لي سجدة واحدة؛ فقال: أنا أفعل؛ فسجد له من دون الله. فقال: يا برصيصا، هذا أردت منك؛ كان عاقبة أمرك أن كفرت بربك، إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين.

الخبر الدال على وجود القطب
 والأوتاد والنجباء والأبدال -
2

قال يعقوب بن سفيان عن يحيى بن عبد الحميد عن شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن أبي صادق قال سمع على رجن وهو يلعن أهل الشام فقال علي لا تعمم فإن فيهم الأبدال.

قال ابن عساكر أنبأنا أبو البركات الأنماطي عن المبارك ابن عبد الجبار عن أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي عن عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمة عن أبا بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة عن جدي عن عثمان بن محمد عن جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل قال خطبنا علي فذكر الخوارج فقام رجل فلعن أهل الشام فقال له ويحك لا تعمم فإن منهم الأبدال ومنكم العصب، وبالسند السابق إلى أبي عمرو السعيدي عن الحسين بن عبد الرحمن عن وكيع عن فطر عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه قال الأبدال بالشام والنجباء بالكوفة، وقال ابن عساكر أنبأنا أبو الغنائم عن محمد ابن علي بن الحسن الحسني عن محمد بن عبد الله الجعفي عن محمد بن عمار العطار عن علي ابن محمد بن خبية عن عمرو بن حماد بن طلحة عن إسحاق بن إبراهيم الأزدي عن فطر عن أبي الطفيل عن علي قال إذا قام قائم آل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة وأما الأبدال فمن أهل الشام.��

وعنمحمد بن عمار عن جعفر بن علي بن نجيح عن حسن بن حسين عن علي بن القاسم عن صباح بن يحيى المزني عن سعيد بن الوليد الهجري عن أبيه قال: قال علي ألا أن الأوتاد من أبناء الكوفة ومن أهل الشام أبدال.�� قال الخلال عن علي بن عمرو بن سهل الحريري عن علي بن محمد بن كلس عن الحسن بن علي بن عفان عن زيد بن الحباب حدثني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد السكسكي عن سعيد بن أبي هلال عن علي رضي الله تعالى عنه قال قبة الإسلام بالكوفة والهجرة بالمدينة والنجباء بمصر والإبدال بالشام وهم قليل- أخرجه ابن عساكر من طريق أبي سعيد بن الأعرابي عن الحسن بن علي بن عفان به.

قال ابن عساكر عن نصر بن أحمد بن مقاتل عن أبي الفرج سهل بن بشر الأسفراييني عن أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال عن الحسن بن رشيق عن أبو علي الحسين بن حميد العك عن زهير بن عباد عن الوليد بن مسلم عن الليث بن سعد عن عياش بن عباس القتياني أن علي بن أبي طالب قال الأبدال من الشام والنجباء من أهل مصر والأخيار من أهل العراق.

قال الحافظ أبو محمد الخلال في كتاب كرامات الأولياء عن عبد الله بن عثمان الصفار عن محمد بن مخلد الصفار عن أحمد بن منصور زاج عن حسين بن علي عن زائدة عن عمار الذهبي عن حبيب بن أبي ثابت عن رجل عن علي قال إن الله تعالى ليدفع عن القرية بسبعة مؤمنين يكونون فيه. حديث أنس قال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عمر بن يحيى بن نافع الأيلي  وقال ابن عدي وابن شاهين والحافظ أبو محمد الخلال في كتاب كرامات الأولياء معا عن محمد بن زهير بن الفضل الأيلي عن عمر بن يحيى بن نافع عن العلاء بن زيدل عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال البدلاء أربعون رجلا اثنان وعشرون بالشام وثمانية عشر بالعراق كلما مات منهم واحدا أبدل الله مكانه آخر فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم فعند ذلك تقوم الساعة.�� قال الحافظ أبو محمد الخلال في كتاب كرامات الأولياء عن أبو بكر بن شاذان عن عمر بن محمد الصابوني عن إبراهيم بن الوليد الجشاش عن أبو عمرالغداني عن أبو سلمة الخراساني عن عطاء عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الأبدال أربعون رجل وأربعون امرأة كلما مات رجل أبدل الله مكان رجل ولكما ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة)- أخرجه الديلمي في مسند الفردوس. عن إبراهيم بن الوليد.�� قال ابن لال في مكارم الأخلاق عن عبد الله بن يزيد بن يعقوب الدقاق عن محمد بن عبد العزيز الدينوري عن عثمان ين الهيثم عن عوف عن الحسن عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاتهم ولا صيامهم ولكن دخولها بسلامة صدورهم وسخاوة أنفسهم)- أخرجه ابن عدي والخلال وزاد في آخره والنصح للمسلمين.

قال ابن عساكر قرأت بخط تمام بن محمد عن ابو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري حدثنا زكريا بن يحيى عن المنذر بن العباس بن نجيح القرشي حدثني أبي عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أن دعامة أمتي عصب اليمن وأبدال الشام وهم أربعون رجلا كلما هلك رجل أبدل الله مكانه آخر ليسوا بالمتماوتين ولا بالمتهالكين ولا المتناوشين لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة صوم ولا صلاة وإنما بلغوا ذلك بالسخاء وصحة القلوب والمناصحة لجميع المسلمين). وقال ابن عساكر أيضا أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر عن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف البغدادي عن أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن صخر الأزدي البصري بمكة عن أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن عن بكر بن محمد بن سعيد عن نصر بن علي عن نوح بن قيس عن عبد الملك بن معقل عن يزيد الرقاشي عن أنس به.

قال الطبراني في الأوسط عن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن فبهم يسقون وبهم ينصرون ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر)، قال قتادة لسنا نشك أن الحسن منهم.

إعداد محمد موسى إبراهيم

في طلـب العلـم

إعلم أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة على قدر ما يحتاج إليه لأمر دينه مما لابدّ له من أحكام الوضوء والصلاة وسائر الشرائع ولأمور معاشه، وما وراء ذلك ليس بفرض خاص فإن تعلم الزيادة فهو أفضل وإن تركه فلا إثم عليه، وإنما قلنا إن تعلم مقدار ما يحتاج إليه فريضة لأن اللَّه تعالى قال {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُون} وقال في آية أخرى {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِير} فأخبر اللَّه تعالى أنهم صاروا من أهل النار لجهلهم.وروى مكحول عن عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة وفي خبر آخر اطلبوا العلم ولو بالصين فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة وعن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه قال: عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه أن يذهب أصحابه، وعليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إليه. ثم تكلم الناس في طلب الزيادة قال بعضهم: إذا تعلم من العلم مقدار ما يحتاج إليه ينبغي أن يشتغل بالعمل به ويترك التعلم، وقال بعض الناس: إذا اشتغل بزيادة العلم فهو أفضل بعد أن لا يدخل النقصان في فرائضه وهذا القول أصح. فأما حجة الطائفة الأولى فيما روى جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن أبي الدرداء قال: ويل للذي لا يعلم مرة وويل للذي يعلم ولا يعمل به سبع مرات.

وروى عن فضيل بن عياض أنه قال: من عمل بما يعلم شغله اللَّه تعالى عما لا يعلم. وقال: لأن العمل لنفسه وطلب الزيادة لغيره، فالاشتغال بأمر نفسه بما هو لنفسه أولى لأن فكاكَ رقبة نفسه أهمّ إليه: وأما حجة الطائفة الأخرى فقول اللَّه تعالى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِم} الآية، وقال في آية أخرى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُون} وقال في آية أخرى - {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَاب} الآية. قال أهل التفسير: يعني كونوا فقهاء علماء. وروى ثوبان عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال فضل العلم خير من العمل وملاك دينكم الورع. وعن الحسن البصري رحمه اللَّه قال: من العمل أن يتعلم الرجل العلم فيعلمه الناس. وعن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال: تذاكر العلم ساعة من الليلة أحبّ إلى اللَّه من إحيائه. وعن عوف بن عبد اللَّه قال: جاء رجل إلى أبي ذر الغفاري فقال إني أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه ولا أعمل به، فقال: إنك إن تتوسد بالعلم إن خير لك من أن توسد بالجهل، ثم ذهب إلى أبي الدرداء فسأله فقال أبو الدرداء: إن الناس يبعثون من قبورهم على ما ماتوا عليه: العالم عالماً والجاهل جاهلاً، ثم ذهب إلى أبي هريرة فسأله عن ذلك فقال له أبو هريرة: كفى بتركه ضياع. وعن عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: الناس رجلان عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وسائرهم همج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، والعلماء باقون ما بقي الدهر وأعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، ولأن منفعة العمل لنفسه خاصة ومنفعة العلم ترجع إلى نفسه وإلى الناس عامة فصار هذا أفضل لأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: خير الناس من ينفع الناس وروى أن رجلاً سأل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال العلم، فسأله ثانياً وثالثاً فأجابه مثل جوابه الأول، فقال يا رسول اللَّه عليك السلام إني أسألك عن العمل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هل يقبل اللَّه الأعمال إلا بالعلم وروى أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: إن افضل ما يتصدق به العبد أن يتعلم العلم ثم يعلمه غيره والأخبار في هذا كثيرة.

من أقوال السمرقندي - إختيار عبد السلام أمين