أبو
موسى
الأشعري������� رضي
الله عنه
انه
عبـدالله بن
قيـس المكني ب(أبي
موسى الأشعري)،
أمّهُ ظبية
المكيّة بنت
وهـب أسلمت
وتوفيـت
بالمدينة،
كان قصيراً
نحيفاً خفيف
اللحيّـة،
غادر وطنه
اليمـن الى
الكعبة فور
سماعه برسـول
يدعو الى
التوحيد، وفي
مكة جلس بين
يدي الرسول
الكريم وتلقى
عنه الهدى واليقين،
وعاد الى
بلاده يحمل
كلمة اللـه.قال
أبو موسى
الأشعري:(بلغنا
مخرج رسول
الله صلى الله
عليه وسلم ونحن
باليمن،
فخرجنا
مهاجرين
إليه، أنا
وأخوانِ لي
أنا أصغرهما
أحدهَما أبو
بُرْدة
والآخر أبو
رُهْم، وبضع
وخمسين رجلا
من قومي
فركبنا
سفينة،
فألْقَتْنا
سفينتنا إلى
النجاشي
بالحبشة،
فوافَقْنا
جعفر بن أبي
طالب وأصحابه
عنده، فقال
جعفر: إنّ
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم بعثنا
وأمرنا
بالإقامة،
فأقيموا
معنا،�
فأقمنا معه
حتى قدمنا جميعا).قال
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم لأصحابه:
(يقدم عليكم
غداً قومٌ هم
أرقُّ قلوباً
للإسلام منكم)
فقدِمَ
الأشعريون
وفيهم أبو
موسى
الأشعري، فلمّا
دَنَوْا من
المدينـة
جعلوا
يرتجـزون يقولـون:(غداً
نلقى
الأحبّـة،
محمّـداً
وحِزبـه) فلمّا
قدمـوا
تصافحـوا،
فكانوا هم
أوّل مَنْ
أحدث
المصافحة
اتفق قدوم
الأشعريين
وقدوم جعفر
وفتح خيبر،
فأطعمهم
النبي صلى
الله عليه
وسلم من خيبر
طُعْمة، وهي
معروفة ب
طُعْمَة
الأشعريين،
قال أبو موسى:(فوافَقْنا
رسول الله صلى
الله عليه
وسسلم حين
افتتح خيبر،
فأسهم لنا،
وما قسم لأحد
غاب عن فتح
خيبر شيئاً
إلا لمن شهد
معه، إلا
لأصحاب سفينتنا
مع جعفر
وأصحابه، قسم
لهم معنا).ومن ذلك اليوم أخذ أبوموسى
مكانه العالي بين المؤمنين، فكان فقيها حصيفا ذكيا، ويتألق بالافتاء والقضاء حتى
قال الشعبي:(قضاة هذه الأمة أربعة: عمر وعلي وأبوموسى وزيد بن ثابت) وقال:(كان
الفقهاء من أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ستة: عمر وعليّ وعبدالله بن مسعود
وزيد وأبو موسى وأبيّ بن كعب).
وكان من
أهل القرآن
حفظا وفقها
وعملا، ومن كلماته
المضيئة:(اتبعوا
القرآن ولا
تطمعوا في أن
يتبعكم القرآن)
وإذا قرأ
القرآن
فصوته يهز
أعماق من
يسمعه حتى قال
الرسـول صلى
اللـه عليه
وسلم:(لقد
أوتي أبو موسى
مزمارا من
مزامير آل
داود) وكان
عمر يدعوه
للتلاوة
قائلا:(شوقنا
الى ربنا يا
أبا موسى).وكان
أبو موسى رضي
الله عنه من
أهل العبادة
المثابرين
وفي الأيام
القائظة كان
يلقاها مشتاقا
ليصومها
قائلا:(لعل ظمأ
الهواجر يكون
لنا ريّا يوم
القيامة) وعن
أبي موسى قال: غزونا
غزوةً في
البحر نحو
الروم، فسرنا
حتى إذا كنّا
في لُجّة
البحر، وطابت
لنا الريح، فرفعنا
الشراع إذْ
سمعنا
منادياً
يُنادي:(يا
أهل السفينة
قِفُوا
أخبرْكم) قال: فقمتُ
فنظرتُ
يميناً
وشمالاً فلم
أرَ شيئا، حتى
نادى سبع مرات
فقلت:(من هذا ؟
ألا ترى على
أيّ حالٍ نحن
؟ إنّا لا نستطيع
أن نُحْبَس) قال:(ألا
أخبرك بقضاءٍ
قضاه الله على
نفسه ؟) قلت:(بلى)
قال:(فإنّه من
عطّش نفسه لله
في الدنيا في
يومٍ حارّ كان
على الله أن
يرويه يوم
القيامة) فكان
أبو موسى لا
تلقاه إلا صائماً
في يوم حار.كان
أبوموسى رضي
الله عنه موضع
ثقة الرسول وأصحابه
وحبهم، فكان
مقاتلا
جسورا،
ومناضلا صعبا،
فكان يحمل
مسئولياته في
استبسال جعل
الرسول صلى
الله عليه
وسلم يقول عنه:(سيد
الفوارس
أبوموسى) ويقول
أبوموسى عن
قتاله:(خرجنا
مع رسول الله
في غزاة، نقبت
فيها
أقدامنا،
ونقبت قدماي،
وتساقطت
أظفاري، حتى
لففنا
أقدامنا
بالخرق) وفي
حياة رسول
الله ولاه مع
معاذ بن جبل
أمر اليمن.وبعد
وفاة الرسول
صلى الله عليه
وسلم عاد أبوموسى
من اليمن الى
المدينة،
ليحمل
مسئولياته مع
جيوش
الاسلام، وفي
عهد عمر ولاه
البصرة سنة
سبعَ عشرة بعد
عزل المغيرة،
فجمع أهلها
وخطب فيهم قائلا:(ان
أمير
المؤمنين عمر
بعثني اليكم،
أعلمكم كتاب
ربكم، وسنة
نبيكم، وأنظف
لكم طرقكم) فدهش
الناس لأنهم
اعتادوا أن
يفقههـم
الأمير
ويثقفهـم،
ولكن أن ينظـف
طرقاتهم فهذا
ما لم يعهـدوه
أبدا، وقال
عنه الإمام
الحسن رضي الله
عنه:(ما أتى
البصرة راكب
خير لأهلها
منه) فلم يزل
عليها حتى
قُتِلَ عمر
رضي الله عنه
كما أن عثمان
رضي الله عنه
ولاه الكوفة،
قال الأسود بن
يزيد:(لم أرَ
بالكوفة من
أصحاب سيدنا
محمدٍ صلى الله
عليه وسلم
أعلم من عليّ
بن أبي طالب
والأشعري).وبينما
كان
المسلمون
يفتحون بلاد
فارس، هبط
الأشعري
وجيشه على أهل
أصبهان الذين
صالحوه على
الجزية
فصالحهم، بيد
أنهم لم
يكونوا
صادقين،
وانما أرادوا
أن يأخذوا
الفرصة
للاعداد
لضربة غادرة،
ولكن فطنة أبي
موسى التي لم
تغيب كانت لهم
بالمرصاد،
فعندما هموا
بضربتهم
وجدوا جيش
المسلمين
متأهبا لهم،
ولم ينتصف النهار
حتى تم النصر
الباهر.في فتح بلاد فارس أبلى القائد العظيم
أبوموسى الأشعري البلاء الكريم، وفي موقعة التستر (20 هـ) بالذات كان أبوموسى بطلها
الكبير، فقد تحصن الهُرْمُزان بجيشه في تستر، وحاصرها المسلمون أياما عدة، حتى أعمل
أبوموسى الحيلة فأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي أغراه أبوموسى بأن يحتال حتى يفتح
باب المدينة، ولم تكاد تفتح الأبواب حتى اقتحم جنود الطليعة الحصن وانقض أبوموسى
بجيشه انقضاضا، واستولى على المعقل في ساعات، واستسلم قائد الفرس، فأرسله أبوموسى
الى المدينة لينظر الخليفة في أمره.
لم يشترك أبوموسى رضي الله عنه في قتال الا أن
يكون ضد جيوش مشركة، أما حينما يكون القتال بين مسلم ومسلم فانه يهرب ولا يكون له
دور أبدا، وكان موقفه هذا واضحا في الخلاف بين علي ومعاوية، ونصل الى أكثر المواقف
شهرة في حياته، وهو موقفه في التحكيم بين الامام علي ومعاوية، وكانت فكرته الأساسية
هي أن الخلاف بينهما وصل الى نقطة حرجة، راح ضحيتها الآلاف، فلابد من نقطة بدء
جديدة، تعطي المسلمين فرصة للاختيار بعد تنحية أطراف النزاع.
وأبوموسى الأشعري على الرغم من فقهه وعلمه فهو
يعامل الناس بصدقه ويكره الخداع والمناورة التي لجأ اليها الطرف الآخر ممثلا في
عمرو بن العاص الذي لجأ الى الذكاء والحيلة الواسعة في أخذ الراية لمعاوية ففي
اليوم التالي لاتفاقهم على تنحية علي ومعاوية وجعل الأمر شورى بين المسلمين دعا
أبوموسى عمرا ليتحدث فأبى عمرو قائلا:(ما كنت لأتقدمك وأنت أكثر مني فضلا وأقدم
هجرة وأكبر سنا) وتقدم أبوموسى وقال:(يا أيها الناس، انا قد نظرنا فيما يجمع الله
به ألفة هذه الأمة ويصلح أمرها، فلم نر شيئا أبلغ من خلع الرجلين الإمام علي
ومعاوية وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها، واني قد خلعت عليا
ومعاوية، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم) وجاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع
معاوية كما تم الاتفاق عليه بالأمس.
فصعد المنبر وقال:أيها الناس، ان أباموسى قد
قال ما سمعتم، وخلع صاحبه، ألا واني قد خلعت صاحبه كما خلعه، وأثبت صاحبي معاوية،
فانه ولي أمير المؤمنين عثمان والمطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه ولم يحتمل أبوموسى
المفاجأة، فلفح عمرا بكلمات غاضبة ثائرة، وعاد من جديد الى عزلته الى مكة الى جوار
البيت الحرام، يقضي هناك ما بقي له من عمر وأيام، ولمّا قاربت وفاته زادَ اجتهاده،
فقيل له في ذلك، فقال:(إنّ الخيل إذا قاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي
بقي من أجلي أقل من ذلك) وجاء أجل أبو موسى الأشعـري، وكست محياه اشراقة من يرجـو
لقاء ربه وراح لسانه في لحظات الرحيـل يـردد كلمات اعتاد قولها دوما:(اللهم أنت
السلام، ومنك السلام) وتوفي بالكوفة في خلافة معاوية.
ابــنُ
سـيــنــا
العَلاَّمَةُ الشَّهِيْرُ، الفَيْلَسُوفُ،
أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ سِينَا
البَلْخِيُّ، ثُمَّ البُخَارِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي الطِّبِّ
وَالفَلْسَفَةِ وَالمنطِقِ قَالَ:كَانَ أَبِي تولَّى التَّصرُّف بقريَةٍ
كَبِيْرَةٍ، ثُمَّ نزل بُخَارَى، فَقَرَأْت القُرْآنَ وَكَثِيْراً مِنَ الأَدب
وَلِي عشرٌ، وَكَانَ أَبِي مِمَّنْ آخى دَاعِي المِصْرِيّين، وَيُعَدُّ مِنَ
الإِسْمَاعِيْلِيَّة.
ثُمَّ
ذكرَ مبَادئَ
اشتغَالِهِ،
وَقُوَّةَ
فَهْمِهِ،
وَأَنَّهُ
أَحكم
المَنْطِقَ
وَكِتَاب
إِقليدس
إِلَى أَنْ
قَالَ:وَرغبتُ
فِي
الطِّبِّ،
وَبَرَّزْتُ
فِيْهِ،
وَقرؤُوا
عليَّ،
وأَنَا مَعَ
ذَلِكَ أَختلِفُ
إِلَى
الفِقْه،
وَأُنَاظِرُ
وَلِي سِتَّ
عَشْرَةَ
سَنَةً. ثُمَّ
قَرَأْتُ
جَمِيعَ
أَجزَاءِ
الفَلْسَفَةِ،
وَكُنْتُ كلَمَّا
أَتَحَيَّرُ
فِي
مَسْأَلَةٍ،
أَوْ لَمْ
أَظْفَرَ
بِالحدِّ
الأَوسطِ فِي
قيَاسٍ،
ترددتُ إِلَى
الجَامع،
وَصَلَّيْتُ،
وَابتهَلْتُ
إِلَى مبدعِ
الكُلِّ
حَتَّى فُتِحَ
لِي
المُنغلِقُ
مِنْهُ،
وَكُنْتُ أَسهَرُ،
فمهمَا
غَلبَنِي
النَّومُ،
شربْتُ قَدَح.إِلَى
أَنْ قَالَ:حَتَّى
اسْتحكم
مَعِي
جَمِيْعُ
العلوم، وَقَرَأْتُ
كِتَاب(مَا
بَعْد
الطّبيعَة)،
فَأَشكل
عليَّ حَتَّى
أَعدتُ
قرَاءتَه أَرْبَعِيْنَ
مرَّةً،
فَحَفِظتُهُ
وَلاَ أَفهمُه،
فَأَيسْتُ.ثُمَّ
وَقَعَ لِي
مُجَلَّدٌ
لأَبِي
نَصْرٍ الفَارَابِيّ
فِي أَغرَاض
كِتَاب(مَا
بَعْد
الحِكْمَة
الطّبيعيَّة)،
ففتحَ عليّ
أَغرَاض
الكُتُب،
فَفَرحتُ، وَتَصَدَّقْتُ
بِشَيْءٍ
كَثِيْر.واتَّفَقَ
لسُلْطَان
بُخَارَى نوح
مرضٌ صعبٌ،
فَأُحْضِرتُ
مَعَ
الأَطباء،
وَشَاركتُهُم
فِي
مُدَاواتِه،
فسأَلتُ
إِذْناً فِي نظرِ
خزَانَةِ
كُتُبِه،
فَدَخَلتُ فَإِذَا
كُتُبٌ لاَ
تُحصَى فِي
كُلِّ فَنّ،
فَظفرتُ
بفَوائِدَ...إِلَى
أَنْ قَالَ:فَلَمَّا
بلغتُ
ثَمَانِيَةَ
عشرَ عَاماً، فَرَغْتُ
مِنْ هَذِهِ
العُلُوم
كُلِّهَا، وَكُنْتُ
إِذْ ذَاكَ
للعلمِ
أَحفَظُ،
وَلَكِنَّهُ
مَعِي
اليَوْمَ
أَنضَجُ،
وَإِلاَّ
فَالعِلْمُ
وَاحِدٌ لَمْ
يتجدَّد لِي
شَيْءٌ،
وَصنَّفْتُ(المجموع)،
فَأَتيتُ
فِيْهِ عَلَى
علومٍ،
وَسأَلنِي جَارُنَا
أَبُو بَكْرٍ
البَرْقِيّ
وَكَانَ
مَائِلاً
إِلَى
الفِقْهِ
وَالتَّفْسِيْرِ
وَالزُّهْد،
فصنَّفْتُ
لَهُ(الحَاصل
وَالمَحْصُوْل)فِي
عِشْرِيْنَ
مُجلَّدَة،
ثُمَّ
تقلَّدتُ
شَيْئاً مِنْ
أَعمَال
السُّلْطَان،
وَكُنْتُ
بزِيِّ
الفُقَهَاء
إِذْ
ذَاك،بطَيْلَسَانٍ
مُحَنَّك،
ثُمَّ
انتقلْتُ
إِلَى نَسَا،
ثُمَّ
أَباورد
وَطُوس
وَجَاجرم،
ثُمَّ إِلَى
جُرْجَان
قلْتُ:وَصَنَّفَ
الرَّئِيْسُ
بِأَرْضِ
الجبلِ كُتُباً
كَثِيْرَةً
مِنْهَا:
(الإِنصَاف)،
عِشْرُوْنَ
مُجَلَّداً، (البِرّ
وَالإِثم)،
مُجَلَّدَان،
(الشِّفَاء)،
ثَمَانِيَة
عَشْرَة
مُجَلَّداً، (القَانُوْنَ)،
مُجَلَّدَات. الإِرصَاد)،
مُجَلَّد، (النَّجَاة)
ثَلاَث
مُجَلَّدَات،
(الإِشَارَات)
مُجَلَّد، (القولنج)
مُجَلَّد، (اللُّغَة)عشر
مُجَلَّدَات،
(أَدويَة
القَلْب)مُجَلَّد،
(الموجز) مُجَلَّد،
(المعَاد) مُجَلَّد،
وَأَشْيَاء
كَثِيْرَة
وَرسَائِل.ثُمَّ
نَزَلَ
الرَّيَّ
وَخدم مجدَ
الدَّوْلَة
وَأُمَّه،
ثُمَّ خَرَجَ
إِلَى
قَزْوين وَهَمَذَان،
فوزَر بِهَا،
ثُمَّ قَامَ
عَلَيْهِ
الأُمَرَاءُ،
وَنهبُوا
دَارَهُ، وَأَرَادُوا
قتلَه،
فَاخْتَفَى،
فَعَاود مُتَوَلِّيهَا
شمسَ
الدَّوْلَةِ
القُولَنْجُ،
فَطَلبَ
الرَّئِيْس،
وَاعْتَذَرَ
إِلَيْهِ،
فَعَالجه،
فَبرَأَ
وَاسْتوزرَهُ
ثَانياً،
وَكَانُوا
يشتغِلُوْنَ
عَلَيْهِ،
فَإِذَا
فرغُوا، حضَر
المُغَنُّوْنَ،
وَهُيِّئَ
مَجْلِسُ
الشَّرَاب.ثُمَّ
مَاتَ
الأَمِيْرُ،
فَاخْتَفَى
أَبُو
عَلِيٍّ
عِنْد شخصٍ،
فَكَانَ
يُؤلِّفُ كُلَّ
يَوْمٍ
خَمْسِيْنَ
وَرقَةً،
ثُمَّ أُخِذَ،
وَسُجِنَ
أَرْبَعَةَ
أَشهر، ثُمَّ
تسحَّب إِلَى
أَصْبَهَانَ
مُتَنَكِّراً
فِي زِيِّ
الصَّوَفَة
هُوَ
وَأَخُوْهُ
وَخَادِمُه
وَغُلاَمَان.وَقَاسُوا
شدَائِدَ،
فَبالغ
صَاحِبُ أَصْبَهَان
علاَءُ
الدَّوْلَةِ
فِي
إِكرَامِهِ،
إِلَى أَنْ
قَالَ
خَادِمُهُ:وَكَانَ
الشَّيْخُ
قويَّ
القُوَى
كُلِّهَا،
يُسْرِفُ فِي
الجِمَاع،
فَأَثَّر فِي
مِزَاجه،
وَأخذه
القُولَنْجُ
حَتَّى حقن
نَفْسَهُ فِي
يَوْم ثَمَان مَرَّات،
فتقرَّحَ
مِعَاهُ،
وَظهر بِهِ سَحْجٌ،
ثُمَّ حصل
لَهُ
الصَّرعُ
الَّذِي يتبع
علَّةَ
القُولَنْج،
فَأَمر
يَوْماً بدَانِقَين
مِنْ بِزْرِ
الكَرَفْسِ
فِي الحُقْنَة،
فَوَضَع
طبيبُه عمداً
أَوْ خطأً
زنَةَ خَمْسَةِ
دَرَاهِم،
فَازدَاد
السَّحْجُ، وَتنَاول
مثروذيطوس
لأَجل
الصَّرعِ،
فكثَّرهُ
غُلاَمُه، وَزَادَهُ
أَفيون،
وَكَانوا
قَدْ خَانوهُ فِي
مَالٍ
كَثِيْر،
فتمنَّوا
هلاَكَهُ، ثُمَّ
تصلَّح،
لَكِنَّهُ
مَعَ حَاله
يُكْثِرُ
الجمَاع،
فينتكِسُ،
وَقصد علاَءُ
الدَّوْلَة
هَمَذَانَ،
فَسَارَ
مَعَهُ
الشَّيْخُ،
فَعَاودته
العِلَّةُ
فِي
الطَّرِيْق،
وَسقطت قوتُه
فَأَهمل
العلاج،
وَقَالَ:مَا
كَانَ
يُدَبِّر
بدنِي
عَجَزَ،
فَلاَ تنفعُنِي
المعَالجَة.وَمَاتَ:بِهَمَذَانَ
بَعْد
أَيَّام
وَلَهُ
ثَلاَثٌ
وَخمسُوْنَ
سَنَة.قَالَ
ابْنُ
خَلِّكَان: ثُمَّ
اغتسلَ
وَتَابَ،
وَتصدَّق
بِمَا مَعَهُ
عَلَى
الفُقَرَاء،
وَردَّ
المَظَالِمَ،
وَأَعتقَ
مماليكَه،
وَجَعَلَ
يَخْتِمُ
القُرْآنَ
فِي كُلِّ
ثَلاَثٍ،
ثُمَّ مَاتَ
يَوْم الجُمُعَة
فِي
رَمَضَانَ
سَنَةَ
ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ
وَأَرْبَعِ
مائَةٍ.قَالَ:وَمَوْلِدُهُ
فِي صَفَرٍ
سَنَةَ
سَبْعِيْنَ
وَثَلاَثِ
مائَةٍ.قُلْتُ:إِن صَحَّ مولدُه، فَمَا عَاشَ
إِلاَّ ثَمَانِياً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَأَشهراً، وَدُفن عِنْد سُور هَمَذَان.
وقيل:نُقِلَ
تَابوتُه
إِلَى
أَصْبَهَانَ.و
من وَصيَّة
ابْنِ سينَا
لأَبِي
سَعِيْدٍ، فضلِ
الله
المِيْهَنِي:ليكنِ
اللهُ
تَعَالَى
أَوّلَ فكرٍ
لَهُ وآخِرَه،
وَبَاطِنُ
كُلِّ
اعتبَارٍ
وَظَاهِرَهُ،
وَلتكن عينُه
مكحولَةً
بِالنَّظَرِ
إِلَيْهِ،
وَقَدَمُه
موقُوفَةً
عَلَى المُثُول
بَيْنَ
يَدَيْهِ،
مُسَافراً
بعقلهِ فِي
المَلَكُوتِ
الأَعْلَى
وَمَا فِيْهِ
مِنْ آيَات
رَبِّه
الكُبْرَى،
وَإِذَا انحط
إِلَى
قرَاره، فليُنَزِّه
اللهَ فِي
آثَاره،
فَإِنَّهُ
باطنٌ ظَاهِرٌ
تجلَّى
لِكُلِّ
شَيْءٍ
بِكُلِّ شَيْءٍ،
وَتَذَكَّرَ
نَفْسَهُ،
وَودَعَهَا،
وَكَانَ
مَعَهَا
كَأنْ لَيْسَ
مَعَهَا، فَأَفضلُ
الحَرَكَاتِ
الصَّلاَةُ،
وَأَمثلُ
السّكنَاتِ
الصِّيَامُ،
وَأَنفعُ
البِرِّ
الصَّدَقَةُ،
وَأَزكَى
السِّرِّ
الاحْتِمَالُ،
وَأَبطُل السَّعْي
الرِّياءُ،
وَلنْ تخلُصَ
النَّفسُ
عَنِ الدوْنِ
مَا التفتَتْ
إِلَى قِيْلٍ وَقَالٍ
وَجدَالٍ،
وَخيرُ
العَمَلِ مَا
صَدَرَ عَنْ
خَالصِ
نِيَّة،
وَخَيْرُ
النِّيَّة
مَا انفرجَ
عَنْ علمٍ،
وَمَعْرِفَةُ
الله أَوّلُ
الأَوَائـِل،
إِلَيْهِ
يَصْعَدُ
الكَلِمُ الطَّيِّب.
إِلَى أَنْ
قَالَ:وَالمشروبُ
فيُهجَرُ
تَلَهِّياً
لاَ تَشَفِّياً،
وَلاَ
يقصِّرُ فِي
الأَوضَاع
الشَّرعيَة،
وَيُعظِّمُ
السُّنَن
الإِلهيَة.قد
سقتُ فِي(تَاريخ
الإِسْلاَم)أَشْيَاءَ
اختصرتُهَا،
وَهُوَ
رَأْسُ الفَلاَسِفَة
الإِسلاَمِيَة،
لَمْ يَأْت
بَعْد الفَارَابِي
مثلُه،
فَالحَمْدُ
للهِ عَلَى
الإِسْلاَم
وَالسُّنَّة.وَلَهُ
كِتَاب (الشِّفَاء)، وَغَيْرُهُ، وَأَشْيَـاءُ لاَ تُحْتَمل.
تلخيص د.
سحر علي
|