حـال
الخـاشـع
�وحـال
المراقـب
قال الإمام الغزالي في كتابه (إحياء علوم
الدين) في باب تفصيل ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن وشرط من أعمال الصلاة:
فاعلم أنه كما لا يتوجه الوجه إلى جهة البيت إلا بالإنصراف عن غيرها، فلا ينصرف
القلب إلى الله عز وجل إلا بالتفرغ عما سواه، وأما الاعتدال فإنما هو مثول بالشخص
والقلب بين يدي الله عز وجل، فليكن رأسك الذي هو أرفع أعضاءك مطرقاً متنكساً، وليكن
وضع الرأس عن ارتفاعه تنبيها على إلزام القلب التواضع والتذلل والتبري عن الترؤس
والتكبر، وليكن على ذكرك ههنا خطر القيام بين يدي الله عز وجل في هول المطلع عند
العرض للسؤال: واعلم في الحال أنك قائم بين يدي الله عز وجل، وهو مطلع عليك فقم بين
يديه قيامك بين يدي بعض ملوك الزمان، إن كنت تعجز عن معرفة كنه جلاله، بل قدر في
دوام قيامك في صلاتك أنك ملحوظ ومرقوب بعين كالئة من رجل صالح من أهلك، أو ممن ترغب
في أن يعرفك بالصلاح، فإنه تهدأ عند ذلك أطرافك وتخشع جوارحك، وتسكن جميع أجزائك
خيفة أن ينسبك ذلك العاجز المسكين إلى قلة الخشوع، وإذا أحسست من نفسك بالتماسك عند
ملاحظة عبد مسكين فعاتب نفسك وقل لها: إنك تدعين معرفة الله وحبه ألا تستحين من
استجرائك عليه؟ مع توقيرك عبداً من عباده، أو تخشين الناس ولاتخشينه وهو أحق أن
يخشى؟ ولذلك لما قال أبو هريرة: كيف الحياء من الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: تستحي
منه كما تستحي من الرجل الصالح من قومك، أخرجه الخرائطي والبيهقي في الشعب، العراقي
على إحياء علوم الدين، وقال الشهاب بن حجر في الفتاوي الصغرى: إن الرابطة
(المراقبة) هي الطريقة السالمة من كدرات جهلة الصوفية وهي مندوبة لأنها من الوسائل
الموجبة لدفع الخطرات ونفي الغفلة والوسائل لها حكم المقاصد والأمر الذي عنه الشرع
يسوغ فعله إما عن طريق الإباحة إن أدى إلى مباح، أو الندب إن أوجب مندوباً، أو
الواجب إن حصل واجباً لا يحصل بغيره،فقد حصل لنا بالتجربة أنا إذا تصورنا الرابطة
انتفت عنا الأغيار كلها وبقى هذا الغير وحده، فتعرض حينئذ وهذا مثل إنسان له أعداء،
فتودد إلى بعضهم وسلطه على باقيهم، فإذا أهلكهم عنه لم يبق إلا واحد فيقدر على
إزالته فيزيله وهذا وجه ينبغي للمنصف أن يتأمله فإنه ظاهر الحسن مطابق للواقع لأن
الرابطة (المراقبة) ليست مرادة لعينها بل مرادة لغيره.
وقال
تعالى:
﴿يا
أيها الذين
آمنوا اتقوا
الله وابتغوا
إليه الوسيلة﴾
سورة المائدة
آية،.35
والوسيلة
بالأعمال
الصالحات ولا
تكون الأعمال
الصالحة إلا
بالإخلاص،
ولا يكون
العمل خالصاً
إلا إذا خلا
من الشوائب،
وقد حصر
بالتجربة أنا
إذا انشغلنا
بالرابطة خلت
أعمالنا من
شوائب الغفلة
والعمل في
الغفلة غير
معتد به، لأنه
لا يكتب للعبد
من صلاته إلا
ما عقل منها،
فهي من
الوسائل
الموجبة
للغفلة وزوال
الغفلة مقصود
وما أوصل إلى
المقصود فهو
مقصود ومن لوازم
زوال الغفلة
الحضور وهو من
أشرف الوسائل والرابطة
(المراقبة) لزوال
الغفلة فهي
أيضاً من أشرف
الوسائل الموجبة
للخشوع
والحضور ومن
أوثق الأسباب
لتذكر العبد
أثناء الذكر
أو غيره أنه
عبداً لله وأنه
إنما يجلس بين
يدي رب العزة
والجلال، ومن
بيده مقاليد
أمره كله، ومن
لا يستطيع
جميع الناس
ولو اجتمعوا
أن يلحقوا به
ضرا أو نفعاً
إلا بإذنه،
فهل يليق به
بعد هذا كله
أن يجالسه
بجسده وقد شتت
قلبه وفكره
هنا وهناك وهو
يعلم أنه يعلم
السر وأخفى
فتراه عندها
يهرع إلى
الرابطة (المراقبة)
وما ذاك إلا
عملاً بقوله
الصريح صلى
الله عليه وسلم:
خير الوجوه من
إذا رأيته
ذكرك الله
أخرجه الهيثمي
في مجمع
الزوائد. فينقطع
بذلك كل ما
يشوشه
أويعرقل
تفكره في خالقه
وجليسه جل
وعلا، وحسبنا
هذا الحديث
دليلاً لمن
يرضى بقول
الله وقول
رسوله صلى
الله عليه
وسلم ويخضع من
خلالها
للحق،ويصم
سمعه عن الافتراء
ولسانه عن
الجدل
والمراء،
ويكون
مفتاحاً
للخير مغلاقاً
للشر، يجمع
بين المسلمين
ولا يفرقهم. ويقول الإمام
الغزالي في الصحيفة
169
من الجزء الأول أيضاً عند الكلام على الصلاة والسلام على
الرسول صلى الله عليه وسلم: وأحضر في قلبك النبي صلى الله عليه وسلم وشخصه الكريم
وقل: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وليصدق أملك في أنه يبلغه ويرد عليك
ما هو أوفى منه، ثم تسلم على نفسك وعلى جميع عباد الله الصالحين.
كيف
تكون
المراقبة؟
بمقابلة
قلب المريد
لقلب شيخه
وحفظ صورته.. في
الخيال ولو في
غيبته.ويقول العارف بالله المرحوم الشيخ محمد أمين
الكردي الإربلي الشافعي النقشبندي المتوفى سنة
1332هـ صاحب كتاب تنوير القلوب في
هذا، عند بيان آداب الذكر عن السادة النقشبندية: التاسع: رابطة المرشد: وهي مقابلة
قلب المريد بقلب شيخه، وحفظ صورته في الخيال، ولو في غيبته، وملاحظة أن قلب الشيخ
كالميزان، ينزل الفيض من بحره المحيط إلى قلب المريد المرابط، واستمداد البركة منه،
لأنه الواسطة إلى التوسل، ولا يخفى ما في ذلك من الآيات والأحاديث قال الله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه
الوسيلة﴾ وقال تعالى:
﴿اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ وقال صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب
وقال العارفون: كن مع الله فإن لم تستطع فكن مع من كان مع الله.
�أحمد
عبد المالك
ولي نظم
در
فذانك
إبراهيم بيتي
ومعبدي�
ومعدن
فضلي وابن أم
المعابد
الحمد لله القائل
﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ
بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِك
بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواقَوْماً
فَاسِقِينَ﴾ وهو معطي البرهانان لرسله وأصفياءه والمجتبين
من أولياءه ولاحرج في فضله وعطاءه والصلاة والسلام على سيد أحباءه وقائد أولياءه
المتعالى عن البراهين والأدلة لأن آيات الكون من آلاءه وعظيم نوره وسخاءه وآل بيته
نجوم سماءه وبحور عطاءه وكمال رضاءه عدد أنفاس سبحات ظلماءه وضياءه.
إن
المتأمل
لكتاب الله
سبحانه
وتعالى الذي لايأتيه
الباطل من بين
يديه ولا من
خلفه يجد أن
كلمة ذانك قد
وردت مرة
واحدة وهي في
مجمل كلامه
القديم بمعنى
هذان وهي
إشارة
للتثنية قلما
تستخدم في
كلام العرب
والبرهانان
اليد والعصا
وقرأ ابن كثير:
بتشديد النون
وخففها
الباقون وروى
أبو عمارة عن
أبي الفضل عن
أبي بكر عن
ابن كثير، ''فذانيك''
بالتشديد
والياء وعن
أبي عمرو أيضا
قال لغة هذيل: ''فذانيك''
بالتخفيف
والياء ولغة
قريش ''فذانك'' كما
قرأ أبو عمرو
وابن كثير وفي
تعليله أقوال:
قيل شدد النون
عوضا من الألف
الساقطة في
ذانك الذي هو
تثنية ذا
المرفوع، وهو
رفع بالابتداء،
وألف ذا
محذوفة لدخول
ألف التثنية
عليها، ولم
يلتفت إلى
التقاء
الساكنين،
لأن أصله
فذانك فحذف
الألف الأولى
عوضا من النون
الشديدة وقيل:
التشديد
للتأكيد كما
أدخلوا اللام
في ذلك مكي: وقيل
إن من شدد
إنما بناه على
لغة من قال في
الواحد ذلك،
فلما بنى أثبت
اللام بعد نون
التثنية، ثم
أدغم اللام في
النون على حكم
إدغام الثاني
في الأول،
والأصل أن
يدغم الأول
أبدا في
الثاني، إلا
أن يمنع من
ذلك علة فيدغم
الثاني في
الأول،
والعلة التي
منعت في هذا أن
يدغم الأول في
الثاني أنه لو
فعل ذلك لصار في
موضع النون
التي تدل على
التثنية لام
مشددة فيتغير
لفظ التثنية
فأدغم الثاني
في الأول
لذلك، فصار
نونا مشددة،
ونعود إلى
البرهانان
اليد والعصا
فاليد للعطاء
وللمرحمة والعصا
لمن عصى ولقد
صدق في (توريته)
ذانك إبراهيم
فقد كان رحمة
تمشى على
الأرض وكان
إذا زجر
لاتسعك أرض
ولاسماء
وقسى
ليزدجروا ومن
يك راحما�
فليقسوا
أحيانا على من
يرحم
هذا من
ناحية ومن
أخرى فإن في
ذانك تورية
أخرى وهي في لفظة
إبراهيم
بمعنى
الإبراهيمان
وهما سيدي إبراهيم
الدسوقي
وسيدي الشيخ
إبراهيم فهو
صاحب أحواله
المتواري فيه
والظاهر عليه
وهو شيخ
الطريقة تارة
وصاحبها تارة
أخرى فخلافة
الشيخ
إبراهيم
لسيدي
إبراهيم
خلافة نيابة
لاخلافة وكالة
رضي الله
عنهما فيه، ثم
يتوارى سيدي
فخر الدين في
إبراهيم
ليكون بيتا
يسكنه ومعبد يقوم
فيه فيكون
إبراهيم معدن
الفضل أي أصله
لأنه إبن
الأصل أم
المعابد صلى
الله عليه
وسلم الذي
يتوارى فيه
الجميع أمام
المولى جل
وعلا
وقاية
خلف
سترالكبريا
كرما
كانت
لنا فيه أستارا
توارينا
محمد
صفوت جعفر
إحياء
التـراث
الصوفي
الحمد
لله وسلام على
عباده الذين
اصطفى، وبعد
فقد كثر
السؤال عن
رؤية أرباب
الأحوال للنبي
صلى الله عليه
وسلم في
اليقظة وإن
طائفة من أهل
العصر ممن لا
قدم لهم في
العلم بالغوا
في إنكار ذلك
والتعجب منه وادعوا
أنه مستحيل
فألفت هذه
الكراسة في
ذلك وسميتها (تنوير
الحلك في
إمكان رؤية
النبي والملك)
ونبدأ
بالحديث
الصحيح
الوارد في ذلك:
أخرج البخاري
ومسلم وأبو
داود عن أبي
هريرة رضي
الله عنه قال
قال رسول الله
صلى الله عليه
وسلم من رآني
في المنام
فسيراني في
اليقظة ولا
يتمثل
الشيطان بي. وأخرج الطبراني
مثله من حديث مالك بن عبد الله الخثعمي ومن حديث أبي بكرة.
وأخرج الدارمي مثله من حديث أبي قتادة، قال
العلماء اختلفوا في معنى قوله فسيراني في اليقظة فقيل معناه فسيراني في القيامة
وتعقب بأنه بلا فائدة في هذا التخصيص لأن كل أمته يرونه يوم القيامة من رآه منهم
ومن لم يره، وقيل المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذ غائبا عنه فيكون
مبشرا له أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته، وقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في
النوم فلا بد أن يراه في اليقظة يعني بعيني رأسه وقيل بعين في قلبه حكاهما القاضي
أبو بكر ابن العربي.
وقال الإمام أبو محمد بن أبي جمرة في تعليقه
على الأحاديث التي انتقاها من البخاري: هذا الحديث يدل على أنه من رآه صلى الله
عليه وسلم في النوم فسيراه في اليقظة وهل هذا على عمومه في حياته وبعد مماته أو هذا
كان في حياته وهل ذلك لكل من رآه مطلقا أو خاص بمن فيه الأهلية والاتباع لسنته عليه
السلام اللفظ يعطى العموم ومن يدعي الخصوص فيه بغير مخصص منه صلى الله عليه وسلم
فمتعسف قال وقد وقع من بعض الناس عدم التصديق بعمومه وقال على ما أعطاه عقله وكيف
يكون من قد مات يراه الحي في عالم الشاهد قال وفي قول هذا القول من المحذور وجهان
خطران أحدهما عدم التصديق لقول الصادق عليه السلام الذي لا ينطق عن الهوى والثاني
الجهل بقدرة القادر وتعجيزها كأنه لم يسمع في سورة البقرة قصة البقرة وكيف قال الله
تعالى
﴿اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى﴾.
وقصة إبراهيم
عليه السلام
في الأربع من
الطير وقصة عزير
فالذي جعل ضرب
الميت ببعض
البقرة سببا لحياته
وجعل دعاء
إبراهيم سببا
لإحياء الطيور
وجعل تعجب
عزير سببا
لموته وموت
حماره ثم لإحيائها
بعد مائة سنة
قادر أن يجعل
رؤيته صلى الله
عليه وسلم في
النوم سببا
لرؤيته في اليقظة
وقد ذكر عن
بعض الصحابة
أظنه ابن عباس
رضي الله
عنهما أنه رأى
النبي صلى
الله عليه
وسلم في النوم
فتذكر هذا
الحديث وبقي
يفكر فيه ثم دخل
على بعض أزواج
النبي أظنها
ميمونة فقص عليها
قصته فقامت
وأخرجت له
مرآته صلى
الله عليه
وسلم قال رضي
الله عنه
فنظرت في
المرآة فرأيت
صورة النبي
صلى الله عليه
وسلم ولم أر
لنفسي صورة
قال وقد ذكر
عن بعض السلف
والخلف وهلم
جرا ممن كانوا
رأوه صلى الله
عليه وسلم في
النوم وكانوا
ممن يصدقون
بهذا الحديث
فرأوه بعد ذلك
في اليقظة
وسألوه عن
أشياء كانوا
منها متشوشين
فأخبرهم
بتفريجها ونص
لهم على
الوجوه التي
منها يكون
فرجها فجاء
الأمر كذلك
بلا زيادة ولا
نقص قال
والمنكر لهذا
لا يخلو إما
أن يصدق
بكرامات
الأولياء أو
يكذب بها فإن
كان ممن يكذب
بها فقد سقط
البحث معه
فإنه يكذب ما
أثبتته السنة
بالدلائل
الواضحة وإن كان
مصدقا بها
فهذه من ذلك
القبيل لأن
الأولياء
يكشف لهم بخرق
العادة عن
أشياء في العالمين
العلوي
والسفلي
عديدة فلا
ينكر هذا مع التصديق
بذلك انتهى
كلام ابن أبي
جمرة، وقوله إن
ذلك عام وليس
بخاص بمن فيه
الأهلية
والاتباع
لسنته عليه
السلام مراده
وقوع الرؤية
الموعود بها
في اليقظة على
الرؤية في
المنام ولو
مرة واحدة
تحقيقا لوعده
الشريف الذي
لا يخلف وأكثر
ما يقع ذلك
للعامة قبيل
الموت عند الاحتضار
فلا يخرج روحه
من جسده حتى
يراه وفاء بوعده
وأما غيرهم
فتحصل لهم
الرؤية في طول
حياتهم إما
كثيرا وإما
قليلا بحسب
اجتهادهم
ومحافظتهم
على السنة،
والاخلال
بالسنة مانع
كبير أخرج
مسلم في صحيحه
عن مطرف قال
قال لي عمران
بن حصين قد
كان يسلم علي
حتى اكتويت
فترك ثم تركت
الكي فعاد،��������
وللحديث
بقية
من تراث
السيوطي رضي
الله عنه
|