والقدر
فيه لكل ذي
قدر عندما
سكت
الرعية عنه
والأمراء
|
أخرج
ابن مردويه عن
ابن عباس قال: نزلت
سورة
﴿إنا
أنزلناه في
ليلة القدر﴾ بمكة،
وابن مردويه
عن ابن عباس
وعائشة مثله،
وابن الضريس
وابن جرير
وابن المنذر
وابن أبي حاتم
والحاكم
وصححه وابن
مردويه
والبيهقي في
الدلائل عن
ابن عباس في
قوله:
﴿إنا
أنزلناه في
ليلة القدر﴾ قال:
أنزل القرآن
في ليلة القدر
جملة واحدة من
الذكر الذي
عند رب العزة
حتى وضع في
بيت العزة في
السماء
الدنيا ثم جعل
جبريل ينزل
على محمد
بحراء بجواب
كلام العباد
وأعمالهم |
وعبد بن حميد عن الربيع بن أنس
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ قال: أنزل الله القرآن جملة في ليلة القدر
كله
﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ يقول: خير من عمل ألف شهر، وعبد الرزاق
والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في شعب الإيمان عن مجاهد
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ قال: ليلة الحكم، وعبد بن حميد عن أنس قال:
العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل من ألف شهر، وابن جرير عن عمرو
بن قيس الملائي في قوله:
﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ قال: عمل فيها خير من عمل في ألف شهر، وعبد
الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر عن قتادة في قوله:
﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ قال: خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وفي
قوله:
﴿تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل
أمر﴾ قال: يقضي فيها ما يكون في السنة إلى مثلها
﴿سلام هي﴾ قال: إنما هي بركة كلها وخير
﴿حتى مطلع الفجر﴾ يقول: إلى مطلع الفجر، ومالك في الموطأ
والبيهقي في شعب الإيمان عنه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمال
الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل
مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر، وابن جرير
عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدو بالنهار
حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر فأنزل الله
﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل ألف
شهر، وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه
وسلم ذكر رجلا من بين إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون من
ذلك، فأنزل الله
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة
القدر لية القدر خير من ألف شهر﴾ التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله
ألف شهر، وابن أبي حاتم عن علي بن عروة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما
أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاما لم يعصوه طرفه عين، فذكر أيوب وزكريا
وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون، فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك
فأتاه جبريل، فقال: يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة، فقد أنزل
الله خيرا من ذلك، فقرأ عليه
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة
القدر ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك، فسر بذلك رسول
الله صلى الله عليه وسلم والناس معه، والخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال: رأى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على منبره، فساءه ذلك فأوحى الله إليه إنما هو
ملك يصيبونه، ونزلت
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة
القدر ليلة القدر خير من ألف شهر﴾، والخطيب عن ابن المسيب قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أرأيت بني أمية يصعدون منبري، فشق ذلك علي فأنزل الله
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾، والترمذي وضعفه وابن جرير والطبراني وابن
مردويه والبيهقي في الدلائل عن يوسف بن مازن الرؤاسي قال: قام رجل إلى الحسن بن علي
بعد ما بايع معاوية فقال: سودت وجوه المؤمنين، فقال: لا تؤنبني رحمك الله، فإن
النبي صلى الله عليه وسلم رأى بني أمية يخطبون على منبره فساءه ذلك، فنزلت
﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾ (سورة الكوثر الآية 1) يا محمد يعني نهرا في
الجنة ونزلت
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة
القدر ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ يملكها بعدك بنو أمية، يا محمد: قال القاسم:
فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوم.
وابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد في قوله:
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ قال: ليلة الحكم
﴿وما أدراك ما ليلة القدر﴾ قال: ليلة الحكم، وعبد الرزاق وابن المنذر
ومحمد بن نصر وابن أبي حاتم عن مجاهد
﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ قال: خير من ألف شهر عملها أو صيامها وقيامها
وليس في تلك الشهور ليلة القدر، وابن أبي شيبة عن الحسن قال: ما أعلم ليوم فضلا على
يوم ولا ليلة إلا ليلة القدر فإنها خير من ألف شهر، وابن المنذر عن الضحاك في قوله:
﴿تنزل الملائكة والروح فيها﴾ قال: الروح جبريل
﴿من كل أمر سلام﴾ قال: لا يحل لكوكب أن يرجم به فيها حتى يصبح،
وسعيد بن منصور وعبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
شعب الإيمان عن مجاهد في قوله:
﴿سلام هي﴾ قال: سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها
سوءا أو يعمل فيها أذى، وابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ
﴿من كل أمر سلام﴾، وسعيد بن منصور وابن المنذرعن منصور بن
زاذان قال:
﴿تنزل الملائكة﴾ من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر يمرون
على كل مؤمن يقولون: السلام عليك يا مؤمن، وابن المنذر عن الحسن في قوله:
﴿سلام﴾ قال: إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة
تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر، ومحمد
بن نصر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله:
﴿سلام﴾ قال: تلك الليلة تصعد مردة الجن والشياطين
وعفاريت الجن، وتفتح فيها أبواب السماء كلها، ويقبل الله فيها التوبة لكل تائب،
فلذا قال:
﴿سلام هي حتى مطلع الفجر﴾ قال: وذلك من غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر،
ومحمد بن نصر عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن ليلة القدر أهي شيء كان فذهب أم هي في
كل عام؟ فقال: بل هي لأمة محمد ما بقي منهم اثنان، والديلمي عن أنس عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: إن الله وهب لأمتي ليلة القدر ولم يعطها من كان قبلهم، وعبد بن
حميد عن عبد الله بن مكانس مولى معاوية قال: قلت لأبي هريرة: زعموا أن ليلة القدر
قد رفعت، قال: كذب من قال ذلك، قلت: هي في كل رمضان أستقبله؟ قال: نعم، قلت: زعموا
أن الساعة التي في الجمعة لا يدعو فيها مسلم إلا استجيب له قد رفعت، قال: كذب من
قال ذلك، قلت: هي في كل جمعة أستقبلها؟ قال: نعم، وعبد بن حميد وابن جرير وابن
مردويه عن ابن عمر أنه سئل عن ليلة القدر أفي كل رمضان؟ ولفظ ابن مردويه: أفي رمضان
هي؟ قال: نعم، ألم تسمع إلى قول الله تعالى:
﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ وقوله:
﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن﴾ (سورة البقرة الآية
185).
أخرج أبو داود والطبراني عن ابن عمر قال: سئل
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أسمع عن ليلة القدر فقال: هي في كل رمضان، وابن
أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا
ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وابن أبي شيبة عن عائشة قالت: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر، وابن أبي شيبة وابن جرير
ومحمد بن نصر وابن مردويه اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر، وابن أبي شيبة عن
الفلتان بن عاصم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رأيت ليلة القدر ثم
نسيتها، فاطلبوها في العشر الأواخر وترا، وابن جرير من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس
أنهم كانوا قعودا في المجلس حين أقبل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا حتى
فزعنا لسرعته، فلما انتهى إلينا ثم سلم قال: جئت إليكم مسرعا لكيما أخبركم بليلة
القدر فنسيتها فيما بيني وبينكم، ولكن التمسوها في العشر الأواخر، وأحمد وابن جرير
ومحمد بن نصر والبيهقي وابن مردويه عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن ليلة القدر فقال: في رمضان في العشر الأواخر فإنهما في ليلة وتر في
أحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أوخمس وعشرين، أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، أو آخر
ليلة من رمضان من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن أماراتها أنها
ليلة بلجة صافية ساكنة ساجية لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمرا ساطعا، ولا يحل لنجم
أن يرمى به تلك الليلة حتى الصباح، ومن أماراتها أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع
لها، مستوية، كأنها القمر ليلة البدر، وحرم الله على الشيطان أن يخرج معها يومئذ.
وابن جرير في تهذيبه وابن مردويه عن جابر بن
عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم إني كنت رأيت هذه الليلة وهي في العشر
الأواخر في الوتر، وهي ليلة طلقة بلجة لا حارة ولا باردة، كان فيها قمرا لا يخرج
شيطانها حتى يضيء فجرها، وابن مردويه عن ابن مسعود قال: سئل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن ليلة القدر قال: قد كنت علمتها ثم اختلست مني، وإنها في رمضان،
فاطلبوها في تسع يبقين أو سبع يبقين أو ثلاث يبقين، وآية ذك أن الشمس تطلع ليس لها
شعاع، ومن قام السنة سقط عليها، وابن أبي شيبة وابن زنجوية وابن نصر عن أبي عقرب
الأسدي قال: أتينا ابن مسعود في داره فسمعناه يقول: صدق الله ورسوله، فسألته،
فأخبرنا أن ليلة القدر في السبع من النصف الأخير، وذلك أن الشمس تطلع يومئذ بيضاء
لا شعاع لها، فنظرت إلى السماء فإذا هي كما حدثت فكبرت، وابن أبي شيبة وابن جرير من
طريق الأسود عن عبد الله قال: تحروا ليلة القدر ليلة سبع تبقى تحروها لتسع تبقى
تحروها لأحدى عشرة تبقى صبيحة بدر فإن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان إلا صبيحة
ليلة القدر فإنها تطلع يومئذ بيضاء ليس لها شعاع، وابن زنجوية وابن مردويه بسند
صحيح عن أبي هريرة قال: ذكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم بقي من الشهر؟ قلنا: مضت اثنتان وعشرون وبقي
ثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مضت اثنتان وعشرون وبقيت سبع التمسوها
الليلة الشهر تسع وعشرون، وابن مردويه عن أنس بن مالك عن نبي الله صلى الله عليه
وسلم قال: التمسوا ليلة القدر في أول ليلة من رمضان، وفي تسعة، وفي إحدى عشرة، وفي
أحدى وعشرين، وفي آخر ليلة من رمضان.
وأحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم في ليلة القدر إنها آخر ليلة، ومحمد بن نصر عن معاوية قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان، ومحمد بن نصر عن أبي ذر
قال: قلت يا رسول الله: أخبرني عن ليلة القدر أي شيء تكون في زمان الأنبياء ينزل
عليهم فيها الوحي فإذا قبضوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة؟ قال: بل هي إلى يوم
القيامة، قلت يا رسول الله: في أي رمضان هي؟ قال: التمسوها في العشر الأول وفي
العشر الأواخر، قال: ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث فاهتبلت غفلته فقلت:
يا رسول الله أقسمت عليك تخبرني أو لما أخبرتني في أي العشر هي فغضب علي غضبا ما
غضب علي مثله لا قبله ولا بعده فقال: إن الله لو شاء لأطلعكم عليها التمسوها في
السبع الأواخر لا تسألني عن شيء بعدها، والبخاري وابن مردويه والبيهقي عن عائشة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من
رمضان، ومالك وابن أبي شيبة والطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة وابن جرير
والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر
الأوسط من شهر رمضان، فاعتكف عاما حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي
يخرج من اعتكافه فقال: من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر وقد رأيت هذه الليلة ثم
أنسيتها، وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر،
والتمسوها في كل وتر، قال أبو سعيد: فمطرت السماء من تلك الليلة، وكان المسجد على
عريش، فوكف المسجد، قال أبو سعيد: فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى
جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين، ومالك وابن سعد وابن أبي شيبة
وأحمد ومسلم وابن زنجويه والطحاوي والبيهقي عن عبد الله بن أنيس أنه سئل عن ليلة
القدر فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التمسوها الليلة وتلك الليلة
وليلة ثلاث وعشرين، ومالك والبيهقي عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله بن أنس
الجهني قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني رجل شاسع الدار فمرني
بليلة أنزلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل ليلة ثلاث وعشرين من رمضان،
والبيهقي عن الزهري قال: قلت لضمرة بن عبد الله بن أنيس، ما قال النبي صلى الله
عليه وسلم لأبيك ليلة القدر؟ قال: كان أبي صاحب بادية، قال: فقلت يا رسول الله مرني
بليلة أنزل فيها؟ قال: أنزل ليلة ثلاث وعشرين، قال: فلما تولى قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: اطلبوها في العشر الأواخر، ومالك والبخاري ومسلم والبيهقي عن ابن
عمر أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رأوا ليلة القدر في السبع الأواخر
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أرى رؤياكم قد توطأت في السبع الأواخر، فمن
كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر.
وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري
والبيهقي عن عبادة بن الصامت قال: خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن
يخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين قال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى
رجلان من المسلمين فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة
والسابعة والخامسة، والطيالسي والبيهقي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم خرج وهو يريد أن يخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحى رجلان فاختلجت
مني فاطلبوها في العشر الأواخر في تاسعة تبقى أو سابعة تبقى أو خامسة تبقى،
والبخاري وأبو داود وابن جرير والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى وفي سابعة تبقى وفي خامسة
تبقى، وأحمد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التمسوها في العشر الأواخر في
تاسعة وسابعة وخامسة، والطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه
والنسائي وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الرحمن بن جوشن قال: ذكرت ليلة
القدر عند أبي بكرة فقال: أما أنا فلست بملتمسها إلا في العشر الأواخر بعد حديث
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التمسوها في العشر الأواخر لتاسعة
تبقى أو سابعة تبقى أو ثالثة تبقى أو آخر ليلة فكان أبو بكرة رضي الله عنه يصلي في
عشرين من رمضان كما كان يصلي في سائر السنة فإذا دخل العشر اجتهد، وأحمد ومسلم وأبو
داود والبيهقي من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: التمسوها في العشر الأواخر من رمضان فالتمسوها في التاسعة
والسابعة والخامسة قلت يا أبا سعيد إنكم أعلم بالعدد منا، قال: أجل، قلت: ما
التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها التاسعة، وإذا
مضى الثلاث والعشرون، فالتي تليها السابعة، وإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها
الخامسة، والطيالسي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: ليلة القدر أربع وعشرون، وأحمد والطـحاوي ومحمد بن نصر وابن جرير
والطبراني وأبو داود وابن مردويه عن بلال رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ليلة القدر ليلة أربع وعشرين، وابن سعد ومحمد بن نصر وابن جرير عن عبد
الرحمن بن عسلة الصنابحي رضي الله عنه قال: ما فاتني رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا بخمس ليال توفي وأنا بالجحفة، فقدمت على أصحابه متوافرين فسألت بلالا رضي الله
عنه عن ليلة القدر فقال: ليلة ثلاث وعشرين، ومحمد بن نصر عن ابن عباس رضي الله
عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين،
والطيالسي وابن زنجويه وابن حبان والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى إذا كانت ليلة أربع
وعشرين السابع مما يبقى صلى بنا حتى كاد أن يذهب ثلث الليل، فلما كانت ليلة خمس
وعشرين لم يصل بنا، فلما كانت ليلة ست وعشرين السابع مما بقي صلى بنا حتى كاد أن
يتأطر الليل، فقلت يا رسول الله: لو نفلتنا بقية ليلتنا فقال: لا، إن الرجل إذا صلى
مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، فلماكانت ليلة سبع وعشرين لم يصل بنا، فلما
كانت ليلة ثمان وعشرين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمع له الناس فصلى بنا
حتى كاد أن يفوتنا الفلاح، ثم لم يصل بنا شيئا من الشهر، والفلاح السحور، وابن أبي
شيبة وأحمد وابن زنجويه وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن زر بن حبيش قال: سألت أبي بن كعب عن ليلة القدر
قلت: إن أخاك عبد الله بن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، فحلف لا يستثني
أنها ليلة سبع وعشرين،قلت: بم تقول ذلك أبا المنذر؟ قال: بالآية والعلامة التي قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها تصبح من ذلك اليوم تطلع الشمس ليس لها شعاع،
ولفظ ابن حبان: بيضاء لا شعاع لها كأنها طست، ومحمد بن نصر وابن جرير والحاكم وصححه
والبيهقي من طريق عاصم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر رضي الله عنه
يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويقول: لا تتكلم حتى يتكلموا، فدعاهم
فسألهم فقال: أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر: التمسوها في
العشر الأواخر وترا أي ليلة ترونها؟ فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم:
ليلة ثلاث، وقال بعضهم: ليلة خمس، وقال بعضهم: ليلة سبع، فقالوا: وأنا ساكت، فقال:
مالك لا تتكلم؟ فقلت: إنك أمرتني أن لا أتكلم حتى يتكلموا، فقال: ما أرسلت إليك إلا
لتكلم فقال: إني سمعت الله يذكر السبع فذكر سبع سموات ومن الأرض مثلهن، وخلق
الإنسان من سبع، ونبت الأرض سبع، فقال عمر رضي الله عنه: هذا أخبرتني بما أعلم
أرأيت ما لا أعلم؟ فذلك نبت الأرض سبع، قلت: قال الله عز وجل
﴿شققنا الأرض فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا
وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا﴾ (سورة عبس الآية 62) قال: فالحدائق غلبا
الحيطان من النخل والشجر
﴿وفاكهة وأبا﴾ فالأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب
والأنعام ولا تأكله الناس، فقال عمر رضي الله عنه لأصحابه: أعجزتم أن تقولوا كما
قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه، والله إني لأرى القول كما قلت، وقد أمرتك
أن لا تتكلم معهم، وعبد الرزاق وابن راهـويه ومحمد بن نصر والطبراني
والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دعا عمر رضي الله عنه
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر فاجتمعوا أنها في العشر
الأواخر، فقلت لعمر: إني لأعلم وإني لأظن أي ليلة هي، قال: وأي ليلة هي؟
قال: سابعة تبقى من العشر الأواخر قال عمر رضي الله عنه: ومن أين علمت ذلك قلت:
خلق الله سبع سموات وسبع أرضين وسبع أيام وإن الدهر يدور في سبع
وخلق الإنسان من سبع، ويأكل من سبع، ويسجد على سبعة أعضاء، والطواف بالبيت سبع،
والجمار سبع لأشياء ذكرها، فقال عمر رضي الله عنه، لقد فطنت لأمر ما فطنا له، وكان
قتادة يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ويأكل من سبع، قال: هو قول الله
تعالى:
﴿فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا﴾ الآية.
وابن سعد وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي
الله عنه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس رضي الله عنهما، وكان
ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنهم وجدوا في أنفسهم فقال: لأريتكم
اليوم منه شيئا تعرفون فضله فسألهم عن هذه السورة
﴿إذا جاء نصر الله﴾ (سورة النصر) فقالوا: أمر نبينا صلى الله
عليه وسلم إذا رأى مسارعة الناس في الإسلام ودخولهم فيه أن يحمد الله ويستغفره،
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا ابن عباس مالك لا تتكلم؟ فقال: أعلمه متى
يموت، قال:
﴿إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون
في دين الله أفواجا﴾ فهي آيتك من الموت فقال عمر رضي الله عنه:
صدق والذي نفس عمر بيده ما أعلم منها إلا ما علمت، قال: وسألهم عن ليلة القدر
فأكثروا فيها فقالوا: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر
الأواخر، فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين،
وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال له عمر رضي الله عنه مالك يا ابن عباس لا تتكلم؟ قال:
الله أعلم، قال: قد نعلم أن الله أعلم، ولكني إنما أسألك عن علمك، فقال ابن عباس
رضي الله عنهما: إن الله وتر يحب الوتر خلق سبع سموات، وجعل عدد الأيام سبعا، وجعل
الطواف بالبيت سبعا، والسعي بين الصفا والمروة سبعا، ورمي الجمار سبعا، وخلق
الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع، قال: كيف خلق الإنسان من سبع وجعل رزقه من سبع
فقد فهمت من هذا شيئا لم أفهمه؟ قال: قول الله:
﴿لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين﴾ إلى قوله:
﴿فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ (سورة المؤمنين الآية
14) ثم ذكر رزقه فقال:
﴿إنا صببنا الماء صبا﴾ (سورة عبس الآية
26) إلى قوله:
﴿وفاكهة وأبا﴾ فالأب ما أنبتت الأرض للأنعام والسبعة رزق
لبني آدم قال: لا أراها والله أعلم إلا لثلاث يمضين وسبع يبقين، وأبو نعيم في
الحلية من طريق محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من
المهاجرين فذكروا ليلة القدر، فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما سمع، فتراجع القوم
فيها الكلام، فقال عمر رضي الله عنه، مالك يا ابن عباس صامت لا تتكلم؟
تكلم ولا يمنعك الحداثة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقلت يا أمير المؤمنين: إن
الله تعالى وتر يحب الوتر فجعل أيام الدنيا تدور على سبع، وخلق الإنسان من
سبع، وجعل فوقنا سموات سبعا، وخلق تحتنا أرضين سبعا، وأعطى من المثاني سبعا، ونهى
في كتابه عن نكاح الأقربين عن سبع، وقسم الميراث في كتابه على سبع، ونقع في
السجود من أجسادنا على سبع، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة سبعا وبين
الصفا والمروة سبعا، ورمى الجمار سبع لإقامة ذكر الله في كتابه فأراها في
السبع الأواخر من شهر رمضان، والله أعلم.
قال: فتعب
عمر رضي الله
عنه وقال: وما
وافقني فيها
أحد إلا هذا
الغلام الذي
لم يسر شؤون
رأسه، إن رسول
الله صلى الله
عليه وسلم قال:
التمسوها في
العشر
الأواخر ثم
قال: يا هؤلاء
من يؤدي في
هذا كأداء ابن
عباس، وعبد بن
حميد عن ابن
عمر رضي الله
عنهما قال: قال
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم: التمسوا
ليلة القدر ليلة
سبع وعشرين،
وابن أبي شيبة
عن زر رضي
الله عنه أنه
سئل عن ليلة
القدر فقال: كان
عمر وحذيفة
وناس من أصحاب
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم لا يشكون
أنها ليلة سبع
وعشرين، وابن
نصر وابن جرير
في تهذيبه عن
معاوية قال: قال
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم: التمسوا
ليلة القدر في
آخر ليلة،
وابن أبي شيبة
والطبراني وابن
مردويه
والبيهقي في
الدلائل عن
ابن عباس رضي
الله عنهما
قال: أتيت
وأنا نائم في
رمضان فقيل لي:
إن الليلة
ليلة القدر،
فقمت وأنا
ناعس، فتعلقت
ببعض أطناب
فسطاط رسول
الله الله صلى
الله عليه
وسلم، فأتيت
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم وهو
يصلي، فنظرت
في الليلة فإذا
هي ليلة ثلاث
وعشرين قال: فقال
ابن عباس: إن
الشيطان يطلع
مع الشمس كل
يوم إلا ليلة
القدر، وذلك
أنها تطلع
يومئذ بيضاء
لا شعاع لها، ومحمد
بن نصر
والحاكم
وصححه عن
النعمان بن بشير
رضي الله عنه
قال: قمنا مع
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم في رمضان
ليلة ثلاث
وعشرين إلى
ثلث الليل، ثم
قمنا معه ليلة
خمس وعشرين
إلى نصف
الليل، ثم
قمنا معه ليلة
سبع وعشرين
حتى ظننت أنا
لا ندرك
الفلاح،
وأنتم تسمون
السحور، وأنت
تقولون ليلة
سابعة ثلاث
عشر، ونحن
نقول ليلة
سابعة سبع
وعشرين أفنحن
أصوب أم
أنتم؟، ومحمد
بن نصر عن عبد
الله بن عمرو قال:
قال رسول الله
صلى الله عليه
وسلم: التمسوا
ليلة القدر في
العشر
الباقيات من
شهر رمضان في
الخامسة
والسابعة
والتاسعة،
والبخاري في
تاريخه عن ابن
عمر رضي الله
عنه: سأل عمر
رضي الله عنه
أصحاب النبي
صلى الله عليه
وسلم عن ليلة
القدر فقال
ابن عباس رضي
الله عنهما: إن
ربي يحب السبع
﴿ولقد آتيناك
سبعا من
المثاني﴾ (سورة
الحجر الآية 87) قال
البخاري في
إسناده نظر،
والطيالسي
وأحمد وابن
مردويه عن أبي
هريرة رضي
الله عنه عن النبي
صلى الله عليه
وسلم قال في
ليلة القدر: إنها
ليلة سابعة أو
تاسعة
وعشرين، وإن
الملائكة في
تلك الليلة في
الأرض أكثر من
عدد الحصى،
ومحمد بن نصر
من طريق أبي
ميمون عن أبي
هريرة رضي
الله عنه قال: إنها
السابعة
وتاسعة
والملائكة
معها أكثر من
عدد نجوم
السماء، وزعم
أنها في قوله: أبي
هريرة رضي
الله عنه ليلة
أربع وعشرين،
ومحمد بن نصر
وابن جرير
والطبراني
والبيهقي عن
ابن عباس رضي
الله عنهما ن
رجلا أتى النبي
صلى الله عليه
وسلم فقال: يا
نبي الله إني
شيخ كبير يشق
علي القيام
فمرني بليلة
لعل الله أن
يوفقني فيها
لليلة القدر،
قال: عليك
بالسابعة،
وابن أبي شيبة
وابن منيع والبخاري
في تاريخه
والطبراني
وأبو
الشيخ
والبيهقي عن
حوة العبدي
قال: سئل زيد
بن أرقم رضي
الله عنه عن
ليلة القدر فقال:
ليلة سبع عشرة
ما تشك ولا
تستثن، وقال: ليلة
نزل القرآن
ويوم الفرقان
يوم التقى الجمعان،
والحرث بن أبي
أسامة عن عبد
الله بن الزبير
رضي الله عنه
قال: هي
الليلة التي
لقي رسول الله
صلى الله عليه
وسلم في يومها
أهل بدر، يقول
الله:
﴿وما
أنزلنا على
عبدنا يوم
الفرقان يوم
التقى الجمعان﴾
(سورة الأنفال
الآية 41) قال
جعفر رضي الله
عنه: بلغني
أنها ليلة ست
عشرة أو سبع
عشرة، وسعيد
بن منصور وابن
أبي شيبة ومحمد
بن نصر
والطبراني
وابن مردويه
عن ابن مسعود
رضي الله عنه
قال: التمسوا
ليلة القدر
لسبع عشرة خلت
من رمضان، فإنها
صبيحة يوم بدر
التي قال الله:
﴿وما أنزلنا
على عبدنا يوم
الفرقان يوم
التقى الجمعان﴾
وفي إحدى وعشرين
و ليلة ثلاث و عشرين ثم سكت.
من كلام
سيدي جلال الدين السيوطي |