فـي رياض الحبيب

ولي نظم در

إحيـاء التـراث الصوفـي

 

فـي رياض الحبيب

ذكر القاضى عياض فى كتابه الشفا فى تعريف حقوق المصطفى والعزفى مولده: (إن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا ينزل عليه الذباب)، وذكره بن سبع فى الخصائص بلفظ: (أنه لم يقع على ثيابه الذباب قط، وزاد أن من خصائصه أن القمل لم يكن يؤذيه).

عدم نومه: أخرج الشيخان عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: يارسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال: (ياعائشه إن عينى تنامان ولا ينام قلبى) وأخرج الشيخان عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تنام عينى ولا ينام قلبى)وفى رواية أخرى: (الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم).

حفظه من الإحتلام: أخرج الطبرانى من طريق عكرمه عن أنس بن مالك والدينورى فى المجالسه من طريق مجاهد عن بن عباس قال: قال صلى الله عليه وسلم: (ما إحتلم نبى قط وإنما الإحتلام من الشيطان).

الإستشفاء ببوله: أخرج الحسن بن سفيان فى مسنده وأبو يعلى والحاكم والدارقطنى وابو نعيم عن أم أيمن قال: قام النبى صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فخاره في جانب البيت فبال فيها فقمت من الليل وأنا عطشانه فشربت ما فيها، فلما أصبح أخبرته فضحك وقال: (إنك لن تشتكى بطنك بعد يومك هذا أبدا).

دمه: عن عامر بن عبد الله بن الزبير رضى الله عنه قال: أن أباه حدثه أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم فلما فرغ قال: (ياعبد الله إذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد)، فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل إلى الدم فشربه، فلما رجع قال: ياعبد الله ما صنعت بالدم؟ قال جعلته فى أخفى مكان علمت أنه يخفى عن الناس، قال: لعلك شربته؟ قال: نعم فقال صلى الله عليه وسلم: (ولم شربت الدم، ويل للناس منك وويل لك من الناس)، قال أبو موسى وأبو عاصم أن القوة التى أتت بن الزبير من قوة هذاالدم.

طـوله: أخرج بن خثيمه فى تاريخه والبيهقى وبن عساكر عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل البائن ولا بالقصير المتردد وكان ينسب إلى الربعه إذا مشى وحده ولم يكن على حال يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطويل إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولربما إكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما) وذكر بن سبع فى الخصائص ذلك وزاد عليه: (أنه كان إذا جلس يكون كتفه أعلى من جميع الجالسين)، ويتسائل البعض هل سيدنا النبى صلى الله عليه وآله وسلم أول الخلق؟ والجواب: كيف يدعى البعض أن سيدنا النبى ليس أول الخلق مع أن أبونا آدم توسل به: وقال تعالى له (ولولاه ما خلقتك) والحديث بتمامه مذكور فى باب التوسل.

 وإنظر لقوله تعالى: ﴿ألم تركيف فعل ربك بأصحاب الفيل﴾، فتأمل قوله ﴿ألم تر﴾ أى ألم تنظروتشاهد وأين كان سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم عام الفيل؟ فافهم وتأمل قوله تعالى: ﴿قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين﴾ الزخرف، بمعنى لو أن هناك ولد كما يدعي النصارى كنت رأيته لأننى أول العابدين وقال صلى الله عليه وسلم: (كنت أول الناس فى الخلق وأخرهم فى البعث) لإبن سعد فى الطبقات، وفى روايه أخرى (كنت أول النبين فى الخلق وآخرهم فى البعث)، وقال صلى الله عليه وسلم: (كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد) لإبن سعد فى الطبقات وأخرجه المناوى فى كنوز الحقائق وإليك هذا الحديث الذى يبين فيه صلى الله عليه وآله وسلم بداية الخلق: روى عبد الرازق بسنده فى كتابه (جنة الخلد) عن جابر بن عبد الله لأنصارى قال: قلت يارسول الله بأبى أ نت وأمى أخبرنى عن أول شىء خلقه الله تعالى قبل الأشياء قال: (ياجابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى ولم يكن فى ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا قمر ولاجن ولا إنس فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول القلم ومن الجزء الثانى اللوح ومن الجزء الثالث العرش ثم قسم الجزء الرابع اربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول حملة العرش ومن الثانى الكرسى ومن الثالث باقى الملائكة ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول السموات ومن الجزء الثانى الأراضين ومن الثالث الجنة والنار ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول نور أبصار المؤمنين ومن الجزء الثانى نور قلوبهم وهى المعرفة بالله ومن الثالث نور ألسنتهم وهو التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم نظر إليه فترشح النور عرقا فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرون ألفا وأربعة آلاف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبى ورسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة فالعرش والكرسى من نورى،والكروبيون من نورى والروحانيون من نورى، والعقل والعلم والتوفيق من نورى، وأرواح الأنبياء والرسل من نورى، والسعداء والصالحون من نتائج نورى ثم خلق الله آدم من الأرض وركب فيه النور وهو الجزء الرابع ثم إنتقل منه إلى شيث وكان ينتقل من طاهر إلى طيب إلى أن وصل إلى صلب عبد الله بن عبد المطلب ومنه إلى وجه أمى آمنه ثم أخرجنى إلى الدنيا فجعلنى سيد المرسلين وخاتم وقائد الغر المحجلين، هكذا بدء نبيك ياجابر).

محمد سيد أحمد

ولي نظم در

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، ونظم در كلماته في محكم آياته فبلغ بالغايه أوجا، وأرسل حبيبه المصطفى بالنور الذي محى ظلمات الدجى، وجعل أهل بيته سفن علم في بحار اللجى، وجعل الأولياء من أمته خير حصن لمن إليه إلتجا، فاللهم اجعهلم لنا نجوم الهدي إذ الجهل بالليل سجى.وبعد فإن أوجه البلاغة في الشعر العربي متعدده النواحي والمناحي فنجد البعض يستخدم الجناس او الطباق أو الترادف أو التلميح أو الإستعارة بشقيها التصريحي والمكني أو إلى ما غير ذلك من الصور الجمالية ليزركش النص الشعري بألوان من تلك الفنون بقصد الإستعراض أو إظهار التمكن أو محكاة أهل البلاغة، ولكنا في شراب الوصل لانجد مثل هذه الترهات لأن شراب الوصل ليس شعرشاعر أورجز راجز ولكنه قول حق لإرشاد السالكين إلى الله عز وجل، وأراد الشيخ الجليل بهذا البيت أن يصف خليفته والمسؤل عن إرشاد إمة الحبيب للوصول بهم إلى بر النجاة فكان لابد للمريد أن يستبين موضع رأسه وقدمه على الطريق

وعلى كاهل الأمين متاعي       وعليه الأمان وهو الصريم

وصَرَمَ الشيء قطعه وصرم الرجل قطع كلامه والاسم الصُّرْمُ بالضم و صَرَمَ النخل جده وباب الثلاثة ضرب و أصْرَمَ النخل حان له أن يُصْرَمَ و الانْصِرَامُ الانقطاع و التَّصَارُمُ التقاطع و التَّصَرُّمُ التقطع و الصَّرْمُ الجلد فارسي معرب و الصِّرَامُ بفتح الصاد وكسرها جداد النخل و الصَّارِمُ السيف القاطع ورجل صَارِمٌ أي جلد شجاع وقد صَرُمَ من باب ظرف و الصَّرِيمُ الليل المظلم والصريم أيضا الصبح وهو من الأضداد والصريم أيضا المجدود المقطوع قال الله تعالى ﴿فأصبحت كالصريم﴾ أي احترقت واسودت و الصَّرِيمَةُ العزيمة على الشيء

قال الراجز:

عَهْدي بأَظْعانِ الكـَت ُوم تُمْلَسُ ذا        صــِرْمٌ جَنانـِيٌّ بها مُطَسِّـسُ

أَنشد ابن الأعرابي:

ما زالَ في الحُوَلاءِ شَزْراً رائغـاً         عِنـْدَ الصَّرِيمِ، كرَوْغَةٍ من ثعْلَبِ

قال لبيد:

فاقْطَعْ لُبانَةَ من تَعَرَّضَ وَصْلــُه        ولَخَيْرُ واصِلِ خُلَّةٍ صَرَّامُهـــا

وأنشد ابن الأعرابي:

صرمْتَ ولم تَصْرِمْ، وأنتَ صَرُومُ        وكيفَ تَصابي مَنْ يُقالُ حَلِيــمُ؟

قال أَبو الهيثم

وطَوَى الفُؤادَ على قَضاءِ صَرِيمةٍ          حَذَّاءَ، واتَّخَذَ الزَّماعَ خـَلـِيـلا

ونأخذ معنى واحد من تلك لأن المساحة لاتكفينا وهو الصريم أي الليل حالك الظلمة والنهار ساطع الضياء أي أنك تستطيع أن تقول ليل صريم وأيضا نهار صريم وتلك صفة كانت في مولانا الشيخ إبراهيم رضي الله عنه لايعرفها إلا من ذاق كلاها فهو بديع الجمال ومتقنه وهو هزيع الجلال ومعتمه، صفة جمع الأضداد التى تعطى درة منظومة لا في قصيدة كاملة نسق ولابيت قد إتسق ولكن في كلمة واحدة فيها الليل عسعس ومنها الصبح تنفس.

محمد صفوت جعفر

إحيـاء التـراث الصوفـي

أخرج مسلم من عن مطرف قال بعث إليَّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فقال إني محدثك فإن عشت فاكتم عني وإن مت فحدث بها إن شئت إنه قد سلم عليّ، قال النووي في شرح مسلم معنى الحديث الأول أن عمران بن حصين كانت به بواسير فكان يصبر على ألمها وكانت الملائكة تسلم عليه واكتوى وانقطع سلامهم عليه ثم ترك الكي فعاد سلامهم عليه، قال وقوله في الحديث الثاني فإن عشت فاكتم عني أراد به الإخبار بالسلام عليه لأنه كره أن يشاع عنه ذلك في حياته لما فيه من التعرض للفتنة بخلاف ما بعد الموت، وقال القرطبي في شرح مسلم يعني أن الملائكة كانت تسلم عليه إكراما له واحتراما إلى أن اكتوى فتركت السلام عليه ففيه إثبات كرامات الأولياء انتهى، وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه من طريق مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين قال اعلم يا مطرف أنه كان يسلم على الملائكة عند رأسي وعند البيت وعند باب الحجرة فلما اكتويت ذهب ذاك قال فلما برأ كلمه قال اعلم يا مطرف أنه عاد إلي الذي كنت اكتم علي حتى أموت.

فانظر كيف حجب عمران عن سماع تسليم الملائكة لكونه اكتوى مع شدة الضرورة الداعية إلى ذلك لأن الكي خلاف السنة، قال البيهقي في شعب الإيمان لو كان النهي عن الكي على طريق التحريم لم يكتو عمران مع علمه بالنهي غير أنه ركب المكروه ففارقه ملك كان يسلم عليه فحزن على ذلك وقال هذا القول ثم قد روي أنه عاد إليه قبل موته. وقال ابن الأثير في النهاية يعني أن الملائكة كانت تسلم عليه فلما اكتوى بسبب مرضه تركوا السلام عليه لأن الكي يقدح في التوكل والتسليم إلى الله والصبر على ما يبتلى به العبد وطلب الشفاء من عنده وليس ذلك قادحا في جواز الكي ولكنه قادح في التوكل وهي درجة عالية وراء مباشرة الأسباب، وأخرج ابن سعد في الطبقات عن قتادة أن الملائكة كانت تصافح عمران بن حصين حتى اكتوى فتنحت عنه، وأخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن يحيى بن سعيد القطان قال ما قدم علينا البصرة من الصحابة أفضل من عمران ابن حصين أتت عليه ثلاثون سنة تسلم عليه الملائكة من جوانب بيته. وأخرج الترمذي في تاريخه وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة عن غزالة قالت كان عمران بن حصين يأمرنا أن نكنس الدار ونسمع السلام عليكم السلام عليكم ولا نرى أحدا، قال الترمذي هذا تسليم الملائكة. وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في كتاب المنقذ من الضلال ثم أنني لما فرغت من العلوم أقبلت بهمتي على طريق الصوفية والقدر الذي اذكره لينتفع به أنني علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطرق الله وأن سيرهم وسيرتهم أحسن السير وطريقهم أحسن الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق بل لو جمع عقل العقلاء وحكمة الحكماء وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء لغيروا شيئا من سيرهم وأخلاقهم ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلا فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظواهرهم وبواطنهم مقتبس وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به إلى أن قال حتى أنهم وهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يرتقي الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق هذا كلام الغزالي، وقال تلميذه القاضي أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية في كتاب قانون التأويل ذهبت الصوفية إلى أنه إذا حصل للإنسان طهارة النفس في تزكية القلب وقطع العلائق وحسم مواد أسباب الدنيا من الجاه والمال والخلطة بالجنس والإقبال على الله تعالى بالكلية علما دائما وعملا مستمرا كشفت له القلوب ورأى الملائكة وسمع أقوالهم واطلع على أرواح الأنبياء وسمع كلامهم، ثم قال ابن العربي من عنده ورؤية الأنبياء والملائكة وسماع كلامهم ممكن للمؤمن كرامة وللكافر عقوبة. وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد الكبرى وقال ابن الحاج في المدخل رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة باب ضيق وقل من يقع له ذلك إلا من كان على صفة عزيز وجودها في هذا الزمان بل عدمت غالبا مع أننا لا ننكر من يقع له هذا من الأكابر الذين حفظهم الله في ظواهرهم وبواطنهم. قال وقد أنكر بعض علماء الظاهر رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وعلل ذلك بأن قال العين الفانية لا ترى العين الباقية والنبي صلى الله عليه وسلم في دار البقاء والرائي في دار الفناء.

من تراث السيوطي