الحبيب في القرآنوالسنة

بالحقائق ناطقين

إلى من نحب ونرضى

 

الحبيب في القرآنوالسنة

لقد أظهر الله فى كتابه المبين نبوة نبيـه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بطرق كثيرة ومتنوعة، يعرف بها كمال صدقه صلى الله عليه وسلم، فأخبر أنه صدّق المرسلين، وأن جميع المحاسن التى فى الأنبياء فهى فى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كما أظهر نبوته بأنه أمى لا يكتب ولا يقرأ، فتارة يظهر نبوته بكمال حكمة الله وتمام قدرته وأن تأييده لرسوله ونصره على أعدائه، وتارة يقررها بما هو موجود فى كتب الأولين وبشارات الأنبياء والمرسلين، إما باسمه العَلم أو بأوصافه الجليلة وأوصاف أمته وأوصاف دينه، وتارة يقرر رسالته بذكر عظمة ما جاء به وهو القرآن الذى ﴿لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد﴾ فهذه الأمور قد أكثر الله من ذكرها فى كتابه العزيز بعبارات متنوعة ومعانى مفصلة وأساليب عجيبة، وأمثلتها تفوق العد والإحصاء، فهذه الأمور هى من الأدلة العقلية المتفقة مع الأدلة النقلية.

وقد نصر الله نبيـه وحبيبه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأظهر صدقه وأيـده على أعدائه ونصره عليهم حتى طأطأت أمامه رؤوس الجبابرة وخضعت له صناديد قريش وبلغت دعوته المشارق والمغارب واعترف بصدقه القريب والبعيد والعدو المحارب.

ومن هنا فإننا نخاطب العقول التى تعى أن تتأمل فى حياة ذلك الرجل العظيم، الذى شهد بنبوته كل منصف من أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام الذى كان يهوديا قبل إسلامه، فلما رأى وجه النبى محمد صلى الله عليه وسلم قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت فى الناس لأنظر إليه، فلما استثبت وجهه صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب) رواه الإمام أحمد والترمذى وابن ماجه، وهو الذى قال الله فى شأنه ﴿وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم﴾ ولذا ذهب غير واحد من المفسرين إلى أن المقصود بالآية هو عبد الله بن سلام رضى الله عنه، فهو قد شهد شهادة الحق، وأخبر عن صفة النبى صلى الله عليه وسلم فى التوراة وقصة إسلامه فى صحيح البخارى.

وكذلك شهد هرقل (رئيس النصارى فى زمانه) بصدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه لما جاء كتاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى هرقل (عظيم الروم) لم يقل: هذه رسالة خاصة بالعرب، ولا بالأعراب، كما لم يقل هذا غير صادق، وإنما قال لأبى سفيان -وكان أبو سفيان آنذاك مشركا- فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدميّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أنى أعلم أنى أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمـه. رواه البخارى ومسلم. وآمن به النجاشى ملك الحبشة وقال عنه القرآن، وقد سمع آيات من سورة مريم فبكى حتى أخضلت لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلت لحاهم حين سمعوا ما تلى عليهم، ثم قال النجاشى: إن هذا والله والذى جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة. رواه الإمام أحمد.

حسين محمد سيد

بالحقائق ناطقين

أَربعةٌ تزيدُ في العَقْلِ: ترك الفضول من الكلام، والسِّواك ومجالسة الصّالحين،ومجالسة العلماء، وأكل الفول يزيد في الدِّماغ، والدِّماغ يزيد في العقل.

هكذا قال الشافعي رضي الله عنه كما ورد في كتاب آداب الشافعي وحلية الأولياء لأبو نعيم وسير أعلام النبلاء للذهبي، والذي دفعني لقراءة هذه الكتب هو الحرص الشديد من مولانا الشيخ إبراهيم رضي الله عنه على تواجد طبق الفول في وجباته، بل أن أحد الإخوان قد حكى لي أن مولانا الشيخ إبراهيم كان مضيفه في رمضان على وجبة الإفطار وقد أعد هذا الأخ ما لذ وطاب على مائدة الإفطار وبعد أن صلى الشيخ رضي الله عنه صلاة المغرب إتجه إلى المائدة ونظر فيها مليا ثم نادى هذا الأخ وقال له أين طبق الفول؟

وتحير الأخ واستغرب ونظر إلى المائدة فعليها من اللحوم والأسماك والطيوروالخضروات والفاكهة مالم يوجد على مائدة سواها إلا في الجنة مثلا، ولكن الشيخ قطع عليه استغرابه وحيرته وقال عليك أن تسرع بإحضار طبق الفول وبعدها ارجع لكتب الشافعي رضي الله عنه واقرا ما كتب عن الفول حينما نزل إلى مصر، وبالفعل فإن ذلك الأخ قد بحث حتى عثر على هذه الكتب وقراها ثم دفعها إلي بعد ذلك لكي أقراها وهي الكتب التي أشرت إليها في أعلى المقال.

وكان رضي الله عنه يمزح ويسمي الفول بحبوب منع الفهم، وقدعلمت أن الفهم قيد على العلوم فإذا اتسع الدماغ إرتقي للسعة التي تعلو المفاهيم، ولذا إذا تحدث المشايخ بما لايخطر على عقولنا فما هم إلا بالحقائق ناطقين.

هاديه الشلالي

إلى من نحب ونرضى

إلى الحبيب ابن الحبيب أبو الحبيب إلى عطاء الله إلى صاحب الحمى إلى الأب الذى تعجز أى كلمات عن ذكر خصائصه ومعانيه إلى الإمام ابن الإمام أبو الإمام مولانا
الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى

صدق الله العظيم حيث يقول فى سورة النساء:

﴿يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبيناv فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم فى رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيم﴾ قيل أن البرهان هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنور المبين هو الكتاب الكريم وذلك من حديث ابن عساكر عن سفيان الثورى، وقيل أن البرهان هو الحجة كما قال ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد، وقيل البرهان هو البينة والنور المبين هو القرآن كما أخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة.

ويقول البيضاوى فى تفسيره: البرهان المعجزات والنور القرآن، أى قد جاءكم دلائل العقل وشواهد النقل ولم يبق لكم عذر ولا علة، وقيل البرهان الدين أو رسول الله صلى الله عليه وسلم أو القرآن.

وأما ابن كثير فيقول فى تفسيره:

يقول تعالى مخاطبا جميع الناس ومخبرا بأنه قد جاءهم منه برهان عظيم وهو الدليل القاطع للعذر والحجة المزيلة للشبه، ولهذا قال ﴿وأنزلنا إليكم نورا مبين﴾ أى ضياءً واضحا على الحق.

ويقول الإمام القرطبى فى تفسيره:

قوله تعالى ﴿يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم﴾ يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم عن الثورى وسماه برهانا لأن معه البرهان وهو المعجزة وقال مجاهد البرهان هاهنا الحجة والمعنى متقارب فإن المعجزات حجته صلى الله عليه وسلم والنور المنزل هو القرآن.

ويقول الإمام الطبرى فى تفسيره:

القول فى تأويل قوله تعالى ﴿يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبين﴾ يعنى يا أيها الناس من جميع أصناف الملل يهودها ونصراها ومشركيها الذين قص الله قصصهم فى هذه السورة قد جاءكم برهان من ربكم أى حجة من الله تبرهن لكم بطول ما أنتم عليه مقيمون من أديانكم ومللكم وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذى جعله الله عليكم حجة قطع بها عذركم وأبلغ إليكم فى المعذرة بإرساله إليكم مع تعريفه إياكم صحة نبوته وتحقيق رسالته يقول وأنزلنا إليكم معه نورا مبينا يعنى يبين لكم المحجة الواضحة والسبل الهادية إلى ما فيه لكم النجاة من عذاب الله وأليم عقابه إن سلكتموها واستـنرتم بضـوئه وذلك النـور المبين هو القرآن الذى أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم. ومن هنا وضع الإمـام فخر الدين رضى الله عنه هذه الآيات فى صدر ديوانه الفريد (شراب الوصل) واقتفاءا بهذه الآيات يقول:

من كمال العطاء من فيض وهب      أيها الناس جاءكم إبراهـيــم

وكأنه رضى الله عنه اقتفاءا بهذه الآيات الكريمة يخاطب جميع الناس من باب الرحمة النبوية ومن باب ورثة الأنبياء (العلماء) أن يحثهم على إتباع هذا الوارث الكريم الذى لا يريد بالناس إلا خيرا، فإذا سمحت لى أيها القارئ الكريم أن آخذك لنغوص فى بحور هذا البيت المنظوم نظما فريدا ونتتبع كلماته فنجد كلمة (كمال) فإنها تدل على ذروة الشئ، فكما يقول السلف الصالح:

كمال الطهارة (الغسل) وكمال العقل (الرشد) وكمال البصر (البصيرة) وكمال الرجولة (المروءة) وكمال الغيظ (كظمه) وكمال السماحة (العفو) وكمال كل هذا (الأخلاق) كما يقول الحبيب الأعظم صلوات ربى وسلامه عليه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقال أيضا (تخلقوا بأخلاق الله) والكمال كله هو سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وورثته رضوان الله عليهم أجمعين، فانظر معى أيها القارئ الكريم إلى من فيه كل هذه الصفات النبوية الجليلة العظيمة فهو أولى أن يتبع.

ثم نأتى بعد ذلك إلى كلمة (العطاء) فهى كلمة فحواها عظيم وان دلت فهى تدل على الرفد وهو العطاء والجزل وهو العطاء والحبو وهو العطاء والرزق وهو العطاء والمنح وهو العطاء، فماذا عن رجل فيه كل هذا.

ثم نأتى بعد هذا إلى كلمة (فيض) يقول أهل اللغة فى معناها أى الكثير ومعناها النهر، يقال رجل فياض لسعة عطائه ويقال رجل فياض أى وهاب جواد والوهاب هو الكثير الهبة ، فماذا أيها الناس إن جاءكم رجل فيه كل هذا؟

لا أستطيع أيها الأخ القارئ الكريم إلا أن أستعير قول الله عز وجل ﴿يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم فى رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيم﴾ فيا فرحنا ويا سعدنا ويا عزتنا بنبينا النبى الكريم الرحيم وبأهل بيته الأكرمين الوارثين الذين هم سفن النجاة، اللهم انفعنا بهم وبحبهم.