زين الدين العراقى والتصوف

لقد قرأت على صفحات الإنترنت بعض الآراء عن الصوفية وقد استشهدوا بآراء العلماء والحفاظ، ومما أثار شعورى أنهم قالوا أن الحافظ زين الدين العراقى قد قدح فى حق الإمام الغزالى والشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى رضى الله عنهما، وأنا هنا سوف أترك المجال للحجة العراقى للرد بنفسه على هذه الترهات، فقال رضى الله عنه عن كتاب (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالى:

يضم الكتاب بأجـزائه مباحث فى أمور الدين حيث يتناول فيه الغزالى أحكام الإسلام وعقائده وأخلاقه بأسلوب الواعظ الفاهم المدرك لأحوال النفوس وخفاياها، ولأمراض القلب الروحية، مما جعل هذا الكتاب متميزا على ما سواه بقوة تأثيره على قارئه تأثيرا روحيا يجعله يطلب من وراء العبادة صلاح قلبه ورضوان ربه، لا مجرد أداء العبادات شكليا بحيث تعتبر صحيحة فى موازين الفقه العادى.

ويعد الكتاب موسوعة شاملة لكل ما يهم الفرد المسلم فى أمور دينه سواء من حيث العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق، ويشمل مصالح الفرد والجـماعة، وأسلوبه أسلوب العامل بعلمه، الهادف إلى الارتقاء بقارئه من صورة التعليم العادية الجـافة إلى مستوى العلم السلوكى الذى يدفع إلى العمل والتطبيق لا مجرد العلم فقط، وبالعودة لمضمون هذا الكتاب نجد أن الإمام الغزالى قد بنى كتابه على أربعة أرباع:

الأول العبادات

وذكر فيه من خفايا آداب العبادات، ودقائق سننها، وأسرار معانيها، وجـعل الطريق إليها والعمل بها فى تفاصيل لم تذكر فى كتب الفقه ويحتاج إليها للعمل به.

الثانى العادات

وذكر فيه أسرار المعاملات الجارية بين الخلق ودقائق سننها، وخفايا الورع فى مجاريها وهى مما لا يستغنى المسلم عنها فى معاملاته مع الخلق.

الثالث المهلكات

وذكر فيه كل خلق مذموم ورد ذكره فى القرآن وحذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر فى كل واحد من هذه الأخلاق حده وحقيقته، ثم سببه الذى يتولد منه، ثم الآفات التى عليها يترتب، تلك العلامات التى بها يعرف ثم يعرج على طرق المعالجة التى منها يتخلص، كل ذلك مقرونا بشواهد من الآيات والأخبار والآثار.

الرابع المنجيات

وذكر فيه كل خلق محمود، وخصـلة مرغوب فيها من خصـال المقربين والصـديقين التى يتقـرب بها العبد من رب العالمين، ويـذكر فى كل خصلة حقيـقتها وحدها وسببها الذى بها تجتلب، وثمرتها التى منها تستفاد، وعلامتها التى بها تعرف، وفضيلتها التى لأجلها فيها ترغب وما ورد فيها من شواهد الشرع والعقل.