الكعبةالمشرفة

تحظى الكعبة بالتقديس والإكبار حتى فى عصور الجاهلية التى قبل الإسلام، كما زينت بالذهب والفضة، والكعبة عبارة عن بناء مكعب تقريبا ومن هنا جاءت تسميتها بالكعبة، وهى تقع وسط المسجد الحرام، ويذكرئأن الكعبة بناها سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام.

وهى قبلة المسلمين، وقد جعلها الحق سبحانه منارا للتوحيد ورمزا للعبادة. يبلغ ارتفاع الكعبة من الأرض إلى السماء 15 متر وفى ضلعها الشرقى يقع بابها وهو مرتفعا عن الأرض نحو مترين.

أما المسجد الحرام فهو ذلك البناء المحيط بالكعبة، وأول من بناه أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه.

أركان الكعبة

الركن الأسود

سمى كذلك لاحتوائه على الحجر الأسود، ويسمى أيضا بالركن الشرقى ومنه يبتدأ الطواف.

الركن العراقى

سمى بذلك لأنه إلى جهة العراق، ويسمى هذا الركن أيضا بالركن الشمالى نسبة إلى جهة الشمال، وبين هذا الركن والركن الأسود يقع باب الكعبة.

الركن الشامى

سمى بذلك لأنه إلى جهة الشام والمغرب، ويسمى هذا الركن أيضا بالركن الغربى وبين هذا الركن والركن العراقى يقع حجر سيدنا إسماعيل عليه السلام والذى يصب فيه ميزاب الكعبة وهو مصنوع من الذهب الخالص ومطل على حجر سيدنا إسماعيل عليه السلام.

الركن اليمانى

سمى باليمانى لاتجاهه إلى اليمن وقد يطلق على الركن اليمانى والركن الأسود (اليمانيان) كما يطلق على الركن العراقى والركن الشامى (الشاميان) وربما قيل (الغربيان) وإذا قيل (الركن) وحده فالمراد به الركن الأسود فقط.

الحجر الأسود

يوجد فى الجنوب الشرقى من الكعبة وهو يمين الله فى الأرض يصافح بها عباده المؤمنين وهو حجر ثقيل بيضاوى الشكل أسود اللون مائل إلى الحمرة وقطره 30 سم ويحيط به إطار من الفضة، ويطلب من الطائف تقبيل الحجر فى كل شوط إن أمكن أو يشير إليه بيده ثم يقبله.

ومقدار ارتفاع الحجر الأسود عن الأرض بحيث يمكن لكل إنسان تقبيله بسهولة حوالى 50.1متر.

وقد ورد فى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما ولولا أن طمس نورهما لأضاء ما بين المشرق والمغرب) وقد ورد فى الحديث أيضا (أن الحجر الأسود نزل من الجنة أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بنى آدم).

الإطار الفضى

ورد أن سيدنا عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما هو أول من ربط الحجر الأسود بالفضة، ثم تتابع الخلفاء فى عمل الأطواق من الفضة كلما اقتضت الضرورة، وفى شعبان 1357هـ وضع الملك سعود بن عبد العزيز طوقا جديدا من الفضة وقد تم ترميمه فى عهد خادم الحرمين فى 1422هـ.

الملتزم

وهو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة المشرفة ومقداره نحو مترين، وهو موضع إجابة الدعاء ويسن به الدعاء مع إلصاق الخدين والصدر والذراعين والكفين، وقد أورد ابن ماجة فى سننه أن سيدنا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما طاف وصلى ثم استلم الركن ثم قام بين الحجر والباب فالصق صدره ويديه وخده إليه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.

وقد أورد الفاكهى صاحب (أخبار مكة) أن أبو الزبير قال: رأيت عبد الله بن عمر وابن عباس وعبد الله بن الزبير رضى الله عنهما يلتزمونه، وقال ابن عباس رضى الله عنهما: إن ما بين الحجر والباب لا يقوم فيه إنسان فيدعو الله تعالى بشئ إلا رأى فى حاجته بعض الذى يحب.

أسماء الكعبة

الكعبة المشرفة لها عدة أسماء وردت فى القرآن الكريم منها:

الكعبة: لقوله تعالى ﴿جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس﴾.

البيت: لقوله تعالى ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل﴾.

البيت العتيق: لقوله تعالى ﴿وليطوفوا بالبيت العتيق﴾.

البيت الحرام: لقوله تعالى ﴿ولا آمين البيت الحرام﴾.

البيت المعمور: لقوله تعالى ﴿والطورv وكتاب مسطورv فى رق منشورv والبيت المعمور﴾.

البيت المحرم: لقوله تعالى ﴿ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم﴾.

 

أصل وظائف القائمين على الكعبة

لما تشقق بناء الكعبة فى عهد قصى أعيد بناؤها، ورتب قصى وظائف القائمين على الكعبة وحدد مدلولاتها، وهذه الوظائف هى:

السقاية

بعد ردم بئر زمزم أصبح الماء شحيحا فى مكة، فكان من يتولى السقاية يحضر الماء من ديار بعيدة، ويضعه فى حياض، ويحليه بشئ من التمر والزبيب ليشرب منه الحاج.

الرفادة وإطعام فقراء الحجاج

فرض قصى على قريش أن يقدم كل فرد منها شيئا إليه ليصنع طعاما لفقراء الحجاج والمحتاجين.

اللواء

وهو الدعوة إلى الحرب برفع راية فوق رمح ويتبعها قادة الجيوش.

الحجابة

وهى خدمة الكعبة المشرفة، وتولى أمرها ومفاتيحه.

وبعد قصى انتقلت وظائف الكعبة إلى ابنه عبد الدار لكبر سنه، ثم أعطيت السقاية والرفادة لأبناء عبد مناف، وأعطيت الحجابة واللواء والندوة لعبد الدار.

بناء الكعبة وعمارتها عبر العصور

بنيت الكعبة عدة مرات بعضها اتفق على ثبوته وبعضها اختلف فيه، فالمتفق عليه هو:

بناء سيدنا إبراهيم عليه السلام.

بناء قريش.

بناء سيدنا عبد الله بن الزبير.

بناء الحجاج بن يوسف بإذن من عبد الملك بن مروان.

والمختلف فيه هو:

بناء الملائكة.

بناء سيدنا آدم عليه السلام.

بناء سيدنا شيث بن آدم عليهما السلام.

بناء العمالقة لها بعد سيدنا إبراهيم عليه السلام.

بناء جرهم بعد العمالقة.

بناء قصى بن كلاب بعد جرهم.

بناء عبد المطلب بعد قصى.

واختلف فى أول من بناها فقيل: وضعها الله لسيدنا آدم دون أن يبنيها أحد، وقيل بنتها الملائكة قبل سيدنا آدم ثم بناها هو وقيل سيدنا شيث وقيل سيدنا إبراهيم عليهم السلام.

وأقرب هذه الأقوال إلى الصواب أنه سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو اختيار ابن كثير حيث يقول: قال ابن عباس (لو لم يحج الناس هذا البيت لأطبق الله السماء على الأرض) وما هذا الشرف إلا لشرف بانيه أولا وهو خليل الرحمن، كما قال تعالى ﴿وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بى شيئ﴾ وقال تعالى ﴿إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين v فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا﴾.

واستدل القائلون بهذا القول أيضا بقول الله تبارك وتعالى ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم﴾.

بناء سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام

للكعبة المشرفة تاريخ طويل، مرت فيه بمراحل عديدة، ويبتدأ تاريخها فى عهد نبى الله سيدنا إبراهيم وولده سيدنا إسماعيل عليهما السلام حين أمره الله سبحانه وتعالى بأن يسكن مكة هو وأهله، وكانت مكة فى ذلك الوقت جدباء قاحلة.

وبعد الاستقرار فى مكة وبلوغ سيدنا إسماعيل عليه السلام أذن الله تعالى لهما ببناء الكعبة ورفع قواعدها، يقول الله تعالى ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل من﴾ فجعل سيدنا إسماعيل عليه السلام يأتى بالحجارة وسيدنا إبراهيم يبنى، وارتفع البيت شيئا فشيئا، حتى أصبح عاليا لا تصل إليه الأيدى، وعندها جاء سيدنا إسماعيل عليه السلام بحجر ليصعد عليه سيدنا إبراهيم عليه السلام ويكمل عمله، واستمرا على ذلك وهما يقولان ﴿ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم﴾ حتى تم البناء واستوى.

ثم استقرت بعض القبائل العربية فى مكة من (العماليق) و(جرهم) وتصدع بناء الكعبة أكثر من مرة نتيجة لكثرة السيول والعوامل المؤثرة فى البناء، وكان أفراد تلك القبيلتين يتولون إصلاحها ورعايتها.

بنـاء قريش

مرت السنون وحفظ الله تعالى البيت الحرام، وقامت قريش على عمارته وسقاية الحاج إلى أن استجدت ظروف دعت قريشا إلى تجديد بناء الكعبة، فبعد عام الفيل بحوالى ثلاثين عاما وقيل قبل البعثة النبوية بخمس سنين، حدث حريق كبير بالكعبة، وذلك أن امرأة من قريش كانت تبخر الكعبة فاشتعلت النار فى الكعبة، فضعف البناء، ثم جاء بعد ذلك سيل حطم أجزاء كبيرة من الكعبة فقامت قريش بهدمها وإعادة بنائها.

وكان بناء الكعبة آنذاك على هيئة حجارة منضودة موضوعة بعضها فوق بعض من غير طين، مما جعل السيول التى تجتاح مكة بين الحين والآخر تؤثر على متانة الكعبة فأوهت بنيانها وصدعت جدرانها، حتى كادت أن تنهار، فقررت قريش إعادة بناء الكعبة بناءً متينا يصمد أمام السيول.

قال ابن إسحاق: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة جمعت قريش لبنيان الكعبة، وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها، ويهابون هدمها، وإنما كانت رضما فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها، وذلك أن قوما سرقوا كنز الكعبة وكان فى بئر فى جوف الكعبة، وكان البحر قد رمى سفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم فتحطمت، فأخذوا خشبها فأعدوه لسقفها.

ويذكر أن الصانع الذى قام بعملية البناء هو (باقوم) وهو رومى الأصل وكان ملما بصناعة البناء والنجارة، وكانت هناك حية تخرج من بئر الكعبة التى كان يطرح فيه ما يهدى لها كل يوم فتتشرق على جدار الكعبة، وكانت مما يهابون، وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا كشت وفتحت فاها، فبينما هى ذات يوم تتشرق على جدار الكعبة، بعث الله إليها طائرا فاختطفها وذهب بها، فقالت قريش: إنا لنرجو أن يكون الله قد رضى ما أردنا، فعندنا عامل رفيق وعندنا خشب وقد كفانا الله شر الحية.

فلما أجمعوا أمرهم فى هدمها وبنائها قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ المخزومى فتناول من الكعبة حجرا، فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه، فقال: يا معشر قريش، لا تدخلوا فى بنيانها من كسبكم إلا طيبا ولا يدخل فيها مهر بغى ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس.

ولكن قريشا تهيبت من هدم الكعبة وخشيت أن يحل عليهم بذلك سخط الله، فقال لهم الوليد بن المغيرة: أنا أبدؤكم فى هدمها، فأخذ المعول وبدأ بالهدم وهو يقول: اللهم لم نزغ ولا نريد إلا الخير، فهدم من ناحية الركنين، فترقب الناس ليلتهم ليروا هل أصاب المغيرة شر بسبب ما فعل. فلما رأوه يغدو عليهم لا بأس به، قاموا إلى الكعبة فأكملوا هدمها، حتى لم يبق منها إلا أساس سيدنا إبراهيم عليه السلام، وقد أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنة آخذ بعضها بعضا، فأدخل بعضهم عتلة بين حجرين منها ليقلع أحدهما فلما تحرك الحجر انتفضت مكة بأسرها فانتهوا عند ذلك الأساس.

ثم إن قريشا تجزأت الكعبة، فكان شق الباب لبنى عبد مناف وزهرة، وما بين الركن الأسود واليمانى لبنى مخزوم وقبائل من قريش أضيفت إليهم، وكان ظهر الكعبة لبنى جمح وبنى سهم، وكان شق الحجر لبنى عبد الدار وبنى أسد بن عبد العزى وبنى عدى وهو الحطيم.

ثم تلى ذلك مرحلة البناء، فتم تقسيم العمل بين القبائل، وتولت كل واحدة منها ناحية من نواحى الكعبة، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادى، فلما بلغوا خمسة عشر ذراعا سقفوه على ستة أعمدة.

وقد قامت قريش ببناء الكعبة عام 18 قبل الهجرة وقد اتفقوا أن لا يدخلوا فى بنائها إلا طيبا فقصرت بهم النفقة فأخرجوا من جهة الحجر (الحطيم) 3 متر ووضعوا علامة تدل على أنه من الكعبة.

ومن مميزات بنائهم أن النبى صلى الله عليه وسلم قد شارك فى بناء الكعبة، كما أنهم رفعوا الباب من مستوى المطاف ليدخل الكعبة من أرادوه وسدوا الباب الخلفى المقابل لهذا الباب، وسقفوا الكعبة وجعلوا لها ميزابا يسكب فى الحطيم ورفعوا بناء الكعبة 8.64 متر بعد أن كان 4.32 متر وأكبر ميزة لهذا البناء مشاركة النبى صلى الله عليه وسلم فى البناء بنقل الحجارة ووضع الحجر الأسود.

وقد ثبت فى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للسيدة عائشة رضى الله عنها (ألم ترى أن قومك قصرت بهم النفقة ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا، وأدخلت فيها الحجر).

ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود دب الشقاق بين قبائل قريش، فكل يريد أن ينال شرف رفع الحجر إلى موضعه، وكادوا أن يقتتلوا فيما بينهم، حتى جاء أبو أمية بن المغيرة المخزومى فاقترح عليهم أن يحكموا فيما اختلفوا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام، فوافقوا على اقتراحه وانتظروا أول قادم، فإذا هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أن رأوه حتى هتفوا: هذا الأمين .. رضينا .. هذا محمد .. وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر فقال صلى الله عليه وسلم (هلم إلى ثوبا) فأتوه به فوضع الحجر فى وسطه ثم قال (لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا) ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه، أخذه بيده الشريفة ووضعه فى مكانه، وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة.

بناء سيدنا عبد الله بن الزبير

سيدنا عبد الله بن الزبير عندما أعلن خلافته بمكة وكان ذلك فى عام 65هـ وبعد استشهاد الإمام الحسين وعقب موت سيدنا معاوية، قرر أن يعيد بناء الكعبة على نحو ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حياته، فقام بهدمها، وأعاد بناءها، وزاد فيها ما قصرت عنه نفقة قريش، وكان حوالى ستة أذرع، وزاد فى ارتفاع الكعبة عشرة أذرع، وجعل لها بابين أحدهما من المشرق والآخر من المغرب، يدخل الناس من باب ويخرجون من الآخر، وجعلها فى غاية الحسن والبهاء، فكانت على الوصف النبوى كما أخبرته بذلك خالته السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، وكان قد بناها بالجص النقى من اليمن، ولما فرغ من بنائها ضمخها بالمسك والعنبر وكساها بالديباج، وكان انتهاؤه من بنائها فى شهر رجب سنة 69هـ.

بناء الحجاج بن يوسف الثقفى

فى عام 74هـ وفى عهد عبد الملك بن مروان كتب الحجاج بن يوسف الثقفى إليه فيما صنعه ابن الزبير فى الكعبة، وما أحدثه فى البناء من زيادة، وظن أنه فعل ذلك بالرأى والاجتهاد، فرد عليه عبد الملك بأن يعيدها كما كانت عليه من قبل، فقام الحجاج بهدم الحائط الشمالى وأخرج الحجر كما بنته قريش، وجعل للكعبة بابا واحد فقط ورفعه عاليا، وسد الباب الآخر، ثم لما بلغ عبد الملك بن مروان حديث السيدة عائشة رضى الله عنها ندم على ما فعل وقال: وددنا أنا تركناه وما تولى من ذلك، وأراد عبد الملك أن يعيدها على ما بناه ابن الزبير، فاستشار الإمام مالك رضى الله عنه فى ذلك، فنهاه خشية أن تذهب هيبة البيت، ويأتى كل ملك وينقض فعل من سبقه، ويستبيح حرمة البيت.

بناء محمد على باشا

فى عهد الخلافة العثمانية اجتاحت مكة أمطار غزيرة وأعقبها سيل جارف عم منطقة الكعبة وقد وصل ارتفاع السيل إلى طوق القناديل المعلقة مما سبب ضعف بناء الكعبة، وحينئذ أرسل محمد على باشا مندوبا، وخوّله القيام بما يصلح البناء المقدس، وبدأ العمل بحركة تنظيف واسعة وإزالة الرمال والأشياء العالقة بالسيل، ثم أرسل آلات ومؤنا واسعة لعملية الإصلاح والبناء، كما أرسل النحاتين والمهندسين والعمال، وانتهت أعمال البناء فى الثانى والعشرين من رمضان سنة 1240هـ.

ولازالت الكعبة شامخة، تهفوا إليها قلوب المؤمنين، وستظل كذلك حتى يقضى الله أمره فى آخر الزمان بهدم الكعبة على أيدى الأحباش واستخراج كنز الكعبة، وفى الجملة فإن الكعبة لها تاريخ طويل ملئ بالأحداث والعبر التى لابد لنا أن نعيها ونستفيد منها.

يذكر أن أول من كسا الكعبة هو تبع الآخر اليمانى (أسعد الحميرى) وكانت تكسى القباطى، ثم كسيت البرود.

عمارة الكعبة فى العصر الحديث

فى عام 1958 أجريت فى عهد المملكة الحديثة العديد من التعديلات والإصلاحات بدءا من عهد الملك عبدالعريز، غير أن أبرز التعديلات قد أجريت فى عهد الملك فهد، حيث تم فيها ترميم الجدران الخارجية للكعبة بشكل كامل، كما تم تجديد الكعبة من الداخل بصورة شاملة، وكان العمل قد بدأ فى هذا الترميم الكبير للكعبة فى منتصف شهر نوفمبر عام 1996 وقد استغرق زهاء ستة شهور وكانت هذه آخر عمارة للكعبة المشرفة.

باب الكعبة المشرفة

يرتفع باب الكعبة المشرفة عن أرض المطاف بحوالى 2.5متر وطول الباب حوالى 3.06متر وعرضه 1.68متر والباب الموجود اليوم تم صنعه من الذهب حيث بلغ مقدار الذهب المستخدم فيه حوالى 280 كجم عيار 99.99 بتكلفة إجمالية بلغت 13 مليونا و420 ألف ريال عدا كمية الذهب.

مقاييس حول الكعبة المشرفة

مقدار فتحة حجر سيدنا إسماعيل من الجهة الشرقية حوالى 2.65متر.

مقدار فتحة حجر سيدنا إسماعيل من الجهة الغربية حوالى 2.58متر.

الطول ما بين جدار حجر سيدنا إسماعيل من وسطه من الجهة الشامية إلى دائرة المطاف الذى أمام المقام الحنفى حوالى 12متر.

الطول ما بين شذروان الكعبة من وسط جدار الجهة اليمانية إلى دائرة المطاف الذى أمام المقام الحنبلى حوالى 15.80متر.

الطول ما بين شذروان الكعبة من وسط جدار الجهة الغربية إلى دائرة المطاف الذى أمام المقام المالكى حوالى 15.80متر.

الطول ما بين ميزاب الكعبة إلى وسط جدار حجر سيدنا إسماعيل عليه السلام حوالى 8.36 متر.

 

الكعبة مركز الأرض

قال تعالى ﴿وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حوله﴾ وكان هذا الأمر يدل على أن مكة هى مركز الأرض وأن إشعاع رسول الله صلى الله عليه وسلم لابد أن يساوى بين جميع الجهات، وظهرت حقيقة مهمة جدا فالكون يتحول إلى ظلمة بعد مائتى كيلو لأن الظلام هو الأساس فى الكون ويقول سبحانه ﴿وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون﴾ وقوله سبحانه ﴿أأنتم أشد خلقًا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاه﴾.

فرواد الفضاء عندما صعدوا إلى أعلى رأوا وسط هذه الظلمة الحالكة شعاعا ضوئيا يصدر من الأرض نظروا إلى أسفل فوجدوه صادرا من مكة وتتبعوه فى مكة فوجدوه صادرا عن بيت الله الحرام، ورفعوا رؤوسهم إلى أعلى حيث نهاية الإشعاع فوجدوه مستمرا ضاربا فى أعماق الكون والفضاء بلا منتهى وللأسف اخفوا هذه الحقيقة عن العالم حتى شاء الله كشفها، فبيت الله الحرام هو قرار له مغزاه وحتى الحمائم والطيور تلف حول البيت ولا تطير فوقه، فالطيور ترى ما لا نراه فنحن نرى من اللون الأحمر إلى اللون البنفسجى أى من 400 ألف مليون ذبذبة فى الثانية إلى 700 ألف مليون ذبذبة فى الثانية وخارج هذه الحدود فنحن لا نرى شيئا ولذلك يقول الحق سبحانه ﴿فلا أقسم بما تبصرون v وما لا تبصرون﴾ فنحن نرى جزءا من عشرة ملايين جزء، والطيور ترى ما لا نرى، فالكعبة هى مركز الأرض والدوران والطواف يبدأ من هذا المركز.