العدد الثامن  (سبتمبر)

 

ركن المرأة

ركن الطفل

فَتِيْ السَوَاعِدِ

يُحكى أن


 


ركن المرأة

احترام خصوصية الآخرين

أسرعت الأم نحو غرفة ابنتها من أجل استشارتها في بعض الأمور لم تردد لحظة في دخول الغرفة لأن ذهنها كان مشغولا ببعض الأمورأصا بتها الدهشة عندما سمعت صوت ابنتها تطالبها بالخروج من الغرفة بلهجة لا تخلو من الجدية وقفت الأم برهة وانتابها الغضب للوهلةالأولى ولكنها سرعان ما أدركت أن الابنة محقة وأنه كان عليها الاستئذان وكانت الأم صحفية وقد دفعها هذا لكتابة مقالها اليومى حول خصوصية الأبناء وضرورة احترامها.

ومن هنا ننطلق لنتحدث حول وجود حياة خاصة لكل فرد، وجوب احترامها وعدم التعدي عليها، ونحن إذا ولجنا تلك الغرف المغلقة في غياب أصحابها وحاولنا التجسس أصبحنا عند صاحبها كالسارق الذي يحاول ان يدخل من خلال النافذة وفي الأثر من اطلع على قوم من ثقب باب ففقئت عينُه فعينُه هدر أي إذا تجسس إنسان على أناس يجلسون في غرفة من خلال ثقب المفتاح وتسبب هذا في فقده لعينه فلا دية فيها بل يأثم المرء في أقل من ذلك، قال سيدنا عمر رضي الله عنه (من ملأ عينه من قاعة بيت فقد فسق).

 ونلاحظ أن بعض الناس إذا دخلوا بيتا أو مكتبا عبثوا بالأشياء التي حولهم في البيت أو المكتب من تحف وأوراق وغيرها وقد يتسبب هذا في اطلاعهم على أسرار البيت أو المكتب وما لاينبغي أن يطلعوا عليه الأمر الذي يتسبب في استياء رب المنزل أو صاحب المكتب ، وربما تجرَّأ بعض الناس فطلبوا صورة أو لوحة أو كتابا أعجبهم مما يسبب الحرج لصاحبها وهذا كله من السلوك المذموم ومن التعدي على حقوق الآخرين، ومن الأشياء التي تخلق الكراهية بين الناس.

ونرى بعض الناس يدخلون البيوت في كل وقت ولا يراعون في هذا الأوقات التي يأوي فيها الناس للراحة وقد حضَّ الإسلام على احترام خصوصية الآخرين فجعل أمر الاستئذان واجبا في ثلاثة مواضع بعد صلاة الفجر وعند الظهيرة وبعد صلاة العشاء وجاء جوابه صلى الله عليه وسلم كافيا عندما سأله أحد الصحابة قائلا: أأستاذن على أمِّي يا رسول الله؟ أجابه صلى الله عليه وسلم قائلا أتحبُّ أن تراها عارية. وفي هذا الرد من رسول الله صلى الله عليه وسلم الدواء الشافي من هذا المرض الاجتماعي الخطير.

هدى عبد الماجد


ركن الطفل

فى ليلة من الليالى القمرية كنا نلعب وكان أحد الاطفال يبنى قصراً من الرمل وهوسعيد بهذه اللعبة الجميلة قام أحد الأطفال مندفعاً من مكانه نحو هذا القصر الجميل وقام بهدمه تماما فصاح الطفل صاحب القصر الرملى لماذا ياحاسد تهدم قصري؟ فحضر أخوهما الاكبر وضمَّهما الى صدره وقال: ياأشقَّائى لاأريد أن يفرِّق بينكم الحسد.

وجاءت الجده وهما متعانقان فما أبدع منظرهما الجميل وجلست ثمَّ قالت: حدث مثل هذا المنظر فى عهد سيدنا يوسف على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام مع أشقائه كانو يُغارون منه لأن أباه كان يحبُّه أكثر منهم . فقد كان سيدنا يعقوب يؤثره بحبِّه. وكان هو حديث أسمارهم وكانوا دائما يخططون للكيد له والنيل منه. وفي يوم من الأيام جاء سيدنا يوسف ليحكى رؤيا رآها وقال {وإذ قال يوسف لأبيه ياأبت إنى رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين} قال سيدنا يعقوب يابنى لاتقصص ما رأيت على إخوتك كى لايكيدو لك ومن تلك اللحظه أصبح اهتمامه بسيدنا يوسف اكثر واشتعلت نيران الغيرة والحسد في إخوته وجلسوا يتآمرون عليه، طلبوا من أبيه أن يسمح لهم بأخذه ليلعب معهم، فرفض أبوهم خوفاً عليه ولما الحوا سمح لهم فأخذوه ورموه في البئر، وزعموا لأبيهم أن الذئب أكله، وذبحوا حيواناً ولطَّخوا القميص بدمه. وقضى الله عزَّ وجلَّ أن ينجوا سيدنا يوسف، وأن يعيش في قصر ملك مصر وتتابعت الأحداث حتى صار أميراً لمصر. وجاء إخوته في تجارة لمصر فعرفهم ولم يعرفوه، ولما عرفوه طلبوا منه أن يسامحهم فما كان منه إلا أن قال '' لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين '' هذا هو يوسف عليه السلام الذي خصَّه الله تعالى بالنبوة فما أجمل العفو والتسامح الذي نبلغ به الدرجات العلية.

الجدة


فَتِيْ السَوَاعِدِ

البرهانية والبحث الجامعي

يمثل البحث الجامعى أداة فعالة في عمليات التنوير العقلانى والتطور الابداعى للشعوب وهو وسيلة للمعرفة الحديثة التى تقود الإنسانية نحو مرافئ التقدم والرقى فكل الإبتكارات التى توصَّل اليها العقل البشرى هى نتاج طبيعى لبحوث ودراسات علمية منهجية وفق رؤى محددة.

 وتأتى أهمية البحث الجامعى متصاحبة مع المتغيِّرات التى طرأت على العالم الذى أصبح غرفة صغيرة فبقدر تطور هذه المتغيرات يتطور البحث الجامعى شكلا ومضمونا..فكرةَ وواقعاً محسوساً غير أن ما يهمنا في هذا الأمر هو ما يتعلق بالبحث الجامعى في مؤسسة البرهانية ذات الجواهر النفيسة والشموس الساطعة التى يتعامى البعض عن رؤيتها لأسباب ذاتية هى أن التيار البرهانى قد يجرف ساحل غوغائية التخلف البالى وربما يحطم ايضا جدران شوفونية شيوخ المصالح والمنافع المتمرغين بتراب الحكام.

إن المؤسسة البرهانية سحابة سحَّاء تروى أرضاً خصبة تنبت بحثا ومعرفة وهى تفيض بالعلوم البحثية كالبنية الاجتماعية والفكرية للطريقة والدراسات الأدبية التى تعسكها مؤلفات صاحب الوقت سيدى فخرالدين رضى الله عنه فمن ذا يجادل على أن ديوان شراب الوصل يمثل الحبل الممدود مابين المدرسة الشعرية التقليدية والمدرسة الشعرية التجديدية فهو مزيج من هذا وذاك وضع في إناء شعرى متميز ومتفرد مكونا مدرسة شعرية عظيمة هى مدرسة سيدى فخرالدين رضى الله عنه وفيهذا الديوان يطرح صاحب الوقت عددا من القضايا والمعتقدات التى تمثِّل استراتيجية الطريقة، كذلك يطرح قضايا أقرب ما تكون لعلم الفلسفة كقضية أنه يرى حقيقة ماينظمه من قصائد لايمثل شعرا وبالتالى فهو ليس بشاعر وهذا يمثل بعدا فلسفيا شبيهاً بما يسميه الفلاسفة فلسفة اللافلسفة إذن على الباحثين في علم الفلسفة أن يتطرقوا لهذه القضية كذالك على طلاب كليات الآداب أن يهتموا بالشعر الصوفي وخاصة شراب الوصل لتثرية التجربة الأدبية الإنسانية بهذا التفرد السامى.

 لقد شهدنا تلك التجربة الرائعة التى قامت بها الطالبة شيماء عوض الجاك بكلية الآداب جامعة ام درمان الأهلية عندما كان بحث تخرجها للبكالريوس بعنوان (المبانى والمعانى من كلام السيد البرهانى) وهو عبارة عن دراسة أدبية لديوان شراب الوصل ولقد نال هذا البحث أعلى الدرجات العلمية الممنوحة للبحوث في كلية الآداب.إذن سادتى طلاب كليات الآداب علينا أن نغوص في شراب الوصل لننتقى جواهر علم لدنٍي نظهره للعالم فهذا هو الإبداع الحقيقى أو هو علم العلوم إنها رسالة لكل الباحثين من اجل إظهار الحق الحقيقى لنضئ القلوب بنور البرهان العظيم... ولنا عودة.

 سامى حسب الرسول


يحكى أن

 سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: استعمل على حمص رجلا قال له عمير بن سعد، فلما مضت السنة كتب إليه عمر رضي الله عنه ان اقدم علينا. فلم يشعر عمر الا وقد قدم عليه ماشيا حافيا ، عكازته بيده، وادواته ومزوده وقصعته على ظهره. فلما نظر إليه عمر قال له يا عمير: أأجبتنا ام البلاد بلاد سوء ؟ فقال: يا أمير المؤمنين اما نهاك الله ان تجهر بالسوء، وعن سوء الظن، وقد جئت اليك بالدنيا اجرها بقرابها. فقال له: وما معك من الدنيا قال: عكازة أتوكأ عليها، وادفع بها عدوا ان لقيته، ومزود احمل فيه طعامي، وادواة احمل فيها ماء لشربي ولطهوري. وقصعة اتوضاء فيها، واغسل فيها رأسي وآكل فيها طعامي، فوالله يا أمير المؤمنين ما الدنيا بعد الا تبع لما معي. قال: فقام عمر رضي الله عنه من مجلسه الى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر رضي الله عنه فبكى بكاء شديدا، ثم قال: اللهم الحقني بصاحبي غير مفتضح ولا مبدل. ثم عاد الى مجلسه فقال: ما صنعت في عملك يا عمير ؟

 فقال: أخذت الإبل من أهل الإبل، والجزية من أهل الذمة، عن يد وهم صاغرون. ثم قسمتها بين الفقراء والمساكين وأبناء السبيل فوالله يا أمير المؤمنين لو بقي عندي منها شيء لأتيتك به. فقال عمر: عد الى عملك يا عمير. قال: أنشدك الله يا أمير المؤمنين ان تردني الى أهلي، فاذن له فأتى أهله، فبعث عمر رجلا يقال له حبيب بمائة دينار وقال له: اختبر لي عميرا. وانزل عليه ثلاثة أيام حتى ترى حاله، هل هو في سعة ام ضيق، فان كان في ضيق فادفع إليه المائة دينار، فأتاه حبيب فنزل به ثلاثا، فلم ير له عيشا الا الشعير والزيت. فلما مضت ثلاثة أيام قال: حبيب ان رأيت ان تتحول الى جيراننا، فلعلهم ان يكونوا أوسع عيشا منا، فإننا والله وتالله لو كان عندنا غير هذا لآثرناك به. قال: فدفع إليه المائة دينار، وقال قد بعث بها أمير المؤمنين اليك فدعا بفرو خلق لامرأته فجعل يصر منها الخمسة دنانير، والستة، والسبعة، ويبعث بها الى إخوانه من الفقراء الى ان أنفذها. فقدم حبيب على عمر وقال: جئتك يا أمير المؤمنين من عند ازهد الناس، وما عنده من الدنيا قليل ولا كثير. فآمر له عمر بوسقين من طعام، وثوبين. فقال: يا أمير المؤمنين اما الثوبان فاقبلهما ، واما الوسقان فلا حاجة لي بهما، عند أهلي صاع من بر هو كافيهم حتى ارجع إليهم.