زاويــــــة دمشق
قال صلى
الله عليه وسلم(خيار قومي في كل قرن خمسمائة والأبدال أربعون يعفون
عمن ظلمهم ويحسنون لمن أساء إليهم ويتواسون فيما آتاهم الله) وقال
أيضا (بارك الله في شامنا) وقال أيضا (ستفتح عليكم الشام فإذا
خيرتم المنازل فعليكم بمدينة يقال لها دمشق فإنها معقل المسلمين من
الملاحم وفسطاطها منها بأرض يقال لها الغوطة) ونحن الآن على أبواب
الميناء الجوي للمدينة التي لا أنسى المعاملة الطيبة التي لقيتها
من موظفي المطار فنعم البلد الشقيق الطيب أهله التي أوصى بها
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ووجدت في انتظاري بعض الأخوة
لمرافقتي إلى الملتقى البرهانى وقطعت سيارة أبو نذير الطريق بينما
يداعب مسامعي صوت رفيقي الذي يتحدث عن الشام وما خصه به رسول الله
صلى الله عليه وسلم من أحاديث وما حباها الله من جمال الطبيعة وحسن
المناظر التي لا تخطئها العين على جانبي الطريق من شموخ الجبال
واخضرار الأودية فهذه بلد الفرات أحد أنهار الجنة الأربعة ووصلنا
إلى القدم الشريف وهي المنطقة التي تحوي أثرا شريفا لقدم رسول الله
عليه وسلم معلما على الحجر وفي جوار بركة الأثر الشريف للقدم يلتقي
الأحبة للذكر والصلاة على الحبيب وما أبهى اللقاء عند قدم الحبيب
صلى الله عليه وسلم في بلد ولد به خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام
وحوى مقامات أهل البيت الأطهار والصحابة الكرام والعظام من أولياء
الله رضي الله عنهم أجمعين وغلبني الحياء والدمع وأنا أتصور نفسي
أطأ أرضا وطئها كل هؤلاء الأفذاذ اللذين سطروا التاريخ بجهادهم
ودمائهم ودموعهم وأذكارهم،
وارتقيت
الدرجات إلى الزاوية البرهانية التي جعلت لتذكير الناس بحضارة
أجدادهم التي بنيت على ذكر الله والصلاة على الحبيب صلى الله عليه
وسلم،ووصلت للباب الرئيسي الذي يفتح فتجد كل شئ أمامك واضح المعالم،
فالزاوية عبارة عن بهو واسع محمول على أعمدة ذات طراز عربي أصيل
ويغطي السجاد والموكيت أرضية الزاوية ليعطيك الإحساس بقدسية المكان
وتشم فيه عبق الزمان وفي صدر المكان تجد الأرائك ممدودة تعلوها زرابي
مبثوثة تغوص فيها حين جلوسك لتحتويك من همومك ولغب سفرك الطويل وتجد
أمامك بسط الحضرة التي تتميز قصائدها وإنشادها بالطرب العربي القديم
والمقامات التي تذكرك بحضارة العرب في الأندلس،وعلى يميني يقبع مسجل
ضخم كصاحبه طيب القلب لأنه لا يحتوي إلا على الذكر وقصائد المديح
النبوي، وعلى يسارك المدفأة الضخمة التي تقيك برد الشتاء القارص،
وعلى مرمي النظر يوجد مطبخ الخدمة فقطعت الشوط إليه لأحتسي الشاي
المنعنع ونتجاذب أطراف الحديث عن تاريخ الزاوية ومؤسسها الحاج نصار
رحمه الله،وإلى جوار المطبخ توجد غرفة المكتبة التي تحتوي على كتب
التراث الذي يروي تاريخ دمشق وبعض تسجيلات الذكر والمديح،وبعدها تجد
بابا من الألوميتال الأبيض حيث مكان الوضوء والاستعداد للصلاة، أما
الحوائط فقد انتشر عليها صور المقامات والصالحين من علماء دمشق وبعض
اللقطات من حوليات سيدي فخر الدين بالخرطوم وبينما أنا أتفحص تلك
الصور وجدت صورة لزاوية سنتريس وهي القرية التي جئت منها من أعماق
الفلاحين في مصر وقد التقطها أحد الأحباب من الشام أثناء زيارتهم
للزاوية البرهانية بقريتي، ما أحلى التواصل هذا الدمشقي الشامي يزور
أخوه الفلاح المصري في الله على غير أموال ولا أرحام بينهم إلا رحم
في الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه الذي
استطاع أن يؤلف بين القلوب على البعد في المسافات ما أعظم الترجمة
العملية لما قاله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فالحمد لله الذي
جعلهم يزورونا في الله وقدرني على أن أرد لهم الزيارة نيابة عن أهلي
في الله على غير سياسة أو اقتصاد أو تعنصر وتلك أعظم كرامة لسيدي
إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه القائل تعم المشرقين طريقتي
محمد صفوت
جعفر
|