وَلِي نَظْمُ دُرٍ
الحمد لله
الذي فضلنا بأعظم النبيين دعوة وأوضحهم درجة وأقربهم منزلة خير الخلق
سيدنا محمد اللهم صلِّ عليه وآله وسلم تحدث مادحون فى مدح المصطفى
عليه الصلاة والسلام مبينين استحالة إدراك كنه ما يتصف به صلى الله
عليه وسلم :
فـلو
أن أعضـائي غـدت ألســنا إذن لما بلغـت في المـدح بعـض الـمـآرب
ولـو أن
كــل الـعارفيـن تـألـبـوا عـلى مدحـه لم يبلغـوا بعــض واجـب
ويقول
الإمام البصيرى :
كـــــلُّ
البلاغة عـــىٌّ فى مناقبه اذا تفكـــرت والتكــثير تقليـــل
لو
أجمـع الخـلق ان يحصـوا محاسـنه أعيتهمـو جملــة مـــنه وتفصـيل
هاهو
الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى يمدحه صلى الله عليه وسلم ولاغنى
ويعود آلي مثل قوله
وتالله ما
رمـت المــديح
وإنمــا
بــدا
الحسـن غلابا وما اللب حاضــر
ويختم
بمثل قوله
هـذى
نفيــحات
ولســت
بمـادح مــن
أن يــرام
بـمــادحٍ
حـاشـاه
اللّهم
صلِّ عليه وآله وسلم.
وهكذا كان
أهل المعرفة والبيان فبالرغم من أنهم طوَّعوا الكلمات في مدحه صلى
الله عليه وسلم إلا أنها كانت تفصح بانها عاجزة.
يقول
الشيخ محمد عثمان عبده ا لبرهاني فى مدح خير الورى
سيِّــدا
لـم
تــزل
وغـيرك زالـوا وجـميعــا
إلى جنابـــك
آلــوا
نغم في
نظم ما أحلاه من نغم وجمال التصريع وروعة الجناس فى قوله (زالوا -
وآلو)
ويتكون
البيت من ثلاثة جمل؛ اثنتان منها فى صدر البيت أعطتا معنى أُكِّد
بالجملة الثالثة فى عجز البيت فهو السيِّد الذى لايزال مستمرَّا وعلى
الدوام سيِّدا غيره أو سواه زالوا فقد انتهى ذكرهم أحياء وأمواتا كما
كان المعنى المؤكِّد فى الجملة الأخيرة حيث آل الجميع إلى جنابه صلى
الله عليه وسلم إذ هو السيد.
وليس
السيد من اسماء الله تعالى فقد وردت لفظ السيد فى وصف سيدنا يحيى
عليه السلام فى قوله تعالى {أن الله يبشرك يحيى مصدقا بكلمه من الله
وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين} 39 آل
العمران.
ونلاحظ فى
قول الشيخ محمد عثمان عبده السابق الذكر انه فاجأنا بقوله سيِّدا حيث
قدَّم خبر مازال فلم يقل لم تزل سيِّدا وهذا التقديم يحمل فى طيا ته
الكثير من المعاني فهو يريد إثبات السيادة للنبي صلى الله عليه وسلم
فهو قبل كل شي سيدا وتقديمه يفرح ويبهج السامع يسرُّه لاسيما إن كان
من محبيه صلى الله عليه وسلم فأراد الشيخ بذلك أن يعجِّل بالمسرة
للسامع وإذا كان السامع من المنكرين عليه السيادة ففي تقديم سيدا
أيضا من البلاغة ما لا يخفى فهو أراد أيضا أن يعجِّل باغاظة السامع
المنكر المحصور ونلمح الطباق الذي أرى انه زاد من روعة المعنى بين لم
تزل وزالوا فالنبي صلى الله عليه وسلم وعلى الدوام لم يزل سيِّد ولد
ادم وغيره قد انطوت سيادتهم وذهبوا (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وكان
التقديم جميعا على قوله (آلو)مآب الجميع آلي جنابه العظيم.
اللّهم
صلِّ عليه وسلم تسليما.
الوسيلة
ابراهيم |