العدد الثامن  (سبتمبر)

 

مِنبَـرٌ مِلــؤَهُ الهُـدَى 

 المعدن والأصل

افهموا وتفقهوا


مِنبَــرٌ مِلـــؤَهُ الهُــــدَى 

اما بعد ايها الاحباب، ان دعوة الحق سبحانه وتعالى لحبيبه صلى الله عليه واله وسلم يجب ان تقف امامها طويلا فما كانت الدعوة طلباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا عرفنا أن سيدنا موسى طلب الرؤيا فقال: ربى ارنى انظر اليك لم يقل النبى صلى الله عليه واله وسلم ربِّ أرنى فلابد ان يكون هناك سر بين الحبيب وبين الحق سبحانه وتعالى لايعلمه ولايطلع عليه ملك وصدق الامام الشيخ محمد عثمان حين قال

يـادرة في بطـون الغيـب يجهلها         أولو العزائم أصحـاب الرسـالات

نعم من الذى يعلم الحقيقة الا الذى خلقه من الذى يستطيع ان يثنى على الرسول الله صلى الله عليه وسلم

يا مصطفـى مـن قبـل نشأة آدم        والكـون لم تفتـح لـه اغــلاق

أيروم مخلوقـا ثنـاء بعـــدما         أثـنى علـى أخلاقــك الخـلاَّق

أيها الأحباب ان صعود النبى وعروجه إلى الملأ الاعلى فقد كان شرف من قبل الملأ الأعلى بروحه الحقيقة المحمديَّة . فكما شرِّفت الأرض بالروح والجسد كذلك يشرف الملأ الأعلى ايضا بالجسد الشريف وكان المراد أن تكتمل دائرة الوجود ظاهرا وباطنا.

لم لا وقد تحرَّك الوجود استعداداً لظهور فانطفأت نار فارس وتحطم ايوان كسرى. وغارت بحيرة طبرية ولم لا وقد كان يسلِّم عليه الحجر والشجر.

ان دعوة الله لحبيبه صلى الله عليه وسلم تحمل في طياتها أسرارا وإشارات لايدركها إلا أهل المعارف والإرشادات. وليس كما يُتصوَّرويتوهَّم أنها رحلة ترفيهية.

بعد فقد عمه وزوجته الحبيبة أم المؤمنين خديجة كيف يتصور ان يحزن النبى صلى الله عليه وسلم ان فقده لعمه ولزوجته السيده خديجه أمر الهى وهو يرضى بكل أمر الهىٍّ كيف يحزن النبى صلى الله عليه وسلم اذا جري الموت على أحبِّ الأحباب اليه. كيف نتصور أن يحزن النبى صلى الله عليه وسلم وقد نفى الحزن عن اوليائه قائل {ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون}.

فكيف بأكرم الخلق على الله فإذا كان هناك حزن في ظاهر الأمر إلا أن الأمر على خلاف ذلك. وان نبى الله سيدنا موسى يقول: يارب ماهو الفرق بين الكليم والحبيب؟ قال: ياموسى الكليم يفعل مايرضى والحبيب افعل أنا ما يرضيه ألم تفعل ياموسى وعجلت اليك ربى لترضى ـ الم تسمع ياموسى انى قلت لحبيبى فلنولينَّك قبلة ترضاها ألم تسمع ياموسى أنى قلت {ألم نشرح لك صدرك} ألم تسمع ياموسى انى قلت ولسوف يعطيك ربُّك فترضى كيف يفعل الحق بالحبيب مايكون سبب حزنه وهمِّه ولكن ماوراء الرحلة إذا جاز ان نطلق عليها هذالاسم او اسماً آخر حكى اخيراً صلى الله عليه وسلم ان الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والارض فهى الاستداره الكامله بظهور حقيقته وبشريته فهو لقاء ظاهرِ البشريه مع الحقيقة النورانية

محمدهو قطــب الكائنــات وقـد        أُبرزت كــل روح منه في القـدم

الميــم مــنه مراد الله أوجـــده      والحــاء منه حياة الروح من عـدم

وميمــه الوســطى قبــل الـدال       تعلمنا بأنْ له الملكُ والملكـوت كلهم

والدال دلــت على أن الـوجـود له       وأنـَّـه خـــير خــلق الله كلهم

واسمع الى هذا الحوار اللطيف بينه وبين أمين وحى السماء: ياجبريل أنا الضعيف الذى يحمل أثقال محبته وأسرار أمانته التى عجزت عن حملها السماوات والأرض والجبال يا جبريل المركوب يقطع المسافات الدليل يستدلُّ به على الجهات انما هى محل الحادثات وإن قربى منه وأنا قاب قوسين او ادنى كقربى منه وأنا في بيت أم هانى فتامل هذا القول وتدبَّره وتفهمه تعلم حقيقه ما اشرنا اليه ولقد سأل الامام الجنيد رضى الله عنه عن هذا الدنوِّ فقال: دنوُّ القلوب من المحبوب ذهب البين وتلاشى الأين. انه يا اخى علو تشريف فلا يقال فوق ولاتحت فإن في عروجه صلى الله عليه وسلم جمع بين حقيقة الظاهر وحقيقة الباطن تأمَّل ياأخى إمامته للانبياء في بيت المقدس تأمَّل ياأخى الردَّ على سؤا له كما جاء في الدر المنثور للسيوطى حين قال: متى كنت نبيا فقال صلى الله عليه وسلم: وآدم بين الروح والجسد،انه المتقدِّم على الكل، فله الأولية وله الآخرية كما قال: كنت أول الانبيا ء في الخلق وآخرهم في البعث.

اخرج الحاكم في المستدرك قال سيدنا العباس: يارسول الله أريد أن أمدحك. قال: قل لافضَّ الله فاك فقال:

من قبــلها طبـت في الظـلال وفى       مستودع حيـث يخصـف الــورق

ثم هبطـــت البـــلاد لابــشر       أنت ولامـــضغة ولاعـــــلق

بل نطفة تركــــــب الطين وقد       ألـــجم نـــسرا وأهلـه الغرق

تنقل مـــن صالــــب الى رحم       إذا مضى عــــــالم بدا طبـق

 الـثـــانـيـــــة

اما بعد يقول الامام علي كرم الله وجهه ان الله علم نبيه محمدا ليله المعراج علوما شتى {فأوحى إلى عبده ما أوحى} فمنها علم أمره بكتمانه وعلم أمره بتبليغه وعلم خيَّره الله فيه فكان مما أسرَّ به اليه انه قال: كنت نورا في وجه إبراهيم ودرة في ظهره فلما عارضه جبريل وهوفى كف المنجنيق قال له: الك حاجة؟ قال: أمَّا إليك فلا. فعاد اليه وقال: ألك حاجة إلى ربك؟ قال ياجبريل من شأن الخليل ألا يفارق خليله ! قال صلى الله عليه وسلم: فانطقنى الله فقلت:إن بعثنى الله واصطفانى بالرسالة لأكافئن جبريل،أيها الاحباب كيف يحرق خليل الله والنبى نور في وجهه كيف يذبح اسماعيل والنبى درة في ظهره إنها المعانى واللطائف عندما ترِد على قلوب العارفين فينشرح لها الصدر ويطمئن بها القلب، يقول النبى صلى الله عليه وسلم فلما كانت ليلة المعراج أتانى جبريل وهو السفير الى ان انتهى معى الى مقام ثم وقف فقلت: ياجبريل في مثل هذا المقام يفارق الخليل خليله؟ فقال: نعم إن جاوزته احترقت با لنور فقلت: هل لك الى الله من حاجة قال: نعم، اسأل ربك أن يجعلنى ابسط جناحى لامتك على السراط يوم القيامه حتى يجوزوا عليه، فقلت بارك الله فيك ياجبريل واذا بالنداء: ياجبريل زجَّ بحبيبى محمد في النور فزجَّنى فخرقت سبعين ألف حجاب، سمكُ كلِّ حجاب خمسمائة عام حتى انتهيت الى فراش من ذهب وناداني منادٍ بصوت أبي بكر: قف إن ربك يصلى فتعجبت من صلاة ربى فإذا النداء من العلىِّ الأعلى: أُدن ياخير البرية، ادن يامحمد، ادن ياأحمد فكنت كما قال تعالى {ثم دنا فتدلَّى فكان قاب قوسين أو أدنى} فقال لى ربى: إن كان أنس موسي ذكرالعصا فجعلت انسك في صاحبك أبى بكر فهو أنيسك في الدنيا والاخرة، ياحبيبى يامحمد أين حاجة جبريل؟ فقلت: اللهم أنت اعلم سألك أن يمدَّ جناحه على السراط يوم القيامة لتمرَّ أمتى عليه ! فقال: قد أجبته فيما سأل ولكن في طائفة ولمن أكثر الصلاة عليك.

الدعاء


 المعدن والأصل

 قال بعض أهل المعرفة: خلق الله الجنة وما فيها من نور المصطفى ، فلما اشتاقت إلى رسول الله كان شوقها إلى المعدن والأصل، وصار شوق المشتاقين إلى الجنة شوقهم إلى النبي  لأنها من نوره خُلقت. وقال الحكيم: قلب العارف دار الله، والجنة دار من أطاع الله، فأهل الطاعة مشتاقون إلى الجنة، فالجنة مشتاقة إلى العارف، لأن قلبه دار الله، والسابق من المولى إليه يشتاق، إشارة إلى قوله تعالى {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}. وقوله جلَّ ذكره {يحبهم ويحبونه}. كما أوحى الرب الرحيم إلى صاحب الزبور العظيم: يا داؤد ألا طال شوق أوليائي إلي، وأنا إليهم لأشد شوقاً منهم إليَّ ولكن حتى يبلغ الكتاب أجله.

 كما جاء في الخبر: أن جبريل هبط على النبي  فقال:من هذا العبد الذي مات من أمتك فاهتزَّ عرش الرحمن لموته؟ وفي رواية أخرى، من فرح الله لموته، فنظروا فإذا هو سعد بن معاذ

من معرض الحولية

أشراف

الشيخ الحسين الشيخ محمد عثمان عبده


افهموا وتفقهوا

يجب إزالة النجاسة عن محمول المُصلِّى وبدنه ومكان صلاته، ويجب شرطاً إزالتها بالماء المطلق عن كلِّ محمول المُصلِّى من ثوب أو عمامة أو نعل أو حزام أو منديل أو غير ذلك، عن بدنه ومكانه، وهو ما تمسُّه أعضاؤه حـال الصـلاة من وجهه ويديـه وركبتيه وأطراف قدميه، فلا يضرُّ ما تحت صدره وما بين ركبتيه ونحو ذلك ما دامت لا تمسُّ أعضاءه إذا تحرَّك، ولو تحرَّك بحركته ولا يضرُّما تحت حصيرته ولو اتصل بها بخلاف طرف عمامته المُلقى على الأرض أو طرف ردائه المُلقى وبه نجاسة فإنه يضرُّ لأنه من محمول المصلَّى ومحل كون إزالة النجاسة شرط صحة الصلاة إزالة ان ذكَرَ وقَدَرَ على إزالتها، فإن صَّلى بالنجاسة ناسيا لها حـتى فـرغ من صلاته ولم يعلم بها حتى فرغ من صلاته فإن صلاته صحيحة، ويندب له إعادتها في الوقت فإن خرج الوقت فلا إعادة عليه، وكذا من عجز عن إزالتها لعدم ماء طهور أو لعدم قدرة على استعماله ولم يجد ثوبا غير المُتنجِّس فإنه يصلِّي بالنجاسة وصلاته صحيحة، ويحرُمُ عليه تأخيرها حتى يخرج الوقت ، ويُصلِّي أول الوقت إن علم أو ظن أنه لا يجد ماء ولا ثوبأً آخر وإن ظن القدرة على إزالتها أخَّر إلى آخر الوقت قياسا على ما سيأتي في التيمم ثم إنه وجد ما يزيلها به في الوقت أو وجد ثوبا آخر ندب الإعادة ما دام الوقت باقيا، فإن مضى الوقت فلا إعادة والوقت في الظهرين الاصفرار وفي العشاءين الفجر وفي الصبح طلوع الشمس فإن صلَّى بها عامدا قادرا على إزالتها فإنَّ صلاته باطلة ووجب عليه إعادتها. واعلم أن محمول المصلِّى يشمل ما استقرَّ ببطنه من خمر شربها فيجب عليه أن يتقيَّأها وسقوط النجاسة على المصِّلى أثناء الصلاة، أو تذكَّرها فيها مبطل إن اتسع الوقت ووجد ما تزال به ولو تذكَّرها بعد تمام الصلاة وقبل السلام وكانت النجاسة مما لا يعفى عنه كالبول وإن كانت مما يعفى عنه مثل دم مقدار الدرهم البغلي وهو الدائرة السوداء الخالية من الشعر التي على فخذ البغل لم يبطل، إلا اذا تعلَّقت النجاسة بأسفل نعله فسلَّ رجله برفق لا يرفع بها النعل لم تبطل، أما لو كانت النجاسة فوق النعل لصار حاملا لها وصلاته باطلة ولا يصلِّي بما غلبت عليه النجاسة كثوب كافر فان حاله النجاسة وثوب سكيرٍ وكنَّافٍ والسكير أ ى كثير السكرفإن حاله عدم توقِّي النجاسة، والكنَّاف الذي شأنه نزح المراحيض ونظافتها وغالبا ما يكون ثوبه نجسا وكذلك ثوب غير المصلِّي غالبا شأنه عدم توقِّي النجاسة.

ويعفى عما يعسر التحرز منه كسلس لازم والمراد بالسلس ما خرج بنفسه من غير اختيار من الأحداث بالبول والمذي والمني والغائط يسيل من المخرج بنفسه فيعفى عنه ولا يجب غسلُه للضرورة إذا لازم كلَّ يوم ولو مرة، وأما اليد فلا يُعفى عنها بل يجب غسلُها منه لأن اليد لا يشقُّ غسلُها مثل الثوب والبدن، ويعفى عن المُرضع يصيب ثوبها بولٌ أو غائط من الطفل إذا كانت تجتهد في درء النجاسة عنها، بخلاف النجاسة المفرطة، ويدخل الجزارُ و الكنَّافُ والطبيبُ الذي يزاول الجروح في العفو.

محمد الحسن الفكي