شعــاع
مــن بنـي النـور
سلنى أمدَّك يا بنيَّ
بعلمنا
تحدثنا في العدد السابق
عن جسارة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف استطاعوا ولا عون لهم إلا إيمانم
وأسيافهم التي اكتسحوا بها وثنية القرون.
تواصل ما انقطع عن حديث
عن رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم عزيزى القاريء لنقترب الان في خشوع وإجلال
من أولئك الرجال الأبرار لنرى فيهم أروع النماذج البشرية الفاضله وأبهاها ولنرى تحت
الأسمال المتواضعة أسمى ماعرفت الدنيا من هدى ورشد ولنشهد كتائب الحق وهى تطوى
العالم القديم بإيمانها.
وترفع فيه راية الإسلام عالية خفاقة ، وفى رايات العز بأحرف من نور هذه الصفحة
المشرقة من تاريخ الإسلام.
ونحن نرفع على استحياء
بناناً توميء إلى بعض سمات عظمته صلى الله عليه وسلم التى جعلت افئده الناس تهوى
اليه والتى جذبت نحوه في ولاء لانظيرله هؤلاء الذين يتحدث الكاتب عن بعضهم من
مهاجرين وأنصار الذين لم يكادوا يستنشقون عبير الدعوة وريَّاها العطر حتى صاروا
أنساماً بشرا بين يديها ورسلا الى كلِّ بقاع الانسان ومواطنه حاملة مبادئ الدعوة
وعبير الراعى وصدق التعاليم وعظمة المعلم ونور الرسالة وعظمة الرسول صلى الله عليه
وسلم. تلك هى الغايه لا أكثر أن تبصر في ضوء شعاع من بنى
النور بعض سمات عظمته صلى الله عليه وسلم التى ساقت اليه ولاء المؤمنين وجعلتهم
يرون فيه الهدف والطريق والمعلم والصديق.
ما الذى جعلت سادة قومه
يسارعون الى دينه سيدنا أبو بكر وسيدنا طلحة وسيدنا الزبير بن العوام وسيدنا عثمان
وسيدنا عبدالرحمن بن عوف وسيِّدنا سعد بن أبى وقاص رضى الله عنهم متخلين بهذه
المسارعه المؤمنة عن كل ماكان يحيط بهم من قومهم من مجد وجاه مستقبلين في نفس الوقت
حياة شاقة تذخر بالأعباء وبالصعاب والمعاناة وليواجهوا في معارك طاحنة في ساحات
القتال آباءهم وإخوانهم وعشيرتهم، فكم من ابن قتل أباه وأخ قتل أخاه في سبيل
الدعوة.
وما الذى جعل ضعفاء قومه
يلوذون بحماه ويهرعون الى رايته وهم يبصرونه أعزل من المال ومن السلاح وقومه
يحاربونه ويسدون عليه كلَّ سبيل وهم مع هذا يرون فيه ركناً ركينا
. ما الذى جعل
سيدنا عمر بن الخطاب وقد ذهب ليقطع راسه العظيم بسيفه ويعود ليقطف بنفس السيف الذى
زاده الايمان مضاءً رؤوس أعدائه
وما الذى جعل صفوة رجال
قومه ووجهائهم يقدمون إليه ليبايعوه على ان يخوضوا معه البحر والهول وهم يعملون ان
المعركه بينهم ستكون أكبر من الهول وأيضا نتساءل ما الذى جعل المؤمنين يزيدون ولا
ينقصون وهو الذى يهتف فيهم فيهم صباح ومساء (قل لاملك لكم نفعا ولاضرا..) ولاادرى
مايفعل بى ولابكم وما الذى جعلهم يصدقون ان الدنيا ستفتح عليهم من اقطارها وأن
أقدامهم ستخوض خوضا في ذهب العالم. وأنَّ هذا القرآن الذى يتلونه في استخفاءستردده
الآفاق عالى الصدح قوى الرنين لافى جيلهم فحسب ولا في جزيرتهم،بل في كافة البقاع في
جميع الأزمان، إنه محمد رسول الله صلى الله عليه سلم ومن لكل هذا سواه رأوا طهره
وعفته وأمانته واستقامته وشجاعته وسموَّه وحنانه وعقله وبيانه وإنه الشمس تتألق
تألق صدقه وعظمة نفسه الذى جمع الله له من رؤية الحق ورفعة النفس ما أشرقت به
الحياة وأضاءت به ظلمات النفس الإنسانية. أول سفراء الاسلام سيدنا مصعب بن عمير رضى
الله عنه كان هذا الرجل من أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما أجمل ان نبدأ
به، غرة فتيان قريش وأكثرهم بهاء وجمالا. وشبابا يصف المؤرخون والرواة شباب أعطر
أهل مكة ولد في النعمة والعز والجاه وشبَّ ولعله لم يكن بين فتيان مكة من ظفر
بتدليل أبويه بمثل ما ظفر به (سيدنا مصعب بن عمير) ذلك الفتى الريان المدلل
المنعَّم، حديث حسان مكة ولؤلؤة ندواتها ومجالسها أيمكن ان يتحوَّل الى أنشدوة من
أناشيد الايمان والفداء ماأروعه من فتى (سيدنا مصعب بن عمير رضى الله عنه) أو مصعب
الخير كما كان لقبه بين المسلمين، انه واحد من أولئك الذين صاغهم الاسلام وربَّاهم
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولكن رجلٍ كان.
هذا هو موضوع حديث الحلقة القامة بإذن الله.
غادة سليمان
|