ذكـــر الحــبيب صـلى اللـه عليــه وســلم

كلمة العدد

الهوى أهوى كثيرا


ذكـــر الحــبيب صـلى اللـه عليــه وســلم

 

الذكرسبب النجاة من العذاب

أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إن لكل شيء صقالةً وإن صقالة القلوب ذكر الله، وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولو أن يضرب بسيفه حتى ينقطع. وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع.لأن الله تعالى يقول في كتابه {ولذكر الله أكبر}. وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ما عمل آدمي عملا أنجى له من العذاب من ذكر الله. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع

الذكر هو السبب الرئيسى لصلاح القلب الذى فيه صلاح الجسد كله

حدثنا أبو نعيم: عن النعمان بن بشيررضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحلال بَيِّن، والحرام بَيِّن، وبينهما مُشَبَّهَات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات: كراع يرعى حول الحمى أوشك أن يواقه، ألا وإن لكلِّ ملِكٍ حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).البخاري وعَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (وَأَهْوَى النّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إلَىَ أُذُنَيْهِ) إنّ الْحَلاَلَ بَيّنٌ وَإنّ الْحَرَامَ بَيّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنّ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، فَمَنِ اتّقَى الشّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرّاعِي يَرْعَىَ حَوْلَ الْحِمَىَ، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإنّ لِكُلّ مَلِكٍ حِمىً، أَلاَ وَإِنّ حِمَى اللّهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلّهُ وَإذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْب مسلم

وفي شرح النووي على مسلم: في قوله صلى الله عليه وسلم: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب قال أهل اللغة: يقال صلح الشيء وفسد بفتح اللام والسين وضمهما والفتح أفصح وأشهر، والمضغة القطعة من اللحم سميت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها، قالوا: المراد تصغير القلب بالنسبة إلى باقي الجسد مع أن صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب. وفي هذا الحديث التأكيد على السعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد، واحتج بهذا الحديث على أن العقل في القلب لا في الرأس...   ز

قال رسول الله ألا وإنَّ في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب البخاري ومسلم  ز

 فما هو صلاحه وفساده؟....عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِنَّ الْمُؤْمِنَ، إِذَا أَذْنَبَ، كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ. فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، صُقِلَ فَلْبُهُ. فَإِنْ زَادَ زَادَتْ. فَذلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي كَتَابِه.كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَاكَانُوا بَكْسِبُونَ) أحمد- بن ماجه- الترمذي

أحمدعبد المالك


كلمة العدد

نودِّع هذا الشهر الكريم وفي جوانحنا تضطرم مشاعر مُتنوِّعة، فيها لوعةٌ لفراق هذا الشهر الكريم بكلِّ ما أودع الله فيه من الخير، وفيها فرحة لقدرتنا على قهر النفس وعصيان الهوى، فبدَّلنا الطعام بطعام، والمواعيد بمواعيد، ورقَّت الأخلاق، وتبدَّلت العادات، وبهذا تكتمل تزكية الجسم تحقيقاً لقوله لكلِّ شيءٍ زكاةٌ والصوم زكاة الجسم فلبسنا حلَّة العيد على جسد جديد. ويحقُّ لنا هاهنا أن نتساءل بعد أن تبيَّنت لنا قدرتنا على قهر النَّفس والتغيير بفضل الله وعونه: ألا يمكـن أن يمتدَّ هذا التغيير إلى كـلِّ شيء لا نرضاه في حياتنا ؛ كـلٌّ حسب موقعه ؛ ربُّ الأسرة في بيته، والمعلِّم في مدرسته، والوالي في ولايته، ونفعل هذا وكلُّنا ثقة في أنَّ هذا في الإمكان، فإذا توفرت هذه الثقة ومعها النوايا الحسنة أمكننا أن نُصلح المجتمع من حولنا من غير أن نحتاج إلى قوَّة خارجية، فإنَّ هذه القوَّةَ تكْمُنُ في داخل أنفسنا لتكون هذه أولى خطوات الجهاد الأكبر جهاد النفس .

أسرة التحرير


الهوى أهـوى كثـيرا

الهوى كما عرَّفه شيخنا تعريفا دقيقا لم أقع عليه عند غيره، قــال: هو مخالفة النص وهذا ما أردنا الوصول إليه في الموضوع الذي نحن بصدده. هذه القواطع عن الله هي أعداء الإنسان الأربعة في الدين والدنيا، والأخيرة منها مدح الله رسوله بشأنها فقال: {وماينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى} وذمَّ من كان من أهلها وحكم عليها بألا يكونوا مطاعين في الدنيا فقال: ولاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وأتبع هواه وكان أمره فرطا} (الكهف آية  28)  ز

ويقول:{ياأيُّها الذين آمنوا كونوا قوَّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إنْ يكنْ غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتَّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلْووا أو تعرضوا فإنَّ الله كان بما تعملون خبيرا}. النساء  آية(153). وقال لداوود: {يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولاتتبع الهوى فيضلَّك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} سورة ص  آيــة(26)26.

وقال: {فإن لم يستجيبوا لك فأعلم أنما يتَّبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لايهدى القوم الظالمين}القصص آيــة (50). ولنا بعض التعليقات على تفسير هذه الآيات، لا من باب الرأى وإنما العلم المنقول والمعقول وفَضْـلُ الله الذي لاتنفد خزائنه:

أولا: آية سورة النجم: خصوصية للمعصوم المصطفى فما ينبغى له مخالفة النص الإلهي فاللسان الإلهي مركَّبٌ فيه، فلا سبيل للرأى إذن، حتى القرآن الذي نزل جملة على قلبه وهو أعلم به من غيره بدليل أنه أُوحى إليه في سورة المزمل: {أو زد عليه ورتِّل القرآن ترتيلا...} والقرآن آنذاك لم ينزل منه إلاَّ بعضُ آيات - نقول حتى القرآن الذي طُبِعَ في قلب المصطفى مُنِعَ من الإفصاح عنه قبل أن يؤذن له: {ولا تعجـل بالقـرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه}. فكان هواه تبعا لأمر ربه فلا سبيل للهوى عليه رغم أنه لا سبيل لأي غير أو أغيار على النبي، فهو الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه . ز

ثانيًا: آيـة سورة الكهف: ولا تطع من غَفَل قلبُه ؛ فكانت هذه الغفلة أصلَ العلَّة وهى اتِّبَاع الهوى أي الانصراف عن النصوص الإلهية والنبوية إلى رأى النفس التي هي من القواطع عن الله فكان أمره أشتاتا لايستطيع جمعها مهما أتى من العبادات الأخرى، فالقلب غير سليم بل اجتمعت عليه الشياطين فحَجَبَتْهُ عن تمييز السوىِّ من السبل إلى الله. نسأل الله السلامة  ز

ثالثـا: آيــة سورة النساء: بيَّنت بشكل قاطع أن الهوى ضد القسط والعدل، ثم هو بعد ذلك بداية الاعوجاج الذي عبَّرت عنه الآية باللىِّ والإعراض  ز

رابعـا: آية سورة ص: بيَّنت أن الهوى ضد الحق، فهو إذن إلى الباطل، والنتيجة هي الضلال، وهذا كله ما يمكن أن تراه في هؤلاء الذين يصفهم المسلمون بالمتطرفين  ز

نكتة لطيفة: في آية القصص (50) يبيِّن الله صنفا، ويُخفي صنفا ؛ فالأول يتبع هواه بغير هدى من الله فلزم أن يكون ضده يتبع هواه لكن بهدى من الله أي يخالف النص، ولكن على هدىٍ من الله، وهو ما يقول فيه العلماء اتباع الأدب أولى من لزوم النص مثل حال أبي بكر عندما تقدَّم للصلاة في مرض النبي، فعندما حضر النبي تخلَّف أبوبكر فقدمه النبي مرة أو مرتين فكان يخالف النبي  ويتأخر، فعندما تمت الصلاة سأله النبي فقال: ماكان لابن أبي قحافة أن يتقدَّم بين يدي رسول الله ، وكذلك حال علىّ في كتابة صلح الحديبية عندما خالف النبيَّ لمَّا أمره بمحو كلمة رسول الله من النص فمحاها النبي بيده الشريفة، وغير ذلك كثـير.  وفي مثل هؤلاء يقول الله تبارك وتعالى لنبيِّه:{ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذي لايعلمون} أي اتبع أهواء الذين يعلمون من الصالحين..  الجاثية آية (18) ونختم القول في الهوى بنصيحة سيدي فخر الدين  ز

فـفيئوا فالهوى أهوى كثيرا    جِبِّلاً تعرفوهم قد شهدتُ

د. ابراهيم دسوقي