مـن سـلســلـة
عــلمـوا عــني
وقد أتانا لأهل الذكر تبرئةٌ
من النِّفاق فياشُبْها لشكاك
سُئل الإمام عليٌّ كرم الله وجهه عن المنافقين
فأجاب بقوله تعالى {إنَّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا
قاموا إلى الصلاة قاموا كُسالا يرآءون الناس ولايذكرون الله إلا
قليلا} النساء
142 ثم ألحقها بقوله تعالى {ولا يأتون الصلاة
إلا وهم كُسالى ولايُنفقون إلا وهم كارهون} التوبة
54. وذلك يدلُّ
على أن المنافقين من المسلمين وليسوا يهودا أونصارى، والمنافق ليس له
وِردٌ من الذكر، أما الذى ينهى الناس عن قراءة الأوراد فهو بلاشك
واقع في أنه منافق ويأمر الناس بالنفاق، وقد قال سيدي جلال الدين
السيوطي رضى الله عنه وكان شيخا للأزهر الشريف وهو صاحب تفسير
الجلالين (من ليس له وِرد فهو قِرد) وليس معنى هذا أنَّ المريد الذي
يقرأ القليل من الأوراد كلَّ يوم أنه منافق، وذلك لمواظبته عليها
لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام (خيرُ العبادة مادام وإن قلَّ) من
حديث الزهراء وأم سلمة رضي الله عنهما برواية مسند الإمام أحمد رضي
الله عنه. والأوراد لايمكن اختراعها من الرأس أوانتقاء أيَّ آيات
وترديدها، لأنَّ كلَّ صنعةٍ تحتاج إلى خبرة وكلُّ علم يحتاج إلى
مُعلِّم، فأبسط المهن كمهنة الحلاقة مثلاً تحتاج إلى حلاق خبير
ليُعلِّمك إياها فضلا عن الأوراد، والقرآن يقول {... الرحمن فاسأل به
خبيرا} وهذا الخبير لابد أنه ذهب إلى الرحمن ليُعلِّمَه القرآن
{الرحمن علَّم القرآن}، ثم سار إلى الله، ثم سار في الأسماء الإلهية
حتى وصل الاسم الرحمن، وليس ذات الباري كمايظن المُخلِّطون، لأنَّ
الذي في العرش هو الاسم الرحمن وليس ذاتَ الرحمن {... الرحمن على
العرش استوى} وكما قال الإمام مالك والإمام أحمد رضي الله عنهما
(الاستواء معلوم والكيف غير مجهول والسؤال عنه بدعة)، بعد أن يصل
السالك إلى الحضرة الرحمانية يدخل حضرة سعة العلم بالكرسي. {ولا
يحيطون بشئٍ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيُّه السموات والأرض}.
البقرة552. بعد ذلك يعود إلى الناس مأذونا بالإرشاد، وهكذا كان
الأنبياء والرسل، ولكنَّ أشرف الخلق لانبيَّ ولارسولَ بعده، لذلك
يكون الإرشاد في العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، والعلماء
المُرشِدون لابدَّ أن يكونوا من الأولياء الذين لاخوفٌ عليهم ولاهم
يَحزنون وشرط الإرشاد هو الولاية {... ومن يضلل فلن تجد له وليا
مرشدا} الكهف.ا
ومن يعود من الرحمن بعد أن تعلم القرآن بشروطه
وأسباب نزوله وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه وتشريعه وخواصه واعداده
وحالاته وزاجوراته قادر على عمل الأوراد من القرآن ومن الأوائل في
هذا المضمار سيدنا سلمان الفارسي حيث شكاه الصحابة للنبي وقالوا
يارسول الله إن سلمان يخلط في القرآن فقال سيدنا سلمان رضي الله عنه
وهل أدخلت فيه غيره يارسول الله ولكن سمعتك تقول من لم يشفه القرآن
لاشفاء له، وسمعت قول الحق {وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة..}
الإسراء 82 ثم أطْلع سلمان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما صنع
فقال الحبيب ياسلمان أنت الطيب المطيب خذ من القرآن ما شئت لما
شئت،وهذا الإذن لسيدنا سلمان أومن هو في مرتبته، أما الإنفاق فإن
علماء الشريعة يرونه إنفاق المال ولكن الآية تقول {لن تنالوا البر
حتى تنفقوا مما تحبون....} آل عمران 92 ونحن نحب المال ولكن نحب
أولادنا أكثر ونحب أنفسنا أكثر من أولادنا ولذلك الصوفية يرون
الإنفاق هنا أن تنفق نفسك في الله أي تخصص من يومك ساعة أو ساعتين في
ذكر الله لايلهيك تجارة ولابيع ولا أولاد.ا
لجنة
التراث
بتصرف
شـراب الوصـل
وعن مكارمـِنا حـدِّث ولا حـرج
وقل يسيراً إذا أبديتَ سطوتَنا
وعنْ منازلِــنا أمــسكْ فإنَّ لها
صحائفاً أودِعت أيـدي أئمتنا
يحثُّنا الشيخ رضي الله تعالى عنه على
التخلُّق بخلقٍ من أخلاق الطريقة عظيم عند الحديث عن فضائل المشايخ
وأحوالهم ومناقبهم، فنحن غير مطَّلعين عليهم في كلِّ أحوالهم أو
عارفين بمقاماتهم عند ربِّهم. وإنما قال الشيخ رضي الله تعالى عنه
هذا لما يشيع بين بعض المريدين في الطرق الصوفية من تفاخر بينهم
ومبالغةٍ في تعظيم مشايخهم، ويجوز للمريد أن يتحدَّث بمناقب شيخه
ويفتخر به على ألا يبالغ في ذكر المناقب، وقد كان الشيخ رضي الله
تعالى عنه في مجالسه يحذِّر من الكلام في المناقب من غير معرفة
فربَّما كان باباً من أبواب الإثم، وفيه دخول في الأحوال الباطنة
للشيخ والولِّي من غير دليل ومن هنا يأتي التجاوز، وله أن يفتخر
بأحوال شيخه الظاهرة من سعة علمه و حرصه على أداء الشعائر وبعده عن
التعلُّق بالدنيا و حبِّ الرياسة وسخائه وسعيه في مصالح الناس وهذا
كلُّه في غير مبالغة، فالشيخ غنيٌّ عن المبالغة،ولا حرج في ذكر
المكارم كما نصَّ الشيخ رضي الله تعالى عنه . والمولى عزَّ وجلَّ
يُحبُّ أن يُذكر بين عباده بحسن الجميل ؛ وفي ذكر داود وغيره من
الأنبياء عليهم السلام أحبَّني وأحبَّ من يُحبُّني وحبِّبني إلى
خلقي. قال داود عليه السلام: كيف أحبِّبُك إلى خلقك ؟ فقال عزوجل:
اذكرني بحسن الجميل واذكر آلائي وإحساني وذكِّرهم ذلك فإنهم لا
يعرفون مني إلا الجميل. ورؤي أبان بن عياش في النوم بعد موته وكان من
أكثر الناس حديثا بالرخص وأبواب الرجاء فقال: أوقفني ربي عزَّ وجلَّ
بين يديه فقال: ما حملك على أن حدَّثت عني بما حدَّثت به من الرُّخَص
؟ قال: فقلت: يا رب أردتُ أن أحبِّبك إلى خلقك. قال: قد غفرتُ لك.
فإذا اقتصر المريد في حديثه عن الشيخ على أخلاقه وحلمه وصفحه وسعة
صدره وإحسانه، حبَّبه إلى الناس فوقَّروه وأقبلوا على بابه.ا
أما قوله رضي الله عنه وقل يسيرا إذا أبديت سطوتنا فقد درج بعض
المريدين على التفاخر بكرامات مشايخهم في انتقامهم من أعدائهم، وما
حاق بأعدائهم من الأذى بسبب عداوتهم لهم، وقد علَّق سيدي فخر الدين
في بعض مجالسه على هذا بقوله: إن بعض المريدين يتحّدَّثون عن فتك
الشيخ بأعدائه حتى تحسِب هذا الشيخ من قُطَّاع الطريق لا من أولياء
الله الذين وصفهم رضي الله عنه بقوله
إمامنا المصطفى والصفح شيمتنا
والذين لهم في رسول الله
صلى الله عليه وسلَّم أسوةٌ حسنة، فقد كان إمام الكاظمين الغيظ
والعافين عن الناس. وفي مثل هذا الحديث تنفير للناس عن مثل هذا الشيخ
ذي السطوة والسيف الباتر، فالأولى بالناس اجتنابه والبعد عنه، وهذا
باب من أبواب الجهل كبير وفيه تنفير ، ولو تحدَّث عن مناقب شيخه
وفضائله لحبَّبه إلى الناس، فإنما هم رحمة للناس وهذا هو أصل الطريق.
ا
أمَّا قوله وعن منازلنا أمسك ففيه نهيٌ عن
التحدُّث عن مراتب الشيوخ ومنازلهم، وأن الشيخ فُلاناً أعلى مقاماً
من الشيخ فُلان، وأن شيخنا أعلى درجةً من شيخكم، فهذا سرٌ لايمكن
للمريد أن يطَّلع عليه وإنَّما هو ظنٌّ منه وتجاٌوز لحدود الأدب،
وإذا سُئلَ عن البيِّنة والدليل لم يستطع أن يأتيَ بهما، وهو لا
يعرفُ مقام من هو دون ذلك فضلا عن مراتب المشايخ ومقاماتهم، وفي هذا
إشاعة للكراهية بين المريدين وإثارة للفتنة بين المشايخ، وكم من مريد
قُطع وطُرد من الطريق بسبب الدخول في بواطن لا علم له بها، وما هلكَ
امرؤٌ عرف قدْرَ نفسه.أمَّا ما كان من حديث الأقطاب وفخرهم برئاستهم
على الأولياء ؛ فقد سُئل الشيخ رضي الله تعالى عنه عن هذا بعض مجالسه
فقال كلُّ واحد من الأولياء كان رئيسا في وقته وهو إذ يقول هذا إنما
يتحدَّثُ بلسان الحضرة لا بلسانه وقد قال الشيخ رضي الله عنه في
هذا:ا
وإنيَ في الإسراءِ كنتُ إمامَهم
فيجبُ على المريدين ألا يخوضوا في هذه المسألة
بجهل. وكان صلى الله عليه وسلَّم وهو أفضل الخلق يقول أنا سيِّد ولدِ
آدمَ ولا فخر قيل لأنَّ فخره صلى الله عليه وسلّم كان بالعبوديَّة
لله تعالى لا بالسيادة على بني آدم، وعبوديتَّه لله تعالى أرفع درجة
عنده من سيادته على بني آدم. وقال صلى الله عليه وسلَّم لا تفضِّلوني
على يونس بن متى وهذا كلُّه تواضع منه صلى الله عليه وسلَّم وتعليم
للخلق.وكان سيدي أبو الحسن الشاذلي في مجلسه ذات يوم فقال إني لينزل
عليَّ المددُ فأري سريانه في الطيرفي الهواء والحوت في الما ء، فقال
له رجلٌ من أصحابه أنت القطب إذن فقال أنا عبد الله، أنا عبد
الله تواضعاً منه رضي الله تعالى عنه.
ا
وعلى الإنسان أن يتأدَّب مع الخلق كافة مهما كانت مراتبهم، وقد يؤدي
به دخوله في هذه الأمور إلى الهلاك.والمشائخ إخوة ليس بينهم إلا
الحبُّ والإجلال وكلُّ واحدٍ منهم إذا التقوا يضعُ نفسَه دون منزلةِ
أخيه ويتواضع له ، فلزاماً علينا أن نتخلَّق بهذا الخلق الرفيع وقد
قال الشيخ رضي الله تعالى عنه:ا
وإنَّما نحن إخوانٌ بلا
جدل
أب لنا واحد أصل لأمتنا
د. عبدالله محمد أحمد
هل من
سائل فيجاب؟
بس)
ما ذا يطلب سيدي إبراهيم من المرشد في الطريقة؟
ج) هداية الناس وخدمتهم، هذا غاية مراد سيدي إبراهيم ومن أحسنُ قولا
ممن دعا إلى الله وعمِل صالحاً وأكثر شيءٍ يغضب سيدي إبراهيم أن يترك
المريد طريقته ويأخذ طريقة أخرى.
س) ما هي واجبات المرشد في الطريقة ؟
ج) يعلِّمه الأوراد ويلقِّنه النطق الصحيح للأوراد.ا
س) هل يَغارُ السيد إبراهيم لو لجأنا في حوائجنا لوليٍّ آخ ؟
ج) لا، فهو أبوك وبقية الأقطاب أعمامك، ومن
كان يعرف أباه وجب أن يعرف أعمامه، فتجوز زيارتهم والتبرُّك بهم.ا
س) هل صحيح أن السيد إبراهيم الدسوقي يرعى المجتهدين وغير المجتهدين
في الأوراد من المريدين؟
ج) التوفيق عنوان القبول، والمريد يقرأ في أوراد سيدي إبراهيم
(اللهمَّ بسرِّه لديك وبسيره إليك آمن خوفي وأقِلْ عثرتي..) ألا يطلب
أن يرفع من سقطته ؟
س) هنا بعض المريدين الذين يتركون الطريقة ثمَّ ينقلبون عليها ،
لماذا يصفح عنهم سيدي إبراهيم؟
ج) هذا الأمر لا حيلة لي فيه!ا
س) ما هو الأدب المطلوب من المريد لشيخه ؟
ج)
أن يعامله كما يعامل أباه.ا
س) هل يحاسب المريد على خطرات قلبه ؟
ج) لما نزل قوله تعالى {قل إن تبـدوا مـا في
أنفـسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} أشفق رسول الله على أمَّته فنزل
قوله تعـالى {لا يكـلِّف الله نفساً إلا وُسـعها لهـا ما كـسبت
وعـليها مـا اكتسبت} ا
لجنة التراث |