|
انتصار أولياء
الرحمن على أولياء الشيطان
|
حصلت رايات العز على موافقة مولانا الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان
عبده البرهاني شيخ الطريقة البرهانية لنشر كتاب (انتصار أولياء
الرحمن على أولياء الشيطان) لمؤلفه مولانا الشيخ محمد عثمان عبده
البرهاني، وسنقوم بنشر الكتاب على حلقات في هذه الصفحة، ونتقدم
بالشكر الجزيل لمولانا الشيخ إبراهيم على موافقته الكريمة لنشر
الكتاب ونرجو أن تعم الفائدة على كافة القراء والمسلمين وتنوير الدرب
للسالكين والقاصدين المولى عز وجل.ا
-------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
مقدمة
الحمد لله الواحد الأحدالذي انفرد في ملكوته
بعزته القاهرة وجبروته المكتمل في تنزيهه عن الشبه والضد، والصلاة
والسلام على نبيه الكريم سيدنا محمد، صلاة متجددة بديموميته، فاللهم
صل على الذات المحمدية، اللطيفة الأحدية،شمس سماء الأسرار، ومظهر
الأنوار، ومركز مدار الجلال، وقطب فلك الجمال، صلاة تليق بمن منه
انشقت الأسرار، وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق، وتنزلت علوم
آدم فأعجز الخلائق، وله تضاءلت الفهوم، فلم يدركه منا سابق ولا لاحق،
فرياض الملكوت بزهر جماله مونقة، وحياض الجبروت بفيض أنواره متدفقة،
ولا شئ إلا وهو به منوط، إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط،صلاة
تليق بك منك إليه كما هو أهله، اللهم إنه سرك الجامع الدال عليك،
وحجابك الأعظم القائم لك بين يديك.ا
وأحمده حمدا بقدر مكانة النبي الكريم لديه، وأسأله به منك إليه أن
يجعل من هذا الكتيب مساهمة حية في إحياء القلوب، وارتواء المشارب
واهتداء العقول، وتغذية الأرواح وتمزيق الهوى، ودفع الهمم إلى السير
في دربه، والإشباع من مناهله الكريمة الجياشة الفياضة بكل ما هو شريف
وحكيم وكريم.ا
وبعد: فهذه مجموعة آراء وأفكارلمشايخ أجلاء
لهم مكانتهم السامية في مجال التصوف والعلوم، ودورهم الذي قاموا به
في خدمة الأمة الإسلامية عامة والعربية بصفة خاصة، وعندما نقول
التصوف فإننا نعني به الجمع مابين اليقين والحقيقة، وما بين العبادة
وتجلياتها والشريعة وعلومها الظاهرة، وهي فيض لكل من يود الإرتواء من
منهل عذب، ولكل من يود الإدراك ويطرق دروب ومشارب التصوف الإسلامي
على منهج واضح وأسس متينة وقوية مستنده على قواعد الشريعة، خالية من
الزيف والتهريج الرخيص والأباطيل، والإعتماد على المظاهر الخداعة
المطلية بثوب الدين والتقوى وَهْمَا، واتباع هوى يبطل الحق ويحق
الباطل من التلبيس والدجل والنفاق، لقد عشنا في زمن كثر فيه الدجل،
وانخدع العوام وغير العوام، وانخدع فيه العامة بتزويق الكلام من
أنصاف العلماء، وانخدع فيه أنصاف العلماء لهوى العوام مما يقال له
(الكرامات) تمزيقا لأكرم صفات الأولياء، وتحقيرا للتصوف واتباعا في
حقيقة الأمر للشيطان، وقد ساعد على ذلك الوهابية بأسمائهم المختلفة،
ونحن لا تخدعنا تلك الأسماء طالما المنهل واحد وهو الوهابية الضالة
المضلة الممعنة في البعد والابتعاد وإبعاد كل من تستطيع عن حظيرة
الدين الذي يقوم ويعتمد على صحة العقيدة، ولا عقيدة لمن لاعقيدة له
في سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وآله الكرام وأصحابه
والتابعين وتابع التابعين لهم وورثته الأبرار في الحقيقة والشريعة،
ولكنا ثقة في الأمة الإسلامية لانشك في أنها أشد حرصا على اتباع أمور
دينها، والتمسك بتراث عبادتها، وأن المعين الوحيد لها في تحقيق ذلك
هو التصوف الإسلامي، وأنها قادرة على التمييز بين الخبيث والطيب،
والعقيدة وصلاحها، وأباطيل وتزييف الذين يهاجمونها أويدعون السير في
منهجها والله نسأل التوفيق والسداد.ا
محمد عثمان عبده البرهاني
الخرطوم في يوم الخميس 10 صفر 1390 هـ
الموافق 16إبريل 1970 م
الباب الأول
فضل أهل البيت ومزاياهم
على العموم أو خصوص اثنين فأكثر
قال اللّه تعالى {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}ا
قال في المواهب: المراد بالقربى من ينسب إلى جده الأقرب عبدالمطلب.ا
وقال في الصواعق: المراد بأهل البيت والآل وذوي القربى في كل ما جاء
في فضلهم مؤمنوا بني هاشم وعبدالمطلب.ا
وكان الثلاثة العترة فالألفاظ الأربعة بمعنى واحد. كما في المواهب.ا
وقال ابن عطية: قريش كلها عندي قربى، وإن كانت تتفاضل، وخير الأقوال
أوسطها، وينافيه ما روى الطبراني وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن
عباس، أنها لما نزلت قالوا يا رسول الله من قرابتك الذين نزلت فيهم
الية قال: (علي
وفاطمة وإبناهما)، إلا أن يجعل هذا الحديث ونحوه من باب (الحج عرفه)
والاستثناء في الآية:ا
والمعنى لا أسألكم عليه أبدا، ولكن أسألكم أن تودوني في ذوي القربى.ا
وفي الآية تفسير آخر، وهو: أن المعنى ولكن أسألكم أن تودوني وتكفوا
عني أذاكم، بسبب ما بيني وبينكم من القرابة، ولا بطن من قريش إلا له
عليه الصلاة والسلام قرابة بهم، فالقربى على كل بمعنى القرابة مع
تقدير مضاف على الأول (وقال عز وجل) {إنما يريد اللّه ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}. أراد بالرجس الذنب، وبالتطهير
التطهير من المعاصي، كما في البيضاوي
روى من طرق عدة صحيحة أن رسول الله ، جاء ومعه علي وفاطمة وحسن
وحسين، قد أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل فأدنى علياً وفاطمة ثم تلا
هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا}، وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا، وفي رواية (اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل
محمد كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد).ا
وفي رواية أم سلمة قالت: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي،
فقلت وأنا معكم يا رسول الله فقال: إنك من أزواج النبي على خير.ا
وفي رواية لها أن رسول الله كان في بيتها، إذ
جاءت فاطمة ببرمة، (قدر من حجر) فيها خزيرة، بخاء معجمة مفتوحة فزاي
مكسورة فتحتية ساكنة فراءُ، (ما يتخذ من الدقيق على هيئة العصيدة لكن
أرق منها) فوضعتها بين يديه، فقال: أين ابن عمك وابناك فقالت في
البيت، فقال ادعيهم، فجاءت إلي علي وقالت أجب رسول الله، أنت وابناك
فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه، فجعلوا يأكلون من تلك الخزيرة، تحت
الكساء، فأنزل الله عز وجل هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.ا
وفي رواية أنه أدرج معهم جبريل وميكائيل، وفي
رواية أنه أدرج معهم بقية بناته وأقاربه وأزواجه، وفي رواية أن ذلك
الفعل كان في بيت فاطمة، وفي حديث حسن أنه ستر العباس وبنيه بملاءة
ودعا لهم بالستر من النار، وأنه أمن على دعائه أسكفة الباب، وحوائط
البيت، ثلاثاً وقد أشار المحب الطبري إلي أن هذا الفعل تكرر منه وبه
جمع بين الاختلاف في هيئة اجتماعهم. وما سترهم به وما دعا به لهم،
وفي المجموعين، ومحل الجمع، وكونه قبل نزول الآية أو بعدها. وروى
أحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (أنزلت هذه
الآية في خمسة، فـيَّ وفي علي، وحسن، وحسين وفاطمة) وروى ابن أبي
شيبه وأحمد والترمذي وحسنه، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم
وصححه، عن أنس أن رسول الله ، كان يمر ببيت فاطمة إذا خرج إلى صلاة
الفجر يقول الصلاة أهل البيت، {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا}، وفي رواية ابن مردوية عن أبي سعيد الخدري
أنه جاء أربعين صباحاً إلى باب فاطمة يقول: السلام عليكم أهل البيت
ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله، {إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.
وفي رواية عن ابن عباس، سبعة أشهر، وفي رواية
لابن جرير وابن المنذرر والطبراني، ثمانية أشهر، وروى مسلم والنسائي
عن زيد بن أرقم قال قام رسول الله خطيباً فقال: (أذكركم الله في أهل
بيتي ثلاثاً) فقيل لزيد بن أرقم: من أهل البيت؟ قال: أهل البيت من
حرم الصدقة بعده، قيل ومن هم؟ قال آل علي، وال عقيل، وآل جعفر، وآل
عباس. وفي الصواعق، أن المراد بالبيت في الآية، ما يشمل بيت نسب
النبي ، وبيت سكناه، فتشمل الآية أزواجه عليه الصلاة والسلام. وهو ما
ذكره الزمخشري والبيضاء، ويدل عليه ما قبل الآية، وما بعدها، وما
يوهم خلاف ذلك، من الأحاديث المتقدمة تقدم الجواب عنه فافهم. ونقل
القرطبي عن ابن عباس في قوله تعالى{ولسوف يعطيك ربك فترضى} أنه قال
رضي محمد أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار، وأخرج الحاكم وصححه
أنه قال (وعدني ربي في أهل بيتي، من أقر منهم بالتوحيد، ولي بالبلاغ
أن لا يعذبهم)، وأخر تمام والبزار والطبراني وأبونعيم أنه قال: (إن
فاطمة أحصنت فرجها، فحرم الله ذريتها على النار) وفي رواية (فحرمها
الله وذريتها على النار) وأخرج الطبراني بسند رجاله ثقات أنه قال
لها (إن الله غير معذبك ولا أحد من ولدك) وأخرج الثعلبي في تفسير
قوله تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعاً} عن جعفر الصادق أنه قال: نحن
حبل الله. وأخرج بعضهم عن الباقر في قوله تعالى {أم يحسدون الناس على
ما آتاهم الله من فضله} أنه قال أهل البيت هم الناس. وأخرج السلفي عن
محمد ابن الحنفية في قوله عز وجل {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات
سيجعل لهم الرحمن وُداً} أنه قال لايبقى مؤمن إلا وفي قلبه ود لعلي
وأهل بيته.ا
وللحديث بقية
،،، ا
|