سيف اللـه المسلـول
مقام سيدنا خالد بن الوليد � سوريا
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة
بن كعب، سيف الله تعالى وفارس الإسلام وليث المشاهد، السيد الإمام
الأمير الكبير قائد المجاهدين أبو سليمان القرشي المخزومي المكي،
وابن أخت أمِّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث. هاجر مسلما في صفر سنة
ثمان، ثم سار غازيا فشهد غزوة مؤتة واستشهد أمراء رسول الله صلى الله
عليه وسلم الثلاثة مولاه زيد وابن عمِّه جعفر ذو الجناحين وعبد الله
بن رواحة رضوان الله عليهم، وبقي الجيش بلا أمير، فتأمَّر عليهم في
الحال خالد،
وأخذ الراية وحمل على العدو، فكان النَّصر. وسماه النبي صلى الله
عليه وسلم سيف الله فقال: إن خالدا سيفٌ سلَّه الله على المشركين،
وشهد فتح مكَّة وحنينا، وتأمَّر في أيام النبي صلى الله عليه وسلم،
وقاتل في سبيل الله وحارب أهل الرِّدة و سيلمة، وغزا العراق، وشهد
حـروب الشـام، ولم يبق في جسدِه موضع إلا وعليه طابع الشهداء ،
ومناقبه غزيرة فقد أمَّره الصديق على سائر أمراء الأجناد، وحاصر دمشق
فافتتحها هو وأبو عبيدة عاش ستين سنة ومات على فراشه فلا قرَّت أعينُ
الجبناء. توفي بحمص سنة إحدى وعشرين ومشهده على باب حمص حدَّث عنه
ابن خالته عبد الله بن عباس وقيس بن أبي حازم والمقدام بن معدي كرب
وجبير بن نفير وشقيق بن سلمة.
ا
مناقبه رضي الله عنه
عن يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث أن خــالد بن الوليد أتى
على الـلات والعُزَّى فقال:
يا عَزَ كفرانَك لا سبحانَك
إني رأيتُ اللَه قد أهانَكِ
وقال ابن عمر: بعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم
خالدا إلى بني جذيمة فقتل وأسر فرفع النبيُّ صلى الله عليه وسلم يديه
وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين، ولم يقل اللهمَّ إني
أبرأ إليك من خالد فتبرَّا من صنيعه ولم يتبرَّا منه.ا
قال الواقدي بسنده : بعث النبي صلى الله عليه وسلمَ خالدا إلى الحارث
بن كعب أميرا وداعيا، وخرج مع رسول الله في حَجَّة الوداع فلما حلق
رأسه أعطاه ناصيته فوضعها في مقدمة قلنسوته (طاقيَّته)، فكان لا يلقى
عدوَّا إلا هزمه، وقد روي عن من غسله بحمص ونظر إلى ما تحت ثيابه
قال: ما في جسده موضعٌ خالٍ ما بين ضربةٍ بسيف أو طعنةٍ برمح أو
رميةٍ بسهم.ا
وجاء أنَّ أبا بكر عقد لخالد على قتال أهل
الردة وقال: إني سمعت رسول الله يقول: خالد بن الوليد سيف من سيوف
الله سلَّه الله على الكفار والمنافقين . رواه أحمد في مسنده.ا
قال
هشام بن عروة عن أبيه قال: كان في بني سليم ردة فبعث أبو بكر إليهم
خالد بن الوليد فجمع رجالا منهم في الحظائر ثم أحرقهم، فقال عمر لأبي
بكر رضي الله عنهما: أتدع رجلا يعذِّب بعذاب الله ؟ قال: والله لا
أغمد سيفا سلَّه الله على عدوه. ثم أمره فمضى إلى مسيلمة
قيل لعمر بن الخطاب عندما حضرته الوفاة : لو عهدتَ يا أمير المؤمنين
؟ قال: لو أدركتُ أبا عبيدة ثم ولَّيتُه ثم قدمتُ على ربي فقال لي:
لم استخلفته ؟ لقلت: سمعتُ عبدك وخليلك يقول: لكلِّ أمة أمين وإن
أمينَ هذه الأمة أبو عبيدة. ولو أدركتُ خالد بن الوليد ثم ولَّيتُه،
فقدمتُ على ربي لقلت: سمعتُ عبدك وخليلك يقول: خالد سيفٌ من سيوف
الله سلَّه الله على المشركين. رواه الشاشي في مسند أحمد.
ا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما خالدٌ سيف من سيوف الله
صبَّه على الكفار
وكتب خالدٌ إلى الفرس إن معي جندا يُحبونَ القتلَ كما تُحبُّ فارسٌ
الخمر
من كراماته رضوان الله عليه
ا
حدَّثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه أن خالدا أُتيَ بسُمٍّ فقال: ما
هذا ؟ قالوا: سُم. قال: باسم الله وشربه ! قلتُ هذه والله الكرامة
وهذه الشجاعة.ا
وعن يونس بن
أبي إسحاق عن أبي السفر قال: نزل خالد بن الوليد الحيرة على بني
المرازبة فقالوا: احذر السُّمَّ لا تسقِكَ الأعاجم. فقال:ائتوني به !
فأُتيَ به، فاقتحمه وقال: بسم الله، فلم يضرَّه
كما روي عن أبي بكر بن عيَّاش عن الأعمش عن خيثمة قال: جيءَ لخالد بن
الوليد برجلٍ معه زقُّ خمر، فقال: اللهم اجعله عسلا. فصار عسلا
رواه يحيى بن آدم عن أبي بكر عزله رضي الله عنه.
ا
عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال عـمرلأبي بكر رضي الله
عنهما: تدع خـالدا بالشام يُنفق مـال الله ؟ قال فلما تُوفِّيَ أبو
بكر قال أسلم: سمعتُ عمر
يقول: كذبتُ و الله إن كنتُ أمرتُ أبا بكر بشيءٍ لا أفعله. فكتب إلى
خالدٍ فكتب خالدٌ إليه:لا حاجةَ لي بعملك. فولَّى أبا عبيدة
وفاته رضوان الله عليه
وعن أبي الزناد أن خالد بن الوليد لما احتُضِرَ بكى وقال: لقيتُ كذا
وكذا زحفاً، وما في جسدي شبرٌ إلا وفيه ضربةٌ بسيفٍ أو رميةٌ بسهمٍ
وها أنا أموتُ على فراشي حتفَ أنفي كما يموت العَيرُ، فلا نامتْ
أعينُ الجُبَناء.ا
يروى بإسناد ساقط أن عمر خرج في جنازة خالد بالمدينة وإذا أمُّه
تندبُه وتقول:
ا
أنتَ خيرٌ من ألفِ ألفٍ من القوم
إذا
ما كبَتْ وجوهُ الرِّجالِ
فقال عمر (: صدقتْ إنَّه كان لكذلك).
وروى إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه موسى قال: خرجت مع أبي طلحة إلى
مكة مع عمر، فبينما نحن نحطُّ عن رواحلنا إذ أتى الخبر بوفاة خالد
فصاح عمر(: يا أبا محمد، يا طلحةُ هلك أبو سليمان، هلك خالدُ بن
الوليد).
ا
وروى الواقدي أن عمر كان بقباء وإذا حُجَّاجٌ من الشَّام قال: من
القوم ؟ قالوا:من اليمن ممن نزل حمص، ويوم رحلنا منها مات خالد بن
الوليد، فاسترجع عمر مرارا ونكس رأسه وأكثر الترحُّمَ عليه وقال: كان
والله سدَّاداً لنحر العدو، ميمون النقيبة فقال له علي: فلم عزلته؟
قال: عزلته لبذله المالَ لأهل
الشرف وذوي اللسان. قال: فكنتَ تعزِلُه عن المال وتتركُه على الجند.
قال: لم يكن لِيرْضى. قال: فهلا بلوتَّه ؟
مات
خالد سنة إحدى وعشرين من الهجرة بحمص، وله مشهدٌّ هناك يزار، رضي
الله عن سيِّدنا
خالد سيف الله المسلول.ا
هشام صيداوي - دمشق
|