الذكر والإستقامة
قال رسول الله (إن للقلوب صدأ كصدأ الحديد، وجلاؤها الاستغفار)
السيوطي الجامع الصغير ولكن ما الذي أتى بهذا الصدأ قال تعالى: {كَلا
بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون}، {كَلا
إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون} (المطففين14-15)
والران والصدأ هو من الذنب والغفلة وعلاج الذنب الاستغفار وعلاج
الغفلة الذكر لأن الغفلة والذنب يؤديان إلى اتباع الشخص لهواه وكذلك
قال تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا
وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف
28)
فيصبح المتحكم فيه المسيطرعلى أفعاله وأحواله وأقواله الهوى بدلا من
النص والأمر الإلهي أما إذا كان من أهل الذكر والاستغفار استقام
القلب وانصلح وأدى ذلك إلى استقراره ودوام ذلك، فيكون الذكر صقالة
تمنع تحكم الشيطان فيه لأن القلب سمي قلبا من التقلب وإلى هذا يشير
رسول الله فيما روى عبد الله عن عمرو رضي الله عنهما أن النبي كان
يقول: (لكل شيء صقالة وأن صقالة القلوب ذكر الله عز وجل)البيهقي
السيوطي ولهذا قيل الذكر للقلب سبب إصلاحه وحياته كالماء للسمك سبب
إصلاحه وحياته حتى أن الإنسان ليتجه إلى الله وتصبح إرادته كلها وحبه
لله الكريم؛ فيتفضل الله تعالى عليه بأن يكون نصب عين رسول الله ،
قوله تعالى{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم
بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ
عَيْنَاكَ عَنْهُم} الكهف وهنا ترى كيف أن الله تعالى وَجَّهَ
رسولَه إلى صبر نفسه معهم وألا يعدو عينيه عنهم وهم أهل الصفة وألا
يطع هؤلاء الذين يريدون زينة الحياة الدنيا أغفل الله قلوبهم عن ذكره
وجعل أمورهم مترددة متشككة جزاءً لهم، وقد قال رسول الله (الدنيا
دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له) مسند
أحمد، فهؤلاء هم الصادقون المتقون.
الذكر سبب النجاة فـي الآخرة
قال رسول الله: (ما عمل بن آدم عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر
الله) ابن أبي شيبه
الذكر سبب عمار الأرض
عن أنس قال: قال رسول الله (لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله)
أحمد مسلم الترمذي..... قال العلامة علي القاري فـي كتاب (مرقاة
المفاتيح شرح مشكاة المصابيح) حين شرح هذا الحديث ما نصه: أي لا
يُذكر الله فلا يبقى حكمة فـي بقاء الناس.
ذكر الله والأستقامة عليه سبب تنزل الملائكة والرحمة والسكينة
أخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول الله
(إن لأهل ذكر الله أربعا ينزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحف
بهم الملائكة، ويذكرهم الرب فـي ملأ عنده)
بذكر الله تصيب خيرى الدنيا والآخرة
أخرج ابن أبي الدنيا فـي كتاب الشكر والطبراني والبيهقي عن ابن عباس
إن النبي قال: (أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة: قلب
شاكر، ولسان ذاكر، وبدن على البلاء صابر، وزوجة لا تبغيه خونا فـي
نفسها وماله) وهنا يجب أن ننوه أن الذكر المقصود فـي كل هذه الآيات
والأحاديث إنما يُعنى به ترديد إسم المحبوب المعبود المشهود دون طلب
لمنفعة أودفع لمضرة أي ترديد الإسم الله كما ورد فـي سورة المزمل
{واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا}.
الذاكرون
هم الذين يباهى الله بهم ملائكتة
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن معاوية (أن رسول
الله خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر
الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا. قال آلله ماجلسكم
إلا ذلك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك. قال: أما أني لم أستحلفكم
تهمة لكم ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة).
هم أهل الكرم
أخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري (أن رسول
الله قال: يقول الله يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل
الكرم. فقيل: ومن أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: أهل مجالس الذكر)
هم أهل معية الله
وأخرج ابن ماجه وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي قال (إن
الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه).
فهو مع من يذكره بقلب ومع من يذكره بلسانه ولكن معيته مع الذكر
القلبي أتم وخص اللسان بإفهامه دخول الأعلى بالأولى ولكن محبته وذكره
لما استولى على قلبه وروحه صار معه وجليسه ولزوم الذكر عند أهل الطرق
من الأركان الموصلة إلى الله تعالى وهو ثلاثة أقسام: ذكر العوام
باللسان وذكر الخواص بالقلب وذكر خواص الخواص بفنائهم عن ذكرهم عند
مشاهدتهم مذكورهم حتى يكون حق مشهود فـي كل حال. قالوا وليس للمسافر
إلى لله فـي سلوكه أنفع من الذكر المفرد القاطع من الأفئدة الأغيار
وهو (الله) وقد ورد فـي حقيقة الذكر وآثاره وتجلياته ما لا يفهمه إلا
أهل الذوق. أهـ. (من شرح المناوي فـي فيض القدير).
وللحديث
بقية
أحمد
عبد المالك
|