المسجد الأقصى
منظر عام لمدينة القدس يرى فيها
قبة الصخرة وبجانبها المسجد الأقصى
تقدِّم رايات العز في هذا العدد هذا التحقيق الصحفي عن ثالث الأماكن
المقدَّسة التي لا تشدُّ الرحال إلا إليها وهو المسجد الأقصى لتعطي
نبذة عن فضله وتاريخه وصفته.
القدس مدينة مقدَّسة عند المسلمين والنصارى واليهود والاسم الشائع
لها بعد الفتح الإسلامي هو بيت المقدس يليه في الشيوع اسم القدس
الشريف وهو عند المسلمين المكان الذي عُرج منه برسول الله إلى
السماء كما أنها تضمُّ المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين
الشريفين بعد مكة المكرَّمة والمدينة المنوَّرة. وقدِّسها النصارى
لارتباطها بالسيد المسبح عليه السلام وفيها كنيسة القيامة وهي التي
يدعي النصارى أن سيدنا عيسى صلب ودفن فيها. وفيها أيضاً درب الآلام
الذي يزعمون أن السيد المسيح عليه السلام سار عليه قبل أن يصلب قال
تعالى {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم}. ويدعي اليهود أن تحت
جدار الحرم القدسي في المكان الذي يسمَّى مربط البراق حائط المبكى
الذي يقدِّسه اليهود ويدَّعون أنه يمثِّل الجزء الغربي من الهيكل
اليهودي الذي بناه سيدنا سليمان عليه السلام. وقد حققت في الموضوع
لجنة دولية عام 0391 م عيَّنتها الحكومة البريطانية المُنتدبة على
فلسطين حيث قررت أن هذا المكان وقف للمسلين وليس لليهود أي حقٍّ فيه،
وقيل عن الذي بناه إبراهيم عليه السلام وقيل يعقوب عليه السلام.
بناء المسجد الأقصى
قيل إنَّ آدم عليه السلام هو أول من أسس المسجدين المسجد الحرام
والمسجد الأقصى ومال الحافظ بن حجر إلى ترجيح هذا الرأي، واستدلّ بما
ذكره ابن هشام في كتاب التيجان أن آدم عليه السلام لمَّا بنى الكعبة
أمره الله تعالى بالسير إلى بيت المقدس ليبنيه فبناه ونسك فيه وقيل
أُسس المسجد الأقصى بعد البيت الحرام بأربعين سنة.
فضل المسجد الأقصى
سّمِّي الأقصى لأنه أبعد المساجد الثلاثة، وقيل لأنه ليس وراءه
عبادة،إنما كان كلُّ ما وراءه من ديار الكفر. وقيل سمِّي الأقصى
لبعده عن الأقذار والخبائث. وأما تسميته بيت المَقْدِس فلأنه
يُتطهَّر فيه من الذنوب. عن عـبد الله بن عـمر رضي الله تعـالى عنهما
عن النبي لما فرغ سليمان بن داؤود من بناء بيت المقدس سأل الله
ثلاثا حكماً يصادف حكمه وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده وألا يأتي أحد
هذا المسجد لايريد إلا الصلاة فيه إلا خــرج من ذنوبه كيوم ولدته
أمُّه) فقال: (أما اثنتان فقد أُعطيهما وأرجو أن يكون قد أعطي
الثالثة.)
وهو من المساجد الثلاثة التي لا تشدُّ الرحال إلا إليها قال رسول
الله : (لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام والمسجد
الأقصى ومسجدي هذا)
وهو ثاني القبلتين وكان رسول الله في مكة المكرَّمة يصلي نحو
الكعبة ولما هاجر إلى المدينة كانت قبلته بيت المقدس وبقي قبلة له
لمدة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وما زال مسجد القبلتين في ظاهر
المدينة يضم قبلتين الأولى منهما متجهة للشمال نحو بيت المقدس
والثانية إلى الجنوب وتتجه نحو الكعبة وقال الإمام السبكي في هذا
يمدح رسول الله :
وصلَّيت نحو القبلتين تفرُّداً
وكلُّ نبيٍّ ماله غير قبـلـة
وفضائله كثيرة لا تحصى ولو لم يكن فيه غير عروج النبي منه إلى السماء
لكفاه شرفا قال تعالى {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام
إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع
البصير.) عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله باركنا حوله فلسطين
والأردن وقيل الشام، وقيل باركنا حوله بمقابر الأنبياء وقال: سمَّاه
مُباركا لأنه مقرُّ الأنبياء وقبلتهم ومهبط الملائكة والوحي وفيه
يحشر الناس يوم القيامة. وفيه معراج النبي من الصخرة المشرفة في بيت
المقدس في ليلة الإسراء.
وقال تعـالى {ونجَّيناه ولوطاً إلى الأرض التـي باركنا فيها للعالمين}
الأنبياء
17
وقال: {وجعلنـا بينهم وبـين القرى التي باركنـا فيها قرىً ظاهرةً
وقدرنا فيها السير، سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين} وقد أراد الله
تعالى لنبيِّه أن يكون عروجه من بيت المقدس تشريفاً لهذا البيت. وقد
بارك الله سبحانه وتعالى حوله فأجرى الأنهار وأنبت الثمار.ووصف
المولى عزَّ وجلَّ أرض القدس بأنها ربوةٌ ذات قرارٍ ومعين. قال
تعالى:{ وجعلنا ابن مريم وأمه آيةً وآويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ
ومعين} قال الضحَّاك وقتادة: هو بيت المقدس وقال ابن كثير: وهو
الأظهر.
نداء الصيحة من بيت المقدس
قال تعالى {واستمع يوم ينادي المنادي من مكانٍ قريب} قيل هو نداء
الصيحة لاجتماع الخلائق يوم القيامة قال قتادة: كنا نحدِّث أنه ينادي
من بيت المقدس من الصخرة وهي أوسط الأرض.
قبة الصخرة
من صخرتها المقدَّسة عُرج برسول الله وفيها صلى بالنبيين عليهم السلام
لذلك يعظِّمها المسلمون ويعظِّمها غير المسلمين فإنَّ يعقوب خاطب
ربَّه عليها لذا سمِّيت الصخرة (باب السماء) وفوقها كان المحراب الذي
تتعبَّد فيه السيدة الطاهرة البتول عليها السلام وصلَّى عندها
الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عند فتح بيت المقدس قال
أبو بكر بن العربي رضي الله عنه يصف الصخرة: صخرة بيت المقدس من
عجائب الله تعالى فإنها صخرةٌ قائمة شعثاء في وسط المسجد الأقصى، قد
انقطعت من كلِّ جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض
إلا بإذنه، وفي أعلاها من جهة الجنوب قدم النبي حين ركب البراق، وفي
الجهة الأخرى أصابع الملائكة التي أمسكتها عندما مالت ومن تحتها
المغارة التي انفصلت عن كلِّ جهة، فهي معلَّقة بين السَّماء والأرض،
وامتعنتُ لهيبتها من ان أدخل تحتها، لأني كنت أخاف أن تسقطَ عليَّ من
الذنوب.ثمَّ بعد مدة دخلتها فرأيت العجب العجاب، تمشي في جوانبها من
كلِّ جهةٍ فتراها منفصلة عن الأرض لا يتَّصل بها من الأرض شيء ولا
بعض شيء وبعض الجهات أشدُّ انفصالا من بعض. وقد سئل الإمام السيوطي
عن أثر قدم النبي على الصخرة فأجاب بأنه لم يقع في ذلك على أصل ولا
رأى من خرَّجه في كتب الحديث، وقد يكون ما رآه ابن العربي من قبيل
الكشف الإلهي الذي يقع للأولياء. وقال بعض الصالحين يصف الصخرة
المقدّسة: هذا وقد أشرفتْ فيه الصخرةُ الشريفةُ على السُّها (النجم)
وازدهرت مصابيح أُنسها في سماء قُدسـها قائمة بنفسها رفعـها الله
الذي رفع السماء بغير عمد ترونها فأنشدت:
بلغَ الصُّــدودُ المـُنـتهى
والقلبُ عـنكـم ما انـتهـى
وإذا رضــيتـُم حـالتي
فيكم فـهـذا المـُشـتهـى
ها قد حللتُ بـأرضـِـكم
مُتَـفـَيـِئاً فـي ظــلـِّها
فلئن سـمـحـتـَم فـهْوَ
مِن عاداتـِكـم وأجـلِّــها
وعوارفُ الحُسـْنَى لـكم
مَعـروفـةٌ من أـصرلـها
نبع الماء من تحت الصخرة
قال أبي بن كعب: ما من ماءٍ عذب إلا وينبع من تحت الصخرة ببيت
المقدس ثمَّ يتفرَّق في الأرض.وأخرج ابن الجوزي: المياه العذبة
والرياح اللواقح تحت صخرة بيت المقدس. وفي الأنس الجليل عن ابن عباس
رضي الله عنهما: الأنهار أربعة سيحان وجيحان والنيل والفرات فأما
سيحان فنهر بلخ وأما جيحان فدجلة وأما النيل فنيل مصر واما الفرات
ففرات الكوفة وكلُّ ما يشرب ابن آدم فهو في هذه الأربعة ومخرجه من
تحت الصخرة.وقال أبي ابن كعب في تفسير قوله تعالى:{ونجَّينــاه
ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} قال: هي الشام وما من
ماءٍ عذب إلا ويخرج من الصخرة التي ببيت المقدس.
زيارة الصخرة وآدابها
قال صاحب الأنس الجليل: ويستحبُّ لمن دخل الصخرة أن يجعلها عن يمينه
حتى تكون بخلاف الطواف فيضع يده عليها ولا يقبِّلها. ثمَّ يـدعو بما
شاء وإن أحبَّ لأن ينزل تحت الصخرة فليدخل وليقدِّم النـية ويعقد
التوبة بالإخلاص مع الله تعالى ويجتهد في الدعاء.
وأحبُّ له أن يجتهد في الدعاء تحت الصخرة فإن الدعاء في ذلك الموضع
مقطوع له بالإجـابة إن شاء الله.
قصَّة السلسلة
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان بجانب الصخرة طشت فيه سلسلة
وكان في الصخرة ثقب يعلِّقون به السلسلة ثمَّ يقرِّبون قربانهم فما
تقبِّل منه أخذ وما لم يتقبَّل ألصق إلى الأرض. وقال الإمام علي
كرَّم الله وجهه: ما كان الناس أحوج إلى السلسلة منهم اليوم ! قيل:
وما السلسلة؟ قال: سلسلة أعطاها الله تعالى داؤود عليه السلام وفيها
فصل الخطاب لا يأتيها رجلان إلا ونالها المحقُّ منهم وإن كان قصيراً
فاستودع رجل منهم آخر ذهباً فأخذ عصاً فثقبها وجعل الذهب فيها وأنكر
على صاحبها وجيء بهما إلى داؤود عليه السلام فقال: اذهبوا بهما إلى
الصخرة فذهبا فقال صاحب الذهب: اللهم إن كنت تعلم أني استودعته مالا
فأنكرَ عليَّ أسألك ان أنال السلسلة فنالها، وقال السارق لصاحبه
عندما جاء دوره ليحلف: أمسك هذه العصا حتى أحلف فأمسك العصا وفيها
الذهب وهو لا يدري وحلف السارق وقال: اللهمّ إن كنت تعلم أني دفعت
إليه وديعتَه أسألك أن أنال السلسلة فنالها فقال داؤود عليه السلام:
ما هذا يا ربِّ نالها الظالم والمظلوم فأوحى إليه عزَّ وجلَّ أن ماله
كان في العصا ورُفعت السلسلة من حينئذ.
وقد بنى عليها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في عام
72
هـ قُبة التي تسمَّى بقبَّة الصخرة وهي آية في الجمال الهندسي وقد
جددت هذه القبة عدة مرات.
فتح بيت المقدس في صدر الإسلام
في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بعد المعارك في أجنادين واليرموك
تمَّ حصار إيلياء (القدس) وطلب أهلها الأمان والصلح وجاء الخليفة عمر
رضي الله عنه بنفسه وتولى أمر الصلح وتسلُّم بيت المقدس ووصل إلى
إيلياء وتسلَّم بيت المقدس في عام
16
من الهجرة النبوية الشريفة ونصَّ في الصلح على ألا يسكن إيلياء أحدٌ
من اليهود، ودخل القدس عن طريق جبل المكبَّر ثمَّ أتى موضع المسجد
الأقصى فصلَّى فيه تحيَّة المسجد ويـروى أنه صلى في محراب داؤود
عليـه السلام وروى الإمام أحمد عـن طريق عبيد بن آدم: سمعت عمر بـن
الخطاب يقول لكعب الأحبار: أيـن ترى أن أصلِّي؟ قال: إن أخذتَ عني
صليت خلف الصخرة، وكـانت القدس كلُّها بين يديك. فقال عمر رضي الله
عنه: ضاهيت اليهودية، لا ولكني أصلِّي حيث صلَّى رسول الله .
القدس في أيدي الصليبيين
في عام
432
هـ سقطت القدس في أيدي الصليبيين وأنزلوا بأهلها مذبحة هائلة، قتلوا
فيها سبعين ألفا وعاثوا فيها فسادا وحوَّلوا المسجد الأقصى إلى كنيسة
ورثى المسلمون القدس وقال أحد الشعراء يصف هذا الحال:
أحلَّ الكفرُ بالإسلام ضيـمـا
يطـول عليه للدين النحـيبُ
فحقٌّ ضائع وحـمى مـبـاح
وسيفٌ قاطـعٌ ودمٌ صـبيبُ
وكم من مسلم أمسى سليبــا
ومـسلمةٍ لها حــرمٌ سليبُ
أمورٌ لــو تأمـَّلهنَ طفـل
تطفَّلَ في عوارضه المشيب
وفي عام
550
حضر إلى بغداد جماعة من الصوفية والفقهاء إلى جامع السلطان ببغداد
فاستغاثوا وأنزلوا الخطيب من المنبر وصاحوا وبكوا لما لحق بالإسلام
من الضيم.ولكن كلُّ هذا لم يثمر شيئا.
استعادة القدس في عهد صلاح الدين الأيوبي
انتصر صلاح الديـن الأيوبي على الصليبيـين في حطين وقيل إنَّ صلاح
الدين الأيوبي تردد أول الأمــر لعدم ثقته بقوة جيشه ولأن الفرنجة
حشدوا كلَّ قوَّاتهم وفرسانهم لحماية بيت المقدس فكتب إليه شابٌ من
أهل دمشق كان مأسوراً في القدس على لسان القدس الشريف:
ياأيُّها الـمـلـك الـذي
لمَعَالِمِ الصُّلبانِ نكَّــس
جاءتْ إليك ظـلامــة
تسعى من البيت المقدَّس
كلُّ المساجد طهِّرت وأنا
على شرفي مُنجّــَس
وقيل إن صلاح الدين وجد الشاب صاحب الأبيات عالماً فولاه الخطابة في
القدس الشريف.
سار إلى بيت المقدس وطلب الصليبيون الأمان ودخل صلاح الدين بيت المقدس
وتسلَّمه في السابع والعشرين من رجب عام
583
هـ وهذا من التوفيق الإلهي لأنها وافقت ليلة الإسراء والمعراج ليلة
أسري برسول الله من بيت المقدس. وجلس السلطان يوم الفتح على هيئة
التواضع وهيئة الوقار للتهنئة ولقاء الأكابر والأمراء والفقهاء
والمتصوِّفة وغيرهم من الأخيار الأبرار ووجهه بنور البشر سافر.
وذكر الشاعر ابن الساعاتي أن رسول الله فرح بهذا الفتح فقال:
حبا مكَّة الحسنى وثنَّى بيـثربٍ
وأطربَ ذيَّاك الضريح وما ضمَّا
وقال أيضاً:
أحسنتَ بالبيتِ العتيق ويثربٍ
ولك الفَعالُ كثيرةٌ حسـناته
هذي سيوفُك مُحْرِماتٌ دونـَه
لبُكائهنَّ تبسَّمت حُجـُراتـُه
فعسى الله تعالى أن يعيد لنا مثل هذا اليوم من النصر والظفر على ملة
أهل الكفر.
اليهود
في فلسطين
في ديسمبر
1917
دخلت الجيوش البريطانية القدس وسيطرت عليها تماماً بعد طرد الأتراك
وبعد شهرٍ واحد فقط من دخول البريطانيين القدس صدر وعد بلفور الذي
تعهَّدت فيه الحكومة البريطانية بتأييد لإقامة وطن لليهود، ثمَّ وضعت
القدس وسائر أرجاء فلسطين تحت الوصاية. وكان هذا في عام
1920
وفي عام
1922م
وافقت عصبة الأمم على تلك الوصاية، وبدأت مأساة المسلمين في الأراضي
المقدَّسة واليهود الآن في طريقهم للاستيلاء على القدس الشرقية عن
طريق القوانين التعسفية التي أصدروها تجاه انتقال المنــازل بالإرث
أو توسيعها أو الزيادة في مبانيها، ويكون الرجل ين أمرين إما أن
يصادر بيت أو يبيعه ففضَّلوا البيع ويكون اليهود هم المشترين لذلك
نجد أن مُعظم القدس الشرقية الآن في أيديهم.
أوقاف المسجد الأقصى
يشرف على أوقاف الحرم القدسي البيت الهاشمي في المملكة الأردنية
الهاشمية وكان البيت الهاشمي المالك إلى عهد الملك الحسين بن طلال
رحمه هو الذي يشرف على هذه الأوقاف ويعيِّن المفتي وإمام المسجد
والخطباء ويتولَّى الإشراف على عمليات الصيانة والترميم ولكن اقتصر
دوره الآن على الإشراف على الأوقاف وعمليات الصيانة والترميم وصار
أمر تعيين مفتي القدس وإمام الحرم والخطباء عند السلطة الفلسطينية.
الجهاد في الحرم الأقصى
عن أبي هريـرة عن النبيِّ قال: (لا تـزال عصـابة من أمتي يقاتلون
على أبواب دمشق وما حولـه وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا
يضرُّهم من خذلهم ظاهرين على الحقِّ حتى تقوم الساعة).
من معجزات الإسراء والمعراج
جاء في حديث أبي سفيان قبل إسلامه لقيصر أنه قال لقيصر ليحط من قدر
رسول الله ألا اخبرك أيها الملك عنه خبراً تعلم أنه يكذب؟ قال: وما
هو؟ قال: إنه يزعم أنه خرج من أرضنا أرض الحرم فجاء مسجدكم هذا ورجع
إلينا في ليلةٍ واحدة. فقال أحد البطارقة: أنا أعرف تلك الليلة. فقال
قيصر: وما علمك بها؟ قال: إني كنت لا أبيت ليلة إلا وأغلق الأبواب
فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلَّها إلا باباً واحدا غلبني
فاستعنتُ عليه بعمالي ومن معي فلم نقدر فقالوا إن البناء نزل عليه
فاتركوه إلى غد حتى يأتي بعض النجَّارين فيصلحه. فتركته مفتوحاً فلما
أصبحتُ غدوتُ فإذا الحجر الذي من زاوية الباب مثقوب ـ وهو أثر مربط
الدابة (البراق) ـ ولم أجد في الباب ما يمنعه من الإغلاق.
فعلمت أنه امتنع لأجل ما كنت أجده في العلم القديم أنَّ نبيَّاً يصعد
من بيت المقدس إلى السماء. ولا يخفى أن عدم إغلاق الباب كان آيةً
وإلا فجبريل عليه السلام لا يمنعه بابٌ ولا غيره.
ونحن في خاتمة هذا الحديث عن المسجد الأقصى نسأل الله تعالى أن يعود
المسجد الأقصى كما كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب والسلطان صلاح
الدين الأيوبي جزاه الله عن الإسلام خير الجزاء فيتيسَّر
لكل المسلمين زيارته و الصلاة فيه و التبرك و الدعاء عند الصخرة التي
كان منها عروج رسول الله صلى الله عليه و سلم.
هادية
محمد الشلالي |