هل من سائل فيجاب؟
ورد إلينا سؤال من القارئ أحمد عبد القادر عثمان (أركويت الخرطوم)
يستفسر عن حديث فضل الصلاة على حضرة النبى ويقول كنت أستمع إلى
برنامج ديني بالراديو وذكر أحد المستمعين للبرنامج حديث (من صلَّى
علىَّ مرة صلى الله عليه بها عشراً) والذي يفيد أن الإكثارمن
الصلاة علي النبي ينجي من النار، فرد رجل الدين المستضاف في
البرنامج على أنه لم يقرأ هذا الحديث ولم يسمع عنه بتاتا، وأنا
أريد ردا شافيا يدلُّ على صحة هذا الحديث وفضل الصلاة على النبى ؟
جاء في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي سورة الأحزاب الآية:
65 {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا
عليه وسلموا تسليما} في فضل الصلاة على النبي ثبت عنــه أنه قال:
(من صلَّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا) وقال سهل بن عبد
الله: الصلاة على سيدنا محمد أفضل العبادات، لأن الله تعالى
تولاها هو وملائكة، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك
قال أبو سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ
بالصلاة على النبي ، ثم يسأل الَله حاجته، ثم يختم بالصلاة على
النبي فإن الله تعالى يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يرد ما
بينهما، وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه
قال: الدعاءُ يُحجب دون السماء حتى يُصلَّى على النبي ، فإذا جاءت
الصلاة على النبي رُفع الدعاء، وقال النبي : (من صلَّى علي وسلَّم
عليَّ في كتاب لم تزل الملائكة يصلون عليه ما دام اسمي في ذلك
الكتاب) وفي الأذْكَارُ النَّوَويَّة للإِمام النَّوَوي بابُ ما
يقولُ مَنْ سمعَ المؤذّنَ والمقيمَ و بابُ الصَّلاةِ عَلى رسولِ
اللّه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، ورواه مسلم
والجامع الصغير لجلال الدين السيوطي في المجلد الأول و المجلد
السادس
ورواه أحمد في مسنده وصحيح مسلم والثلاثة أبو داود، الترمذي، النسائي
عن ابن عمرو و عن أبي هريرة وفي تخريج أحاديث الإحياء للحافظ
العراقي المجلد الأول كتاب الأذكار والدعوات والباب الثاني في آداب
الدعاء وفضله وفي تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم وجدت في كتاب
الصلاة وفي رياض الصالحين، للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي:
كتاب الفضائل رَوَاهُ مُسلِمٌ وفي سنن الترمذي (وشرح العلل) للإمام
الترمذي المُجَلَّد الخَامِس أبواب المَنَاقِب عَن رَسُولِ
اللَّهِ سُنَنُ أبي دَاوُد الجزء الأول باب ما يقول إذا سمع
المؤذن وفي كنز العمال للمتقي الهندي المجلد الأول الباب السادس في
الصلاة عليه وعلى آله عليه الصلاة والسلام وفي مجمع الزوائد للحافظ
الهيثمي: المجلد العاشر كتاب الأدعية
ورواه البزار ورجاله ثقات عن أبي بردة بن نيار ورواه الطبراني إلا أنه
قال:(ما صلَّى عليَّ عبدٌ من أمتي صادقاً بها في قلب نفسه) وفي
مسند الإمام أحمد المجلد الثاني أول مسند عبد الله بن عمرو بن
العاص رضي الله تعالى عنهما، وفي فتح الباري، شرح صحيح البخاري
للإمام إبن حجر العسقلاني المجلد الحادي عشر كِتَاب الدَّعَوَاتِ
باب الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ يكره أن يُفرد الصلاة ولا يسلِّم
أصلا أمَّا لو صلَّى في وقت وسلَّم في وقت آخر فإنه يكون ممتثلا،
واستدل به على فضيلة الصلاة على النبي من جهة ورود الأمر بها
واعتناء الصحابة بالسؤال عن كيفيتها، وقد ورد في التصريح بفضلها
أحاديث قوية لم يخرج البخاري منها شيئا، منها ما أخرجه مسلم من
حديث أبي هريرة (من صلَّى عليَّ واحدة صلى الله عليه عشرا) وله
شاهد عن أنس عند أحمد والنسائي وصححه ابن حبان، وعن أبي بردة بن
نيار وأبي طلحة كلاهما عند النسائي ورواتهما ثقات، ولفظ أبي بردة
(من صلَّى عليَّ من أمتي صلاة مُخلصا من قلبه صلى الله عليه بها
عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر
سيئات) ولفظ أبي طلحة عنده نحوه وصححه ابن حبان، ومنها حديث ابن
مسعود إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم على صلاة وحسَّنه
الترمذي وصححه ابن حبان، وله شاهد عند البيهقي عن أبي أمامة بلفظ
صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم عليَّ صلاة كان
أقربهم مني منزلة ولا بأس بسنده، وورد الأمر بإكثار الصلاة عليه
يوم الجمعة من حديث أوس بن أوس وهو عند أحمد وأبي داود وصححه ابن
حبان والحاكم، ومنها حديث (البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ علي)
أخرجه الترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وإسماعيل القاضي وأطنب
في تخريج طرقه وبيان الاختلاف فيه من حديث على ومن حديث ابنه
الحسين ولا يقصر عن درجة الحسن، ومنها حديث (من نسي الصلاة عليَّ
خَطِئَ طريق الجنة) أخرجه ابن ماجه عن ابن عباس والبيهقي في الشعب
من حديث أبي هريرة وابن أبي حاتم من حديث جابر والطبراني من حديث
حسين بن علي، وهذه الطرق يشد بعضها بعضا وحديث (رغِمَ أنف رجل
ذكرتُ عنده فلم يصلِّ علي) أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة بلفظ
(من ذُكرتُ عنده ولم يصلِّ عليَّ فمات فدخلَ النارَ فأبعده الله)
وله شاهد عنده، وصححه الحاكم، وله شاهد من حديث أبي ذر في الطبراني
وآخر عن أنس عند ابن أبي شيبة وآخر مرسل عن الحسن عند سعيد بن
منصور، وأخرجه ابن حبان من حديث أبي هريرة ومن حديث مالك بن
الحويرث ومن حديث عبد الله بن عباس عند الطبراني ومن حديث عبد الله
بن جعفر عند الفريابي وعند الحاكم من حديث كعب بن عجرة بلفظ (بعُدَ
من ذُكرتُ عنده فلم يصلِّ علي) وعند الطبراني من حديث جابر رفعه
(شَقِي عبد ذكرت عنده فلم يصل عليَّ) وعند عبد الرزاق من مرسل
قتادة (من الجفاءِ أن أذكرَ عندَ رجلٍ فلا يصلي علي) ومنها حديث
أبي بن كعب (أن رجلا قال: يا رسول الله إني أكثر الصلاة فما أجعل
لك من صلاتي؟ قال: ما شئت.قال الثلث؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير
إلى أن قال أجعل لك كل صلاتي؟ قال: إذا تكفى همك) الحديث أخرجه
أحمد وغيره بسند حسن، فهذا الجيد من الأحاديث الواردة في ذلك، وفي
الباب أحاديث كثيرة ضعيفة وواهية، وأما ما وضعه القصاص في ذلك فلا
يحصى كثرة وفي الأحاديث القوية غنية عن ذلك.قال الحليمي: المقصود
بالصلاة على النبي التقرب إلى الله بامتثال أمره وقضاء حق النبي
علينا.وتبعه ابن عبد السلام فقال: ليست صلاتُنا على النبي شفاعة
له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بمكافأة من أحسن
إلينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم
عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه.وقال ابن العربي: فائدة
الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه لدلالة ذلك على نصوع العقيدة
وخلوص النية وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والاحترام للواسطة
الكريمة ، وقد تمسك بالأحاديث المذكورة من أوجب الصلاة عليه كلما
ذكر، لأن الدعاء بالرغم والإبعاد والشقاء والوصف بالبخل والجفاء
يقتضي الوعيد والوعيد على الترك من علامات الوجوب، ومن حيث المعنى
أن فائدة الأمر بالصلاة عليه مكافأته على إحسانه وإحسانه مستمر
فيتأكد إذا ذكر وتمسكوا أيضا بقوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم
كدعاء بعضكم بعضا} فلو كان إذا ذكر لا يصلي عليه لكان كآحاد
الناس.ويتأكد ذلك إذا كان المعنى بقوله (دعاء الرسول) الدعاء
المتعلق بالرسول .
وفي مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي المجلد العاشر عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله : من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً،
ومن صلى علي عشراً صلى الله عليه مائة، ومن صلى علي مائة كتب الله
له براءة من النفاق بين عينيه وبراءة من النار وأسكنه الله يوم
القيامة مع الشهداء رواه الطبراني في الصغير والأوسط.
وفي تخريج أحاديث الإحياء للحافظ العراقي كتاب أسرار الصلاة، حديث من
صلى علي في يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين سنة قيل
يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال تقول: اللهم صل على محمد عبدك
ونبيك ورسولك النبي الأمي، وتعقد واحدة، وإن قلت اللهم صل على محمد
وعلى آل محمد صلاة تكون لك رضاء ولحقه أداء وأعطه الوسيلة وابعثه
المقام المحمود الذي وعدته واجزه عنا ما هو أهله واجزه أفضل ما
جزيت نبيا عن أمته وصل عليه وعلى جميع إخوانه من النبيين والصالحين
يا أرحم الراحمين أخرجه الدارقطني من رواية ابن المسيب قال أظنه عن
أبي هريرة وقال ابن النعمان حديث حسن وعن أنس بن مالك قال: قال
رسول الله :من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ومن
صلى علي عشراً صلى الله عليه مائة، ومن صلى علي مائة كتب الله له
براءة من النفاق بين عينيه وبراءة من النار وأسكنه الله يوم
القيامة مع الشهداء رواه الطبراني في الصغير والأوسط. وأخرجه
الإمام الشعراني في العهود المحمدية.
وجه إلينا الأخ معاوية محمد من كلية الهندسة بجامعة الزعيم الأزهري
نيابة عن مجموعة من الطلاب بالجامعة طلباً لتقديم شرح وافى
للشطوحات الصوفية مثل شطوحات الحلاج وابن العربي لان الكثيرين
ينتقضونها ويعتبرونها ثغرة للتصوف من قبل المتصوفين القدامى.
وفيما يلي ردنا على هذا الطلب:
بالنسبة للشطوحات الصوفية يكفينا الرد على المنكرين بالنصوص التالية:
للحافظ العراقي كتاب العلم: الباب الثاني. قال (إن من العلم كهيئة
المكنون لا يعلمه إلا أهل المعرفة بالله تعالى، فإذا نطقوا به لم
يجهله إلا أهل الاغترار بالله تعالى فلا تحقروا عالما آتاه الله
تعالى علما منه، فإن الله عز وجل لم يحقره إذ آتاه إياه)
رواه أبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين له في التصوف من حديث أبي
هريرة
وورد في فيض القدير، شرح الجامع الصغير، للإمامِ المناوي وجدت
الكلمات في الحديث رقم
5473- (علم الباطن) كذا هو بالميم في خط
المصنف ورأيته أيضاً في نسخة قديمة من الفردوس مضبوطة مصححة بخط
الحافظ ابن حجر علم الباطن فما في نسخ من أنه على تحريف (سر من
أسرار اللّه عز وجل وحكم من حكم اللّه يقذفه في قلوب من يشاء من
عباده) قال الغزالي: علم الآخرة قسمان علم مكاشفة وعلم معاملة وعلم
المكاشفة هو علم الباطن وذلك غاية العلوم وقد قال بعض العارفين: من
لم يكن له نصيب منه يخاف عليه سوء الخاتمة وأدنى النصيب منه
التصديق وتسليمه لأهله وقال بعضهم: من كان فيه خصلتان لم يفتح عليه
منه بشيء بدعة أو كبر ومن كان محباً للدنيا أو مصراً على الهوى لم
يتحقق به وقد يتحقق بسائر العلوم وهو عبارة عن نور يظهر في القلب
عند تطهيره من الصفات المذمومة وهذا هو العلم الخفي الذي أراده
المصطفى بقوله إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل
المعرفة باللّه (الفردوس للديلمي عن عليّ أمير المؤمنيــن ورواه
أيضاً ابن شاهين والمتقي الهندي في كنز العمال واستدل به الشـيخ
عبد الوهاب الشعراني شيخ الأزهر الشريف في كتـابه العهود المحـمدية
فقال وروى الديلمي في مسنده وأبو عبدالرحمن السلمي في الأربعين
التي له في التصوف والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، أن رسول الله
قال: إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء بالله
تعــالى فإذا نطقوا به لا ينكره إلا أهل الغرة بالله عز وجل.
ونختم بالفتوى الشهيرة من كتاب الفتاوى لابن تيميه الحراني المجلد
العاشر ص 350 طبعة الرياض ما نصه (ومن هؤلاء من غلب عليه الذكر لله
والتوحيد له والمحبة حتى غاب بالمذكور المشهود المحبوب المعبود عما
سواه فيقول أحدهم في هذه الحالة (أنا الحق أو سبحانى أو ما في
الجبة إلا الله) فمن قال هذا في حال زوال عقله بحيث يكون كالسكران
أو كالموله وكـان السبب الذى أوجب ذلك غير منهى عنه شرعا فلا إثم
عليه) وللإجابة بقية.
محمد صفوت جعفر
|