فتي السواعد
الـبـحـث عـن الــ...؟ !
تحدثنا في المقالات السابقه عن صراع الأضداد والتطرف الفكري الحاد
والمتوغل بين الثقافات الإنسانية والذى أثر في العلاقه الآنية
الشائكة والمتشابكة بين الإسلام والغرب التى وصلت إلى ذروة استفحالها
بعدأحداث 11 سبتمبر والتى بها وضعت تلك العلاقة على قدح مغلى من نار
تحف بها أفاعٍ وعقارب ذات سم ناقع، وماكنا لنصل إلى هذا الصراع
الحضاري الدموي لولا أن مؤسسات الانغلاق الفكري المغلفة باسم الإسلام
قد استقطبت الكثير من الشباب الذي يعيش حالة إنفصام وذلك بخطابها
الأسود المغلف بالأبيض الذي يدعو إلى الجهاد ضد كل من لم يؤمن
بمبادئهم، فأصبح(الآخر) عدوا يجب اجتثاثه في معتقدات هؤلاء الشباب،
لذا يجب علينا تغيير مفهوم الاجتثاث إلى مفهوم التعايش الإنسانى
القويم.
لأن التطرف والغلو يلغيان سِمة العقلانية وإذا فقد الإنسان العقل أصبح
شيئاً آخر.. فتخيل معى عزيزى القارئ كيف يكون المشهد دراميا حين
يتحول العالم إلى أنهار من دماء وبرك ومستنقعات من أشلاء الأطفال
والنساء والشيوخ كنتاج طبيعي لإعادة تحريك العجلة أو إعادة إنتاج
الأزمة بين الأيدولوجيات المتطرفة بين الإسلام والغرب. يظن الكثيرون
أن مفهوم الحوار الحضارى والثقافى بين الشعوب سقط تحت أقدام هولاكو
القديم أو الحديث، غير أن الحوار الحضارى لم يسقط بل نجحت مخططات
أعداء الإسلام، إن حوارا حضاريا لا يقوم على دعائم جادة تمثلها
مؤسسات ذات فكر معتدل لها تأثير كبير على شعوبها مصيره دون شك الفشل
الذريع لأن هذه المؤسسات تحمل فـي فكرها تقدير الآخر واحترامه
والتعايش معه دون تهميشه. كذلك لابد من تأكيد أن الإسلام دين رحمة
ومحبة وإخاء وليس دين إرهاب يفتك بالأبرياء كما أن على الغرب أن يؤكد
فعلا لا قولا معاني التسامح والتعايش الإنساني دون استعلاء حضاري أو
ثقافـي كما عليه أن لا يصبح أداة تنفيذية للأفكار الصهيونية التي
تستهدف الإسلام والمسلمين
لقد ظلت المؤسسة البرهانية منذ بزوغ فجرها المنير تنادي بتحقيق السلام
العالمي وبرفع قيم التعايش الوجداني وما كان خطاب مولانا الشيخ
ابراهيم الذي ألقاه فـي ذكرى سيدي فخر الدين فـي أبريل المنصرم إلا
خير دليل لما ذكرناه والذي دعى فيه لنبذ الخلاف والاحتراب والتمسك
بأهداب الحب فقط لا غير، إن السلام العالمي لا يتحقق إلا حين تموت
بذور الشر فـي صحراء الحقد والتباغض ولن يمحوها غير الخلق القويم
الذي يدعو إليه التصوف الإسلامي، فدعاة الحرب لا يرمش لهم جفن حين
تمزق قنبلةٌ جسد طفل وليد أو تقتل امرأةً عجوز دون شفقة بل تجدهم
يبكون بكاء ثكلى حين يتزحزح عرشهم السرابي أو عندما يخسرون بضع
جنيهات فـي البورصة مثل هؤلاء عزيزي القاريء لا يمثلوننا فـي الحوار
الحضاري الذي نريده بل يمثلون انتهازية قوى المصالح النفعية التي لا
تنظر إلا إلي جيوبها المنتفخة بحقوق النائمين جوعاً على قارعة الطريق
الملتحفين بالكراتين وورق الصحف وبعض الأمنيات البعيدة.
إن الحوار الحضاري والثقافـي إذا ما تخطَّى مرافـيء الإنسانية فمصيره
مقبرة التاريخ بعد أن يجلب لنا الضدية تماماً ألا وهي الصراع الحضاري
الدموي البغيض.
سامي حسب الرسول
|