الـعـلـم الـبـرزخــي

بـالـحـقـائـق نـاطـقـيـن

الصبر فـي الشعر

 

الـعـلـم الـبـرزخــي

إن مولانا الامام فخر الدين شيخنا وقدوتنا الى الله سبحانه وتعالى السيد/ محمد عثمان عبده البرهانى قد أفنى عمره فى جميع طاعات الله سبحانه وتعالى والعمل على مرضاته ومحبته ومحبة حبيبه سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ومحبة أهل بيته الطاهرين وصحابته الغرِّ الميامين رضى الله تعالى عنهم أجمعين وكذلك محبة جميع اولياء الله الصالحين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

 وقد افرغ تلك المحبة فى قلوب أبنائه ومريديه كما قال رضوان الله تعالى عليه:

وأرضعت أبنائى هوى آل احمد            فأورئهم طه الصفاء ورحمتى

ومن رحمته رضوان الله تعالى عليه أن أحب مريديه وجميع طالبى فضله فلم يبخل عليهم بأنفس ماعنده من جواهر العلوم وكنوز المعارف وأسرار اللطائف، فقد كان يلقى على المريدين دروسه فى جميع العلوم الظاهرة والباطنة ويرد على تسـاؤلاتهم فى جميع الشئون. وذلك حال حيـاته رضوان الله تعالى عليه، ثم لما اراد ان يثبت تلك العلوم فى اذهان المريدين عمد الى تأليف كتابيه النفيسين: احدهما (انتصار أولياء الرحمن على اولياء الشيطان). وثانيهما (تبرئة الذمة فى نصح الامة وتذكرة اولى الالباب للسير الى الصواب) جمعهما من نفائس الكتب كما أشار الى ذلك وذكر فى كل كتاب انه جامعه وليس مؤلفه تواضعاً منه. وقد جمع فيهما جميع مايلزم المريدين فى تصحيح العقائد وامرهم بالنصوص القاطعة والبراهين الساطعة فى الرد على أصحاب العقائد الفاسدة فى جميع ما ينكرونه من الكتاب والحديث الشريف وأوضح مراتب الحديث، فدوَّن بذلك علومه التى كان يلقيها كفاحا. ثم لما انتقل رضوان الله تعالى عليه الى الرفيق الأعلى نظم مانشره من علومه لتكون سهلة الرسوخ فى الأذهان، وعليه فهو حاضر فى حياته وبرزخه وآخرته كما قال رضوان الله تعالى عليه:

وإنى وأيم الله ماغبت عنكم               وعاريتى ردَّت لرب البرية

وأنكر المنكـرون أن تكون القصائد من البرزخ والنـاس اعداء لما جهلوا وليس من حقهم أن ينكروا مالاعلم لهم به مع أن النصوص التى تؤيد ذلك واردة وواضحة وضوح الشمس ولكنها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور.

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد        وينكـر الفـم طعـم الماء من سقـم

بهذا المقـال رمينا الى توضيح الامثله التـى تؤيد العلوم البرزخية، مثلاً عندما زار سيدى احمد البدوى رضوان الله تعالى القبر الشريف على ساكنه افضل الصلاة وأتم التسلم وأنشد قائلا:

إن قيل زرتم بم رجـعـتـم           يا اكرم الخلـق مـانـقـول

فجاءه الرد الشريف:

قولوا رجعنا بـكـل خـيـر        ألحق الفـرع بـالاصـــول

وكذلك تكملة النبى صلى الله عليه وسلم لبيت الامام البصيرى رضوان الله تعالى عليه فى قصيده الميميه المشهورة (أمن تذكر جيران بذي سلم) الذى قال فيه:

فحاصل الامر فيه أنه بشر

 فقال له صلى الله عليه وسلم قل:

وأنه خير خلق الله كلهم

وغير ذلك كثير فان قال قائل ممن ينكر بأن ذلك ممكن من الرسول صلى الله عليه وسلم فسنعرض امثله اخرى منها قصه الامام العالم الشيخ الحسن علي بن حرزهم الفقيه المشهور المغربى رحمه الله الذى كان يبالغ فى الانكار على كتاب احياء علوم الدين لمؤلفه الامام أبي حامد محمد بن محمد الغزالى رضوان الله تعالى عليه وكان ابن الشيخ حرزهم مطاعاً مسموع الكلمة فأمر بجمع ما ظفر به من نسخ كتاب الاحياء وأمر باحراقها فى الجامع يوم الجمعة فماذا كان: لقد رآى فى ليلة تلك الجمعة التى كان ينوى أن يحرق فيها هذا الكتاب الكبير كانه دخل الجامع فاذا هو بالنبى صلى الله عليه وسلم ومعه سيدنا ابوبكر وسيدنا عمر رضى الله تعالى عنهما والامام الغزالى رضوان الله تعالى عليه قائـم بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم، فلما اقبل بن حرزهم قال الامام الغزالى رضوان اله تعالى عليه: هذا خصمى يارسول الله فإن كان الامر كما زعم تبت الى الله تعالى وإن كان شيئاً حصل لى من بركتك واتباع سنتك فخذ لى حقى من خصمى، ثم ناول النبى صلى الله عليه وسلم كتاب الاحياء، فتصفحه النبى صلى اله عليه وسلم ورقة ورقة من أوله الى آخره ثم قال صلى الله عليه وسلم والله أن هذا شئ حسن ثم ناوله سيدنا ابابكر رضى الله تعالى عنه فنظر فيه واستجاده ثم قال رضى الله تعالى عنه: والذى بعثك بالحق انه لشئ حسن. ثم ناوله سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه فنظر فيه وأثنى عليه كما قال سيدنا ابوبكر رضى الله تعالى عنه.

فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بتجريد الفقيه على بن حرزهم عن القميص وأن يضرب ويحدَّ حدَّ المفترى فجرد وضرب فلما ضرب خمسة أسواط تشفع فيه سيدنا ابوبكر الصديق رضى الله تعالى عنه وقال: يارسـول الله، لعل ظن فيه خلاف سنتك فأخطأ فى ظنه، فرضى الإمام الغزالى رضوان الله تعالى عليه شفاعة سيدنا الصديق رضى الله تعالى عنه.

ثم استيقظ ابن حرزهم من نومه وأثر السياط فى ظهره وأعلم أصحابه وتاب إلى الله تعالى من إنكاره على الامام الغزالى رضوان الله تعالى عليه واستغفر، ولكن بقى مده طويله متألماً من أثر السياط وهو يتضرع إلى الله تعالى ويتشفع بسيدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن رأى النبى صلى الله عليه وسلم دخل عليه ومسـح بيده الكريمة على ظهره فعوفي بإذن الله تعالى ثم لازم مطالعة كتاب إحيـاء علوم الدين ففتح الله تعالى عليه فيه ونال المعرفـة وصار مـن أكابر المشايخ أهل العلم الباطن والظاهر رضوان الله تعالى عليه. فان قال المنكرون هذه رؤيا! فما قولهم فى السياط !

ومثال آخر معلوم لدى كل من كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد وهو سماع تلاوة القرآن الكريم يتلى من قبور كثير من الموتى وكذلك الروايات الكثيرة المتواترة فى هذا السياق ومن أعجبها قصة ذلك السخى الذى اكرم أضيافه وهو ميت فقد حكى أن قوماً من العرب جاءوا الى قبر بعض اسخيائهم للزيارة فنزلوا عند قبره، فرأى رجل منهم فى النوم صاحب القبر وهو يقول له: هل لك أن تبادلنى بعيرك بنجيبى (البعير السريع) وكان السخى صاحب القبر قد خلف نجيباً معروفاً به، ولهذا الرجل صاحب الرؤيا بعـير سمين، فقال له فى النوم: نعم فباعة بعيره بنجيبه.

فلما تم بينهما العقد عمد هذا الرجل الى بعيره فنحره فى النوم فانتبه من نومه فإذا الدم يجري من نحر بعيره فقام اليه وقسَّم لحمه فطبخـوه وقضوا حاجتهم منه ثم رحلوا وساروا، فلما كان اليوم الثانى وهم فى الطريق استقبلهم ركب فقال رجل من الركب من منكم فلان بن فلان باسم ذلك الرجل صاحـب الرؤيا والبعير فقال أنا فقـال له: هل بعت من فلان بن فلان شيئاً وذكر له اسم صاحب القبر قال نعم بعت منه بعيرى بنجيبه فى النوم فقال هذا هو نجيـبه ثم قال هو أبى وقد رأيتـه فى النوم وهو يقول لى: إن كنت ابنى فادفع نجيبى الى فلان بن فلان وسمـَّاك لى أبعد هذا ننكر علم الـبرزخ ولهذا يقول مولانا الشيخ رضوان الله تعالى عليه:

فما قولُ الجهولِ حبيسُ عقلٍ        إذا جئنا بعــــلمٍ برزخى

فأدناه لدى أرباب فضـــل       وأعـــلاه لدى العبد التقى

وما العبد التقى عليه علـمى       بمضنون ولو كره الشقــى

نسأل الله سبحـانه وتعالى ان يرزقنا حسن العقيدة وأن يصلح عقائد الناس ليسلمـوا ويسعدوا فى دنياهم واخراهم والعالم على وعد من مولانا الشيـخ رضوان الله تعالى عليـه بالفتح وقد قال مولانا الشيخ قريب الله رضوان اله تعالى عليه فى مدح مولانا الشيخ رضوان الله تعالى عليه:

ويصفو الوقت من كدرأتاه             وتنقلب الضلالة بالهداء

مجذوب حاج حمد

 

بـالـحـقـائـق نـاطـقـيـن

خصوصية سيدنا رسول الله في العبادة

مازلنا نواصل مسيرنا في مبحث خصوصية حضرة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم نتزود بالمعرفة التامة في متعة المحبة الروحية بسيد البشرية، وكنا مسبقا قد توصلنا إلى انعدام المثلية بين ذاته الشريفة وبين الخليقة واليوم يستوقفنا الحديث عن خصوصية سيدنا النبي في العبادة وهي محورين.

المحور الاول: عبادته تساوى عبادة كل الامة.

نعود لاية المثلية قال تعالى {انما انا بشرٌ مثلكم} في المعنى البسيط للاية نجدان كلمة مثلكم انما المقصود بها انه يساوى كل الامة أي ان قدره يساوى قدر كل الامة قاطبة فهو لم يقل انا مثل واحد منكم ولكنه قال انا مثلكم أي انتم باكملكم نستشهد هنا بحديث سيدنا اباذر رضي الله عنه عندما سأل رسو ل الله صلى الله عليه وسلم،متى علمت انك نبي حتى استيقنت.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:بينما أنا أسير ببعض بطحاء مكة نزل علىّ ملكان وقال احدهما للاخر:زنه برجلٍ من امته فرجحه ثم قال زنه بعشر ثم بمائة ثم بالف فرجحهم، فقال احدالملكين للاخر لو وزنته بأمته اكملها لرجحها. في الفهم البسيط للحديث يتضح لنا جليا ان قدره الشريف يساوى قدر الامة بأكلها أي مثلكم،ولا سيما عبادته المتواصلة منعدمة النظير.

المحور الثاني:عبادته ليست كعبادتنا.

عبادة حضرةالنبي صلى الله عليه وسلم ليس كعبادتنا،على سبيل المثال وليس الحصر فقد كان صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام فلما ارادوا ان يقلدوه قال لهم (انى لست كهيئتكم انى ابيت عند ربى فيطعمنى ويسقينى) ويكفينا ماورد من تورم اقدامه لطول قيامه صلى الله عليه وسلم على انه مغفورٌ له.

وخلاصة القول هنا ان عبادة الناس مئالها إلى الاسماء الالهية وعبادته صلى الله عليه وسلم مئالها إلى الذات الالهية،ولذا صلى عليه السادة الرؤساء بقولهم (اللهم صلى على عبد الذات ورسول الاسماء والصفات) ويقول الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني في ديوان سراب الوصل:

يا كاملا من علوم الله اجمعهـا       يا أحمد ايها المخصوص بالذات

 فاين المثلية فهى منعدمة تماما حتى في العبادة.

هادية محمد الشلالي

الصبر فـي الشعر

يقولون لي صبراً وإِني لصـابر       على نائباتِ الدهرِ وهي فواجـعُ

سأصبرُ حتى يقضيَ اللّه ماقضى       وإِن أنا لم أصبرْ فما أنا صانعُ؟

أمية بن أبي الصلت

عوّل على الصبر واتخذ سببـاً      إِلى اللـيـالـي فإِنـهـا دُوَلُ

البحتري

ما أكرمَ الصبرَ وما أحسنَ الصد       قَ ومـا أزيـنــهُ للـفـتـى

الخـرقُ شــؤمٌ والتُّقى جـنةٌ       والرِّفْقُ يمنٌ والقنـوعُ الغـنـى

أبو العتاهية

تلقَّ بالصبرِ ضيفَ الهمِّ حيثُ أتـى      إِن الهمومَ ضيوفٌ أكلُها المـــهج

فالخطبُ إِن زادَ يوماُ فهـو منتقص       والأمرُ إِن ضاق يوماً فهو منفـرجُ

فروِّحِ النفسَ بالتعليلِ ترضَ بــه       واعلمْ إِلى ساعةٍ من ســاعةٍ فرجُ

الحسين بن عبدان البغدادي

أحسنُ بالواجدِ من وجــدِه صبرٌ         يـعـيـدُ النــارَ فــي زنـدِهِ

الصبرُ يوجدُ، إِن باءٌ له كـسـْرت       لكنه، بسُكونِ البـاءِ ـمفـقــودُ

ويحمَدُ الصابر الموفي على غرضٍ        لاعاجزٌ، بعرى التقصيرِ معـقـودُ

المعري

أنفقْ من الصبرِ الجمــيلِ فإِنه       لم يخشَ فقراً منفقٌ من صبـرِهِ

واحلمْ وإِن سَفِهَ الجليسُ وقل له        حسنَ المقال وإِن أتاكَ بهجـرِهِ

والمرُ ليس ببالغٍ فـي أرضـهِ        كالصقرِ ليس بصائد فـي وكرِهِ

أبو فراس الحمداني

ومن البليةِ أن يسامَ أخو الأسى         رَعْيَ التجلُّدِ وهو غيرُ جمـادِ

سامي البارودي

إِذا لم تستطعْ للرزءِ دَفْعــــاً         فصبراً للرزيةِ واحتـســابــا

فمتى نالَ المنى فـي العـيشِ إِل        غبيَّ القوم أو فَطِنٌ تغــــابى

هي الدنيا نغَرُّ بها خدوعــــاً        ونورَدُها على ظمأٍ سرابــــا

وهـــــل أحياؤنا إِلا ترابٌ         بظهرِ الأرضِ ينتظـرُ التـرابا

الشريف المرتضى

صبرت لحكم الله بل أنا شـاكـر         فما الصبر إلا عن عظيم المصيبة

وصبري صبر لم ير الناس مثله           سهامي نور والضلال رميـتـي

سيدي فخر الدين

اصبرْ قليلاً فبعد العُسْرِ تيسيرُ         وكُلُّ أمرٍ له وَقْتٌ وتـدبـيرُ

وللمهيمنِ فـي حالاتِنا نظـرٌ         وفوقَ تقديرِنا للّهِ تــقديـرُ

سيدنا
علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه

سوسن حسين