هل من سائل فيجاب؟
من القارئ علي مقبول: القاهرة - عين شمس، يسأل عن زيارة القبور وعن مدى
حرمة ذلك وحله لأن بعض الناس قد حرموها وقالوا أن النبي صلى الله
عليه وسلم قد نهى عن زيارتها؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا
القبور، فإنها تزهد فـي الدنيا، وتذكر الآخرة) رواه ابن مسعود؛
أخرجه ابن ماجه. وفـي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: (فإنها تذكر
الموت). وفـي الترمذي عن بريدة: (فإنها تذكر الآخرة). قال: هذا
حديث حسن صحيح. وفيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لعن زوارات القبور. قال: وفـي الباب عن ابن عباس وحسان بن
ثابت. قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح وقد رأى بعض أهل العلم أن
هذا كان قبل أن يرخص النبي صلى الله عليه وسلم فـي زيارة القبور؛
فلما رخص دخل فـي رخصته الرجال والنساء وفـي موطأ مالك أخرج عن أبي
حنيفة، عن علقمة بن مرثد، عن أبي بريدة، عن أبيه، عن رسول اللّه
صلى اللّه عليه وسلم قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا
تقولوا هجراً، فقد أذن لمحمد فـي زيارة قبر أمه فإذا كان النهي
للأمة نساء ورجالا فإن الإذن بالزيارة فـي الحديث الناسخ يكون
لكليهما، ومن تهذيب سنن أبي داود لابن القيم فـي صحيح أبي حاتم بن
حبان عن أبي صالح عن ابن عباس قال (لعن رسول الله صلى الله عليه
وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج) قال أبو
حاتم: أبو صالح هذا اسمه مهران ثقة، وليس بصاحب الكلبي، ذاك اسمه:
باذام، وقال عبد الحق الإشبيلي: هو بإذام صاحب الكلبي، وهو عندهم
ضعيف جدا وكان شيخنا أبو الحجاج المزي يرجح هذا أيضاً والقضية ليست
فـي هذا الحديث وحده فعلى علماء الأمة أن ينبهوا الناس إلى علم
الناسخ والمنسوخ كي لا يضرب الناس الحديث بعضه ببعض.
ومن القارئة صاليحة. أ. م (ولاية عين تمنوشنت - الجزائر) تسأل عن بناء
المساجد على أضرحة الأولياء وعن مشروعية زيارة القبر الشريف لأنها
كانت فـي الحج وسمعت خطيب الجمعة يقول أن زيارة قبر محمد بعد الحج
تخلط الحج بالشرك وهو قد نهى فقال لا تجعلوا قبري عيدا فماذا نفعل
وهم يرددون هذا الكلام من على منابر أكبر دولة إسلامية؟
فـي الباب عن أبي هريرة والسيدة عائشة رضي الله عنهما فأما حديث أبي
هريرة فأخرجه الشيخان عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وفـي رواية لمسلم: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد. وأما حديث السيدة عائشة فأخرجه الشيخان أيضاً بلفظ: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال فـي مرضه الذي لم يقم منه: لعن الله
اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وفـي الباب أيضاً عن
جندب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ألا وإن من كان
قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا
القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك.
وفـي تحفة الأحوذي للمباركفوري قال فـي مجمع البحاري: وحديث لعن الله
اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد كانوا يجعلونها قبلة
يسجدون إليها فـي الصلاة كالوثن، وأما من اتخذ مسجداً فـي جوار
صالح أو صلى فـي مقبرة قاصداً به الاستظهار بروحه أو وصول أثر من
آثار عبادته إليه لا التوجه نحوه والتعظيم له فلا حرج فيه، ألا يرى
أن مرقد إسماعيل فـي الحجر فـي المسجد الحرام والصلاة فيه أفضل
انتهى، بعد سرد الأحاديث تود رايات العز الإشارة إلى نقطتين غاية
فـي الأهمية وهما إذا كان الأمر فشدة الخطورة على عقائد الأمة
فلماذا دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بداخل المسجد ولم يدفن
بالبقيع فهل نحن أفهم للدين من أصحاب رسول الله رضوان الله عليهم،
وصلى الصحابة أجمعين بالمسجد النبوي وفيه الجسد الشريف، ثم صلوا
بعد ذلك وفيه جثمان الصديق ثم صلوا بعد ذلك وفيه جثمان الفاروق رضي
الله عنه روي فـي صحيح البخاري، عن عمرو بن ميمون فـي مقتل عمر بن
الخطاب رضي اللّه عنه فـي حديث الشورى الطويل:
أن عمر رضيَ اللّه عنه أرسلَ ابنه عبد اللّه إلى عائشة رضي اللّه عنها
يستأذنُها أن يُدفن مع صاحبيه، فلما أقبلَ عبدُ اللّه قال عمر: ما
لديك؟ قال: الذي تُحبُّ يا أميرَ المؤمنين، أذِنَتْ، قال: الحمدُ
للّه ما كان شيءٌ أهمَّ إليّ من ذلك، كيف يقول سيدنا عمر الفاروق
ماكان شئ أهم من ذلك وهو يعلم أنه شرك،أليست صلاة الخليفة الأول
فـي مسجد به قبر والخليفة الراشد الثاني صلى والمسجد به قبران
والخليفة الراشد الثالث صلى بالمسجد وبه ثلاثة قبور أولم يصلي
الإمام علي وبالمسجد كل هذه القبور هذا أولا أما ثانيا نحن نسأل عن
معنى كلمة مسجد بالحديث هل هي المقصودة فـي عاميتنا إن كان ذلك
لكان هذا التفسير باب للشك فـي صحة الرواة للحديث لأن بني إسرائيل
واليهود والنصارى لم يعبدوا الله فـي المساجد لأن المساجد خاصة
بالمسلمين أما دور العبادة للنصارى واليهود فهي الكنائس والمعابد
والصوامع والبيع فما معنى كلمة مسجد،إنها تعني موضع السجود أي أن
اللعنة أصابتهم لأنهم كانوا يسجدون فوق القبر ولم نر زائرا واحدا
يصنع ذلك ولكنه الباطل يريد أن يلبس ثوب الحق.
أخرج ابن حبان وابن عدي فـي الكامل والدارقطني فـي العلل عن ابن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال (من حج ولم يزرني فقد جفاني).
وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والطبراني وابن عدي والدارقطني والبيهقي
فـي الشعب وابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم (من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كما زارني فـي حياتي).
وأخرج الحكيم الترمذي والبزار وابن خـزيمة وابن عدي والدارقطني
والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من
زار قبري وجبت له شفاعتي).
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من
جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا على أن أكون له
شفيعا يوم القيامة).
وأخرج الطيالسي والبيهقي فـي الشعب عن عمر قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: (من زار قبري كنت له شفيعا أو شهيدا، ومن مات
فـي أحد الحرمين بعثه الله فـي الآمنين يوم القيامة).
وأخرج البيهقي عن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من
زارني بعد موتي فكأنما زارني فـي حياتي، ومن مات بأحد الحرمين بعث
من الآمنين يوم القيامة) وفـي تهذيب سنن أبي داود لابن القيم كتاب
المناسك. باب زيارة القبور حدثنا مُحمّدُ بنُ عَوْفٍ أخبرنا
المُقْرِىءُ أخبرنا حَيْوَةَ عن أبي صَخْرٍ حُمَيْدِ بنِ زِيَادِ
عن يَزِيدَ بنِ عَبْدِالله بنِ قُسَيْطٍ عن أَبي هُرَيْرَةَ أَنّ
رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَا مِنَ أَحْدٍ يُسَلّمُ
عَلَيّ إِلاّ رَدّ الله عَلَيّ رُوحي حَتّى أَرُدّ عَلَيْهِ
السّلاَم)أما الحديث الذي ورد فـي سنن أبي داود، فـي آخر كتاب
الحجّ، فـي باب زيارة القبور بالإِسناد الصحيح، عن أبي هريرة رضي
اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لا
تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيداً وَصَلُّوا علـيَّ، فإنَّ صـَلاتَكُمْ
تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُم) فمعناه ألاتكثر من الزيارة أي
لاتعتادة إعتيادا يسقط الهيبة فتتعود أن تصنع به ما تصنعه بالطريق
أو البيت من مأكل وكلام فـي غير محلة لأن القبر الشريف له حرمة
صاحبه عليه الصلاة والسلام من رب العباد كما كان فـي حياته وننصح
كل مسلم بقراءة سورة الحجرات وتدبر معانيها.
محمد صفوت جعفر
|