ذكــر الـحـبـيـب

كلمة العدد

أزهارٌ بين  أنهار

شــراب الـوصــل

فـقــه الـلغــة

 

ذكــر الـحـبـيـب

قال تعالى : {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الاْرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} (الجمعة 10) قال الإمام القرطبي في تفسيره:

قوله تعالى: {فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} هذا أمر إباحة؛ كقوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا} (المائدة: 20) يقول: إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرُّف في حوائجكم. {وابتغوا من فضل الله}من رزقه. وكـان عراك بن مالك إذا صلى الجمعــة انصرف فوقف على باب المسجد فقال: اللهم إني أجبتُ دعوتك، وصليتُ فريضتك، وانتشرتُ كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين. وقال جعفر بن محمد في قوله تعالى: {وابتغوا من فضل الله} إنه العمل في يوم السبب. وعن الحسن بن سعيد بن المسيب: طلب العمل. وقيل: التطوع. وعن ابن عباس: لم يؤمروا بطلب شيء من الدنيا؛ إنما هو عيادة المرضى وحضور الجنائز وزيارة الأخ في الله تعالى. {واذكروا الله كثيرا} أي بالطاعة واللسان، وبالشكر على ما به أنعم عليكم من التوفيق لأداء الفرائض. {لعلكم تفلحون} كي تفلحوا. قال سعيد بن جبير: الذكر طاعة الله تعالى، فمن أطاع الله فقد ذكره ومن لم يطعه. فليس بذاكر وإن كان كثير التسبيح. وقد مضى هذا مرفوعا في (البقرة).

قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } (الأحزاب 41 )

قال الإمام الطبري في تفسيره:يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكرا كثيرا، فلا تخلو أبدانكم من ذكره في حال من أحوال طاقتكم ذلك {وسبحوه بكرة وأصيلا} يقول: صلوا له غدوة صلاة الصبح، وعشيا صلاة العصر.وقوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} يقول تعالى ذكره: ربكم الذي تذكرونه الذكـر الكثير، وتسبحونه بكرة وأصيلا، إذا أنتم فعلتم ذلك، الذي يرحمكم، ويثني عليكم هو، ويدعو لكم ملائكته. وقيل: إن معنى قوله: {يصلي عليكم وملائكته} يشيع عنكم الذكر الجميل في عباد الله. وقوله: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور} يقول: تدعو ملائكة الله لكم، فيخرجكم الله من الضلالة إلى الهدي، ومن الكفر إلى الإسلام. وفي تفسير نفس الآية قال الإمام السيوطي في تفسيره (الدر المنثور في التفسير بالمأثور): قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا}. أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {اذكروا الله ذكرا كثيرا} يقول: لا يفرض على عبادة فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي إليه، ولم يعذر أحـدا في تركه إلا مغلوبا على عقله فقال: اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم، بالليل والنهار، في البر والبحر، في السفر والحضر، في الغنى والفقر، والصحة والسقم، والسر والعلانية، وعلى كل حال، وسبحوه بكرة وأصيلا، فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم وهو وملائكته. قال الله تعالى {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {اذكروا الله ذكرا كثيرا} قال: باللسان، بالتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، واذكروه على كل حال {وسبحوه بكرة وأصيلا} يقول: صلوا لله بكرة بالغداة، وأصيلا بالعشىِّ.

أحمد عبد المالك

 

 كلمة العدد

يقفُ كالجبلِ الشامخ، يَمشي بتؤدة، عليه جلابيب السكينة والوقار ، دائمُ الابتسام ولا يغضُّ ابتسامُه من مَهابتِه ، يتبسَّطُ في الحديثِ ويمازحُ مُريديه ورغم هذا لا يجتريءُ أحدٌ أن يرفعَ بصرَه إليه من هيبته ، تَلِجُ دارَه في كلِّ وقتٍ وحين ، لا يزجرُك البوَّابُ ولا تسألُ : من تكون ؟ تَحضرُ طعامَه مدعوَّاً كنت أو غير مدعو، لا يأكلُ وحدَه قط إلا أن يجِدَ من يؤاكله ، ترفعُ إليه شكواكَ في كلِّ ما ينوبُك منعِلَلِ الجسدِ والروح تجدُ عندَه الدواءَ الشافي لكلِّ داء ، يقرِّب لكالبعيد،ويُيسِّرُ لك العسير،تدخلُ غاضباً عابساً وتخرجُ راضياً مُبتسماً، تدخل سقيماً وتخرج معافىًّ . ، لا يجهرُ بالسوء ، يَدفع بالتي هي أحسن، يقبلُ معاذيرَ من أتاه مُعتذراً ، يحادثُك في كلِّ أمر أردتَ أن تحدِّثه فيه من أمور الدنيا أو الآخرة ، يُجمل المعنىالجليل في العبارة اليسيرة ، له مع كلِّ مريدٍ من مريديه شأن ، فمنهم من يخاطب فيه العقل، ومنهم من يخاطب فيه القلب،ومنهم من يخاطب فيه الروُّح ، يخاطب الناس حسب أحوالهم وعلى قدر عقولهم، يسألُه اثنان عن مسألةٍ واحدةفيجيب هذا بجوابوهذا بجواب ( أُمرْنا أن نخاطبَ الناسَ على قدر عقولهم ) يزورُ المريدين في بيوتِهم ، يُشاركُهم أفراحَهم ويُواسيهم في أحزانِهم. كلُّ مريدٍ يحسبُ أنَّه الأثير لديه والمقرَّب إليهولن تزالَ سيِّدي الشيخ إبراهيمفي الصدور فلك في كلِّ قلبِّ محبٍّ صورةٌ لا تَمَّحيرضوان الله عليك في الملأ الأعلى.

أسرة التحرير

أزهارٌ بين  أنهار

الأرواح فــي الـــبرزخ

جاء في النفخة العلوية أن الأرواح في البرزخ متفاوتةفي مستقرِّها أعظم تفاوت ، وحينئذ تكون أرواح الأنبياءعليهم الصلاة والسلام مع كونها في الملأ الأعلىمتفاوتة فيه، وأرواح المؤمنين غير الشهداء أو غير الأطفال منها ما هو سماوي، ومنها ما هو أرضيوأرواح الأطفال في حواصل عصافير الجنةعند جبال المسك ، وأرواح الشهداء منهم من تكون روحه على باب الجنَّة ، ومنهم من من تكون في داخلها ، وحينئذ إما أن تكون في جوف طير أخضرأو طير أبيض ، ومنهم من تكون روحه على هيئة الطير.

..............................

عن جابر بن عبد الله رضـي الله عنه قـال : أسـرعنا إلى قتلانا بأحـدوذلك حين أجـرى معاوية عين الماء في وسـط مقبرة شهداء أحد ، وأمر الناس بنقل موتاهم ، فأخرجناهـم رطاباً تنثني أطرافهـم ، وذلـك على رأس أربعين سنةًوأصابت المسحاة قدم حمزة رضي الله عنه فسال الدم منها .وذكر أنه فاح من قبورهممثل ريح المسك لأن الأرض لا تأكل أجساد الشهداءوزاد بعضهم : قاريء القرآنوالعالمومحتسب الأذان ( الذي لا يأخذ أجراً على الأذان) وقد نظم هؤلاء الشيخ التنائيي فقال :

لا تأكلُ الأرضُ جسماً للنبيِّ ولا         لعالمٍ وشهيدٍ قتـلَ مـعـتـركِ

ولا لقاريءِ قرآنٍ ومحتـسـبٍ          أذانـَه لإلـهٍ مُجـرِيَ الفلَـكِ

أحمد البدوي

شــراب الـوصــل

في جَنَاحَيهِرحمتي ولديه      عِوَضَ الوالدينِ يَلْقَى اللَّطِيم

الجناح هواليد كما جاء في قوله تعالى { واضممْ إليكَ جنَاحَكَ من الرَّهْبِ} ـ القصص 32 قال المفسِّرون الجناح هو اليد واليد رمزٌ للعطاءوالجناح أشمل من اليد ومنه { واخفض لهما جناح الذلِّ من الرحمة } وهو التواضع لهما ، ومنه جناحالطائر، انظر كيف يحوط به البيض ويحفظهحتى تدبَّ فيه الحياة فإذا خرجت الفراخ حامت حول أمِّها فإذا أفزعها شيءٌ جرت واحتمت بصدر أمِّها وهكذا كان الشيخ إبراهيم رضي الله تعالى عنه يخفض جناح الذلِّ لمريديه ويرعاهم ويربِّيهم ويدلُّهم على طرق الخيرات.واللطيم هو الذي فقد والديه . فالشيخ الواصل نعم العوض عن الوالدينبل هو أقربُ منهما نسباً كما قال:

نسبٌ أقرب في شرع الهوى        بيننا من نسبٍ مـن أبـوي

وقال:

أنــا للســـالـك أمٌّ وأب       فتمــتَّع بعلومـي يابُنـي

وهذا حال الشيخ إبراهيم رضي الله عنه مع كافَّة مريديه يحوطُهم بالعناية كما يحوط الوالد الرحيم أبناءه يتفقَّد أحوالهم ويعودُ مرضاهم ويواسي مُصابهم ويسهرُ لراحتهم ويعوِّذهم بالله تعالى أن يصيبهم مكروهٌ أو نصب هناك حيث يشتكي الوالد ولده والولد والده والزوج زوجته فالشيخ أقرب إليه من هؤلاء وشيجةً ، يسافر بالسيارة في طولِ البلاد وعرضها رغم الجُرح الدامي في قدمه لا يبالي بالألم ولا بالنزف ولا يتشكَّى قد أسلم رجله للطبيب ينظِّف الجرح غير مبالٍ وهو يستمعُلشكوى مريد أو يصف دواءً لمريض، أو يردُّ على سؤال أو يؤانس أصحابه ولو كان هذا الجرح في قدم شخص آخرغير الشيخ لألزمه سرير المرض لا يبارحه ولعادَهُ الناس بدلا من أن يعودَهم ولواسَوه بدلا عن أن يواســيَهم ، ضرب مثلا أعلى في الصبر على المكاره والحرص على راحة المريدين والجدِّ في قضاء حوائجهم والبذل والسخاء في غير تذمُّر( كفٌّ كريمٌ أرضُه وسماه )( لنا أكفُّ السخا نُعطي ولا حرجٌ )ولنا العزاء الأكبر في وارث المقام الشيخ محمد رضي الله عنه قد ألقت إليه الخلافة مقاليدها، تخلَّق بأخلاق والده الشيخ إبراهيم يقوم مقامه ويلزم سمتهويهتدي بهديه :

هذا مقامٌ قد ورِثنا كابراً عنْ كابرِ

نسأل الله تعالى أن يحفظَ لنا كلَّ آل بيت الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني أوعيةَ العلم وآنيةَ الإمداد.

د. عبد الله محمد أحمد

 

فـقــه الـلغــة

(عنِ اللّيثِ وأبي عَمْرٍ و المؤرج وأبي عبيده وغيرِهم)

*كلُّ بُقْعةٍ لَيسَ فِيها بِناء فَهيَ عَرْصَةٌ

*كلُّ جَبَل عظيم فهو أخْشَبً

*كلُّ موضع حَصِينٍ لا يُوصَلُ إلى ما فيهِ فهو حِصْن

*كلُّ شيءٍ يُحْتَفَرُ في الأرْضِ إذا لم يكُنْ من عَمَلِ النَاسِ فهو جُحْرٌ

*كلُّ بَلَدٍ واسع تنخرق فيه الرّيح فهوَ خَرْق

*كلُ مُنْفَرج بينَ جبال أو آكام يكونُ مَنْفذاً لِلسَّيلِ فهو وَادٍ

*كــلُّ مدينةٍ جامعـةٍ فهيَ فُسْطــَاطً ، ومنهُ قيلَ لِمدينةً مصرَ التي بناهَا عَمْرُو بنُ العاص: الفُسْطَاطُ . ومنه الحَدِيث: (عليكمٍ بالجماعةِ فإنَّ يدَ اللّه على الفِسْطاط) ، بكسرِ الفَاءِ وضَمِّها

*كل مقَام قامَهُ الإِنسان لأمرٍ مَا فَهوَ مَوْطِن ، كقولِكَ: إذا أتيتَ مكةَ فوقفتَ في تِلكَ المَواطِنِ فادْعُ الله لِي ، وُيقالُ: المَوطنُ المشْهدُ منْ مَشَاهِدِ الحربِ ، ومنه قولُ طَرَفَة: (من الطويل):

على مَوطنٍ يَخْشَى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى      مَتَى تَعْتَرِكْ فِيهِ الفرائِصُ تـُرْعـَد

عن كتاب الثعاليبي في فقه اللغة

تحت إشراف
قسم اللغة العربية
جامعة الخرطوم��