|
انتصار أولياء
الرحمن على أولياء الشيطان
-
12
|
وكان رضي
الله عنه إذا
علم أن
الفقراء
يريدون أن
يضربوا أحدا
من إخوانهم
لزلة وقعت منه
يستعير منه
ثيابه
ويلبسها
وينام في
موضعه فيضربونه
فإذا فرغوا من
ضربه واشتفوا
منه يكشف لهم عن
وجهه فيغشى
عليهم فيقول
لهم ما كان
إلا الخير
أكسبتمونا الأجر
والثواب
فيقول بعض
الفقراء
لبعضهم تعلموا
هذا الأخلاق. وقال
رضي الله عنه
لأصحابه يوما
من رأى في حميد
منكم عيبا
فليعلمه به
فقام شخص فقال
يا سيدي فيك
عيب عظيم فقال
وما هو يا أخي
فقال كون مثلنا
من أصحابك
فبكى الفقراء
وعلا نحيبهم
وبكى سيدي
أحمد معهم
وقال أنا
خادمكم أنا
دونكم وكان
لسيدي أحمد
شخص ينكر عليه
وينقصه في
نواحي أم
عبيدة فكان
كلما لقى فقيراً
من جماعة سيدي
أحمد رضي الله
عنه يقول خذ
هذا الكتاب
إلى شيخك
فيفتحه سيدي
أحمد فيجد فيه
أي ملحد أي
باطلي أي
زنديق وأمثال
ذلك من الكلام
القبيح ثم
يقول سيدي
أحمد رضي الله
عنه صدق من
أعطاك هذا
الكتاب ثم
يعطي الرسول
دريهمات
ويقول جزاك
الله عني خيرا
كنت سببا
لحصول الثواب
فلما طال
الأمر على ذلك
الرجل وعجز عن
سيدي أحمد مضى
إليه فلما قرب
من أم عبيدة
كشف رأسه وأخذ
مئزره وجعله
في وسطه وأمسكه
إنسان وصار
يقوده حتى دخل
على سيدي أحمد
فقال ما أحوجك
يا أخي إلى
هذا فقال فعلي
فقال له سيدي
أحمد رضي الله
عنه ما كان
إلا الخير يا
أخي ثم طلب
أخذ العهد
عليه فأخذه
عليه وصار من
جملة أصحابه
إلى أن مات. وكان
رضي الله عنه
يقول إذا قمت
إلى الصلاة كان
سيف القهر
يجذب في وجهي. وكان
رضي الله عنه
يقول ما يحصل
للعبد صفاء
الصدر حتى لا
يبقى فيه شيء
من الخبث لا
لعدو ولا
لصديق ولا
لأحد من خلق الله
عز وجل. وهناك
تستأنس
الوحوش بك في
غياضها
والطير في أوكارها
ولا تنفر منك
ويتضح لك سر
الحاء والميم.
وقال له شخص
من تلامذته يا
سيدي أنت
القطب فقال
نزه شيخك عن
القطبية فقال
له وأنت الغوث
فقال نزه شيخك
عن الغوثية،
قلت وفي هذا
دليل على أنه
تعدى
المقامات والأطوار
لأن القطبية
والغوثية
مقام معلوم
ومن كان مع
الله وبالله
فلا يعلم له
مقام وإن كان له
في كل مقام
مقام والله
أعلم. قال
يعقوب الخادم
رضي الله عنه
ولما مرض سيدي
أحمد رضي الله
عنه مرض الموت
قلت له تجلي
العروس في هذه
المرة قال نعم
فقلت له لماذا
فقال جرت أمور
اشتريناها
بالأرواح
وذلك أنه أقبل
على الخلق
بلاء عظيم
فتحملته عنهم
وشريته بما
بقي من عمري
فباعني وكان
يمرغ وجهه
وشيبته على
التراب ويبكي
ويقول العفو
العفو ويقول
اللهم اجعلني
سقف البلاء
على هؤلاء
الخلق. وكان
مرض الشيخ رضي
الله عنه
بالبطن فكان
يخرج منه في
كل يوم ما شاء
الله فبقي
المرض بالشيخ
شهرا فقيل له
من أين لك هذا
كله ولك عشرون
يوماً لا تأكل
ولا تشرب فقال
يا أخي هذا
اللحم يندفع
ويخرج ولكن قد
ذهب اللحم وما
بقي إلا المخ
اليوم يخرج
وغدا نعبر على
الله تعالى
فخرج منه شيء
أبيض مرتين أو
ثلاثاً
وانقطع ثم
توفي يوم الخميس
الظهر ثاني
عشر جمادي
الأولى سنة
سبعين
وخمسمائة
وكان يوماً
مشهوداً. وكان
آخر كلمة
قالها أشهد أن
لا إله إلا
الله وأشهد أن
محمداً رسول
الله ودفن في
قبر الشيخ يحيى
البخاري. وكان
شافعي المذهب
قرأ كتاب
التنبيه
للشيخ أبي
إسحق
الشيرازي وما
تصدر قط في
مجلس ولا جلس
على سجادة إلا
تواضعاً. وكان لا يتكلم إلا يسيراً
ويقول أمرت بالسكوت رضي الله عنه.
السيد عبد
القادر
الجيلاني
رضي الله
عنه
نسبه: هو سيد الطوائف أبو محمد محيي الدين عبد القادر الجيلاني الحسني
الحسيني الصديقي. ابن أبي صالح موسى جنكي دوست. ابن الإمام عبدالله، ابن الإمام
يحيى الزاهد ابن الإمام محمد ابن الإمام داود. ابن الإمام موسى. ابن الإمام
عبدالله. ابن الإمام موسى الجون. ابن الإمام عبدالله المحض ابن الإمام الحسن
المثنى. ابن الإمام أمير المؤمنين سيدنا الحسن السبط. ابن الإمام الهمام أسد الله
الغالب فخر بني غالب، أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، ورضي
الله عنه وعنهم أجمعين أمين.
مولده: ولد رضي الله عنه سنة سبعين وأربعمائة.
وفاته: توفي سنة احدي وستين وخمسمائه ودفن ببغداد.
وقد أفرده
الناس
بالتأليف،
ونحن نذكر إن
شاء الله
تعالى ملخص ما
قالوه مما به
نفع وتأديب للسامع
فنقول وبالله
التوفيق:
كان رضي
الله عنه يقول
عثر الحسين
الحلاج فلم يكن
في زمنه من
يأخذ بيده،
وأنا لكل من
عثر مركوبه من
أصحابي
ومريدي ومحبي
إلى يوم
القيامة أخذ
بيده. يا هذا
فرسي مسرج،
ورمحي منصوب،
وسيفي شاهر، وقوسي
موتر، أحفظك
وأنت غافل. وحكي
عن أمه رضي
الله عنها
وكان لها قدم
في الطريق
أنها قالت لما
وضعت ولدي
عبدالقادر
كان لا يرضع
ثديه في نهار
رمضان، ولقد
غم على الناس
هلال رمضان
فأتوني
وسألوني عنه
فقلت لهم إنه
لم يلتقم
اليوم له ثديا
ثم اتضح أن ذلك
اليوم كان من
رمضان واشتهر
ببلدنا في ذلك
الوقت أنه ولد
للاشراف ولد
لا يرضع في
نهار رمضان. وكان
رضي الله عنه
يلبس لباس
العلماء
ويتطيلس
ويركب البغلة.
وترفع
الغاشية بين
يديه، ويتكلم
على كرسي عال،
وربما خطا في
الهواء خطوات
على رؤوس
الناس ثم يرجع
إلى الكرسي. وكان
رضي الله عنه
يقول بقيت
أياما كثيرة
لم أستطعم
فيها بطعام،
فلقيني إنسان
أعطاني صرة فيها
دراهم فأخذت
منها خبزاً
سميذا،
وخبيصا فجلست
آكله فإذا
برقعة مكتوب
فيها قال
تعالى في بعض
كتبه المنزلة (إنما
جعلت الشهوات لضعفاء
خلقي
ليستعينوا
بها على
الطاعات أما الأقوياء
فما لهم
وللشهوات) فتركت
الأكل
وانصرفت وكان
رضي الله عنه
يقول إنه لترد
عليَّ
الأثقال
الكثيرة لو
وضعت على الجبال
تفسخت فإذا
كثرت عليَّ
الأثقال وضعت جنبي
على الأرض
وتلوت {فإن مع
العسر يسرا،
إن مع العسر
يسرا} ، ثم
أرفع رأسي وقد
انفرجت عني
تلك الأثقال. وكان
رضي الله عنه
يقول قاسيت
الأهوال في
بدايتي فما
تركت هولاً
إلا ركبته
وكان لباسي
جبة صوف وعلى
رأسي خريقة
وكنت أمشي
حافيا في الشوك
وغيره وكنت
أقتات بخرنوب
الشوك وقمامة
البقل وورق
الخس من شاطىء
النهر ولم أزل
آخذ نفسي
بالمجاهدات
حتى طرقني من
الله تعالى
الحال فإذا
طرقني صرخت
وهمت على وجهي
سواء كنت في
صحراء. أو بين
الناس. وكنت
أتظاهر
بالتخارس
والجنون
وحملت إلى البيمارستان.
وطرقتني مرة الأحوال حتى مت وجاءوا بالكفن والغاسل وجعلوني على المغتسل ليغسلوني ثم
سرى عني وقمت.
وقال له رجل
مرة كيف
الخلاص من
العجب فقال
رضي الله عنه
من رأى
الأشياء من
الله وأنه هو
الذي وفقه
لعمل الخير
وأخرج نفسه من
البين فقد سلم
من العجب. وقيل له مرة ما لنا لانرى
الذباب يقع على ثيابك، فقال أي شيء يعمل الذباب عندي وأنا ما عندي شيء من دبس
الدنيا ولا عسل الآخرة، وكان رضي الله عنه يقول أيما امرىء مسلم عبر على باب مدرستي
خفف الله عنه العذاب يوم القيامة، وكان رجل يصرخ في قبره ويصيح حتى أذى الناس
وأخبروه به فقال إنه رآني مرة ولابد أن الله تعالى يرحمه لأجل ذلك فمن ذلك الوقت ما
سمع له أحد صراخاً وتوضأ رضي الله عنه يوما فبال عليه عصفور، ورفع رأسه إليه وهو
طائر فوقع ميتاً، فغسل الثوب ثم باعه وتصدق بثمنه وقال هذا بهذا وكان رضي الله عنه
يقول با ربي كيف أهدي إليك روحي، وقد صح بالبرهان أن الكل لك، وكان رضي الله عنه
يتكلم في ثلاثة عشر علماً وكانوا يقرءون عليه في مدرسته درساً من التفسير، ودرساً
من الحديث، ودرساً من المذهب، ودرساً من الخلاف، وكانوا يقرءون عليه طرفي النهار
التفسير وعلوم الحديث والمذهب والخلاف والأصول والنحو.
وكان رضي
الله عنه يقرأ
القرآن
بالقراءات بعد
الظهر. وكان
يفتي على مذهب
الإمام
الشافعي،
والإمام أحمد
بن حنبل رضي
الله عنهما. وكانت
فتواه تعرض
على العلماء
بالعراق فتعجبهم
أشد الإعجاب
ويقولون
سبحان من أنعم
عليه ورفع
إليه سؤال في
رجل حلف
بالطلاق
الثلاث أنه
لابد أن يعبد
الله عز وجل
عبادة ينفرد
بها دون جميع
الناس في وقت
تلبسه بها
فماذا يفعل من
العبادات؟
فأجابه على
الفور، يأتي
مكة ويخلى له
المطاف، ويطوف
سبعاً وحده،
وينحل يمينه،
فأعجب علماء
العراق. وكانوا قد عجزوا عن الجواب عنها.
ورفع له شخص
ادعى أنه يرى
الله عز وجل
بعيني رأسه
فقال أحق ما
يقولون عنك
فقال نعم
فانتهره ونهاه
عن هذا القول. وأخذ
عليه أن�
لا يعود إليه.
فقيل للشيخ
أمحق هذا أم
مبطل؟ فقال
هذا محق ملبس
عليه، وذلك
أنه شهد
ببصيرته نور
الجمال ثم خرق
من بصيرته إلى
بصره لمعة
فرأى بصره
ببصيرته
وبصيرته يتصل
شعاعها بنور
شهوده. فظن أن
بصره رأى ما
شهده ببصيرته.
وإنما رأى بصره ببصيرته فقط، وهو لايدري قال الله تعالى (مرج الحبرين يلتقيان
بينهما برزخ لا يبغيان) وكان جمع من المشايخ وأكابر العلماء حاضرين هذه الواقعة
فأطربهم سماع هذا الكلام ودهشوا من حسن افصاحه عن حال الرجل ومزق جماعة ثيابهم
وخرجوا عرايا إلى الصحراء، وكان رضي الله عنه يقول تراءى لي نور عظيم ملأ الأفق ثم
تدلى فيه صورة تناديني يا عبدالقادر أنا ربك وقد حللت لك المحرمات فقلت إخسأ يا
لعين فإذا ذلك النور ظلام وتلك الصورة دخان ثم خاطبني يا عبد القادر نجوت مني بعلمك
بأمر ربك وفقهك في أحوال منازلاتك ولقد أضللت بمثل هذه الواقعة سبعين من أهل الطريق
فقلت لله الفضل فقيل له كيف علمت أنه شيطان قال بقوله قد حللت لك المحرمات وسئل رضي
الله عنه عن صفات الموارد الإلهية والطوارق الشيطانية فقال الوارد الإلهي لا يأتي
باستدعاء ولا يذهب بسبب ولا يأتي على نمط واحد ولا في وقت مخصوص والطارق الشيطاني
بخلاف ذلك غالباً.
وسئل رضي الله عنه عن الهمة فقال هي أن يتعرى العبد بنفسه عن حب الدنيا
وبروحه عن التعلق بالعقبى وبقلبه عن إرادته مع إرادة المولى ويتجرد بسره عن أن يلمح
الكون أو يخطر على سره.
وسئل رضي الله عنه عن البكاء فقال أبكي له، وأبكي منه، وأبكي عليه ولا
حرج، وسئل رضي الله عنه عن الدنيا فقال اخرجها من قلبك إلى يدك فإنها لا تضرك وسئل
رضي الله عنه عن الشكر فقال حقيقة الشكر الا عتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع
ومشاهدة المئة وحفظ الحرمة على وجه معرفة العجز عن الشكر.
السابق
|