الحج إلى بيت الله الحرام بين العادات والعبادات

الحج شعيرة تجب على المسلم مرة في العمر وقد ارتبطت بالمشاق من قديم الزمان وقد اهتمَّ كلُّ الرحالة المسلمين بتسجيل حجِّهم وعدُّوا أداء فريضة الحج من أهم ما فعلوه في حياتهم مثل ابن بطوطة وابن جبير وابن فضلان ورحلة الحجِّ وإن كانت قد صارت ميسَّرةً على المسلمين في جميع أنحاء المعمورة إلا أنها لا تزال عميقة في وجدان المسلم يحنُّ إليها ويتشوَّق لها ويعيدها مراتٍ ومرات لا يصيبه ملل ولا سآمة.

تجري صحيفة رايات العز هذا التحقيق حول العادات والقيم الاجتماعية التي ترتبط بأداء فريضة الحج في بعض بلادنا الإسلامية التي تجعل من فريضة الحج شعيرة شديدة الارتباط بوجدان المسلمين خاصة الذين يسكنون في البلاد البعيدة عن الحرمين وقد التقت الصحيفة ببعض الطلاب المسلمين من هذه البلاد الذين يدرسون في بعض الجامعات السودانية وحاورتهم حول هذا الموضوع.


مكة المكرمة

عبد العزيز سيد عثمان، جزر القمر
ماجستير في الميكانيكا، جامعة السودان

ـ تحتفل الأسر بسفر الحاج إلى الأراضي إلى المقدَّسة ويكون هنالك حفل وداع على نطاق البلاد لأنها دولةٌ صغيرة ونسبة الـمسلمين فيها حـوال 100%. وبمجرد أن ينوي الحاج السفر تقام الاحتفالات بالمدائح النبوية وتلاوة القرآن وكذلك عند العودة فكلُّ أسرةٍ تحتفل بقدوم الحاج من المطار وفي المطار يكون الاحتفال الكبير الجامع. يحقُّ السفر للحجيج من كلِّ الأعمار بلا استثناء ويكون هذا عبر الوكالات التي تتولَّى شئون الحج، وقديماً كان السفر عن طريق وكيل يبلِّغ المملكة العربية السعودية بقدوم الحجاج ليستأذن ويخبرهم بعدد الحجَّاج القادمين، ويتمُّ السفر عن طريق كينيا ومنها إلى جدة. ولكن يختلف الأمر الآن، وصارت طائرات الخطوط الجوية السودانية تنقل الحجيج مباشرة من جزر القمر إلى جدة باتفاق مع حكومة جزر القمر.

يعتبر الحج في جزر القمر قديماً امرأ ليس بالسهل ولا يفكر فيه إلا الأغنياء فقط لصعوبة الترحال لكن الآن بعد هذ التطور والتقدم وسهولة الإجراءت والتكاليف أصبح كلُّ الناس يؤدون فريضة الحج خاصة التجار مستفيدين منه {وليشهدوا منافع لهم} وصار عدد الحجيج في تزايد مستمر وخاصة كبار السن لأنهم لم يجدوا الفرصة في صغرهم ويتمنون أن يكملوا أركان الدين قبل الوفاة لهذا يحج الكبير مهما بلغ عمره، وغالبا ما يكون معه مرافقون،وبعدها يتغير اسمه فيقترن بكلمة الحاج نسبة لمكانته، ذهبت الى الحج لأول مرة في عام 79 وكنت على مقربة من الكعبة وأبحث عنها في شوق شديد لرؤيتها ولكني لم أرها لأنَّها تقع في منطقة منخفضة لذلك لم أرها إلا عندما صرتُ بالقرب منها،وهناك إحساس وشعور غريب لا يستطيع الإنسان وصفه، يحس بأنه يسمع ويعرف أشياء كثيرة ويحيي قيماً روحية يصعب الحديث عنها، وكنت أتوقع أن تكون الكعبة مبنى كبير جداً وعندما رأيتها بدت عظيمة في شكلها وهيبتها،وأحسست بأن تغيراً طرأ على نفسي وذلك في أول مرة أرى فيها الكعبة ثم بعد ذلك أصبحت مألوفةً إلى حدٍّ ما وذلك بعد ذهابي عدة مرات، ولكني كلما اذهب اشعر بشئ جديد وكل عام أتمنى أن اذهب مرة أخرى بسبب تلك الأشياء التي تتجدد وربما يكون وصفها صعبا ولا أستطيع أن اشرح ذلك الإحساس وفي البداية وقبل الاقتراب من الكعبة تشعر بأنك لازلت بعيداً حتى بعد أن تدخل الحرم وأنت في بابه متَّجهاً نحو الكعبة وبالرغم من الزحام في بعض الأماكن لكنى أصر على الوصول إلى بناء البيت، فمثلا عند الحجر الاسود فقد عانيت كثيرا حتى لامسته وكأنه شئ من توزيع الفرص ويمكن أن تبيت يوما كاملا إذا لم تمسه وفردآخر يدخل رأسه لفترة ليست بالقليلة لملامسة الحجر ولا يعطي فرصة للذي يليه ولذلك أحرص في طواف الوداع على تقبيل الحجر الأسود فإذا لم استطع في اليوم الأول فهو شئ من السنة فيمكن الوصول إليه في مرة أخرى، تجد في المدينة كل الاطمئنان ولا شكَّ أنَّ مثوى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة قد أنزل عليهم كثيراً من البركات وحتى عندما استقريت شهرا كاملاً بالمدينة وكانت فترة الإقامة قد انتهت كنت اتجول بكل حرية واطمئنان ولكن في مكة لم يكن ذلك يحدث ولا أستطيع أن اخرج لخوفي من العساكر أو لجفاف معاملة المواطنين أنفسهم سواء أكانوا سائقى السيارات أم غيرهم وفي مكة السعر ثابت وتجد صعوبة في المعاملة مع التجار وفي المدينة تجد المعاملة الطيبة في شراء الأمتعة ويمكن أن ينادي عليك ويصر على أن تأخذه بما يناسبك ويشعر الفرد بأنهم فعلا يتأدبون مع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى في معاملاتهم التجارية. والتأدُّب ليس قاصراً على الحرم المدني في كل مكان تجد ساكن المدينة وزائرها متأدباً وأهل المدينة كذلك يتحلَّون باخلاقه صلى الله عليه وسلم وبالمدينة لا يوجد الخوف اطلاقا حتى من عدم وجود إقامة شرعية لم أكن خائفا وكما قلت فقدعشت شهرا كاملا مطمئنا.الإحساس صعب وصفه، والكعبة بيت الله في الأرض والمدينة والرسول صلى الله عليه وسلم من خلق الله وكلها مقامات عالية جداً لهذا يوجد الاختلاف بين مكة والمدينة في مكة تشعر بالقرب من الله أكثر في الكعبة وعند رؤية الحجاج الآخرين فأنت تجد العجوز يبكي والشاب يبكي وأكثر من هذا نجد الأغنياء من بلادنا لاتستطيع أن تقابلهم أو تتحدث إليهم في بلادك ولكن في الحج تجده معك في كل لحظة ويمكن أن يحتاج اليك لعدم معرفته ببعض المناسك أو لشعوره بأنه أمام الله سبحانه وتعالى وفي كل المناسك تجد الجميع يبكون وتشعر بأن هناك شيئاً يربط الإنسان بربه أما في المدينة فلم نكن نعرف الله إلا بواسطة النبى صلى الله عليه وسلم لهذا يأخذ الانسان العبرة أيضا العساكر في المدينة ليسوا عساكر وإنما طلاب علم بدلا من الزجر يشرحون للناس كيف يقومون بواجب السلام، ولا يوجد شرحٌ كاملٌ للحج وبدلا من الاحتفالات التي تقام يفضل أن يوجد شرحٌ على الأقل أن يعرَّف الحاجُّ بمكة والمدينة والمناسك المرتبطة بهما بالإضافة الى الزى والعلامات الظاهرة ومهما بذل من جهد فإن عدد الحجيج كبير ويجمع الملايين في يوم واحد ولدينا كثير منهم يضيعون وبعضهم يموتون دون معرفتنا وبعد بحث شديد نجد آثارهم،توجد مشكلة في الحرم وهى أن من يعملون في الشرطة المختصة بالحرم بعضهم لا يتخلَّق بأخلاق إسلامية وتعاملهم مع الناس يكون صعباً شديداً ربما كان الحاج الذي يتعاملون معه حديث عهدٍ بالاسلام واذا أحس بهذا التعامل ينزعج والذين يقومون بنظافة الحرم ربما يوجد شخص مجهد يصبون عليه الماء من ماكنات النظافة ويذهبون،صحيح بأنه يوجد من نتحدَّث اليهم ولا يسمعون ولكن هذا العمل يحتاج إلى صبر لأنك تتعامل مع كل فئات المجتمع المختلفة الأعمار والأفكار ولو استطعنا أن نوصل أصواتنا إلى هؤلاء يكون أفضل،وفي رحلة العودة نجد عدداً من المشاكل مهما بلغت الوكالات ما في وسعها من جهد في السفر فالتأخير المستمر لمدة أسبوعين أو اكثر يرهقنا وأحيانا يكون من المسئولين بالمملكة يؤجلون الباخرة وهذا يحتاج إلي تنبيه.

لا تخرج المرأة من جزر القمر إلى الحج من غير محرم وتوجد طريقتان إما مع محرم أو مجموعة من النساء وهن أكثر من سبعة يمكن أن يسافرن مع بعضهن أما أقل من هذا فصعب وهذه المجموعة تعتبر شخصية واحدة حتى في الحركة لا يتحركن إلا مع بعضهن لوجود عامل اللغة ولا يوجد خروج انفرادي ويبذل الشباب المتواجدون بالمملكة السعودية جهوداً خاصة في شرح مناسك الحج وكثيرا ما نجد طلاباً من مصر والسودان يقومون بهذه المهمة، وتوجد أخطاء شائعة مثل حاج عمره كبير ولا يستطيع الحركة يصر على الذهاب للحج فتجده جالساً في الخيمة ويدفع للشباب لكى يقوموا بالطواف ورمي الجمار بدلا منه، قديما كنا نتحرك بالباخرة الى ممبسة ومنها إلى اليمن وبعد ذلك نكمل الحج من اليمن وحدث مرة أنهم نزلوا في المدينة مباشرة بدلا من جدة وكان الإحرام من آبار علي، كنت اتعامل مع بعض الوكالات وأريد أن أنبه بعض الإخوة العاملين بها بخصوص حجيج جزر القمر ربما يتعاملون بنفس الطريقة التي يتعامل بها السودانيون ولكن يوجد تقصير فبمجرد وصولهم إلي مدينة الحجيج بجدة توجد معاناة شديدة من حيث ترحيلهم وأيضا لأن السودانيين لديهم رسوم يدفعونها للسكن داخل مدينة الحجيج ولا توجد لغيرهم فنجد ما يوزع من أكل وشرب وخدمات جميعها خاص بالسودانيين وحدهم بالرغم من أننا ذهبنا جميعا باعتبارنا سودانيين وجاءت الاجابة لابد من البحث عن الوكالات التي تختص بسفركم فاْتمنى أن تصل هذه الوصية الى المسئولين حتى نجد الرعاية بمدينة الحجيج بجدة. وحجيج جزر القمر لديهم لباس يسمونه شرماني فلابد للحاج من ارتدائه أو على الاقل قطعة منه حتى نستطيع تمييزهم للشبه بيننا وبين كثير من الأفارقة والعرب.


السعي بين الصفا والمروة

محمد ناصر، أثيوبيا
قسم الدراسات الإسلامية، جامعة أفريقيا

منذ أن يعلن الحاج سفره للأراضي المقدَّسة يجتمع مع الأسرة والأصدقاء قبل ليلة السفر، وتقام الاحتفالات والولائم وينشدون المدائح النبوية ويستمرُّ هذا حتى صبيحة يوم السفر. ويتقدَّم الرجال لوداعه ويذهب الحاج بنفسه لوداع النساء في الأماكن المخصصة لهن ثمَّ يقدِّمه عدد من الرجال حتى المطار وهذا كلُّه من باب التبرك. أما على الصعيد الرسمي فتقيم الدولة احتفالاً كبيراً في القاعات الكبرى في المجلس الأعلى للإسلام في البلاد. يضمُّ هذا الاحتفال جميع الحجيج وأقاربهم،وعلى المستوى الإقليمي تقام الاحتفالات بالأناشيد النبوية على نطاق عاصمة الإقليم وتكون هذه الاحتفالات في الذهاب فقط على المستوى الرسمي. بعد انقضاء فترة الحج التي حددت من قبل المجلس الأعلى للدعوة وبعض الوكالات التي تتعاون مع المجلس الأعلى للدعوة. وتقدِّم السفارة السعودية كل المساعدات الممكنة ويتمُّ ربطها بفترة إقامة الحجيج. إن السفر لإقامة شعائر الحج يكون مطلقاً غير مقيَّد جماعة أو فرادى، لكلِّ الأعمار أما المرأة فلا تسافر إلا مع محرم ما عدا اللاتي تعدين سن الخمسين. يُحرم الحجيج من المطار، وكان يمكن لنا أن نحرم من جدَّة ولكن ليس كلّ الناس يعرفون الميقات الذي ذُكر في الفقه، وما قرأنا في الفقه غير واضح لنا فنحن نفعل هذا من باب الحذر والأخذ بالأحوط. يوجد في مكة مكان اشتراه ملك المسلمين الأثيوبي في أواسط القرن التاسع عشر ويسمىَّ هذا الملك باشيار من منطقة جمة جنوب غرب أثيوبيا وكان هذا قبل مائة وخمسين عاما، وقد اشترى هذا المكان الواسع وجعله وقفاً لمسلمي الأحباش.

وقد تمَّ بناؤه قصوراً جميلة ومسلمو الحبشة يستفيدون من هذا الوقف، وبالنسبة لأداء مناسك الحج توجد مجموعة من الشباب يتمُّ تعيينهم من قبل المجلس الأعلى يقوموا بإرشاد الحجيج وعندما رأيت المنارات العالية في مكة قبل دخولي إلى مكة من بعيد قبل دخولي للمسجد الحرام أحسستُ بأنَّ شيئاً ما انفجر في جسمي وشعرتُ بدمع الفرح:

يا عينُ صارَ الدمعُ عندكِ عادة        تبكينَ من فرحٍ ومن أحزانِ

برؤية أجناس الناس واختلاف هيئاتهم وألوانهم وملابسهم واجتماعهم من كلِّ بقاع الأرض وبلغاتٍ شتى عرفتُ أنه مجتمع إسلامي كبير لا مثيل له مقارنة بالمناسبات الأخرى وذلك قوَّى إيماني ويقيني بأن الإسلام دينٌ شاملٌ وعام لكلِّ أنحاء العالم. إن أداء شعيرة الحجِّ يكسب الحاج مزيَّةً اجتماعية وذلك ببروز شخصيته في المجتمع ويكسبه احترام الجميع.باعتباره شخصاً زار الاماكن المقدسة ورأى أعظم بقاع الدنيا وله مكانة أفضل مما كان عليه في السابق فإذا كان عالما فهذا خير كثير ولا يذهب إلى الأماكن السيئة ويسلك سلوكا حسنة ويتخلَّق بالأخلاق الطيبة لأن من يحج ويتواجد فـي أماكن الدنس والفجور يجد إهانة شديدة.

بعد سقوط النظام السابق أصبحت هناك ديمقراطية وحرية دينية لم يسبق لها مثيل فـي تاريخ الحبشة وأصبح موسم الحج هو السبب الرئيسى في انتشار الاسلام فـي الحبشة بصورة كبيرة مما أدى الى ارتفاع نسبة المسلمين الى 60% بالرغم من دخول الإسلام إلى الحبشة مع بداية رسالته صلى الله عليه وسلم وحاليا ينتشر الإسلام بسبب حرية السفر إلى الأراضى المقدسة والعمل من أجل العيش بعد أن اسلم عدد كبير من المسيحين والمسيحيات وغيروا أسماءهم وتذهب هؤلاء المسلمات إلى الحج والعمرة ويعملن بالمملكة ويرجعن بحالة اقتصادية جيدة ويدعون أهلنَّ للإسلام واصبح المسيحيون يدخلون فـي الاسلام لممارسة الحياة الطبيعية وبهذه الطريقة انتشر الاسلام بصورة سريعة وكبيرة.

يوجد اختلاف بين زيارة المدينة ومكة فمكة هى التى تتم فيها أركان الحج أما المدينة فهى مكان الشعائر الدينية وبعدها أردف بتأوهالمدينة فيها فرح شديد لأن بها النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم وما كنا نسمع من حديث أخبارها ووصف مسجدها وقبره الشريف صلى الله عليه وسلَّم ومزارات أصحابه ونسائه وقبورهن الشريفة وعندما رأينا ما سمعنا فرحنا كثيرا وذلك برؤية حجرته الشريفةصلى الله عليه وسلم فرحاً لا يوصف.


مكة المكرمة ابراهيم عليه السلام

شارى اسماعيل عبد اللطيف، موزمبيق
جامعة أفريقيا العالمية قسم القانون

الحج في بلادنا يكون عن طريق وكالة معينة وكل حاج عليه ان يقدم اسمه لدى الوكالة المسئولة عن الحج ويدفع قيمة الحج ويسافر عبر هذه الوكالة بطائرة خاصة، وغالبا ما يكون بالمملكة بعض المسئولين الذين يتبعون للوكالة لأن معظم الحجيج لا يجيدون اللغة العربية وعند الوصول إلى������� الأراضي المقدسة يجلسون في أماكن خاصة بهم وأى تحرُّك لا يكون الا عن طريق الوكالة.

الاحتفال موجود على حسب الولايات لأن الحاج قبل انتقاله إلى العاصمة يكون الاحتفال على نطاق الأسرة وبعد تجمع الحجاج في العاصمة من مختلف الولايات يقام الحفل العام تحت إشراف المجلس الإسلامي وفي القدوم يبدأ الاستقبال من المطار الرئيسى بالعاصمة ويستمر بالمطارات الولائية والمحلية وعند وصولهم إلى مناطقهم يقيمون الاحتفال بضرب الدفوف ويذكرون الله ويمدحون المدائح النبوية فـي السيارات التي تسير خلف سيارة الحاج وفى منزله يجتمعون ويقيمون الولائم منذ لحظة وصوله ويأكلون في شكل مجموعات.

إذا رجع الحاج إلى بلده فله وضع يختلف عن الآخرين فهو قد أصبح عالماً وطاهراً ولا يمارس أي شى خارج عن نطاق الدين وتكون له مكانة خاصة فيها شبه تقديس له ويشارك في كل المناسبات ويُقدَّم فـي كل شىء.

تذهب المرأة المُسِنَّة دون محرم أما إذا كانت شابة فتذهب مع مجموعة من النساء أو الرجال لأنهم يذهبون ويعودون عبر الوكالة ولا يتم التحرك إلا في شكل مجموعات، وقد يسافر الحجيج المقتدرون فـي كل وقت وآخرون تأتيهم مساعدة من قبل الجمعيات الإسلامية العربية في شكل منحة كأن تأخذ عشرين شخصا ممن لا يستطيعون الذهاب ويتم توزيع هذه الفرص على حسب المحليات ويتم الترشيح والاختيار وبالنسبة للفئة الاولى من المقتدرين فلها الحق فـي السفر فـي أى عمر.

الإحساس يختلف قبل الذهاب وبعد العودة ونرى الحاج دائما متزناً ونادما على ما كان عليه سابقا ويحسُّ بالقرب الروحى بعد أن يرى هذه الأماكن المقدسة ويتغير عن طبيعته الاولى وقد يختلف الإحساس من فرد لآخر فذووا الاعمار الكبيرة يمكن أن يغمى عليه عند مشاهدة الكعبة أو الحجرة الشريفة ولأنهم لم يكن يتوقع وصولهم لهذا المكان أبداً من شدَّة تقديسهم له.وكثيرا ما يتحدثون عن شعورهم لاول مرة عندما شاهدوا المدينة وكذلك زيارة المسجد النبوى الشريف وكيف كان الفرح فـي قلوبهم،ولا يوجد من يتخلف عن العودة لأنهم جميعا تحت إشراف الوكالة ولا تقلع الطائرة إلا بعد التأكد من ذهاب عامة الحجيج ولأنهم مقيدون بتأشيرة محددة بوقت الحج.

وقديما كان يذهب الحجيج عن طريق البحر ويستمر ذلك شهرا كاملا اما الإحرام فغالبا ما يكون من جدة ونسبة المسلمين لدينا 57%.


منى

جرسوبا زكريا، ساحل العاج
جامعة افريقا كلية الشريعة قسم القانون

الدولة هى التى تتولى برنامج الحج ولكنها توكل هذه المهمة للجمعيات الاسلامية بتنظيم إجراءات الحجيج وفقا للشروط التى تضعها هذه الجمعيات ويكون الذهاب عبر هذه الجمعيات ولا يوجد قانون يحدد أعمار الذين يذهبون إلى الحج ولكن غالبا ما يكونون من كبار السن وبالنسبة للمرأة لا يشترط المحرم كبيرة كانت أو صغيرة فيجوز لها أن تسافر بمفردها وبصفة عامة كل الموجودين فـي ساحل العاج تجرى لهم نفس الخطوات عند سفرهم ولا يوجد فرق فـي التعامل حتى اذا كانوا من بلاد أخرى.

هناك احتفال قبل ذهاب الحاج وكذلك عند قدومه فتقام الاحتفالات ويشارك فيها كل الأهل والأصدقاء ويقومون باستقباله في المطار ببعض أبيات من الشعر بلهجتنا يمدحونه بها وكذلك يمدحون النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ويقيمون الاحتفالات والولائم ابتهاجاً بقدومه وأدائه فريضة الحج.

وبعد القدوم يتحدث الحاج عن الأشياء الجميلة التى رآها خلال الحج وكثيرا ما يتحدث قائلا(عندما دخلت الى مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم احسست بالسكينة والاطمئنان وفى الكعبة تحس بعظمة المناسبة وتوحد المسلمين) وقديما كانوا يذهبون ويستقرون بالأراضى المقدسة ويستقرون بها حتى يموتون ويدفنون وذلك لشدة حماسهم للدين وحبهم للنبى صلى الله عليه وسلم.

الإحرام غالبا ما يكون فـي الطائرة ويحددون ذلك عند وصولهم للميقات وهو نفس ميقات السودانيين لأنهم جميعا قادمون من الغرب إلى السودان للحج كما نعلم من أركان الدين الإسلامي ويعتبر شرفاً عظيماً للحاج وينال احتراما كبيراً من قبل الآخرين وذلك لأنه قادم من أماكن طاهرة ومقدسة وباعتباره شخصا غير عادى لأنهلا يمكن لكل فرد ان ينال هذا الشرف الكبير وتتراوح نسبة المسلمين الى حوالى 55 %.

وفي السودان كذلك تقام الاحتفالات وتولم الولائم بمناسبة سفر الحاج وقدومه وتذبح الذبائح ويزين المنزل ويطلى الباب باللون الأبيض وتعلَّق عليه جرائد النخيل ويكتبون على جانبي الباب (حجاً مبروراً وذنباً مغفورا) عند قدوم الحاج يأتي الأهل والأصدقاء والجيران إليه لمصافحته والسلام عليه لتهنئته ولنيل البركة ويوزِّع الحاج الهدايا التي أحضرها معه من الأماكن المقدَّسة وغالباً ما تكون مسابح وطواقي ولكنَّ الناس يفرحون بها لا لقيمتها المادية ولكن لأنه اشتراها من الأماكن المقدَّسة وأكثر ما يكون الشراء من المتاجر المحيطة بالحرم الشريف التماساً لبركته صلى الله عليه وسلَّم.


مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولمادحي رسول الله صلى الله عليه وسلَّم دورٌ كبير في إذكاء نار الشوق للمدينة المنوَّرة والحض على زيارته صلى الله عليه وسلم وعندنا من الشعر بالعامية لود سليمان:

العجـب طيــبة وهاداك بناها

يا ناوي لا تكسـلْ قوماك علاها

نفـسي أشوف طيبة وانظر بناها

وادخل الحجرة المحظور كِساها

والثــمُ القبـرَ الداخل جواها

كما تشوَّق الإمام الزمخشري رضي الله عنه قديماً وقد عزم على الحج والإقامة بمكة فبكت زوجته تماضر وتعلَّقت بأذياله فقال يخاطبها:

قامت لتمنعني المسير تماضــر       أنَّى لها وغرار عزمــي باترُ

شامت عقيقة عزمتي فحــنينها        رعدٌ وعينـاها السحاب الماطرُ

سيري تماضر حيث شئت وخبِّري      أنـِّي إلـى البلد الحرام مسافرُ

وذكر شوقه لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم فقال:

ومتى تضمُّ قُتود رحلي ضـامراً        يهفو به نحو المدينـــة ضامرُ

يهـوي إلى حرمِ النبيِّ محمـدٍ          خبباً كما رفَّ الظلــيمُ النـافرُ

لله ميـتٌ بالمدينـــــة قبرُه         قصرٌ مشيــدٌ والقصور مقابرُ

وقد كان الحجُّ في الزمان القديم مرتبطاً بكثير من المخاوف، من الموت في الطريق عطشاً أو على أيدي الحيوانات الضارية أو قطَّاع الطرق أو غرق السفن في البحر أو وقوعها في أيدي القراصنة خاصة لمن كانوا يحجون من الأندلس عن طريق البحر الأبيض المتوسِّط.

و نحن نحمد الله تعالى الذي يسر لنا في العصر الحاضر كل سبل المواصلات من الطائرات و السفن و السيارات السريعة و الإقامة المريحة بالفنادق و المنازل في مكة المشرفة و المدينة المنورة على ساكنها الصلاة و السلام و الخدمات التي تقدمها الحكومة السعودية و على رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد أيده الله بنصره و جزاه عن المسلمين خير الجزاء، و كذلك تقوم الهيئات الخيرية و المحسنون من المسلمين من أبناء المملكة و غيرها بتوزيع الطعام و المياه مجانا للحجيج يبتغون فضلا من الله و رضواناً فجزاهم الله خيراً.  ء

هدى عبد الماجد - هادية الشلالي