التوسل -
2
أدلــة
مـا
عـليـه
المسلمون
من التوسل
قال الله
تعالى
{يا
أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} المائدة
53، والوسيلة هي كل ما
جعله الله سبباً للزلفي عنده ووصلة إلى قضاء الحوائج منه، والمدار فيها على أن يكون
للوسيلة قدر وحرمة عند المتوسل إليه.
لفظ الوسيلة عام في الآية كما ترى، فهو شامل للتوسل بالذوات الفاضلة من
الأنبياء والصالحين في الحياة وبعد الممات وبالاتيان بالأعمال الصالحة على الوجه
المأمور به وللتوسل بها بعد وقوعها، وفيما يلي سترى من الأحاديث والآثار ما يجلي لك
هذا العموم واضحاً لترى أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وسلم قبل وجوده وبعد
وجوده في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة.
التوسل
بالنبي صلى
الله عليه
وسلم قبل
وجوده البشري
توسل سيدنا آدم به: قد جاء في الحديث عن سيدنا عمررضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما اقترف آدم الخطيئة قال: يارب، أسألك بحق
محمد لما غفرت لي، فقال الله: يا آدم، وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال: يا رب،
لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فـيَّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً
لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك،
فقال الله: صدقت يا آدم، وإنه لأحب الخلق إلي، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد
ما خلقتك) أخرجه الحاكم في المستدرك ج2، ص165، ورواه الحافظ السيوطي في الخصائص
النبوية وصححه، ورواه البيهقي في دلائل النبوة، وصححه أيضاً القسطلاني والزرقاني في
المواهب اللدنية ج2 ص62، والسبكي في شفاء السقام)، وجاء من طريق آخر عن طريق بن
عباس رضي الله عنه بلفظ: (فلولا محمد ما خلقت آدم ولا الجنة ولا النار) (رواه
الحاكم في المستدرك ج2 ص615 وقال: صحيح الإنساد وصححه شيخ الإسلام البلقيني في
فتاويه ورواه أيضاً الشيخ بن الجوزي في الوفاء في أول كتابه، ونقله بن كثير في
البداية ج1 ص180)، وروي بن المنذر في تفسيره عن محمد بن علي بن حسين بن علي عليهم
السلام قال: (لما أصاب آدم الخطيئة عظم كربه واشتد ندمه، فجاءه جبريل عليه السلام
فقال:يا آدم، هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه؟، قال: بلى يا جبريل،
قال قم في مقامك الذي تناجي فيه ربك فمجده وامدحه، فليس شيء أحب إلى الله من المدح،
قال: فأقول ماذا يا جبريل؟، قال: فقل:لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك
وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير، ثم تبوء
بخطيئتك فتقول: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، رب إني ظلمت نفسي وعملت السوء
فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك
أن تغفر لي خطيئتي، قال: ففعل آدم، فقال الله: يا آدم، من علمك هذا؟، فقال: يا رب
لما نفخت فـيَّ الروح فقمت بشراً سوياً أسمع وأبصر وأعقل وأنظر، رأيت على ساق عرشك
مكتوباً، بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله،
فلما لم أر على أثر اسمك اسم ملك مقرب ولا نبي مرسل غير اسمه، علمت أنه أكرم خلقك
عليك، قال: صدقت، وقد تبت عليك وغفرت لك) (وكذا في الدر المنثور للسيوطي ج1 ص146)،
ومحمد بن علي بن الحسين هو أبوجعفر الباقر من ثقات التابعين وساداتهم، أخرجه الستة.
روي عن جابر وأبي سعيد وبن عمر وغيرهم، وروي أبو بكر الآجري في كتابه
(الشريعة) قال: (حدثنا هارون بن يوسف التاجر قال: حدثنا أبومروان العثماني قال:
حدثني أبوعثمان بن خالد عن عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال: من الكلمات
التي تاب الله بها على آدم قال: اللهم إني أسألك بحق محمد عليك، قال الله تعالى:
وما يدريك ما محمد؟، قال: يا رب، رفعت رأسي فرأيت مكتوباً على عرشك لا إله إلا الله
محمد رسول الله، فعلمت أنه أكرم خلقك).
عوض
عبداللطيف- الاسكندرية
|