التوسل - 2

من وحي علموا عني - 3

بالحقائق ناطقين

 

التوسل - 2

أدلــة مـا عـليـه
المسلمون من التوسل

قال الله تعالى

{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} المائدة 53، والوسيلة هي كل ما جعله الله سبباً للزلفي عنده ووصلة إلى قضاء الحوائج منه، والمدار فيها على أن يكون للوسيلة قدر وحرمة عند المتوسل إليه.

لفظ الوسيلة عام في الآية كما ترى، فهو شامل للتوسل بالذوات الفاضلة من الأنبياء والصالحين في الحياة وبعد الممات وبالاتيان بالأعمال الصالحة على الوجه المأمور به وللتوسل بها بعد وقوعها، وفيما يلي سترى من الأحاديث والآثار ما يجلي لك هذا العموم واضحاً لترى أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وسلم قبل وجوده وبعد وجوده في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة.

التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل وجوده البشري

توسل سيدنا آدم به: قد جاء في الحديث عن سيدنا عمررضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما اقترف آدم الخطيئة قال: يارب، أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله: يا آدم، وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال: يا رب، لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فـيَّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله: صدقت يا آدم، وإنه لأحب الخلق إلي، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك) أخرجه الحاكم في المستدرك ج2، ص165، ورواه الحافظ السيوطي في الخصائص النبوية وصححه، ورواه البيهقي في دلائل النبوة، وصححه أيضاً القسطلاني والزرقاني في المواهب اللدنية ج2 ص62، والسبكي في شفاء السقام)، وجاء من طريق آخر عن طريق بن عباس رضي الله عنه بلفظ: (فلولا محمد ما خلقت آدم ولا الجنة ولا النار) (رواه الحاكم في المستدرك ج2 ص615 وقال: صحيح الإنساد وصححه شيخ الإسلام البلقيني في فتاويه ورواه أيضاً الشيخ بن الجوزي في الوفاء في أول كتابه، ونقله بن كثير في البداية ج1 ص180)، وروي بن المنذر في تفسيره عن محمد بن علي بن حسين بن علي عليهم السلام قال: (لما أصاب آدم الخطيئة عظم كربه واشتد ندمه، فجاءه جبريل عليه السلام فقال:يا آدم، هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه؟، قال: بلى يا جبريل، قال قم في مقامك الذي تناجي فيه ربك فمجده وامدحه، فليس شيء أحب إلى الله من المدح، قال: فأقول ماذا يا جبريل؟، قال: فقل:لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير، ثم تبوء بخطيئتك فتقول: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، رب إني ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي، قال: ففعل آدم، فقال الله: يا آدم، من علمك هذا؟، فقال: يا رب لما نفخت فـيَّ الروح فقمت بشراً سوياً أسمع وأبصر وأعقل وأنظر، رأيت على ساق عرشك مكتوباً، بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله، فلما لم أر على أثر اسمك اسم ملك مقرب ولا نبي مرسل غير اسمه، علمت أنه أكرم خلقك عليك، قال: صدقت، وقد تبت عليك وغفرت لك) (وكذا في الدر المنثور للسيوطي ج1 ص146)، ومحمد بن علي بن الحسين هو أبوجعفر الباقر من ثقات التابعين وساداتهم، أخرجه الستة.

روي عن جابر وأبي سعيد وبن عمر وغيرهم، وروي أبو بكر الآجري في كتابه (الشريعة) قال: (حدثنا هارون بن يوسف التاجر قال: حدثنا أبومروان العثماني قال: حدثني أبوعثمان بن خالد عن عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال: من الكلمات التي تاب الله بها على آدم قال: اللهم إني أسألك بحق محمد عليك، قال الله تعالى: وما يدريك ما محمد؟، قال: يا رب، رفعت رأسي فرأيت مكتوباً على عرشك لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه أكرم خلقك).

عوض عبداللطيف- الاسكندرية

 

من وحي علموا عني - 3

أحسن القصص

{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} أول سورة يوسف، أى الغافلين عن القصص والتاريخ. وبداية من شدة قوة معرفة سيدنا يعقوب بالله، كان يدرك أن نور النبوه إلى سيدنا عيسى فى ولده سيدنا يوسف، ورغم أن له احد عشر ولداً غيره لكنه كان يحب سيدنا يوسف فى الله، أى من أجل الأنوار التى يحملها، ثم يرى سيدنا يوسف رؤيا، قال يا أبت إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين، سيدنا يعقوب {قال يابنى لاتقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدوٌ مبين}، سكت سيدنا يوسف ولكن الكلام تسرب، ولذلك فإن ابن الطريقة المجتهد فى أوراده لايجوز له أن يتكلم عن أوراده ولا وارده إلا لمرشده طبقاً للنص القرآنى لاتقصص، ونعود لقصتنا، وبعد أن تسرب خبر الرؤيا، إخوة سيدنا يوسف ذهبوا إلى سيدنا يعقوب ليحدثوه وقالوا (... يوسف لازم يلعب ولازم يعمل ولازم يشتغل...) فقال لهم إنى أخاف أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلين فأصروا وألحوا حتى سمح لهم سيدنا يعقوب، وفى العشاء جاءوا...وقالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب أى نفس الكلام الذى قاله سيدنا يعقوب فى البدايه، بمعنى أن الكلام معروف له، وعليه يقولون إن الأولياء لايعلمون الغيب... أليس هذا بغيب!فقال لهم سيدنا يعقوب بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على.. بما يوحى بعملتهم التى جردوا فيها سيدنا يوسف من ملابسه ثم ألقوه فى الجب، والجب عميق وبه مياه قليله، وكان هناك ثعبان يأتى لسيدنا يوسف بالفاكهة، والجب كناية عن (الخلوة الأولى لقتل النفس الأمارة)، والثعبان كناية عن إبليس دخل لفتنة النفس الأمارة. أما إخوة سيدنا يوسف فقد ذبحوا جمل ثم جاءو بدم الجمل على قميص سيدنا يوسف وهذا هو الدم الكذب كما أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى بدم كذب. وإذا بسيدنا يعقوب يثبت لهم كذبهم، بأن سكب الماء على قميص سيدنا يوسف وإذ بالقميص غير ممزق ولايوجد به أثار لمخالب وأنياب الذئب. فقالوا وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ولو حرف إمتناع لوجوب، بمعنى أنهم كذابين ولكنهم نفذوا ما أرادوه. وظل سيدنا يوسف بالجب (الخلوة الأولى) إلى أن جاء جماعة التجار المسافرين، وأدلوا الدلوا فتعلق به سيدنا يوسف، قالوا أنت إنس أم جن؟ قال لهم: إنس من خيار الناس وقص لهم قصته... فقالوا فيما بينهم هذا غلام جميل نأخذوه ونبيعه للملك فيعطينا مالاً كثيراً.وخاصة أن الملك ليس عنده ذرية، إلا أنهم عندما عرضوا عليه سيدنا يوسف رفض فى البداية، وأخيراً اشتراه بثمن بخس دراهم معدودة، والملك كناية عن (الحضرة الإلهيه)، ولأنه مستغنى عن كل من سواه، ولكن إن الله اشترى.. التوبة 111. وكانوا فيه من الزهدين... وأعطاه الملك لامرأته التى هى كناية عن (الدنيا)، وفى طريقتنا المريد الصادق الدنيا تتحداه وتشاغله، والمهم أن الدنيا عشقته فوجدت عزمه شديد، فظلت تراوده وتراوده وهو لايقبل، وأخيرأً همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه وعندما رأى برهان ربه جرى وهى من خلفه تلاحقه، وأمسكته من ظهره فشقت قميصه، وظل هو يجرى وإذا بالعزيز عند الباب، فقامت زليخه بمعنى الدنيا تقول للعزيز الذى يعنى الحضرة الإلهيه ما جزاء من أراد بأهلك سوءا، وكان لإخت زليخه طفل لايتجاوز الثمانية أشهر، وعندما نظر العزيز لسيدنا يوسف ليسأله عن ما حدث؟، فإذا بسيدنا يوسف يشير إلى الطفل ويقول إسألوه، وفى الحال الطفل يقف ويقول {إن كان قميصه قد قدَّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبينوإن كان قميصه قد قدَّ من دبر فكذبت وهو من الصادقين}، وأمسك العزيز بالقميص ليعاينه فوجده قد مزق من الخلف فقال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم.

بالحقائق ناطقين

العلاقات الأسرية - 2

كنا قد ابتدرنا حديثنا آنفاً عن توتر وفتور العلاقات الأسرية داخل الأسرة الواحدة ونواصل في هذا المبحث نسبة للأهمية التي تترتب عليه، لأن الأسرة هي اللبنة الأساسية في تكوين المجتمع وذلك من خلال بنائها للكينونة الشخصية للفرد والذي تفتت انتمائه نحو أسرته سواء أكان هذا الفرد يشكل دور الأب أو الأخ أو الابن أو الأم نسبة لأن المجتمع الحديث تعددت فيه الأنشطة بمختلف أنواعها، المؤسسات والثقافات والتيارات الفكرية، مما أدَّى إلى وفرة المشاكل المتنوعة لدى أفراد الأسرة وبالتالي توزع انتمائه على أكثر من جهة ونتج عنه تفتت حقيقى لإنتمائه الوجدانى نحو الأسرة وجمود العاطفة التي ترسم أو تحدد الشكل المثالي للأسرة الإسلامية والعربية.

وبما أن عجلة التطورات الحيوية الممرحلة وغير الممرحلة أضحت متحركة بصورة مستمرة فبالتالي تزداد التطلعات الأسرية التي تقف مع جمود إمكانات الأسرة ومحدوديتها بما أثر على أعصاب أفرادها وتوتر العلاقات بينهم وتكون النتيجة الحتمية فى معظم الأحيان مشاركة المرأة فى العمل وهذا يزيد من قدرتها على الاستقلال المترف وبالتالى معالجة المسائل بشيء من التشدد مع الطرف الاخر وقد يحدث فى هذا التشدد نوع من التمادى الذى يضفى شيئاً من الكآبة على الجو العائلى ويطوى امكانية التقارب الوجدانى ويزيد من فجوة عدم التواصل الاسرى، و لكن إذا انتقلنا فى المقابل إلى أسرة تكون نقطة الالتقاء لديهم حب شيخهم وحب الله ورسوله الكريم وسلسلة نسبه الشريف القويم لوجدنا الآية غير ذلك تماما برغم الاشتراك التام فى كل العوامل الحيوية المختلفة والتى نعيشها سويا على أرض الواقع إلا أن الاختلاف يكون فى مشرب الروح الرابط الحقيقى لكل الكيانات الانسانية إذ إن الروح تتحلى بالمحبة وتتشربها بالذكر على يد الشيخ العارف والمربى الروحى الذى بدوره ينتهج المنهاج التربوى النبوى مستمدة من ريّان السعادة ومرفأ الأرواح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبالمحبة الروحية والتربية الداخلية تتشكل الأرض الصلدة التى تنبع من خلالها العلاقات الأسرية الحقيقية لأنها تكون قائمة على التوادد والتراحم والتآخى المتبادل بين أفراد الأسرة الواحدة وهذا ليس بالشيء الخيالى ولكن هذه حقيقة واقعية غير مدركة، فاذا كان الذكر على يد خبير مربى يجمع بين ثقافات وتيارات فكرية مختلفةفى بوتقة أسرية واحدة على قلب رجل واحد فمن باب اولى أن يربط روحيا ووجدانيا بين أفراد الأاسرة الواحدة.وهذا الحديث ماهو إلا خلاصة لمانراه فى حياتنا اليومية المعاشة ولكم أن تقيسوا على هذا.

هادية محمد الشلالي