علم الناسخ
والمنسوخ
أولا: تعريف النسخ: هو رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر عن دليل
الحكم.
فالنسخ فى
كتاب الله
تعالى على
ثلاثة ضروب: الأول:
نسخ الخط
والحكم.الثانى:
نسخ الخط
وبقاء الحكم.الثالث:
نسخ الحكم وبقاء الخط.
أولا: نسخ
الحكم والخط: وهو
أنه هناك ما
نزل من الآيات
على رسول الله
صلى الله عليه
وآله سلم ثم
رفع حكمها
وخطها من
المصحف
الشريف ومن
أمثلة هذا
النوع من
النسخ ما رواه
الإمام
النيسابورى
الواحدى عن
سيدنا أنس بن
مالك أنه قال
كنا نقرأ على
عهد رسول الله
صلى الله عليه
وسلم سورة
تعدلها سورة
التوبة ما
أحفظ منها غير
آية واحدة (ولو
أن لابن آدم
واديان من ذهب
لابتغى
إليهما ثالثا
ولو أن له
ثالثا لابتغى
إليهما رابعا
ولا يملأ جوف
ابن آدم إلا
التراب ويتوب
الله على من
تاب) ونسخت
كلها.وأيضا ما
روى عن سيدنا
عبد الله بن
مسعود وهو أحد
كتبة الوحى أن
رسول الله صلى
الله عليه وآله
وسلم أملاه
آية فكتبها فى
كتابه ولما
رجع سيدنا عبد
الله بن مسعود
إلى منزله
وأراد أن يتذكر
هذه الآية
فوجد نفسه
نسيها فرجع
إلى كتابه
وفتحه فوجدها
محيت من
الكتاب فذهب
إلى رسول الله
صلى الله عليه
وآله وسلم وقص
عليه الأمر،
فقال له رسول
الله صلى الله
عليه وسلم: نسخت
البارحة يا
عبد الله.ولذلك
نجد الآية فى
المصحف
الشريف فى
سورة البقرة
رقم
601 تقول {ما
ننسخ من آية
أو ننسها نأت
بخير منها أو
مثلها ألم
تعلم أن الله
على كل شئ
قدير.}
ثانيا: نسخ الخط وبقاء الحكم: وذلك ما روى عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه قال: والله لولا أنى أخشى أن
يقال إن عمر بن الخطاب أزاد فى القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لوضعت
الآيه التى تقول (لا ترغبوا آبائكم فإن ذلك كفر بكم الشيخ والشيخة إذا زنيا
فارجموهما البته نكالا من الله والله عزيز حكيم) فرفع الخط بالنسبة لهذه الآية من
المصحف ولكن بقى الحكم بالرجم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: نسخ
الحكم وبقاء
الخط: وهذا
أشهر أنواع
النسخ وله
أمثلة كثيرة
فى كتاب الله
منها على سبيل
المثال لا على
سبيل الحصر: الآية
{إن تبدوا ما
فى أنفسكم أو
تخفوه
يحاسبكم به الله}
فنجد هذه
الآية فى سورة
البقرة ولكن
لا يعمل بها
حكما لأن هناك
آية أخرى
نسختها وهى {لا
يكلف الله
نفسا إلا
وسعها لها ما
كسبت وعليها
ما اكتسبت.}
حكمة النسخ
الأولى:تحقيق مصالح الناس التى هى مقصود التشريع، فإن المصالح قد تختلف
باختلاف الأحوال والأزمان والناس، فإذا شرع حكم لتحقيق مصلحة ثم زالت المصلحة كان
المناسب لذلك أن ينتهى الحكم الذى شرع لأجلها مثال ذلك تحريم ادخار لحوم الأضاحى ثم
إباحته بعد ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (كنت نهيتكم عن ادخار لحوم
الأضاحى من أجل الدافة ألا فكلوا وادخروا).
الثانية:وقد يكون النسخ لدفع الحرج المترتب على الحكم المنسوخ وذلك
كإباحة استعمال جميع أوعية الخمر بعد حظرها وفى هذا يقول الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم (كنت نهيتكم عن الأشربة فى الظروف وإن ظرفا لا يحل شيئا ولا يحرمه فاشربوا
فيما شئتم ولا تشربوا مسكرا).
الثالثة:التدرج فى التشريع وعدم مفاجأة من يشرع لهم الحكم بما يشق
عليهم أو تنفر منهم نفوسهم ومن ذلك: تحريم الربا وفرضية الصلاة واتجاه القبلة.
ومن أنواع النسخ:النسخ الوقتى لكتاب الله تعالى:وهو العمل بالآية فى ظل
ظروف معينة وعدم العمل بها إذا زالت هذه الظروف فالشريعة صالحة لكل زمان ومكان ومن
هذا المنطلق يأتى هذا النوع من النسخ فى كتاب الله تعالى.
ومن أمثلة هذا النوع من النسخ فى كتاب الله تعالى آية السيف وهى الآية
رقم (5) سورة التوبة التى تقول {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا
الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم} فنجد هذه الآية ناسخة لمائة وأربع وعشرون
آية فى كتاب الله نسخا وقتيا، ومن هذه الآيات المنسوخة {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة
والموعظة الحسنة} وسورة الكافرون وغيرها من الآيات ولكن كل هذا نسخ وقتى فقط بمعنى
أنه: فى حالة الحرب بين المسلمين والمشركين لا يعمل بهذه الآيات وتكون آية السيف هى
الناسخة والمعمول بها، فإذا زالت حالت الحرب رجع إلى العمل بحكم هذه الآيات ولا
يعمل بآية السيف.
وآخر أنواع النسخ هو نسخ الحديث الشريف لآية:ومن أمثلة ذلك: الآية رقم
(371) من سورة البقرة التى تقول {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل
به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} فأورد
الإمام النيسابورى الواحدى فى كتابه أسباب النزول والناسخ والمنسوخ ما نصه:نسخ
بالسنة بعض الميتة وبعض الدم بقوله عليه السلام أحلت لنا ميتتان ودمان السمك
والجراد والكبد والطحال، وقال تعالى {وما أهل به لغير الله} ثم رخص للمضطر والجائع
غير الباغي والعادي فقال {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}.
|