عِمـران بن حُصَـين رضي الله عنه

القاطعات عن المهيمن - 1

أولياء الله على أرض مصر

 

 عِمـران بن حُصَـين رضي الله عنه

 

هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف، علم من أعلام الإسلام البارزين وقدوة وإمام بين جماهير المسلمين، وصحابي جليل نبيل، نال شرف الصحبة النبوية منذ أنعم الله عليه بنعمة الهداية للإسلام في السنة السابعة للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات والتسليمات.

كان عمران عليه الرضوان ثالث ثلاثة حبب الله إلى نفوسهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، فكانوا في الطليعة مع المؤمنين الراشدين أما صاحباه اللذان ظفرا بنعمة الإسلام فهما أبوذر وأبو هريرة، وأتت ثلاثتهم نعمة الهداية الربانية فأسلموا جميعاً في وقت واحد.

وكنية عمران بن حصين أبو نجيد الخزاعي، وهو معروف باسمه وكنيته على سواء. وكان عمران بن حصين محدثاً جليلا، موضع الثقة من الرواة الذين يتحدثون عنه، حدث عنه مطرف بن عبد الله، وأبو رجاء العطاردي، وزهدم الجرمي، وزرارة بن أوفى والحسن، وابن سيرين وعبد الله بن بريدة والشعبي وعطاء مولى عمران بن حصين، والحكم الأعرج وغير هؤلاء من أعلام الرواة الثقات.

وكان عمران عليه الرضوان على درجة رفيعة من البصر بأحكام الدين، والخبرة العالية بسياسة شئون المسلمين، فلا عجب أن يعجب به عمر عليه الرضوان، فيوليه قضاء البصرة، ويكل إليه مهمة تفقيه أهلها في أمور دينهم، وبحسب عمران فخراً أن يقع عليه اختيار عمر وهو من حاز عدلاً وفضلا، فيندبه لهذا الأمر الجليل الخطير، كما لعمران عليه الرضوان أن يعتز بشهادة الحسن بن علي عليهما الرضوان، فلقد كان الحسن يحلف: ما قدم عليهم البصرة خير لهم من عمران بن حصين، قال زرارة رأيت عمران بن حصين يلبس الخز.وقال مطرف بن عبد الله: قال لي عمران بن حصين: أحدثك حديثاً عسى الله أن ينفعك به: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الحج والعمرة، ولم ينه حتى مات، ولم ينزل فيه قرآن يحرمه، وأنه كان يسلم على. يعني الملائكة، قال: فلما اكتويت، أمسك ذلك، فلما تركته عاد إلى. وكان عمران بن حصين المجاهد الغازي الجلد الصبور، قد نال شرف صحبته لرسول الله عليه صلوات الله في ميادين الجهاد، وكم كان له في سجل المفاخر والمآثر من غزوات، غزا فيها تحت عين الله وعين رسول الله قلوب الشرك والمشركين، وأبلى فيها أحسن البلاء في نصرة الدين، فكان المؤمن الصابر الصادق الأمين، ولم يكن عمران عليه الرضوان يلزم نفسه الإقامة الدائمة في المدينة، بل كان ينزل بلاد قومه، ويتردد إلى المدينة. قال أبو خشينة عن الحكم بن الأعرج عن عمران بن حصين قال: ما مسست ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأكبر الظن أيها القارئ الكريم، أنك تشاطرني إعجابي بهذا الصحابي الجليل العظيم، بعد هذه اللفتة الكريمة، التي ألزمها نفسه، وإن لم يحرمها ربه ولا رسول ربه، فإن مس المسلم ذكره بالشمال أو باليمين، حل لجميع المسلمين إلا ما حرم عمران بن حصين على نفسه من مس ذكره باليمين بعد إذ شرفتها يمين رسول الله بالمصافحة عند المبايعة، فأكرم بها من خطة تكشف عما احتوى قلب هذا الصحابي الجليل من أسمى ألوان الاحترام والتكريم لسيد المرسلين. وقد روى هشام عن بعض الثقات من الرواة شهادة يزكون بها عمران بن حصين وهي شهادة تشبه شهادة الحسن بن علي فيه إذ قالوا: ما قدم البصرة أحد يفضل على عمران بن حصين. وإذا تعددت شهادات التزكية وتجاوزت طريق الآحاد، دل ذلك على صدقها وبعدها عن عناصر المجاملة والمداهنة. ومما ينطبق بما كان عليه عمران بن حصين من اتهام لنفسه، بل امتداحها أو الإعجاب بها قوله المأثور عنه:

وددت أني رماد تذروني الرياح

إنها في الحق قولة لا يقولها إلا شاعر بالتقصير، خائف وجل من حساب يوم عسير، ولقد قالها عمر من قبل عمران، وهو على عدله وفضله، لا يرجو لعمله الرجحان في إحدى كفتي الميزان، فاستمع أيها القارئ الكريم إلى عمر وهو يقول: والله لو نادى مناد يوم القيامة كل الناس في الجنة إلا واحداً لظننت أني ذلك الواحد. هذا وقد أدرك عمران الفتنة التي شبت نارها بين علي ومعاوية ورجح عمران اعتزالها فلم يحارب مع علي، ومما يؤيد سياسة الاعتزال التي رآها عمران رأيا ما رواه أبو قتادة عنه، قال أبو قتادة: قال لي عمران بن حصين: الزم مسجدك، قلت: فإن دخل علي ؟ قال: الزم بيتك، قالت: فإن دخل علي ؟ قال: لو دخل على رجل يريد نفسي ومالي، لرأيت أن قد حل لي أن أقتله.ومما يؤثر عن عمران بن حصين عليه الرضوان فيما رواه مطرف عنه قوله: اكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن يعني المكاوي. كما روى عنه قوله وهو يعوده في مرضه: أنه كان يسلم علي، فإن عشت فأكتم علي. وكذلك يقول مطرف إنه لما قال لعمران في بعض عياداته إياه وقد اشتد به المرض: ما يمنعني من عيادتك إلا ما أرى من حالك، قال: فلا تفعل، فإن أحبه إلى أحبه إلى الله. ومما ينطق بما لعمران من غيرة غيور على إقرار عين الحق بحري جانب العدل في قضائه ما رواه إبراهيم بن عطاء مولى عمران عن أبيه: أن عمران قضى على رجل بقضية، فقال: والله لقد قضيت علي بجور وما ألوت. قال: وكيف ؟ قال: شهد علي بزور، قال: ما قضيت عليك: فهو في مالي، و والله لا أجلس مجلسي هذا أبدا. وكان نقش خاتم عمران تمثال رجل متقلد السيف.

قال أبو رجاء: خرج علينا عمران في مطرف خز لم نره قط، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الله إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن ترى عليه. قال ابن سيرين: سقى بطن عمران بن حصين ثلاثين سنة، كل ذلك يعرض عليه الكي فيأبى، حتى كان قبل موته بسنتين فاكتوى. وقد روى الرواة أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن الكي، فابتلى، فاكتوى فكان يحج فيقول: لقد اكتويت كية بنار ما أبرأت من ألم، ولا شفت من سقم. قال مطرف: قال لي عمران: أشعرت أن التسليم عاد إليَّ؟ قال مطرف: ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى مات، وقال الحسن عليه الرضوان: إن عمران أوصى لأمهات أولاده بوصايا، وقال: من صرخت عليّ فلا وصية لها، وقد توفى عمران علــيه الرضوان ورحمات الرحمن سنة اثنتين وخمسين لهجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام.

 

القاطعات عن المهيمن - 2

 

النفس الأمارة بالسوء

ومن أوصاف النفس الأمارة بالسوء الجهل، وعدم العلم، لبعدها عن الحق بهذه الصورة {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئا} ومن صفاتها أيضا البخل، الكبر، الغضب، الإيذاء باليد أو باللسان والتى أشار الحق إليها {وما أبرئ نفسى إن النفس لأمارة بالسوء} وقال النبي صلى الله عليه وسلم (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر قالوا وما الجهاد الأكبر يارسول الله قال جهاد النفس) فسماه النبي الجهاد الأكبر وذلك لأنها واقعة فى ظلمة الطبيعة فلا فرق لها بين الحق والباطل وهى مدخل للشيطان اللعين وقال ساداتنا: يكون الذكر فى هذا المقام لا إله إلا الله ويجب على الذاكر أن يذكر بمد لفظة لا وتحقيق همزة إله فإنك إن لم تحققها قلبت ياء وصار ذكرك (لا يلاه إلا الله) وهذه ليست كلمة التوحيد كما أنها لا تعطى نتيجة فى القلب وقد وصفها سيدى الامام فخر الدين فقال:

أمارة بالسوء بئس شرابـهـا        فهو الزعاف وقمة البــلواء

فى قتلها نعم الثــواب لقاتل        عنــكم أماط مصادر الإيذاء

النفس اللوامة

صفات هذه النفس اللوم، الكبر، العجب، والاعتراض على الخلق، الرياء الخفى، وحب الشهرة والرئاسة ولكن مع وجود هذه الصفات الذميمة إلا أنها ترى الحق حقا والباطل باطلا وتعلم أن هذه الصفات مذمومة ولكنها لا تقدر على الخلاص منها جملة واحدة ولكن لها رغبة فى المجاهدة وموافقة الشرع ولها أعمال صالحة من أفعال البر ولكن يدخلها العجب والرياء فيحب صاحب هذه النفس أن يطلع الناس على ما هو عليه من الخير مع أنه يخفيها عليهم ولا يظهرها لهم ولا يعمل لهم بل عمله لله تعالى الا أنه يحب أن يحمد ويثنى عليه من جهة أعماله وأفعاله ولا يمكنه الاقلاع عن هذه الخصلة ورفعها من قلبه لأنه لو فعلها لكان مخلصا بلا خطر ولكن واقع الحال أن المخلصين على خطر عظيم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (الناس هلكى إلا العالمون والعالمون هلكى إلا العاملون والعاملون هلكى إلا المخلصون والمخلصون على خطر عظيم) لأن المخلص يحب أن يعرف أنه مخلص وهذا هو الرياء الخفى لأن الرياء الجلى هو العمل لأجل الناس أو لأجل علة أو غرض وهذا العمل قد ذمَّه الشرع فإذا كنت متَّصفا بهذه الصفات فأنت فى المقام الثانى ويقال لنفسك لوامة وهو مقام لايسلم صاحبه من الخطر ولو أخلص فى أعماله فلابد من ترك هذا المقام والترحُّل الى غيره لأجل الوصول الى المقام السابع الذى تسمى فيه النفس بالنفس الكاملة فهذا المقام هو مقام النفس اللوامة و فيه من الخطر العظيم والتعب المقيم ما يخشى على السالك منه حتى لو أخلص فى أعماله لأن المخلصين على خطر عظيم ونضرب لك مثلا يوضح لك الخلاص من هذه النفس. كشجرة خبيثة عظيمة الجثة كثيرة الأغصان كل غصن منها يثمر نوعا من السم القاتل فجاء أناس واشتغلوا فى قطع تلك الأغصان ولم يتعرضوا لقطع الشجرة من أصلها ولا لقطع الماء عنها لتجفَّ ويتخلصوا منها وأراحوا أنفسهم عن الاشتغال بقطع الأغصان الكثيرة فكلما قطع غصنٌ نبت غيره ويظل هكذا إلى أن يلقى الله على جهل بربه.

محمد السيد
وللحديث بقية

 

 

أولياء الله على أرض مصر

سيدي علي الخواص رضي الله عنه

اشتهر رضي الله عنه بالخواص لتضفيره المقاطف الخوص، واشتهر أيضاً بالبرلسي نسبة إلى بلدة بشمال الدلتا، وكان رضي الله عنه أمياً لايقرأ ولا يكتب ورغم ذلك كان يتكلم في معاني القرآن والسنة النبوية كلاماً نفيساً حارت فيه علماً زمانه في أمره هذا.

وكان رضي الله عنه متواضعاً كريماً يعطي الفقراء والمساكين، وقد وهب نفسه أيام الجمع لخدمة بيوت الله.

توفي رضي الله عنه في آخر جمادى الثانية سنة 945هـ، ودفن في زاوية الشيخ بركات الخياط المتوفى سنة 923هـ.

إشراف
الشيخ دسوقي الشيخ إبراهيم

السابق    التالي