أصالة فن الفلسفة
ماشي من زمن سيدنا إدريس لغاية زمن النبى عليه الصلاة والسلام، والفلسفة
هى أن الأنسان يعرف كل العلوم الحية والمندرسة�
والفيلسوف يعرف الدين، أي دين، يعرف اللغة، يعرف الفلك، يعرف الجيولوجيا
يعرف الكيمياء، ويعرف العلوم المندرسة كلها، ثم يعمل فيلسوف ونسرد هذه
القصة فـي إيضاح معنى الفلسفة.
كان الفارابي يجلس
بجوار قصر هارون الرشيد، نام فـي ظل القصر، وبعد أن صحى من النوم توضأ
وصلى أربع ركعات قبل الظهر وصلى الظهر، وصلى أربع ركعات بعد الظهر وبعد
أكل كفايته، شرب من الماء الساخن ثم نام ثم قام كذلك للعصر وتكرر المشهد
أياما متتالية والرشيد يراقبه من بعد ثم أرسل فـي طلبه وسأله:
قال له : إذا قعدت
فـي أي مسجد تعلمت القرآن أليس أفضل لك وأحسن ؟
قال له : من قال
لك أنا لا أعرف القرآن، أنا أعرف القرآن بقراءاته السبعة
قال له : إذاتتعلم الحديث.
قاله له : أنا حافظ الصحاح الستة والفروع السبعة.
قال
له : تتعلم الفقه
قال له : أنا حافظ الأربع مذاهب والخمسة المندرسة.
قال له : أليس لك
حاجة تسعى فـي قضائها ؟
قال له : ليس لي حاجة، أنا متفرغ للعبادة فقط.
فقال الرشيد : عندك دليل يبرهن أنك تعرف كل
الأشياء التي سألتك عنها ؟
فقال الفارابي: نعم عندي.
فقال: نمتحنك
إذاً؟
فقال: وأنا مستعد للإمتحان.
فقام هارون
الرشيد بجمع العلماء والقراء والمحدثين حتى أصحاب الصناعات، نجار، براد،
حداد، واحتفل بوجودهم، وعادة عندهم محل مخصوص للمناظرة، فجمعهم وقال لهم
: هذاالإنسان يدعي أنه يعرف كل العلوم، ونريد أن نختبره !!
قالوا له : حاضرين
ومستعدين لاختباره�
قال الفارابي : لا
بد من وضع أساس للإمتحان، فأي صاحب مهنة يسألنى
10 أسئلة واذا أخطأت فـي
واحد أكون مغلوب، وأي صاحب مهنة، أنا أسأله ثلاثة أسئلة إذا رد على واحد
من الأسئلة الثلاث أكون كذلك أنا مغلوب�
إبدأوا بالمصحف،
أولا سألوه
10 أسئلة، القراء سألوه عن القراءات السبعة، ولغة كل واحد
يختلف عن لغة الثاني، وكان الصحابة يختلفون فـي القراءات، ويرجعوا للنبي
صلى الله عليه وسلم للتصحيح�
وبعد أن سأله كل
واحد من القراء
10 أسئلة، سأل هو كل واحد ثلاثة أسئلة مااستطاع واحد منهم
الإجابة ولا على سؤال واحد�
ثم انتقلوا إلى
موضوع الحديث النبوي الشريف فكان كسابقه ثم موضوع اللغة، أتى لهم بالشواذ
فـي اللغة ولم يقدروا عليه، اللغة سأله كل واحد
10 أسئلة، وهو يسأله
ثلاثة أسئلة وهو يجيب وهم يعجزون�
وبعد أهل التفاسير، وبعد ذلك الفقهاء وبعد الصناعات، وبعد الروحانيات،
أهل السيرة، وأهل الكيميا، وأهل الطب، أخيرا لم يقدر عليه أحد، استمرت
القصة حوالى 40 أو 50
يوماً (علما بأن الكتب موجود فيها الأسئلة التي كان يسألها ويعجزون عن
ردها)
إحتار هارون الرشيد و قال له : يا فارابي قال له : نعم
قال له : إن مثلك لايصح أن يهمل هكذا فلابد من فتح مدرسة لتدرس للناس
فيها هذه العلوم فرد الفارابي ولكنى مشغول بذكري لله.
فقال الرشيد:
نعطيك المال الذي يعينك على المعاش !
فرد قائلا: أنا أعرف فروع الطب وأستطيع العيش منه بدلا من أن أمد يدي
للناس.
فقال الرشيد:
نعطيك ذهبا وتتفرغ للعبادة !
فقال: أنا أعرف فروع الكيميا وأستطيع تحضير الذهب.
فأمر الرشيد بإحضار المنشور والعازفات على آلة النورج ثم بدأوا يعزفون
الدور الأول فاعترض الفارابي على النوته الموسيقية وخطأهم وكذلك الدور
الثاني والثالث.
فقال هارون
الرشيد: أنت تعرف فـي الموسيقى أيضا؟
قال: نعم أعرف وأخرج عود صغير من الجراب وركبه تركيبه وضربه، فأبكى كل
الحاضرين ثم فكه وركبه وعزف نغمة ثانية فأضحكهم حتى القهقهة ثم فكه وركبه
على نغمة أخرى فتحركت أجسادهم للرقص
ومن الغريب أن
هارون الرشيد كان فيلسوفاً وكان يجمع الفلاسفة ويناظرهم ويتكلم معهم، قال
لهم ذات مرة : أنتم تعرفون أن البني آدم فيه
124 ألف عرق ؟
قالوا له : نعم ،
فقال لهم: وكل عرق له مرض خاص ؟ قالوا نعم !
فقال: أنا أريد دواء واحد يداوي الأمراض كلها؟ فقالوا: لا نعرف.
قال واحد منهم : جدي اسمه الجندكي، كان من شدة قوته فـي قراءة الأوراد
ينزل ملك الفلك السابع، ويتعلم منه، أذهب إليه لأسأله، ولكننا كلنا نحن
الأطباء والفلاسفة لانعرف أن هناك دواء واحد لكل الأمراض.
وذهب الرجل إلى
جده وعرض عليه الأمر فـيما قاله الرشيد !
قال له : والله
لولا ماشاع عدله فـي حب العلم والفلسفة وإنصاف الناس ماذهبت إليه وما
أردت يوما أن أتحدث بهذا الأمر ولكن سوف أذهب معك�فلما دخل على الرشيد
قال: السلام عليكم ياأميرالمؤمنين
فرد عليه قائلا: عليكم السلام(لا ذهب إلا من ذهب)
فرد عليه الرجل
قائلا والكبريت إذا انقطع عنه اللهب أنت طلبت من أولادنا الفلاسفة
والأطباء كذا وكذا ؟
قال هارون الرشيد للفيلسوف: نعم.
فقال الرجل إن هذا
لايتأتى إلا لرجل يستطيع أن يذيب الكبريت الأصفر فـي الزيت الطيب على
النار ولا يحترق الزيت ولايشتعل الكبريت ويكون قادرا على إبطال مفعول
السم الذي هو فـي الكبريت كائن ويعالج بالخلاصة كل الأمراض حتى العضال
منها،، وفـي ختام الكلام قال سيدي فخر الدين رضي الله عنه تجد دليل هذا
الكلام فـي كتاب اسمه (رسالة السير الاقرب فـي تدبير العقرب)
|