العد د الثالث  (نيسان)

 

مِنبَــرٌ مِلــؤَهُ الهُـــدَى

افهموا وتفقهوا

أهلُ الثناء المحمود


مِنبَـرٌ مِلــؤَهُ الهُــدَى

الحمد لله رب العامين الذي عمت أولاً و آخراً  رحمته وكفلت مؤمناً وكافراً نعمته وأسهد عيون أهل محبته فالسعيد من بات فـي طاعته ليلا  ساهراً.

واشهد أن لا إله إلا الله يقول سبحانه وتعالى : {يايها الذين أمنوا إتقوا الله وإ بتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فـي سبيله لعلكم تفلحون}.

وقال تعالى: {أؤلئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا}.

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسول الله� اللَّهم صلي صلاة كاملة وسلم سلاما تاما على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتم ويسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأحبابه وسلم� قال  محمدبن السماك كان لي جار يسب أبا بكر وعمر فوقع بيني وبينه كلام حتى تناولني وتناولته فانصرفت إلى منزلي مهموما فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فـي المنام فذكرت له ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم خذ هذه السكين واذبحه بها فذبحته فاستيقظت وأنا أسمع الصراخ فـي داره فلما أصبحت نظرت إليه على المغتسل فرأيت أثر السكين فـي عنقه�أما بعد فيا أيها الأحباب:

 

 إن من ينكر التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصالحين الأحباب هو بين أمرين إما أن سبب الإنكار سوء عقيدة وفساد فـي الإيمان، وإما يكون عدم فهم وجهل بالكتاب والسنة لأن الأدلة فـي كتاب الله والسنة واضحة وضوح الشمس فـي كبد السماء، اعلموا أيها الأحباب إن للتوسل أسماء منها الإستعانة،الإستغاثة، اللجوء الوسيلة، الإستمداد، كلها تأتي بمعنى التوسل.

يقول الله سبحانه و تعالى : {وإذاستقى موسى لقومه} وهذا دليل على خصاصيته وقربه من ربه لأنه رسول� مما جعل قومه يتقدمون به ليطلب من ربه.

 ولم يقل لهم سيدنا موسى إدعوا أنتم أو اسألوا أنتم فهل طلبهم من سيدنا موسى الإستسقاء هل هو شرك أوكفر وأي شرك وكفر هذا إذا سأل المؤمن من أرسله الحق ألم يقرأوا قوله سبحانه وتعالى {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فأدع لنا ربك فأنزل الله لهم المن والسلوى} وكان ذلك بسبب ومن أجل سيدنا موسى وبركته عليه الصلاة والسلام� إذاً فلماذا تثار الشكوك حول من يتوسل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت والصالحين.

واقرأ إيضاً إن شئت قوله تعالى {ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز}.

انظر إلى قوله تعالى'' لئن كشفت '' كشفت انت يانبي الله.

 ثم قوله تعالى {''فلما كشفنا} فاعطاك الحقيقة واعطاك الصنعة، فلما كشفنا أي بسبب ومن أجل رسولنا كشفنا،  الفاعل هو الله� السبب هو سيدنا موسى هذا هوالإيمان هذا هو الاعتقاد الصحيح فالتوسل بالرسول ليس شركا  أو كفراً، أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم '' إذاسألت فأسال الله� فالكلام عنه من وجوه عديدة فالكلا م فـي الحديث خاص بالخواص من الرجال لأنه لا يجوز بأي حال أن يتعارض حديث مع صريح الآيات � فهذا نبي الله سيدنا سليمان يطلب ويسأل الجن والإنس ويستعين بهم وهونبي ورسول {قال إيكم يأتيني بعرشها} (النمل 83)، فطلبه ماهو إلاتشريع لأمته ولأتباعه بالطلب من الوسائط ما دام المفهوم أن الفاعل هو الله  {قال عفريت من الجن  أنا آتيك به قبل أن يترد إليك طرفك} (النمل 93).

ألم يقرأوا  قول الحق سبحانه وتعالى {ولو أنهم إذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} (النساء46)،  انظر إلى قوله جاءوك مع أن الله مع الكل وأنه قريب من الكل فالمجيء إليه للخصوصية وللصفة الآلية والتي حباه الله إياها.

{وإذا قيل لهم تعالوا ليستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم} (المنافقون الآية 5)، أليس هذا دليل على توسطه بين الحق والخلق.

أما قول الحق سبحانه وتعالى {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم لن يغفر الله لهم} فهذا تخير للنبي وليس لديه علاقة بالتوسل� فقد  روى البخاري أن النبي  قال (إني خيرت فاخترت) يعني إخترت الإستغفار لأمتي� ومنهم من يقول إن التوسل جائز للحي وغير جائز للميت ويستدلون بتوسل سيدنا عمر بسيدنا العباس رضي الله عنهما وغاب عنهم أن النبي والصالحين والشهداء أحياء فـي قبورهم ثم أن المتأمل للحديث يلاحظ أن التوسل أصلا من أجل رسول الله  إسمعوا نص الحديث ففي عام الرمادة يسمى بذلك لكثرة تطاير الرماد لاحتباس المطر� قام سيدنا عمر فخطب الناس ويروي لنا الحديث سيدنا عبدالله بن سيدنا عمر� قال: (أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان يرى للعباس مايرى الولد للوالد� فاقتدوا أيها الناس برسول الله فـي عمه العباس� واتخذوه وسيلة إلى الله� أدع يا عباس  فقال (اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك وهذه إيدينا إليك بالذنوب وتوصينا إليك بالتوبة فأسقنا الغيث واحفظ اللهم نبيك فـي عمه) فأرخت السماء مثل الجبال حتى إخضبت الأرض وأقبل الناس على سيدنا العباس يتمسحون به ويقولون يا ساقي هنيئاً لك يا ساقي الحرمين وقال له سيدنا عمر هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه فسيدنا عمر يُعلم الأمة بأن التوسل بأي صحابي جائز لأن سيدنا العباس صحابي وأن التوسل بآل بيت رسول الله عليه وآله وسلم جائز لأن سيدنا العباس من آل بيت المصطفى وبأن التوسل بأي ولي جائز لأن سيدنا العباس ولي� توبوا إلى الله وأستغفروه يغفر لكم.

الثانية

الحمد لله رب العامين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين� أيها الأحباب.

إن من يسأل المخلوق عندهم   عد متخذاً ربا مع الله

  هذه هي القسمة الـ... ولاعجب          فالجهل يعمي ذويه عن هدى الله

  وإن يقول سؤال الحي ليس به           بأس ولا يقـضي الإشـراك بالله

  قلنا كذلك سؤال الميت مـعـتبر          لأن كـل بلا ريب ســوى الله

  والحي  كالميت لاتأثير في عمل           إليه  يعـزى بل التأثيــر لله

  وفى إجابة يعـقوب بنيـه لنـا          على التوسط برهــان من الله 

  وذاك حين أتوه قـائـلين لـه            أيا أبانـا  اسـتغفر لـدى الله

  وليس من قال يا هذا الولي أغث          أوقال خـذ بيدى يـا مرسَل الله

  إلا كمن أبصـرت عيناه متقيـا          فقاليا ذا ادع لي واضرع إلى الله

  أو مثل شخص هويفى هوة وغدا          يقول خـذ بيـدي يا شيـخ لله

  لكن أهل الهوى لم يحملوه عـلى          معنى التماس الدعاء من خيرة الله

  فكـفروا من بن الإسـلام أكثرهم          ولم يخـافوا غـداً من بطشة الله 

  وأولـوا كـل نص لا يوافقـهـم         تأويـل ذي شطـط ناء عـن الله

  تباً له أشهـيد الحرب من ثبتـت          له الحـيـاة بـاخبار عـن الله

  يكون حيا وخير الرسـل قاطبـة           يكون مـيـتا عـجيب ذاك والله

  فالمصطفى لم يزل حـيا بروضته           معظم الـجاه مقـولا لـدى الله

  وذاك نص صريـح قد رواه لنـا           عنه التقـاة فـلا ترتـاب والله


افهموا وتفقهوا

باب الغُسل

         أما الطهر فهو من الجنابة ومن الحيض النفاس فإن إقتصر المتطهر على الغسل دون الوضوء أجزاه وأفضل له أن يتوضاء بعد غسل ما بفرجه أو جسده من آذى ثم يتوضاء وضوء الصلاة فإن شاء غسل رجليه وإن شاء آخرهما إلى آخر غسله ثم يغمس يديه في الإناء ويرفعهما غير قابض  بهما شيء ويخلل أصول شعر رأسه ثم يغرف بهما على  رأسه  ثلاث غرفات غاسلا له بهن تفعل ذلك المرأة وتضغث شعر رأسـها وليس عليها حل عقاصها ثم يفيض الماء على شقه الأيمن ثم على شقه الأيسر ويتدلك بيديه  بأثر صب المـاء حتى  يعم على جسده وما شك أن يكون الماء قد أخذه من جسده عاوده بالماء ودلكه بيديه حتى يوعب جميع جسده ويتابع عمق سرته وتحت حلقه ويخلل شعر لحيته  تحت جناحيه بين آليتيه  ورفغيه وتحت ركبتيه وسافـل رجليه ويخلل أصابع يديه ويغسل رجليه آخر ذلك يجمع ذلك فيهما لتمام غسله  ولتمام وضوئه إن كان آخـر غسلهما  ويحرز أن يمس ذكره في تدليكه بباطن كفه  فإن فعل ذلك وقد عب طهره أعاد الوضوء وإن مــس في ابتداء غسله وبعد أن غسل مواضع الوضوء فليمر بعد ذلك بيديه على مواضع الوضوء بالمــاء على ما ينبغي  من ذلك وينويه.

باب فيمن لم يجد
الماء وصفة التيمم

        التيمم يجب لعدم الماء في السفر إذا يئس أن يجد في الوقت  وقد يجب في وجوده إذا لم يقدر على مسه  في سفر أو حضر لمرض مانع  أو مريض يقدر على مسه  ولا يجد من يناوله إياه  وكذلك مسافر يقرب منه الماء ويمنعه منه خوف لصوص أو سباع  وإذا أيقن المسافر بوجود الماء  في الوقت أخر إلى آخـــره وإن يئس منه تيمم في أوله  وإن لم يكن عنده منه علم تيمم في وســــطه  وكذلك إن خاف  أن لا يدرك الماء في الوقت ورجا أن يدركه فيه تيمم من هؤلاء ثم أصاب الماء في الوقت بعد أن صلى  فأما المريض الذي لم يجد من يناوله إياه فليعد وكذلك الخائف من سباع ونحوها وكذلك المسافر الذي يخاف أن لا يدرك المــاء الوقت ويرجو أن يدركه فيه وليعيد غير هؤلاء  ويصلي صلاتين بتيمم واحد من هولاء إلا مريض لا يقدر على مــــــس الماء  لضـرر بجسمه مقيم وقد قيل يتيمم لكل صلاة وقد روي عن مالك فيمن ذكر صلوات  أو يصليها بتيمم واحد  بالصعيد الطاهر وهو ما ظهر على وجه الأرض منها من تراب أو رمل أو حجارة  وسبخة  يضرب بيديه الأرض فإن تعلق بهما شيء نفضهما نفضا خفيفا  ثم يمسح بهما وجهه كله مسحا ثم يضرب بيديه الأرض  فيمسـح يمناه  بيسراه  يجعل أصابع يده اليسرى على أطراف أصابع يده اليمني  ثم يمر أصابعه على ظاهر يده وذراعه  وقد حني عليه أصابعه حتى يبلغ المرفقين يجعل كفه على باطن ذراعه من طي مرفقه قابضا عليه حتى يبلغ الكوع  من يده اليمنى ثم يجري  باطن بهمه  على ظاهر بهم يده اليمنى  هكذا إذا بلغ الكوع مسـح كفه اليمنى بكفه اليسرى إلى آخر أطرافه ولو مسح اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى كيف يشاء وتيســر عليه   وأوعب المسح لأجزاه وإذا لم يجد الجنب أو الحائض الماء للطهر تيمما وصليا فإذا وجدا الماء تطهـرا ولم يعيدا ما صليا ولا يطأ الرجل إمرأته التي  انقطع عنها دم الحيض أو النفاس  بالتطهر بالتيمم حتى تجد من المـاء  ما تتطهر به المرأة ثم يتطهران به جميعا وفي باب جامع الصلاة شيء من مسائل التيمم.

باب في المسح
على الخفين

      وله أن يمسح على الخفين في الحضر والسفر ما لم ينزعهما  إذا ادخل فيهما رجليه بعد أن غسلهما  في وضوء تحل به الصلاة فهذا الذي إذا حدث وتوضأ مسح عليهما  وإلا فلا وصفة المسح أن يجعل يده اليمني من فوق الخف من طرف الإصبع ويده اليسرى من تحت ذلك ثم يذهب بيديه إلى الكعبين  كذلك  يفعل باليسرى  يجعل يده اليسرى من فوقها  واليمنى من أسفلها  ولا يمسح على طين  من أسفل خفه  أو روث دابة حتى يزيله بمسح أو غسل  وقيل  يبدأ في مسح أسفله من الكعبين  إلى إطراف الأصابع  لئلا يصل إلى عقب خفه شيء من رطوبة ما مسح من خفيه من القشب وإن كان في أسفله طين فلا يمسح حتى يزيله.


 

أهلُ الثناء المحمود

تحريم نداء النبي  بأسمائه

 قال أبو النعيم ومن خصائصه: تحريم ندائه بأسمائه، على الأمة، بخلاف سائر الأنبياء فإن أممهم كانت تخاطبهم بأسمائهم، قال تعالى: حكاية عنهم {قالوا يا موسى اجعل لنا آلهةً كما لهم آلهةً} وقال تعالى : {إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم} وقال تعالى لهذه الأمة {لا تجعلوا دعاء الرسول كدعاء بعضكم بعضاً} وأخرج أبو نعيم عن طريق الضحاك عن إبن عباس في الآية قالوا كانوا يقولون : يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم اللَّه عن ذلك إعظاماً لنبيه فقالوا : يا نبي الله، يا رسول الله� وأخرج عن قتاده في الآية : قال أمر الله أن يهاب نبيه وأن يعظم ويفخم ويسود.