قصص
كان
الخليفة
الأموي
سليمان بن عبد
الملك بن مروان
في مجلسه
عندما طلب
الإذن عليه
رجل من عبس
فأذن له، فإذا
هو شاب وسيم
الوجه حلو
الملبس حاضر
الذهن، رابض
الجأش أقبل
فوقف بين يدي
سليمان وسلم
سلاما جيدا،
فقال له
سليمان: ما
اسمك يا فتى؟
قال: سليمان.
قال ابن من؟
قال سليمان بن
عبد الملك. فظهر
الضيق على وجه
الخليفة
وأشاح عنه
وجعل يتكلم مع
الآخرين..
تاركا الفتى
واقف.. فقال له الفتى: يا أمير المؤمنين، لا عدمت اسمك،
ولا شقي اسم يوافق اسمك، فارض يا أمير المؤمنين، فإنما أنا سيف بيدك، إن ضربت به
قطعت، وإن أمرتني أطعت، وسهم في كنانتك أشتد إن أرسلت، وأستد إن وجهت، فاستراح
سليمان لفصاحة الفتى، وأحب أن يختبره فقال: يا فتى، ماذا تقول إذا لقيت عدوا؟ قال:
أقول: حسبي الله ونعم الوكيل ! فامتعض سليمان وقال: أكنت مكتفيا بذلك دون ضرب
ومقاومة؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنما سألتني ماذا أقول لو لقيت عدوا فأخبرتك، ولو
سألتني ماذا تفعل؟ لقلت إنه لو كان ذلك لضربت بالسيف حتى يتعقف، ولطعنت بالرمح حتى
يتقصف ! فأعجب سليمان وأمر له بمكافأة وأسند إليه عملا جيد.
*********
روي أن
الأمير الفضل
بن يحيى بن
خالد البرمكي كان
في مجلسه
عندما قال له
الحاجب إن
بالباب رجلا
ألح في الدخول
وزعم أن له
يدا يمت بها
إلى الأمير،
فعجب الفضل
وقال له ائذن
له. فدخل رجل
وسيم الوجه رث
الثياب فسلم
فأحسن. فأومأ
الفضل إليه
بالجلوس وجعل يتأمله
ثم قال له: ما
حاجتك؟ قال:
أما حاجتي فتفصح
عنها رثاثة
ملبسي، وضعف
طاقتي! قال له
الفضل، أما
زعمت أن لك
يدا تمت بها
إلينا؟ فما
هي؟ قال:
ولادة تقرب من
ولادتك،
وجوار يدنو من
جوارك، واسم
مشتق من
اسمك. فقال
الفضل أما
الجوار فيمكن
أن يكون كما
ذكرت، وأما
الاسم فيمكن
أن يوافق
الاسم. ولكن
ما علمك
بالولادة؟
قال الرجل:
أيها الأمير،
أعلمتني أمي
أنها لما
وضعتني قيل
إنه ولد في
نفس الليلة ليحيى
بن خالد ولد
فأسماه الفضل
فسمتني أمي فضيلا
إعظاما لاسمك
أن تلحقني
به. فتبسم
الفضل وقال:
وكم أتى عليك
من السنين؟
قال: خمس وثلاثون
سنة وثلاثة
أشهر ويومان.
قال الفضل:
صدقت، فهذا
سني تمام.
فماذا فعلت
أمك؟ قال توفيت
إلى رحمة الله
إن شاء الله.
قال الفضل فما
منعك من
اللحوق بنا
فيما مضى؟ قال
لم أرضى لنفسي
لقاء الأمير،
إذ كانت نفسي
في عامية، وحداثة
تقعدني من
لقاء الملوك. قال
الفضل: يا غلام أعطه لكل عام مضى من عمره ألف درهم وأعطه من كسوتنا ومن مركبنا ما
يصلح له، فأخذ ما أمر له به وأنصرف.
*********
روي أن
معن بن
زائدة
الشيباني
كان
على صلة
بشاعر
كان يغشى مجلسه
مواظبا عليه
(قيل هو
الحسين بن
مطير) بيد أنه
انقطع عن
المجلس أياما
ثم حضر فقال
له معن: ما
الذي أبطأ بك
عنا؟ قال:
ولد لي مولود
فانشغـلت به.
قال فما
أسميته؟ فقال
مرتجلا:
سميته معنا
بمعن وقلت لـه
هذا سمي
عقيد المجد
والجود
فضحك معن
وقال لخازنه
أعطه ألف
دينار. وقال
للشاعر هلا
أسمعتنا بيتا
آخر؟ فقال:
سما بجودك
جود الناس
كلهـم
فصار جودك
محراب
الأجاويد
قال معن
لخازنه:
وأمرنا له
بألف ثانية.
هلا أسمعتنا بيتا
ثالثا؟ فقال:
أنت الجواد
ومنك الجود
أوله
فإن فقدت
فما جود
بموجـود
فقال معن
للخازن
وأمرنا له
بألف ثالثة،
هلا أسمعتنا
بيت آخر؟
فقال:
من نور وجهك
تضحي الأرض
مشرقة
ومن بنابك
يجري الـماء فـي
العـود
قال معن
للخازن
وأمرنا له
بألف رابعة
فليتك تنشدنا
بيتا خامسا
فتحفز الشاعر
للإنشاد لولا
أن أقبل له
الخازن وهمس
له في أذنه
قائلا: ناشدتك
الله ألا تنشد
فوالله لا
يبقى عندنا
بعد الذي
تأخذه إلا شيِ
يسير ! فأمسك
الشاعر وأخذ
ما أمر له به
معن!
*********
يحكى أن
عبيد الله بن
عباس خرج يوما
يسير في بعض
طرقات
المدينة و كان
وسيما فأقبل
عليه أعرابي
ليس من
المدينة،
فقال أيها
الرجل إني
عابر سبيل نفد
زادي و مالي
قال: ما حملت
معي مالا
لأعطيك. قال
الأعرابي:
ألست من هذه
البلدة التي
منها عبيد
الله بن عباس؟
قال بلى.
قال إن عبيد
الله أعطى
سائلا يوما ألف
درهم واعتذر
له عن قلتها!
قال عبيد
الله: و أين أنا
من عبيد الله؟
قال الأعرابي:
إن كان عن الحسب
فإن حسب المرء
خلقه. وإن
كان عن المال
فمن جاد بما
يستطيع كان
جوادا ثم
تصادف أن أقبل
خادم عبيد
الله بنفقة
فقال له عبيد
الله كم معك؟
قال ألفا
درهم، قال
أعطهما لهذا
الرجل. فأعطاهما
إياه و اعتذر
له عبيد الله
أن ذلك ما
توفر فقال
الأعرابي و
الله إن لم
تكن عبيد الله
فأنت خير منه،
و إن كنت أنت
عبيد الله فإنك
اليوم خير منك
بالأمس!
نفحات وعبر
ذكـاء
أسيـر
يروى أن
مصعب بن
الزبير - أخا
عبد الله بن
الزبير بن
العوام- كان
يقاتل
المختار بن
عبيد، وكان مع
المختار رجل
شجاع فجاهد
جيش مصعب في
الإيقاع به،
وبالفعل تمكنوا
من أسره،
وقادوه إلى
مصعب، ففرح
مصعب بالقبض
عليه، وأمر
بضرب رقبته،
فقال الرجل في
رباطة جأش
وثبات:
أيها
الأمير، ما
أقبح أن أقوم
يوم القيامة
إلى صورتك
الحسنة
فأتعلق
بأطرافك
وأقول: يا رب سل
مصعبا فيم
قتلني، فقال مصعب
أطلقوا سبيله
! فقال الرجل
أيها الأمير
أما وقد وهبت
لي ما بقي من
عمري، فاجعل
هذه البقية من
عمري في خفض.
فقال مصعب
لخازنه: أمرنا
له بمائة ألف
درهم ! فهتف
الرجل قائلا:
بأبي أنت وأمي
! أشهدك أن نصف
هذا المال
لابن قيس
الرقيات،
لقوله:
إنما مصعب
شهاب من الله تجلت
عن وجهه
الظلمات
فضحك مصعب
وقال: لقد
تلطفت، وإني
أرى أن فيك موضعا
للصنيعة،
فأبق عليك
مالك. ثم أمر
لابن قيس
الرقيات
بخمسين ألفا !
*********
أعطى رجلا
للإمام
الشافعي ورقة
مكتوبا فيها: لي
خالة و أنا
خاله.. و لي
عمة و أنا
عمه.. فأما
التي أنا عم
لها فإن أبي،
أمه أمه.. و
أبوها أخي، و
أخوها أبي على
سنة قد جرى
رسمها و أما
التي أنا خال
لها فإن أبا
الأم، جد
له.. و لسنا مجوسا و لا مشركين بل سنة الحق نأتيه.
فأين
الإمام الذي
عنده علم
المناكح
فيبين لنا
أنسابنا؟
فلما قرأها
قال له سأمهل
الإمام شهرا
فتفكر الإمام
برهة ثم رفع
فقال: بل خذ
الإجابة
الآن.. ثم قال:
القائل لهذه
المسألة
تزوجت جدته
لأبيه بأخيه
لأمه.. و
تزوجت أخته
لأبيه بأبي
أمه.. و
ولدت..
فبنت جدته
عمته و هو
عمه.. و بنت
أخته خالته و
هو خال له..
أمثال
وحكم
علي
الكسائي وأبو
يوسف
يروى أن
قاضي القضاة
أبا يوسف وهو
من أصحاب الإمام
أبي حنيفة
-رحمهما الله-
دخل ذات يوم
على الخليفة
العباسي
هارون الرشيد
فوجد عنده أبا
الحسن عليا بن
حمزة الكسائي
عالم اللغة المعروف..
فقال ممازحا:
يا أمير
المؤمنين ما زال
هذا الرجل
يتشرف بمجلسك
ويستأثر به
وليس عنده من
العلم إلا
النحو ! فقال
الكسائي: يا أمير
المؤمنين إن
أذنت أن أسال
أبا يوسف سؤالا
في الفقه
ويسألني هو
سؤالا في
الفقه أيضا على
ألا أجيبه إلا
من فقه اللغة
فعلت إن شاء
الله !
فضحك الرشيد
وقال له لقد
تعديت طورك..
ولكني أذنت !
فتوجه أبو
يوسف بالسؤال
إلى الكسائي
وقال له: رجل
يصلي الظهر
فسها عن إحدى
سنن الصلاة
فسجد سجدتي
سهو.. ولكنه
سها أيضا في
هاتين
السجدتين..
فهل يسجد
سجدتين أخريين
لهذا السهو
الأخير؟ قال
الكسائي: كلا
لا يسجد قال
ولم؟ قال لأن
القاعدة
عندنا أن
المصغر لا
يصغر ! قال
صدقت.. ثم
توجه الكسائي
إلى أبي يوسف
بالسؤال فقال:
يا أبا يوسف،
رجل قال
لزوجته أنت
طالق أن خرجت
فهل تطلق؟ قال
أبو يوسف نعم
إن خرجت فهي
طالق.. قال
أخطأت ! قال لم؟
قال الكسائي: أنت طالق أن خرجت بفتح همزة أن تجعل الطلاق واقعا في
الحال سواء خرجـت بعد كلام زوجها أم لم تخـرج، لأن المعنى كأنه يقول لها أنت
طالق لأنك خرجت! أما إن قـال لها أنت طالق إن خرجت بكسر الهمزة إن فلا يقع
الطلاق إلا إذا خرجت ! فقال أبو يوسف قاتل الله من لا علم له باللغة وعكف على اللغة
وعلومها عدة أشهر حتى أتقنه.
*********
بنت حاتم
الأصم
أراد حاتم
الخروج للحج
فتعلقت به
زوجته و أبناؤه
أن يتركهم و
ليس لديهم مطعم
و لا مشرب إلا
أصغر أولاده و
هي طفلة لم تشترك
معهم فعنفتها
أمها فقالت:
يا أماه، إن
كنتم تظنون أن
أبي هو الرزاق
فتمسكوا، و إن
علمتم أن
الرزاق هو
الله فدعوا
المرزوق يحج!
و خرج حاتم
لوجهه. و
تصادف أن أمير
البلدة خرج
لصيد و انقطع
عن حاشيته
واستبد به
الظمأ فطرق
بيتا، وهو بيت
حاتم، فخرجت
الطفلة نفسها
فسألها
عن ماء وهي لا
تعرفه
فأجابته إجابة
طيبة ثم
أحضرت له
ماء
باردا، فارتوى
وكانت حاشيته
أدركته فأمر
للفتاة بأربعمائة
دينار ففرحت
الأسرة أما
الطفلة فانطلقت
بالبكاء
فعجبت أمها
وقالت لم
تبكين و قد اغتنينا؟
قالت: إن
عبدا نظر
إلينا
فأغنانا فما
بالك لو نظر
الله إلينا؟!
عذب الحديث
هم الأحبة
إن جاروا وإن
عـدلــوا
وكل شيء
سواهم لي بــــه بدل
إني وإن
فتتوا في حبـهـم
كـبـدى
شربت كاس
الهوى العذرى
عن طمأ
فليت شعرى
والدنيا
مفرقـــــة
هل ترجع
الدار بعد
البعد آنســـة
يا ظاعنين
بقلبى إينما
ظعنــــوا
ترفقوا
بفؤادي في
هوادجكــــم
فو الذي حجت
الزوار كـعـبـتـه
لقد جرى
حبكم مجرى دمى
فـدمى
لم أنس ليلة
فارقت الفريق
وقـــد
لما تراءت
لهم نار بذى
سلــــم
لا دَرَّ
دَرُّ
المطايا
إينما ذهــبــت
فليس لي
معدل عنهـم وإن
عذلـوا
منهم وما لي
بهم من غيرهــم
بدل
باقٍ على
ودهم راضٍ بما
فعـلـوا
ولذا لي في
الغرام العل
والنـهــل
بين الرفـاق
وأيـام الـورى
دول
وهل تعود
لنا أيامـنــــا
الأول
ونازلين
بقلبى أينما
نزلـــــوا
راحت به يوم
راحت بالهوى
الإبل
ومن ألم بها
يدعو ويبتهــــل
بعد التفرق
في أطلالكم طــــل
عاقوا
الحبيب عن
التوديع
وارتحلوا
ساروا
فمنقطع عنـهـا
ومتصـل
إن لم تنخ
حيث لا تثنى
لها العـقل
ديوان
البرعي
|