رايات العز تحمل نسمات التصوف إلى أهالي نيروبي وممباسا في كينيا

بعد عودة رايات العز من جنوب شرق آسيا وظهر للجميع فضل التصوف الإسلامي في نشر الدعوة السمحة بين أبناء القارة الآسيوية كان التوجه إلى القارة السمراء حيث قامت رايات العز بالتوجه إلى كينيا وحطت الطائرة في مطارجومو كينياتا في نيروبي وتلاقينا مع الوجوه الكينية السمحة التي تلقاك بكل ترحاب مع اختلاط أجناسها وألوانها ولغاتها ولكن هذا الوجه الإفريقي الملامح المبتسم دائما يرحب بك في تودد وتلقائية مع أن هناك الخليــط من الهنود والعرب الذين وفدوا من مسقط وعمان إبان حكــم السلطان سعيد لجزيرة زنجبار ولكن يجمع الكل الآن أنهم ولدوا هنا بل أن البعض قد ولد الآباء والأجداد على تلك الأرض وتجمعهم اللغة السواحلية في ثوب واحد على اإختلاف ألوانهم.


مسجد بن علي شاه

وبعد زيارة مسجد سيدي إمتياز علي شاه وإلقاء المحاضرات به بدأت الطلبات تتوالى على رايات العز من المساجد الأخرى وذهبنا إلى مسجد بنجابي، وجوه من باكستان عاشت على التراب الإفريقي وذابت جنسيتها مع حرارة الشمس ليصبحوا أفارقة الطبع والعادات مع الإحتفاظ بالثياب وكانت المحاضرة عن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم واحترامه وتوقيره وكيف أن الله صار لايستجيب لدعاء الأمة بعد أن تداعت عليها الأمم كما تتداعى الأكلة على القصعة لعدم التعزيروالتوقير للحبيب المصطفى فشم الناس أريج الدين القيم الذي كان عليه الأجداد وغيّره الأحفاد باتباع قلة انحرفت عن الطريق السوي .


مسجد بنجابي

ثم التقينا ببعض أئمة المساجد الذين أرادوا ازدياد المعرفة من علوم سيدي فخر الدين مولانا الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه وتوالت المحاضرات وصلوات الجمعة بباقي مساجد نيروبي حيث كان الخطاب للعامة يدور في فلك الحبيب المصطفى وان معرفة حقيقة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عجز عنها سائر  البرية. وقد قال صلى الله عليه وسلم (يا أبا بكر والذى بعثنى بالحق بشيراً ونذيراً لم يعلم حقيقتى غير ربى). فهو صلى الله عليه وسلم طلسمُ السر المكنون لا يطَّلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى. وما أدرك  المسلمون إلا ظاهر صورته المحمدية. وهى التى عبَّر عنها سيدى أويس القرنى بالظل. أما حقيقته وسرُّه صلى الله عليه وآله وسلم فهو  أمر انفرد به الحق عز وجل.

ثم توجه وفد رايات العز إلى ممباسا الميناء الكيني على المحيط الهندي وفي الطريق توقف الركب في إحدى المساجد لأداء فريضة الظهر وقام إمام المسجد بعد الصلاة مباشرة للترحيب بالوفد وطلب محاضرة ولو لخمس دقائق فكان الحديث كالعادة عن الحبيب و أن أجداد النبي صلى اللّه عليه وسلم كانوا مسلمين لا مشركين لأنهم كانوا يعبدون اللّه على شريعة إبراهيم، وليس نقل هذا القول مقصوراً على الرافضة فقط، كما نقله بعض الفقهاء عن أبي حيان في تفسير قوله تعالى: {وتقلبك في الساجدين} وعلى فرض نقله عنهم وحدهم فإنه لا يضر في الموضوع، لأنهم نقلوا مسألة تاريخية يؤيدها العقل والمنطق السليم، على أن هذا القول منقول عن كثير من المؤرخين وشراح الحديث والمفسرين عند قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه} فإنهم قالوا: إنه عمه لأن أجداد النبيّ جميعهم موحدون نعم نقل عن بعضهم أنه تأثر ببعض عادات قومه ولكن في غير التوحيد، وسبب ذلك ضياع شريعة إبراهيم من بينهم ولو أنها وجدت لاستمسكوا بها جميعاً أصولاً وفروع.


مسجد الشيخ جندان

وعند وصولنا إلى ممباسا كان أول لقاء في مسجد سيدي الشيخ جندان وكانت الحفاوة بالغة حيث تجمع المئات الذين أتوا ليتنفسوا عبير التصوف الذي كاد أن ينمحي كما محيت آثار الصالحين من مساجدهم وهدمت القباب ونبشت القبور تحت شعارمحاربة الشرك وكان مقام الشيخ جندان الذي أخفيت معالمه أكبر دليل على ذلك وكانت المحاضرة عن حب الصالحين والتبرك بهم كما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم وكيف أن حب الكلب للصالحين في قصة أهل الكهف جعله من الصالحين ويدخل الجنة مع أن بني جنسه يكونوا ترابا يوم الحساب.


مسجد الشيخ السقاف

وفي مسجد الشيخ السقاف كان الحديث عن توسل الأمم السابقة بالحبيب كماأخرج البخاري عن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو فقلت له أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولاغليظ ولاصخاب في الأسواق،ولايجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لاإله إلا الله، وويفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلف. وأخرج الطبراني وأبونعيم من طريق شرحبيل بن السمط عن سلمان الفارسي قال  (خرجت أبتغي الدين فوافقت في الرهبان بقايا أهل الكتاب فكانوا يقولون هذا زمان نبي قد أظل يخرج من أرض العرب له علامات من ذلك شامة مدورة بين كتفيه خاتم النبوة) وأخرج الحاكم والبيهقي عن بن عباس قال ( كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلما التقوا هزمت يهود خيبر فعاذت اليهود بهذا الدعاء اللهم انا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان ألا نصرتنا عليهم، فهزموا غطفان فلما بعث النبي كفروا به فأنزل الله قوله تعالى وكانوا من قبل يستفتحون به).


المسجد الأزهر

وكان الحديث بالجامع الأزهر في ممباسا عن مشروعية عمل المولد النبوي الشريف وكان الكلام من شواهد الإمام القسطلاني بأن ليلة مولده أفضل من ليلة القدر من وجوه ثلاثة:أحدها: ان ليلة المولد ليلة ظهوره  ، وليلة القدر معطاة له وما شرف بظهور ذات المشرف من أجله أشرف مما شرف بسبب ما أعطيه، ولا نزاع في ذلك، فكانت ليلة المولد بهذا الاعتبار أفضل، الثاني: أن ليلة القدر شرفت بنزول الملائكة فيها، وليلة المولد شرفت بظهوره فيه. ومن شرفت به ليلة المولد أفضل ممن شرفت بهم ليلة القدر، على الأصح المرتضى، فتكون ليلة المولد أفضل،الثالث : أن ليلة القدر وقع التفضل فيها على أمة محمد، وليلة المولد الشريف وقع التفضل فيها على سائر الموجودات فهو الذي بعثه الله عز وجل رحمة للعالمين، فعمت به النعمة على جميع الخلائق، فكانت ليلة المولد أعم نفعا، فكانت أفضل، فيا شهراً ما أشرفه وأوفر حرمة لياليه، كأنها لآلئ في العقود، ويا وجهاً ما أشرفه من مولود فسبحان من جعل مولده للقلوب ربيعاً وحسنه بديع.


المسجد الجامع

وكان الحديث في المسجد الجامع ومسجد السيدة سكينة عن وجوب حب النبي صلى الله عليه وسلم والإشتياق إليه كما حدث مع جذع النخلة فما بال البشرلايحنون ولايشتاقون فكما ورد حدثنا محمد بن يحيى عن سفيان عن أبي موسى عن الحسن قال (كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مربدا لغلامين من الأنصار يقال لهما سهل وسهيل فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم أعجبه فكلم عمهما وكانا في حجره أن يبتاعه منهما فطلبه عمه منهما فقالا وما تصنع به فلم يجد بدا من أن يخبرهما فأخبرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراده فقالا نحن نعطيه اياه فأعطياه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبناه وقال الحسن فأدركت فيه أصول النخل غلاب يعني غلاظا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمع الى جذع منها ويسند اليه ظهره ولا يصل اليه فلما اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وجلس عليه حن الجذع كما يحن البعير فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهداه ومسه حتى سكن) فقال الحسن فيا سبحان الله هذا جذع يحن الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بنا ونحن ناس.


مسجد طاهر شيخ سعيد

واما في مسجد طاهر شيخ سعيد وهو من أحد كبار المحسنين الذين عمروا مساجد الله بالبنيان وجلب العلماء كان الحديث عن أهل بيت الحبيب وكيف أن الناس تناسوا الأحاديث الكثيرة فيهم وتغافلوا عنها بالرغم من كثرتها كما أخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لكم فرط وإنكم واردون علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين قيل: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الأكبر كتاب الله عز وجل. سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به لن تزالوا ولا تضلوا، والأصغر عترتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، وسألت لهما ذاك ربي فلا تقدموهما لتهلكوا، ولا تعلموهما فإنهما أعلم منكم) .

وأخرج ابن سعد وأحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''(أيها الناس إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي أمرين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض). وغير هذا الكثير والكثير.


مسجد السيدة سكينة

وكان اللقاء الختامي مسك الختام عن المدينة المنورة وفضلها لأن الناس قد يتغافلون عن زيارتها في فريضة الحج وهي دعوى باطلة كفانا الله شرها فكما حدث محمد بن يوسف عن أبو قرة قال ذكر ابن ابي ذئب سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى سعد بن أبي وقاص بأصل الحرة ثم بيوت السقيا ثم قال اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك دعاك لأهل مكة وإن محمد اعبدك ونبيك ورسولك دعاك لأهل المدينة بمثل ما دعاك به إبراهيم عليه السلام لأهل مكة يدعوك أن تبارك لهم في صاعهم وفي مدهم وفي ثمارهم اللهم حبب الينا المدينة كما حببت الينا مكة واجعل ما بها من الوباء بخم اللهم قد حرمت لا بتيها كما حرمت على لسان إبراهيم عليه السلام الحرم

وبعد ذلك توجه ركب رايات العز إلى تنزانيا في تواصل مع الصوفية والتصوف وننتهز الفرصة لتقديم الشكر لكل أئمة المساجد ومشايخ الطرق الصوفية القادرية والشاذلية الذين وسعونا بكرم أخلاقهم وكرم موائدهم أدام الله رايات التصوف خفاقة عالية وأدام الله رايات العز في خدمة أهل الله في المشارق والمغارب.


مسجد السنة