من وحي علموا عني -
8
طلـب
العلـم
حدث أن نزل
ضيفا بالإمام
أحمد بن حنبل
رضى الله عنه
فى ليلة من
الليالى
فآواه وأكرمه
ثم سأله عن
سبب زيارته
فقال له إنى
طالب علم ، ثم
دخل هذا الضيف
ونام حتى مطلع
الشمس فأيقظه الإمام
فنام ثانية
فأيقظه ثانية
فنام للمرة الثالثة
حتى استوت
الشمس فى
الأفق ،
فأيقظه الإمام
قائلا كيف
تطلب العلم
وليس عندك عمل
ثم طرده
الإمام
.والساده
الصوفية
شيمتهم الخفاء ، إن
الله سبحانه
وتعالى يحب من
عباده
الأتقياء
الأخفياء
الذين إذا
حضروا لم يعرفوا
وإذا غابوا لم
يفتقدوا ،
ولذلك إذا
نطقوا بالعلم
تكلموا
بالقدر الذى
لا يشير بأنهم
علماء .وكذلك فالوقت عندهم أغلى شىء لأنه : من جهل
حاله جهل وقته . ومن
جهل وقته جهل
نفسه . ومن جهل نفسه فقد جهل ربه .
ويقول صلى
الله عليه
وسلم ( من عرف
نفسه فقد عرف
ربه ) .وقد روى
عن الاصمعى
أنه مر بصبيان
يلعبون فوجد
بينهم صبيا لا
يتجاوز من
العمر ست سنين
يبكى فظن أن
هذا الطفل
الباكى من
أيتام
المدينة
فأراد إسكاته
فسأله لماذا
لا تلعب يابنى
؟ فسكت الصبى وكرر عليه السؤال
ثلاث مرات فقال الصبى : ياعماه ما خلقنا للعب
. فبكى كثيرا الاصمعى ثم قال للصبى
أنت صغير وما عليك حساب
. فقال له الصبى : لقد رايت أمى توقد الحطب الصغير وتضع
عليه الحطب الكبير. فبكى
الاصمعى
بكاءا شديدا
وقال له يابنى
ألا تريد أن تعمل
شيئا فى عمرك
؟
فقال الصبى
: لقد عرفت أن الساعة من عمرى
أغلى من الدنيا وما عليها فاردت أن أصرف عمرى فى الشىء الذى هو أغلى من
الدنيا وما فيه. فعرف الاصمعى من شواهد كلام هذا الصبي أنه
غير عادى فسأله ليتعــرف عليه وقال له ما إسمك؟ فقال الصبى: أنا على بن الإمام
الحسين فهو سيدى على زين العابدين رضى الله عنهم أجمعين زين العباد زين السجاد جد
الأشراف.
حقا إن
الله
يعلم حيث
يجعل رسالته
.ولنرجع إلى
ما كنا بصدده
وهو أن للدين
مراتب ثلاث هى
: (الإسلام
والإيمان والإحسان)
وتلك تسميتها
فى المصطلح
العام وردت
بذلك أحاديث
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم ، أما
تسميتها فى
المصطلح
المصحفى فهى
مراتب علم
اليقين وعين
اليقين وحق
اليقين . قال
تعالى {كلا لو
تعلمون علم
اليقين
لترّون الجحيم
� ثم لترونها عين اليقين} .
وقوله
تعالى {إن هذا
لهو حق اليقين
}. وهى العلوم
الثلاثة التى
ذكر رسول الله
صلى الله عليه
وسلم أن
المولى عز وجل
قد علـمه
إياها عند
عروجه صلى
الله عليه
وسلم فى ليلة
الإسراء
والمعراج فقد
ورد عنه صلى
الله عليه
وسلم إنه قال:
( أوتيت
ليلة أسرى بى
ثلاثة علوم ،
فعلم أمرت
بتبليغه ،
وعلم خُيرت
فيه وعلم أمرت
بكتمانه ) -
الحديث أورده
سيدى عبد
الكريم
الجيلى فى
كتاب الإنسان
الكامل
.وسنده في التفسير الكبير للثعلبي.
بالحقائق
ناطقين
الشِعبــان
الشائع بين
الأمم
والأفراد إن
لكل منهم يوم
أو شهر ذو مكانة.
يوم أو شهر من
شهور السنة ذو
مكانة فائقة
في داخله ولكن
في البلاد
الإسلامية
الكل يتفق
ويتوحد في
الابتهاج
بوتيرة واحدة
بقدوم شهر رجب
وشعبان
ورمضان لأنها
شهور أو قل
مناسبات ذات
مذاق خاص ولها
بُعد روحي
كبير في الوجدان
مما تطغيه على
الفرد من
حيوية ونشاط
ومباهج الفرح
وكل هذا يعود
للمضمون
القويم العظيم
السامي لتلكم
الأشهر
ومضامينها
ذات الأبعاد
الممتدة.
ونستشهد هنا
بقوله صلى
الله عليه
وسلم : (رجب شهر
الله وشعبان
شهري ورمضان
شهر أمتي)
فكان رجب
إشارة للجلال
الإلهي
وشعبان إشارة
للجمال
النبوي
ورمضان إشارة
للإجتهاد واللحاق
بركب
السائرين في
طريق الله
ورسوله وآل
بيته وصحابته
والتابعين.
واليوم نورد حديثنا
عن شهر الجمال
النبوي شهر
سيدنا رسول الله
صلى الله عليه
وسلم شعبان
العظيم
الرحيم لما
يحتمل في
طياته من
معانٍ جلل
ففيه تمّ تغيير
القِبلة من
المسجد
الأقصى إلى
الكعبة المشرفة
امتثالاً
وتحقيقاً
لرغبة الحبيب
المصطفى صلى
الله عليه
وسلم. قال
تعال :
{ولنولينك قبلة
ترضاها} مع
العلم بأن كل
الأنبياء
بعلو قدرهم
وعظمة شأنهم
كانوا يطلبون
رضاء الله ويسعون
لذلك كما قال
سيدنا موسى
عليه السلام :
(عجلت إليك
ربي لترضى)
ولكن الحال
اختلف مع سيدنا
محمد صلى الله
عليه وسلم إذ
نجد أن المولى
جلَّ وعلا قام
بإرضائه قال
تعالى : {ولسوف
يعطيك ربك
فترضى}.
فعملية تحويل
القبلة التي
تمت في شهر
شعبان فيها
امتحان
للقلوب من
النفاق فمنهم
من يتعلق
بقبلته
الأولى ويقول
لا أغير قبلتي
ومنهم من
ينصاع للقبلة
المختارة بطيب
خاطر وكمال
تسليم لأن
المحب حقاً
يرى حبيبه في
كل قبلة فيحسن
القصد إليه
ويقوم بالتسليم
له ويتوكل
عليه. وهنا
أصبح الشِّعب
شِعبان ، إما
شِعب رسول
الله صلى الله
عليه وسلم أو
شِعب
المتخلفين عن
الركب. قال
الشيخ محمد عثمان
عبده
البرهاني رضي
الله عنه :
وليس إلى
السماءِ بل في
السماء وقيل فولِّ
بعد إن
ارتضاهــا
وكل
الكون
من عـــالٍ
ودانٍ بمحمود
الطليعةِ قـد
تبــاهى
ولو
قال
السَّـفيه
لِمّ التـــولي فمغـرب
طلعة
الإشراقِ
طــه
وكذلك الحال تماماً في التصوف فتغيير القِبلة والتسليم للقبلة المختارة
إشارة لانتقال الشيخ والتسليم التام للخليفة المختار مسبقاً ، فأما من سلّم وتوجه
إلى القبلة المختارة (الخليفة) كان من الشِعب الناجي ، وأما من تخلف وأبى كان من
الشِعب الهالك.
هاديه
الشلالي
|