قصص
بعد يوم حافل بالأعمال الإلهية وضع الحبيب المصطفى نعليه عند رجليه ثم
وضع رداءه حتى بسط إزاره على فراشه وكان ذلك فى منزل السيدة عائشة وبعد لحظات تسلل
رويدا رويدا حتى لا يزعج الحبيبة ظنا منه أنها رقدت فانعل نعله وتناول ازاره
والتحف بردائه وخرج خفية رويدا رويد.. فتقنعت السيدة عائشة وانطلقت فى أثر الحبيب..
ترى أين يذهب فى هذه الساعة؟ هل إلى منزل آخر غير منزلها أم هناك شئ جم.. وتتابعت
لهفة خطى الزوجة على الزوج بل على الحبيب بل على الرسول أين سيذهب؟ وظلت فى أثره
حتى أتى بقيع الغرقد وهناك فى مثل هذه الساعة من الليل رفع الحبيب يده ثلاث مرات
بل أطال القيام وبعد برهة انحرف الحبيب وبالشوق انحرفت خلفه الحبيبة ثم أسرع
فأسرعت بالتبعية ثم هرول فهرولت ثم أحضر فأحضرت فلما انتهى من زيارته قف راجعا
فسبقته الزوجة الشغوفة ودخلت بيتها وعانقت مخدعها، فلما دخل الرفيق سمع دقات تصدر
من بين الضلوع فاستفسر مستعجبا: مالك ياعائشة حشيا رابية؟ فقلت لاشىء، وهنا يتجلى
الحبيب ليعلن عن مدى قربه بحبيبه ويبادرها القول: أتخبريننى أو ليخبرنى اللطيف
الخبير؟ فقالت: يارسول الله فداك أبى وأمى.. واظهرت مدى قلقها عليه وشوقها لمعرفة
ما يدور حوله.. ومرة أخرى يظهر الحبيب لها احساسه بها فيقول لها: أنت السواد الذى
رأيته أمامى؟ أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله، فقالت: مهما يكتم الناس فقد علم
الله.. ثم بدأ الحبيب بسرد أحداث تلك الليلة بقوله: لقد آتانى جبريل حين رأيتينى
ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك فنادانى وتوارى منك فأجبته وأخفيته منك وقد ظننت
أنك قد رقدت وكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشى.. فأمرنى أن آتى أهل البقيع لأستغفر
لهم وأترحم عليهم.. فيا حظهم من استغفاره ورحمته وهم أهل له.. شملنا الله تحت
سماء عرشه رحمته واستغفاره
*********
أروقة الأزهر
نشأت كلمة الأروقة بسبب شغل الطلبة لأروقة المسجد المحيطة بالصحن
وتوطنهم بها، وعلى كثرة ما كتب عن الجامع الأزهر قديما وحديثا فإن أحدا لم يعن
بتجديد تاريخ نشأة ما يعرف بأروقة الأزهر، أى إقـامة الطلبة فيه إقامة دائمة فى
مجموعات متجانسة بالنسبة للأقطار الخارجية كرواق الحيرت (بلد بالحبشة) والمغاربة
والشوام أو بالنسبة للجنس كالأكراد والبرابرة، أو بالنسبة إلى البلاد الداخلية
كرواق الشراقوة والفيومية والفشنية وما إليها، ولعل أقدم ما ذكر فى هذا الموضوع
يرجع إلى عهد الجبرتى فى القرن التاسع الهجرى عندما تكلم عن الفقراء الملازمين
للجامع الأزهر الذين بلغوا فى عهده 750 رجلا، ما بين عجم وغيرهم ومن أهل
ريف مصر، ولكل طائفة منهم رواق يعرف بهم، وصار أرباب الأموال وأهل البر
والصدقات يقصدون الجامع الأزهر بما يجودون به من الذهب والفضة إعانة للمجاورين على
التفرغ لعبادة الله تعالى.
ومما يقطع بأن هؤلاء المجاورين كانوا يقومون فى الأروقة إقامة دائمة،
النص الذى أورده المقريزى فى سياق كلامه على نظارة الجامع الأزهر، إذ يقول:
عندما ولى نظر الجامع الأمير سودوب القاضى حاجب الحجاب سنة 818 هـ، أمر
فى هذه السنة بإخراج المجاورين من الأزهر ومنعهم من الإقامة فيه وإخراج ما كان لهم
فيه من صناديق وخزائن وكراسى المصاحف - ويضيف المقريزى- فعانى الفقراء من ذلك بلاء
كبيرا، وهكذا نستطيع أن نؤكد أن نظام الأروقة قد نشأ فى الأزهر فعلى أقل تقدير فى
العصر المملوكى.
أما روق الصعايدة فهو أحدث نسبيا فهو يرجع إلى القرن الثانى عشر الهجرى
فقد أنشأه عبدالرحمن كتخدا سنة 1167 هـ عندما زاد فى مساحة الجامع خلف حائظ القبلة،
كما بنى لهم مدفنا فى النهاية الجنوبية لإيوان القبلة، وأمام المدفن
أنشأ رواقا خاصة بمجاورى أهل الصعيد المنقطعين للعلم بالأزهر وجعل
بهذا الرواق مرافق ومنافع ومطبخا وخزائن للكتب ومخادع، وبرغم حداثة هذا
الرواق إلا أنه كان من أشهر أروقة الأزهر، فقد كان له شيخ خاص وقد
استقـرت مشيخته لعدة قرون فى المشايخ العدوية (نسبة إلى بنى عدى) كما أوقفت
عليه كثير من الأوقاف.
نفحات وعبر
فصاحة منجية من الهلاك
إن من فصيح القول وطريفه ما ينجي صاحبه. من ذلك أن الحجاج بين يوسف
أمر بضبط كل من يوجد في الطريق بريبة في وقت متأخر من الليل واقتياده ليضرب عنقه! فعثر
الشرط على ثلاثة نفر بيد أن أولهم قال لرئيس الشرط أو لا تعرف ابن من أنا؟ قال ومن
عساه يكون أبوك؟ قال:
أنا ابن من دانت الرقـاب لـــه����� �� مـــا بين مخزومها
وهاشمها
تأتيه بالرغم وهي صـاغـــرة ���� �� يأخذ من مالها ومن دمــــها
فاضطرب الرجل مخافة أن يكون من قرابة الخليفة، فقال للثاني: ومن أنت؟
قال:
أنا ابن من لا تنزل الدهر قــدره� � �� وإن
نزلت يوما فسوف تعود
ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره���� �� فمنهم
قيام حولها، وقعــود
فازداد رئيس الشرط خشية فنظر للثالث وقال له وابن من أنت؟ فقال:
أنا ابن لمن خاض الصفوف بعزمه���� � وقومها
بالسيف حتى استقامت
و ركباه لا ينفك رجلاه منهمـــا ��� ��� إذا الخيل في يوم الكريهة ولت
فقدر رئيس الشرط أن أولهم ابن أحد الأمراء والثاني ابن أحد أشراف العرب
والثالث ابن أحد كبار قواد الجيش، فأكرمهم ورفع أمرهم في اليوم التالي إلى الحجاج
ليتصرف في شأنهم بنفسه.
فأمر الحجاج بالتحري عن آبائهم. فجاءه التقرير بأن أولهم يعمل أبوه
حجاما ( وهو بمثابة الحلاق) وأن الثاني أبوه فوال (يبيع الفول) والثالث أبوه حائك
ثياب! فعجب من فصاحتهم وزجرهم وأمر بتخلية سبيلهم لفصاحتهم ورباطة جأشهم.
أمثال
وحكم
ابن عباس والخلفاء
سُئل عبد الله بن عباس عن أبى بكر فقال: كان والله خيراً كله مع الحدة
التى كانت فيه
قالوا: أخبرنا عن عمر قال: كان والله كالطير الحذر الذى نصب فخ له فهو
يخاف أن يقع فيه قالوا أخبرنا عن عثمان قال كان والله صوّاماً قوّاما.
قالوا أخبرنا عن علىّ قال: كان والله ممن حوى علماً وحلماً حسبك من
رجل أعزته سابقته وقدمته قرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلما أشرف
على شئ إلا ناله، قالوا: يُقال أنه كان مجدود... قال: أنتم تقولونه، ولكن...كان
سهماً صائباً من مرامى الله على عدوه وربانى هذه الأمة، لم يكن بالنومة عن أمر
الله ولا بالسروقة لمال الله، أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقه وأعلام
بيّنة. ذاك بن أبى طالب.
*********
ضبط العلم والتثبت فيه
- قال
أيوب: إن من أصحابى من أرتَجي بركة دعائه، ولا أقبل حديثه.
- علّم
علمك من يجهل، وتعلم ممن يعلم، فإذا فعلت ذلك، حفظت ما علمت، وعلمت ما جهلت.
- سأل
إبراهيم النخعى عامر الشعبى عن مسألة، فقال: لا أدرى .
فقال: هذا والله العلم، سُئل عما لا يدرى،فقال لا أدرى .
- قال
مالك بن أنس: إذا ترك العالم لا أدرى أُصيبت مقاتله.
- من
سُئل عما لا يدرى، فقال لا أدرى، فقد أصاب نصف العلم.
- العلم
ثلاثة: حديث مسند، وآية محكمة، ولا أدرى، فجعلوا لا أدرى من العلم - إذا كان صواباً
من القول.
- ذُكر
عن موسى بن عمران - عليه السلام - أنه لما كلمه الله تكليما، ودرس التوراة وحفظها،
حدثته نفسه أن الله تعالى لم يخلق خلقاً أعلم منه. فهون الله إليه نفسه بالخضر
عليه السلام
- قال
مقاتل بن سليمان: وقد دخلته أبهة العلم.... سلوني عما تحت العرش إلى أسفل من الثرى.
فقام إليه رجل من القوم فقال: ما نسألك عما تحت العرش ولا أسفل من الثرى، ولكن
نسألك عما كان فى الأرض، وذكره الله فى كتابه: أخبرنى عن كلب أهل الكهف ما كان
لونه؟........ فأفحمه
قال قتادة: ما سمعت شيئاً قط ولا حفظت شيئاً قط فنسيته، ثم قال:
يا غلام: هات نعلى.. فقال: هما فى رجليك، ففضحه الله.
وقال: حفظت ما لم يحفظ أحد، وأُنسيت ما لم ينس أحد:
حفظت القرآن فى سبعة أشهر، وقبضت على لحيتى وأنا أريد قطع ما
تحت يدى، فقطعت ما فوقه.
لا يكون العالم عالماً حتى تكون فيه ثلاثة خصال: لا يحتقر ما دونه،
ولا يحد ما فوقه، ولا يأخذ على العلم ثمن. رأس العلم مخافة الله.
بقلم / أحمد الخولى.
|