من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني -26

افهموا وتفقهوا

 

من علوم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني - 26

ولكن لم يشتهر قديماً وحديثاً إلا ما كان لسيدنا الصديق وهم النقشبندية. وما كان لسيدنا علي رضي الله عنه وهم الخلوتية وإن كان عن سيدنا علي كثرت الفروع بالنسبة لأولاده وكذا أخذ عن سيدتي زينب بنت سيدنا علي رضي الله عنه السيدة شعوانة البصرية، والسيدة ريحانة الحبشية، والسيدة نفيسة المرضية، وميمونة البدوية، وعابدة الكردية، ومرجعهن إلى سيدنا علي رضي الله عنه. وهذا هو سبب العهد الذي لا يكون إلا عن الأشياخ العارفين. ثم قد تعددت الطرق باشتهار الأفاضل البارزين في كل عصر كالقادرية والرفاعية والأحمدية والدسوقية والشاذلية والبيومية والإدريسية والتيجانية ومرجع الجميع إلى سيدنا علي رضي الله عنه وهي المشتهرة الآن بالخلوتية. وذلك بعد أن يختم المريد جميع الأسماء ويذكرها ويعرف علاماتها وإشاراتها يدخله الشيخ الخلوة والأسماء التي تذكر هي سبعة حسب مراتب النفس وهي معروفة عند مشايخ الطرق وقد دونه الأفاضل في كتب معروفة فراجعها إن شئت قال تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وحيث أنك قد عرفت أن سيدنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لقن سيدنا الصديق رضي الله عنه اسم الذات، ويذكره بالنفس سراً، وبعدها يأخذ القلب يتحرك بحركة النفس وبعدها يكون الذكر بالقلب تحرك النفس أو لم يتحرك كما هو معروف. وهذا هو أصل الطريقة الصديقة النقشبندية وأما أصل الطريقة الخلوتية العلوية وسندها ومصدرها فقد جاء في مجمع الزوائد ما رواه الإمام أحمد والطبراني وغيرهم. وقد روى أيضاً يوسف الكوارني أن علياً رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على أقرب الطرق إلى اللّه وأسهلها على عباده وأفضلها عند اللّه تعالى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إلا إلا اللّه. ولو أن السماوات السبع والأرض السبع في كفة ولا إلا إلا اللّه في كفه لرجحت لا إلا إلا اللّه)، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم (يا علي لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول اللّه). فقال علي رضي الله عنه: كيف أذكر يا رسول اللّه فقال النبي صلى الله عليه وسلم (غمض عينيك واسمع عني ثلاث مرات ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع فقال: صلى الله عليه وسلملا إله إلا اللّه ثلاث مرات. مغمضاً عينيه رافعاً صوته وعليً يسمع. ثم قال علي: لا إله إلا اللّه كذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع). ثم إن النبي صلى الله عليه وسلمعلَّم الأمة أجمع الاستغفار مائة مرة في اليوم والليلة بيانا لقوله تعالى: {وما كان اللّه ليعذيهم وأنت فيهم وما كان اللهّ معذبهم وهم يستغفرون} ولا زال فينا صلى الله عليه وسلموفي قوله الشريف الذي يرويه البخاري وغيره: (يا معشر الناس توبوا إلى اللّه فإني أوب إليه في اليوم والليلة مائة مرة) فكان هذا ضرورياً عند تلقين العهد ليكون هذا كالطهارة للدخول على الذكر ثم الصلاة والسلام على رسول اللّه صلى الله عليه وسلمليكون أدعى للقبول لما ورد في ذلك من قوله الشريف: (ثم صلوا علي ومن قوله: (من صلي عليَّ عشرا) الحديث ومن قوله: (قولوا اللّهم صل على محمد) الحديث الذي كان هو بياناً لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} الآية ثم الجد والاجتهاد في القيام بالأعمال الشرعية وخاصة الصلوات في أوقاتها، والبعد عن محارم اللّه عز وجل بالقدر الممكن للبشر ومصاحبة الصالحين وتجنب أهل الفساد وحب الخير والعلماء العاملين. وهكذا من الوصايا التي يرويها الشيخ العارف لمريديه وأن يرشده إلى تلاوة القرآن. وإن كان يعرف القراءة أو سماعه وسماع العلم وأن يجد ويجتهد في الدنيا لنيل الخير في الآخرة وأن يطلع على كتب الصالحين التي تدله على اللّه تعالى وأن يتخلق بالأخلاق الفاضلة وأن يتجنب الرذيلة كل ذلك عند تلقين العهد.

معرفة مقام الذكر وأسراره

الذكر نعت إلهي وهو نفسي وملئي في الحق وفي الخلق ومع كونه نعتاً إلهياً فهو جزاء ذكر الخلق قال تعالى: {فاذكروني أذكركم} فجعل وجود ذكره عن ذكرنا إياه، وكذلك حاله فقال تعالى: (إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)، فأنتج الذكرُ الذكر وحال الذكر حال الذكر وليس الذكر هنا بأن نذكر اسمه، بل نذكر اسمه من حيث ما هو مدح له وحمداً، إذ الفائدة ترتفع بذكر الاسم من حيث دلالته على العين، لا في حقك ولا في حقه. فإن قلت فقد رجح أهل اللّه ذكر لفظة اللّه اللّه وذكر لفظة هو على الأذكار التي تعطي النعت، ووجدوا لها فوائد.. قلت: صدقوا وبه أقول. ولكن ما قصدوا بذكرهم اللّه اللّه نفس دلالته على العين، وإنما قصدوا هذا الاسم أو الهو من حيث أنهم علموا أن المسمى بهذا الاسم أو هذا الضمير هو من لا تقيده الأكوان ومن له الوجود التام فإحضار هذا في نفس الذاكر عند ذكر الاسم لذلك وقعت الفائدة. فإنه ذكر غير مقيد فإذا قيده بلا إله إلا اللّه لم ينتج له إلا ما تعطيه هذه الدلالة. وإذا قيده بسبحان اللّه لم يتمكن له أن يحضر إلا مع حقيقة ما يعطيه التسبيح. وكذلك اللّه أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا باللّه. وكل ذكر مقيد لا ينتج إلا ما تقيد به، لا يمكن أن يجني منه ثمرة عامة، فإن حالة الذكر تقيده. وقد عرفنا اللّه أنه ما يعطيه إلا بحسب حاله في قوله: (إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي)، الحديث فلهذا رجحت الطائفة ذكر لفظة اللّه وحدها أو ضميرها من غير تقييد فما قصدوا لفظة دون استحضار ما يستحقه المسمى، وبهذا المعنى يكون ذكر الحق عبده باسم عاج لجميع الفصائل اللائقة به، التي تكون في مقابلة ذكر العبد ربه بالاسم اللّه. فالذكر من العبد باستحضار، والذكر من الحق بحضور لأنا مشهودين له معلومون. وهو لنا معلوم ومشهود. فلهذا كان لنا الاستحضار وله الحضور. فالعلماء يستحضرونه في القوة الذاكرة، والعامة تستحضره في القوة المتخيلة. ومن عباد اللّه العلماء باللّه من يستحضرونه في القوتين يستحضره في القوة الذاكرة، عقلاً وشرعاً، وفي القوة المتخيلة شرعاً وكشفاَ، وهذا أتم الذكر لأنه ذكره بكله. ومن ذلك الباب يكون ذكر اللّه له ثم إن اللّه ما وصف بالكثرة شيئاً إلا الذكر وما أمر بالكثرة من شيء إلا من الذكر. قال: {والذاكرين اللّه كثيراً والذاكرات}. وقال: {اذكروا اللّه ذكراً كثيرا}. وما أتى الذكر قط إلا بالاسم اللّه خاصة معرى عن التقييد فقال {اذكروا اللّه} وما قال بكذا وقال: {ولذكر اللّه أكبر} ولم يقل بكذا، وقال {اذكروا اللّه في أيام معدوات}. ولم يقل بكذا، وقال {اذكروا اسم اللّه عليها} ولم يقل بكذا وقال: {فكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه} ولم يقل بكذا وقال صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول اللّه. فما قيده بأمر زائد على هذا اللفظ لأنه ذكر الخاصة من عباده الذين يحفظ اللّه بهم عالم الدني. وكل دار يكونون فيه. فإذا لم يبق في الدنيا منهم أحد لم يبق للدنيا سبب حافظ. يحفظها اللّه من أجله فتزول وتخرب وكم من قائل اللّه باق في ذلك الوقت. ولكن ماهو ذاكر بالاستحضار الذي ذكرناه فلهذا لم يعتبر اللفظ دون الاستحضار. {وإذا ذكرت ربكَ في القرُآن وحدهُ ولوْا على أدبارهمْ نفُوا} لأنهم لم يسمعوا بذكر شركائهم واشمأزت قلوبهم، هذا مع علمهم بأنهم هم الذين وضعوا آلهة ولهذا قال: {قل سموهم} فإنهم إن سموهم قامت الحجة عليهم فلا يسمى اللّه إلا اللّه. ودرجات الذكر عند العارفين من أهل اللّه إحدى وخمسون وتسعمائة درجة. وعند الملامية تسعمائة وعشرون درجة.

ذكر الاسم الشريف المفرد (اللّه)

وأما ذكر الاسم الشريف المفرد (اللّه) بالقصر يعني من غير مد. وكذا جميع أسماء اللّه تعالى الحسنى فهو جائز. وقد ألف فيه العلامة السكندري رسالته المشهورة بالقول المسموع في بيان أن ذكر الاسم المفرد بالقصر من الذكر المشروع. وقد قال العلامة قوله المشهور:

اللّه قل وذر الوجود وما حوى          فالكل دون اللّه إن حققتــه

إن كنت مرتاداً بلوغ كمــال          عدم على التفصيل والإجمال

وإذا جاز القصر في الاسم المفرد الذي هو جامع لجميع أسماء اللّه تعالى الحسنى، أفلا يكون في غيره من باب أولى؟

ومعنى كونه جامعاً أنك إذا قلت الملك، فلا يسعك إلا أن تقول: (اللّه)، وإذا قلت الصبور فلا يسعك إلا أن تقول: (اللّه) وهذكا في جميع الأسماء الحسنى. وكذا أيضا جميع أسمائه تعالى التي غير الأسماء الحسنى التوفيقية، فمرجعها أيضاً إليه سبحانه وتعالى كالحنان، فلا يسعك إلا أن تقول: (اللّه) والمنان كذلك. وقد جمع المرحوم الشيخ عبدالرحمن عليش من القرآن الكريم مائة وسبعين اسماً لله تعالى من غير الأسماء الحسنى في رسالة وهي مطبوعة الآن. وقال بعض الأفاضل معنى كونه، جامعاً لجميع الأسماء، أن الحرف الواحد منه يدل عليه تعالى كالألف من الاسم الشريف تنطق به (آ) وهي لغة كل طفل عند إرادة النطق ولغة المريض وهي الأنين في المرض فيكون التجاؤه إليه تعالى من غير إدراك ومعناها (أ إله من اللّه) أو {للّه أذن لكم أم على اللّه تفترون} وكذا آخر حرف من الاسم الشريف كالهاء {هو اللّه الذي لا إله إلا هو}. وكذا إذا ضممت حرفين من الاسم الشريف كالألف والهاء (آه) وهو ذكر المسغرق وهو فضلاً عما قدمنا من لفظ الجنين والمريض، كما قال:

آهـ وآهـ ثـم آها آهـا        قد أبدع الأجناس ثم براها

وكذا لو ضممت اللام إلى الهاء لصار (له) ما في السماوات وما في الأرض). وأما ذكره بالقصر بل بسكون الهاء (اللّه) فهو من أجل الذكر كما عرف عن الأماثل، الأوائل، ولم تعرف عنه في النطق إلا الألف المدغمة في الهاء وهي حالة المستغرق. وهو آهـ لغة في (اللّه) كما في قول أبي طالب: لهم إن ا لمرء لغة في اللّهم. وأما الضالون الذين يجهلون هذا ويذيع مذيعهم في الإذاعة ويقول هؤلاء لا يعني الذاكرين يغيرون في أسماء اللّه تعالى ويقول: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} وهو يجهل معنى الآية. إذا معناها لا تبالوا بإنكارهم ما سمى به نفسه. كقولهم: ما نعرف إلا رحمن اليمامة. أو ذروهم وإلحادهم فيها باطلاقها على الأصنام. واشتقاق في أسمائها منها (كاللات من اللّه والعُزى من العزيز ومناة من المنان) هذا ماعليه اجماع المفسرين يا أيها الغر الأخرق. أهؤلاء يلحدون في أسماء اللّه تعالى يا أيها الأحمق؟. وأما اللّه تعالى هو علم على الذات الأقدس الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد وأصله الإله وهو يطلق على كل إله ثم غلب على المعبود بالحق الواجب الوجود واشتقاقه من إله آلهة وألوهية بمعنى عبد ومنه تأله واستأله وقيل: من أله إذا تحير لأن العقول تتحير في معرفته. وقيل أصله لاه مصدر لاه يليه ليها ولاه. إذا احتجب وارتفع لأنه سبحانه وتعالى محجوب عن ادراك الأبصار ومرتفع على كل شيء سبحانه.

السابق  التالي

 

افهموا وتفقهوا

الطهـــارة

س: ما هي حقيقتها؟ وكم أقسامها؟

ج: الطهارة رفع المنع المرتب على الأعضاء كلها، وهي الطهارة الكبرى المسماة بالغسل، أو على بعض الأعضاء، وهي الطهارة الصغرى المسماة بالوضوء والمراد بالمنع الحالة التي لا تبيح للإنسان أن يؤدي عبادته كحالة تلبه بناقض من نواقض الوضوء المانع له من اداء الصلاة مثل. والطهارة قسمان: طهارة حدث وطهارة خبث.

س: ما هو الحدث؟ وكم أقسامه؟

ج: هو المنع المرتب على الأعضاء كلها وهو الحدث الأكبر الموجب للغسل أو المنع المرتب على بعض الأعضاء، وهو الحدث الأصغر الموجب للوضوء.

س: ما هي طهارة الخبث؟ وبماذا تكون ؟

ج: هي إزالة النجاسة عن ثوب المصلي وبدنه ومكانه، وتكون بأي نوع من أنواع المياه، إذا المعتبر فيها إزالة عين النجاسة وتطهير محله.

س: هل تنقسم طهارة الحدث؟ وبأي شيء تكون؟

ج: تنقسم إلى قسمين: مائية وهي الوضوء والغسل وترابية وهي التيمم وتكون بالماء المطلق.

س: ما هو الماء المطلق؟

ج: هي ما اجتمع فيه شرطان:

1. أن يكون باقياً على أصل خلقته بحيث لم يخالطه شيء كماء البحر والآبار والماء المجتمع من الندى والذائب بعدما كان جامداً كالجليد.

 2. وأن لا يتغير لونه ولا ريحه بشيء يفارقه في الغالب من الأشياء الطاهرة أو النجسة.

س: ما هو حكم الماء المتغير؟

ج: إن تغير الماء بنجس فلا يستعمل للعادة ولا للعبادة كالدم والجيفة والخمر وإن تغير بطاهر غير ملازم له استعمل للعادة دون العبادة كاللبن والسمن والعسل وإن تغير بطاهر ملازم له استعمل للعادة كالمتغير بأجزاء الأرض كالمغرة والملح والكبريت والتراب وبما يلقى فيه من أجزائها كالطفل ولو قصدا وكالمتغير بطول مكث أو بما تولد فيه كالسمك والطحلب أو بما يعسر الاحتراز منه كالتبن وورق الشجر.

س: ما هو الماء الذي يكره استعماله في الطهارة؟

ج: يكره التوضؤ والغسل بالماء القليل الذي كان استعمل في واحد منهما، والماء الذي حلت فيه نجاسة ولم تغيره لقلتها ولو كان استعماله في طهارة الخبث، والماء الذي ولغ فيه كلب.

إشراف: محمد الحسن ود الفكي