فضــل
النبي صلى اللـه عليــه وســـــــــلم وبيــــان بعض مــا إختصــه اللـه
به
قال الله تبارك وتعالى في محكم
تنزيله: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا
عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}� وقال جل
وعلا: {وَلَو أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ
فاسْتَغْفرُوا اْللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا
اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً}� وقال الرسول :
(حياتي خير لكم تحدثوني
وأحدثكم ومماتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم فما وجدت من خير حمدت الله
وما وجدت من شر استغفرت لكم)
أو كما قال
فبهاتين الآيتين والحديث الشريف نريد
أن نبدأ الحديث في فضل النبي لنسد الطريق على منتقصي فضله من المنافقين
أياً كان نوعهم ومهما اختلفت أسماؤهم، ولنأت بالأدلة القاطعة والبراهين
الساطعة في دحض حجة من فسدت عقيدته وحاد عن سواء السبيل منطقه مستمدين
النصوص من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهدى الصحابة رضي الله تعالى عنهم
وإجماع السلف الصالح وآل البيت الأطهار الذين قال فيهم الرسول - حينما
طلب إليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين أن يوصيهم وهو محتضر:
(ماذا
في الأمر؟ وقد تركت لكم الثقلين: كتاب الله وآل بيتي، نبأني العليم
الخبير أنهما اجتمعا ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة وأني
فرط لهما وسائلكم عنهما يوم القيامة)�
ومن سوء أدب هذه الفئة الباغية أنها
تأتي بإسم الرسول مجرداً من السيادة بل ولا يصلون عليه عند ذكر إسمه،
فيقولون- قاتلهم الله- محمد، ويدعون أن لفظ السيد يطلق على الله تعالى
وحده، ونسوا أو تناسوا أنه ليس من بين أسماء الله الحسنى اسم السَّيد�
وأن الله تبارك وتعالى قال في حق سيدنا يحيى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة
والسلام:
(وسيداً وحصوراً) فيا ليت شعري من أين لهم الذي يدَّعون، وهم
بجهلهم لا يشعرون {وَكَأَيِّن مِنْ آيةٍ في السمواتِ والأرضِ يَمُرُّونَ
عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعرِضُونَ}�
ولقد قال جل وعلا في الآية التاسعة من
سورة الفتح: {لِتُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وتُعَزِّرُوهُ
وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} وقد جاء في تفسير
القرطبي رضوان الله تعالى عليه:
(وتعزروه) أي: تعظموه وتفخموه؛ قاله
الحسن والكلبي� والتعزير: التعظيم والتوقير� وقال قتادة: تنصروه وتمنعوا
منه� ومنه التعزير في الحد لأنه مانع� قال القطامي:
ألا بكرت ميٌّ بغير سفاهة تعاقب والمودود ينفعه العذر
وقال ابن عباس وعكرمة: تقاتلون معه
بالسيف� وقال بعض أهل اللغة: تطيعوه�
(وتوقروه) أي تسودوه� قاله السدي�
وقيل تعظموه� والتوقير التعظيم والترزين أيضاً� والهاء فيهما للنبي �
وهنا وقف تام� ثم تبتدئ
(وتسبحوه) أي:
تسبحوا الله
(بكرة وأصيلا) إلخ� والأدهى والأمر أن هؤلاء الأخسرين لا
يصلون على النبي ، ويدعون باطلاً أن الصلاة عليه تلزم مرة في العمر- لا
بارك الله في عمرٍ لا يصلى فيه على النبي � وقد أمرنا المولى جل وعلا
بالصلاة عليه في كتابه الكريم بقوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ وَمَلائكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ يا أيُّهَا الذينَ أمنُوا صَلُّواْ عَلَيْهِ
وَسَلِمُواْ تَسلِيماً}� وقال عليه أفضل الصلاة وأتم السلام في حديث ما
معناه:
(إن أبخل البخلاء من إذا ذكرت عنده لم يصل عليّ)� والآية: {يَا
أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِمُوا تَسْلِيماً}
توضح أن الخطاب موجه للذين آمنوا، وحقيقة أنه لا يصلي عليه إلا المؤمنون،
ولا إيمان لمن لا يصلي عليه�وقد جعل ساداتنا العلماء أئمة المذاهب� رضوان
الله تعالى عليهم- الصلاة على النبي عقب التشهد في الصلوات� وتسمى
الصلاة التي لا يصلَّى فيها على النبي بالبتراء، بل إنهم قد ذكروا أنه
لا صلاة لمن لم يصل عليه �
أما ساداتنا الصوفية رضوان الله تعالى
عليهم أجمعين فقد جعلوا الصلاة على النبي شغلهم الشاغل باعتبار أنها شق
أعلى نفل لأعلى الأركان الخمسة التي بُنَي عليها الدين وهو ركن الشهادتين
فهم رحمهم الله تعالى قد أوضحوا أن أعلى الأركان يتبعه أعلى النوافل، إذ
إن النفل هو ظل الفرض، وبينوا- رضوان الله تعالى عليهم- أن نفل
(أشهد إلا
إله إلا الله) هو الذكر، ونفل
(وأشهد أن محمداً رسول الله)
هو الصلاة على النبي �
ويرى السادة الصوفية رضوان الله تعالى
عليهم أجمعين أن المولى تبارك وتعالى قد فرض الصلاة على النبي وأمر بها
لإظهار فضله والتعريف بقدره ومقداره �
ومن شدة مشروعية الصلاة على النبي
وكثرة ترغيبه فيها قوله عليه أفضل الصلاة والسلام
(من صلى علي صلاة
واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ومن صلى علي عشراً صلى الله عليه بها
مائة، ومن صلى علي مائة صلي الله عليه بها ألفاً، ومن صلى عليَّ ألفاً لن
تمسه النار)� وقال :
(من نسي الصلاة عليَّ فقد أخطأ طريق الجنة) والمقصود
بالنسيان هنا الترك عمداً� فالذين يتركون الصلاة على النبي إنما يجلبون
لأنفسهم غضب رسول الله وغضب الجبار تبارك وتعالى لأن المولى تبارك
وتعالى يغضب لغضبه ويرضى لرضاه،
(ففي رضاه رضا الباري وطاعته)� قال تبارك
وتعالى: {مَّن يطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وقال جل وعلا:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ استَّجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ
إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُم} والداعي هو الرسول � وقد قال تبارك
وتعالى
(إذا دعاكم) ولم يقل:
(إذا دعوتكم)�
ومن الغريب الشديد الغرابة أن محبة الله تعالى فرض ومحبة رسول الله ،
ومحبة الأنبياء والصحابة والأولياء وآل البيت والعلماء وكل من طالبنا
الله تعالى بمحبتهم كذلك غير أن هذه المحبة لا توجد بالطلب ولا تباع ولا
تشترى ولا تقرض ولا يتحصل عليها بالحيلة أو الحال أو المال، إنما توجد
بالتقرب إلى الله تباركَ وتعالى بالنوافل كل النوافل
.
ولقد قال منذراً المكذبين بحديثه
والكاذبين عليه فيما يرويه المقدام بن معد يكرب وأبورافع والعرباض ابن
سارية وجابر بن عبدالله وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أنه قال:
(ألا هل
عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته� ألا يوشك رجل شبعان على
أريكته� لا أعرفن الرجل منكم يأتيه الأمر من أمري أما أمرت به أو نهيت
عنه وهو متكئ على أريكته فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه
حلالاً استحللناه وما وجدنا في حراماً حرمناه� وإني والله قد حرمت ونهيت
ووعظت بأشياء أنها لمثل القرآن أو أكثر وإن ما حرم رسول الله كما حرم
الله فمن بلغه عني حديث فكذب به أو كذب عليَّ متعمداً فليتبوا مقعده من
النار) أخرجه أبو داوود والترمذي وابن ماجه في سننهم والحميدي في مسنده
والحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم والخطب في
الكفاية�
ولقد قال تبارك وتعالى مبيناً فضل
النبي وشفقته على أمته: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ
أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ
بَعْضُهُمْ أوْلَى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللَّهِ} إلخ� وعندما نزلت هذه
الآية الكريمة سأل سيدنا أنس رضي الله تعالى عنه النبي : أهكذا الأمر يا
رسول اللّه؟ فقال :
(حتى الشوكة يشاكها أحدكم فأتألم لها)� فإن لم يكن
هو الكل فكيف يتألم للبعض� وقد قالوا في هذا الموضع:
الكل فيه، ومنه كان، وعنده
تفنى الدهور ولم تزل أزمانه
وقالوا:
ومنه، به، فيه، نغوص لجوهر
نفيس على كل الأنام مغيب
اختصاصه بأنه بعث رحمة للعالمين حتى الكفار بتأخير العذاب ولم يعالجوا
بالعقوبة كسائر الأمم المكذبة�
قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَكَ إِلاَّ
رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ} وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِبَهُم
وأَنَتَ فِيِهمْ} الآية� وأخرج أبونعيم عن أبي أمامة قال قال رسول الله :
(إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين)� وأخرج مسلم عن أبي هريرة
قال قيل يا رسول الله ألا تدعو على المشركين؟ قال
(إنما بعثت رحمة ولم
أبعث عذاباً)� وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي عن ابن
عباس في قوله: {وَمَاْ أَرْسَلنَكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَلَمِينَ} قال:
من آمن تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يؤمن� عوفي مما كان يصيب
الأمم في عاجل الدنيا من العذابِ، من الخسف، والمسخ، والقذف�
اختصاصه بإقسام الله تعالى بحياته
قال تعالى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ
لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}� وأخرج أبويعلى وابن مردويه والبيهقي
وأبونعيم وابن عساكر عن ابن عباس قال: ما خلق الله وما ذرأ نفساً أكرم
عليه من محمد� وما حلف الله بحياة أحد قط إلا بحياة محمد � فقال:
{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}� وأخرج ابن
مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله قال:
( ما حلف الله بحياة أحد إلا
بحياة محمد )� قال: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ
يَعْمَهُونَ}� وحياتك يا محمد�
اختصاصه بإسلام قرينه، وبأن أزواجه
عون له
أخرج البزار عن أبي هريرة قال قال
رسول الله :
(فضلت على الأنبياء بخصلتين� كان شيطاني كافراً فأعانني الله
عليه حتى أسلم) ونسي الراوي الخصلة الأخرى� وأخرج البيهقي وأبونعيم عن
ابن عمر قال قال رسول الله :
(فضلت على آدم بخصلتين كان شيطاني كافراً،
فأعانني الله عليه حتى أسلم� وكان أزواجي عوناً لي� وكان شيطان آدم
كافراً� وزوجته عوناً على خطيئته) وأخرج مسلم عن ابن مسعود قال قال رسول
الله
(ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة)�
قالوا وإياك يا رسول الله؟ قال:
(وإياي� ولكن الله أعانني عليه فأسلم،
فلا يأمرني إلا بخير)� وأخرج الطبراني من حديث المغيرة بن شعبة مثله�
وأخرج ابن عساكر عن عبدالرحمن بن زيد أن آدم عليه السلام ذكر محمداً رسول
الله فقال: إن أفضل ما فضل به علي ابني صاحب البعير، أن زوجته عون له على
دينه وكانت زوجتي عون لي على الخطيئة�
قال أبونعيم ومن خصائصه أن الله فضل
مخاطبته على مخاطبة الأنبياء قبله تشريفاً له وإجلالاً وذلك أن الأمم
كانوا يقولون لأنبيائهم: راعنا سمعك� فنهى الله هذه الأمة أن يخاطبوا
نبيهم بهذه المخاطبة فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أَمَنُواْ لاَ
تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاْسْمَعُوا وَلِلْكَافرينَ
عَذَابٌ أَليمٌ}�
قال العلماء ومن خصائصه : أن الله لم
يناده في القرآن باسمه بل قال: {يَا أيُّهَا النَّبِيُّ}� {يَا أيُّهَا
الرَّسُولُ} {يَا أيُّهَا المُدَّثِرْ} {يَا أيُّهَا المُزَّمِّلُ} بخلاف
سائر الأنبياء فإنه خاطبهم بأسمائهم كقوله: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ
اسْكُنْ} {يانُوحُ اهْبِطْ} {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}
{قَالَ يَا مُوسَى إِنّي اصْطَفَيْتُكَ} {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}
{يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرضِ} {يَا زَكَريَّا
إِنَّا نُبَشِرُكَ} {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ}�
قال أبونعيم ومن خصائصه : تحريم
ندائه باسمه على الأمة� بخلاف سائر الأنبياء فإن أممهم كانت تخاطبهم
بأسمائهم� قال تعالى حكاية عنهم: {قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا
إِلاهاً كَمَا لَهُمْ آلهَةٌ} {إِذْ قَالَ الحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى
ابْنَ مَرْيَمَ} وقال تعالى لهذه الأمة: {لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاءَ
الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً} وأخرج أبونعيم من
طريق الضحاك عن ابن عباس في الآية� قال كانوا يقولون: يا محمد� يا أبا
القاسم� فنهاهم الله عن ذلك إعظاماً لنبيه فقالوا: يا نبي الله� يا رسول
الله� وأخرج البيهقي عن علقمة والأسود في الآية قال: لا تقولوا يا محمد�
ولكن قولوا: يا رسول الله� يا نبي الله� وأخرج أبو نعيم مثله عن الحسن
وسعيد بن جبير� وأخرج عن قتادة في الآية: قال أمر الله أن يهاب نبيه وأن
يعظم ويفخم ويسود�
قال أبونعيم: ومن خصائصه التفرقة
بينه وبين الأنبياء في الخطاب فإن الله تعالى قال لداود: {وَلا تَتَّبِعِ
الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} وقال لنبينا : {وَمَا يَنطِقُ
عَنِ الْهَوَى} منزهاً له عن ذلك بعد الإقسام عليه وقال عن موسى:
{فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} وقال عن نبينا : {وَإِذْ
يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} الآية: فكنى عن خروجه وهجرته بأحسن
العبادات وكذا نسب الإخراج إلى عدوه بقوله: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ
كَفرُواْ} قوله من قريتك التي أخرجتك ولم يذكره بالفرار الذي فيه نوع من
غضاضة انتهى�
ومن خصائصه أن الله فرض على من ناجاه
أن يقدم بين يدي نجواه صدقة ولم يعهد ذلك لأحد من الأنبياء�
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ
نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: إن
المسلمين أكثروا المسائل على رسول حتى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف على
نبيه فلما قال ذلك ضن كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا
{ءأَشْفَقْتُمْ} الآية: فوسع الله عليهم ولم يضيق وأخرج سعيد بن منصور عن
مجاهد قال كان من ناجى النبي تصدق بدينار وكان أول من صنع ذلك علي بن
أبي طالب ثم نزلت الرخصة {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ اللَّهُ
عَلَيْكُمْ}�
قال أبونعيم ومن خصائصه أن الله فرض
طاعته على العالم فرضاً مطلقاً لا شرط فيه ولا استثناء فقال {وَمَا
أَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ}
وقال: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه} وإن الله تعالى
أوجب على الناس التأسي به قولاً وفعلاً مطلقاً بلا استثناء فقال:{لَّقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} واستثنى في التأسي
بخليله فقال: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ}
إلى أن قال: {إلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ}� قال ومن خصائصه أن
الله تعالى قرن اسمه باسمه في كتابه عند ذكر طاعته ومعصيته وفرائضه
وأحكامه ووعده ووعيده تشريفاً وتعظيماً فقال تعالى: { وَأَطِيعُواْ
اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} {وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن
كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} {إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ أَمَنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولَهُ} {بَرَاءَةٌ
مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} {وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}
{اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ} {وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} {شَاقُّواْ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ}� {مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ
مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ} {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}
{مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} {قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ
وَالرَّسُولِ} {فَأَنَّ لِلَّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} {فَرُدُّوهُ
إِلَى اللَّهِ والرَّسُولِ} {مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}
{سَيُؤتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} {أَغْنَاهُمُ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ} {كَذَبُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}� {أَنْعَمَ
اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}�
قال ابن سبع من خصائصه أن الله
سبحانه وتعالى وصفه في كتابه عضواً عضواً فقال في وجهه: {قَدْ نَرَى
تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} وقال في عينيه: {وَلاَ تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ} وفي لسانه: {فَإِنَّمَا يَسَّرْناَهُ بِلِسَانِكَ} وفي يده
وعنقه: {وَلاَ تَجعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} وفي صدره
وظهره: {أَلَمْ نَشْرَحْ لكَ صَدْرَكَ�وَوَضَعْنَا
عنكَ وِزْرَكَ�
الذَّي أَنقَضَ ظَهْرَكَ} وفي قلبه: {نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} وفي
خُلقه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى
حلق عظيم.}
من كتاب تبرئة الذمة في نصح الأمة للشيخ محمد
عثمان
عبده البرهاني
|