سيداً لم تزل وغيرك زالوا      وجميعاً إلى جنابك آلوا

في اليوم الذي أسلم فيه سادات الصحابة رضوان الله عليهم أمثال الصديق والفاروق وذو النورين والكرار وحواري الحبيب وغيرهم من السباق الأوائل لم يجذبهم إلى الإسلام صوم ولا صلاة ولا زكاة لأن هذه العبادات قد فرضت بعد فترة طويلة من بداية الدعوة كما أن القرآن لم يكن قد نزل منه الكثير مما يبهر العقول والألباب بل نستطيع أن نقول أن الدين كله كان متمثلا في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أن من دخل في هذا الدين القويم دخله أولامحبة أوإعجابا أوانبهارا بذات رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه الدين كله متجسدا في خلق رجل واحد وهو الحبيب المصطفى وإن قال البعض أن إسلام الفاروق كان عن طريق القرآن نقول له بأي الآيات إهتدى الفاروق أليس بـ ﴿طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى أليس حنينه لرؤية طه هو الذي دفعه دفعا إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم ليرى وجه الحبيب، ونعيش مع هذه السطور في هذا العدد والأعداد القادمة مع أخلاق الحبيب لنرتوي من معينـــها الـذي لا ينضب.

عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال سألت أبي عن دخول النبي قال كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك وكان إذا أتى إلى منزل جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءا لله وجزءا لأهله وجزءا لنفسه ثم يجعل جزأه بين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئا فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل على قدر فضائلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم عن مسألتهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألتهم عنه وإخبارهم بالذي ينبغي لهم ويقول ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني حاجة من لا يقدر إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون روادا ولا يتفرقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة يعني فقهاء. قال فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه قال كان رسول الله يخزن لسانه إلا مما يعنيه أو يعنيهم ويؤلفهم ولا ينفرهم ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي على أحد بشره ولا من خلقه ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في أيد الناس ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهيه معتدل الأمر غير مختلف لا يميل مخافة أن يغفلوا أو يملوا لا يقصر عن الحق ولا يتجاوزه الذين يلونه من الناس خيارهم وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.

وسألته عن مجلسه فقال كان رسول الله لا يجلس ولا يقوم إلا ذكر الله عز وجل ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ويعطي كل جلسائه بنصيبه لا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ومن سأله حاجة لم ينصرف إلا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه خلقه فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تثنى فلتاته معتدلين يتواصلون فيه بالتقوى متواضعين يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب. قلت كيف كانت سيرته في جلسائه قال كان رسول الله دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا فاحش ولا عياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهي ويؤيس منه ولا يجيب منه قد ترك نفسه من ثلاث المراء والإكثار وما لا يعنيه وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عوراته ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث أولهم يضحك مما يضحكون ويتعجب مما يتعجبون ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم فيقول إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه ولا يقبل الثناء إلا من مكاف ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام فسألت كيف كان سكوت رسول الله قال كان سكوت رسول الله على أربع على الحلم الحذر والتقدير والتفكير فأما تقديره ففي تسوية النظر والاستماع من الناس وأما تفكيره ففيما يبقى ولا يفنى وجمع له الحلم في الصبر فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه وجمع له الحذر في أربع أخذه بالحسن ليقتدي به وتركه القبيح لينتهى عنه واجتهاده الرأي فيما أصلح أمته والقيام فيما هو خير لهم جمع لهم خير الدنيا والآخرة.

عن أنس قال كان رسول الله أحسن الناس خلق.

عن عائشة رضي الله عنها قالت ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك فلذلك أنزل الله عز وجل ﴿وإنك لعلى خلق عظيم.

عن زيد بن ثابت قال إن النبي كنا إذا جلسنا إليه إن أخذنا بحديث في ذكر الآخرة أخذ معنا وإن أخذنا في ذكر الدنيا أخذ معنا وإن أخذنا في ذكر الطعام والشراب أخذ معنا فكل هذا أحدثكم عن رسول الله وبإسناده قال قلنا لزيد بن ثابت: أخبرنا عن أخلاق رسول الله. قال: عن أي أخلاقه أخبركم كنت جاره فإذا أنزل عليه الوحي بعث إلي فأكتبه وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا فذكر مثله.

عن جابر بن سمرة قال قلت له أكنت تجالس رسول الله قال نعم كان طويل الصمت وكان أصحابه يتناشدون الشعر عنده ويذكرون أشياء من أمر الجاهلية ويضحكون فيبتسم معهم إذا ضحكوا.

عن المغيرة بن شعبة قال أكلت يوما ثوما فانتهيت إلى المصلى وقد سبقت بركعة فلما دخلت المسجد وجد رسول الله ريح الثوم فلما قضى صلاته قال من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا حتى يذهب ريحها أو ريحه فلما قضيت صلاتي جئت إلى رسول الله فقلت يا رسول الله والله لتعطيني يدك فأعطاه يده قال حميد إذن ليجدنه سهلا قريبا فأدخلت يده في كمي فوضعتها على صدري فإذا أنا معصوب الصدر فقال أما إن لك عذر.

عن جرير أن النبي دخل بعض بيوته فامتلأ البيت ودخل جرير فقعد خارج البيت فأبصره النبي فأخذ ثوبه فلفه ورمى به إليه وقال اجلس على هذا فأخذه جرير ووضعه على وجهه وقبله.

عن جبير بن نفير قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن خلق رسول الله فقالت القرآن.

عن الحسن في قوله عز وجل ﴿فبما رحمة من الله لنت لهم قال هذا خلق محمد نعته الله عز وجل.

عن الأسود قال سألت عائشة رضي الله عنها كيف كان رسول الله يصنع في أهله قالت كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام فصلى.

أن عائشة رضي الله عنها سئلت كيف كان رسول الله في بيته قالت كان يعمل كعمل أحدكم في بيته يخيط ثوبه ويخصف نعله.

عن الزهري قال سئلت عائشة رضي الله عنها كيف كان خلق رسول الله في بيته فقالت كأحدكم يرفع شيئا ويضعه وكان أحب العمل إليه الخياطة.

عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت ألعب بالبنات في بيت النبي وكن لي صواحب يأتيني فيلعبن معي فينقمعن إذا رأين رسول الله وكان رسول الله يسر بهن إليَّ فيلعبن معي.

عن أنس بن مالك قال خدمت النبي تسع سنين فما أعلمه قال لي قط هلا فعلت كذا وكذا ولا عاب علي شيئا قط.

عن أنس بن مالك قال صحبت رسول الله عشر سنين وشممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيب من نكهته وكان إذا لقيه واحد من أصحابه قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرجل ينصرف عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناولها إياه فلم ينزع منه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع عنه وإذا لقي أحدا من أصحابه فتناول أذنه ناولها إياه فلم ينزعها عنه حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها منه.

عن أنس قال أتت بي أمي إلى رسول الله فقالت يا رسول الله هذا خويدمك فخدمت النبي تسع سنين فما قال لي لشيء قط أسأت ولا بئس ما صنعت.

عن عائشة رضي الله عنها قالت وقف رسول الله على باب حجرتي والحبش يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله فقمت أنظر إليهم فقام يسترني بردائه حتى انصرفت أنا من قبل نفسي فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو.

عن يزيد بن بابنوس قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت يا أم المؤمنين ما كان خلق رسول الله قالت كان خلق رسول الله القرآن ثم قالت أتقرؤن سورة المؤمنين قلنا نعم قالت اقرأ فقرأت ﴿قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون فقالت هكذا كان خلق رسول.

عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت قلت لعائشة رضي الله عنها كيف كان رسول الله إذا خلا قالت كان أبر الناس وأكرم الناس ضحاكا بساما.

عن عبيد الله بن المغيرة قال سمعت عبد الله بن الحارث بن جزء يقول ما رأيت أحدا كان أكثر تبسما من رسول الله.

عن أنس بن مالك أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال رسول الله يا أم فلان خذي في أي الطريق شئت قومي فيه حتى أقوم معك فخلا معها رسول الله يناجيها حتى قضت حاجته.

حدثنا أبو يعلي حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة عن علي بن زيد قال قال أنس بن مالك إن كانت الوليدة من ولائد المدينة تجيء فتأخذ بيد رسول الله فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت.

حدثني ابن رستة حدثنا علقمة بن عمرو حدثنا أبو بكر بن عياش عن نصر عن شعبة عن علي بن زيد عن أنس قال كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله فيدور بها في حوائجها حتى تفرغ ثم ترجع.

أخبرنا أبو يعلي أخبرنا أبو عبد الرحمن الأذرمي أخبرنا أبو قطن أخبرنا مبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس قال ما رأيت رجلا قط أخذ بيد رسول الله فيترك يده حتى يكون الرجل هو ينزع يده وما رأيت رجلا قط التقم أذن رسول الله فينحي رأسه حتى يكون هو الذي ينحي رأسه يعني الرجل.

عن أنس بن مالك قال كان رسول الله ربما نزل عند المنبر وقد أقيمت الصلاة فيعرض له الرجل فيحدثه طويلا ثم يتقدم إلى الصلاة.

أخبرنا ثابت عن أنس أن المؤذن أو بلالا كان يقيم فيدخل رسول فيستقبله الرجل فيقيم معه حتى يخفق عامتهم برؤوسهم.

عن أنس قال لقد خدمت رسول الله عشر سنين فو الله ما قال لي أف قط ولم يقل لشيء فعلته لم فعلت كذا وكذا ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا.

عن أنس بن مالك قال كان رسول الله يجيئ إلينا وأخ لي صغير فيقول يا أبا عمير ما فعل النغيرأي يضاحكه ويلاعبه.

عن أنس بن مالك قال ما شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله قال ولا تناول أحد يده فيتركها حتى يكون هو الذي يتركها وما أخرج ركبتيه بين يدي جليس له قط وما قعد إلى رسول الله رجل قط فقام حتى يقوم.

عن أنس قال ما أخرج رسول الله ركبتيه قط بين يدي جليس له ولا قعد أحد إلى رسول الله فيقوم حتى يقوم الآخر ولا ناول يده النبي فيترك يده حتى يكون الرجل هو يتركه.

حدثنا أبو مالك الأشجعي عن أبيه قال كنا نجالس النبي فما رأيت أطول صمتا منه وكانوا إذا أكثروا عليه تبسم.

عن جابر قال كان النبي رجلا سهلا إذا هويت يعني عائشة رضي الله عنها الشيء تابعها عليه.

عن يحيى بن عقيل قال سمعت ابن أبي أوفي يقول كان رسول الله يكثر الذكر ويقل اللعن ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة وكان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته.

عن أنس بن مالك قال خدمت رسول الله سنين فما سبني سبة قط ولا ضربني ضربة ولا انتهرني ولا عبس في وجهي ولا أمرني بأمر فتوانيت فيه فعاتبني عليه فإن عاتبني عليه أحد من أهله قال دعوه فلو قدر شيء كان.

عن عائشة قالت ما ضرب رسول الله امرأة قط ولا ضرب خادما قط ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله عز وجل ولا نيل منه فانتقم من صاحبه إلا أن تنتهك محارمه فينتقم.

عن عائشة رضي الله عنها قالت ما رأيت رسول الله منتصرا من ظلامة ظلمها إلا أن ينتهك من محارم الله شيء وإذا انتهك من محارم الله عز وجل شيء كان أشدهم في ذلك وما خير بين أمرين قط إلا اختار أيسرهم.

عن أنس قال لم يكن رسول الله سبابا ولا فحاشا كان يقول لأحدنا في المعتبة ما له تربت يمينه.

عن أنس أن النبي أدركه أعرابي فأخذ بردائه فجبذه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله وقد أثرت فيه حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله فضحك وأمر له بالعطاء.

عن قتادة قال سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول سمعت أبا سعيد الخدري يقول كان رسول الله أشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه.

عن سهل بن سعد قال كان رسول الله حييا لا يسأل شيئا إلا أعطى.

عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن أخاه أتى النبي فقال جيراني علي ما أخذوا فأعرض عنه النبي فقال لئن قلت ذاك فإن الناس يزعمون أنك نهيت عن الفي ثم تستخلي به فقام إليه أخوه فقال يا رسول الله إنه ليكف عنه فقال أما لئن قلتموها ولئن كنت أفعل ذلك إنه لعلي وما هو عليكم خلوا له عن جيرانه.

عن عروة بن الزبير أنه حدثه أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجالا من الأنصار خاصموا الزبير في شراج من شراج الحرة التي يسقون بها الماء فغضب الأنصاري وقال يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجه النبي وقال اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يبلغ الجذر ثم أرسل الماء إلى جارك عبد الله بن عمرو فقال أتى رسول الله بقليد من ذهب وفضة فقسمه بين أصحابه فقام رجل من أهل البادية فقال يا محمد والله لئن أمرك الله عز وجل أن تعدل فما أراك تعدل فقال ويحك من يعدل عليك بعدي فلما ولى قال ردوه عليَّ رويدا.

عن جابر أن رسول الله جعل يقبض للناس يوم حنين من فضة في ثوب بلال فقال له رجل يا نبي الله اعدل فقال النبي ويحك فمن يعدل إذا لم أعدل فقد خبت إذن وخسرت إن كنت لا أعدل ف حنين من فضة في ثوب بلال فقال له رجل يا نبي الله اعدل فقال النبي ويحك فمن يعدل إذا لم أعدل فقد خبت إذن وخسرت إن كنت لا أعدل فقام عمرقال ألا أضرب عنقه فإنه منافق فقال معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي.

عن أسامة بن زيد أنه أخبره أن رسول الله ركب على حمار فقال أي سعد ألم تسمع ما قال أبو الخباب يريد عبد الله ابن أبيّ قال كذا وكذا فقال سعد بن عبادة اعف عنه واصفح فعفا عنه رسول الله رسول الله وأصحابه يعفون عن أهل الكتابين والمشركين فأنزل الله عز وجل ﴿فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير﴾.

عن الزهري حدثني عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي أن النبي ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي ليعطيه ثمن فرسه فأسرع النبي المشي وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يعرضون للأعرابي يساومونه بالفرس لا يشعرون أن النبي ابتاعه حتى زاد بعضهم للأعرابي في السوم على الثمن الذي ايتاعه النبي فنادى الأعرابي فقال لئن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته فقام حين سمع نداء الأعرابي فقال النبي أو ليس قد ابتعته فقال لا والله ما بعتك فقال بلى قد ابتعته منك فطفق الناس يلوذون بالنبي والأعرابي يقول هلم شهيدا فليشهد أني قد بايعتك فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي ويلك إن النبي لم يكن ليقول إلا حقا.

عن عائشة رضي الله عنها قالت ابتاع رسول الله جزورا من أعرابي بوسق من تمر الذخيرة فجاء به إلى منزله فالتمس التمر فلم يجده في البيت قالت فخرج إلى الأعرابي فقال يا عبد الله إنا ابتعنا منك جزورك هذا بوسق من تمر الذخيرة ونحن نرى أنه عندنا فلم نجده فقال الأعرابي واغدراه واغدراه فوكزه الناس وقالوا لرسول الله تقول هذا فقال دعوه.

عن أنس أن يهودية أتت النبي بشاة مسمومة ليأكل منها فجيء بها إلى النبي فسألها عن ذلك فقالت أردت قتلك فقال ما كان الله ليسلطك على ذلك أو قال على كل مسلم قالوا أفلا نقتلها قال لا.

عن زيد بن أرقم قال سحر النبي رجل من اليهود قال فاشتكى لذلك أياما قال فأتاه جبريل عليه السلام فقال إن رجلا من اليهود سحرك فعقد لك عقدا فأرسل رسول الله عليا فاستخرجها فجاء بها فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة فقام رسول الله وكأنما أنشط من عقال فما ذكر ذلك لليهودي ولا رآه في وجهه قط.

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم الفتح أرسل رسول الله إلى صفوان بن أمية بن خلف وأبي سفيان بن حرب وإلى الحارث بن هشام قال ابن الخطاب رضي الله عنه فقلت قد أمكنني الله عز وجل منهم بما صنعوا حتى قال رسول الله مثلي ومثلكم كما قال يوسف لإخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم فانفضحت حياء من رسول الله.

عن عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا حتى أتينا روضة خاخ فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب قلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجوه من عقاصها فأتينا به النبي فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين يخبرهم أمرا من أمر رسول الله فقال رسول الله يا حاطب ما هذا فقال يا رسول الله لا تعجل عليَّ إني كنت امرءا ملصقا في قومي وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك منهم من النسب أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي ولم أفعل ذلك كفرا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ولا ارتدادا عن ديني فقال رسول الله صدقكم فقال عمر أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

عن أبي هريرة قال أتي رسول الله برجل قد شرب فقال رسول الله اضربوه فمنا الضارب بيده ومنا الضارب بنعله ومنا الضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم أخزاك الله فقال رسول الله لا تقولوا هكذا ولا تعينوا الشيطان عليه ولكن قولوا رحمك الله.

أخبرنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال قسم رسول الله قسما فقال رجل من الأنصار إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فذكر ذلك للنبي فاحمر وجهه وقال رحمة الله على موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر.

عن ابن مسعود قال قال رسول الله لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر.

محمد بن الحنفية من ولد علي قال كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا نعت رسول الله قال كان رسول الله أجود الناس كفا وأكرمهم عشرة من خالطه فعرفه أحبه وعن ابن عمر قال ما رأيت أحدا أجود ولا أنجد ولا أشجع ولا أوضأ من رسول الله.

عن أنس بن مالك قال لم يسأل رسول الله شيئا قط على الإسلام إلا أعطاه وإن رجلا أتاه فسأله فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء ما يخشى فيه الفاقة.

كان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إذا وصف النبي قال كان أجود الناس كفا وأجرأ الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وأوفاهم بذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة من رآه بديهة هابه ومن خالطه فعرفه أحبه لم أر قبله ولا بعده مثله.

عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي يسأله فقال ما عندي شيء ولكن ابتع عليَّ فإذا جاءنا شيء قضيناه قال عمر رضي الله عنه فقلت يا رسول الله ما كلفك الله ما لا تقدر عليه قال فكره النبي فقال الرجل أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا فتبسم النبي وعرف السرور في وجهه.

أخبرني جبيــر بن مطعم أنه قال بينما رسول الله ومعه الناس مقفلة من حنين علقت الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه فوقف رسول الله وقال أعطوني ردائي لو كان لي عدد هـذه العضاة نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا.

هاديه الشلالي
هدى
عبد الماجد